إسرائيل تخفي 300 ألف وثيقة سرية عن مذابح ارتكبتها بفلسطين

 

قال كاتب إسرائيلي إن «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تواصل إخفاء المعلومات وآلاف الوثائق في أرشيف الدولة».
وكشف أنه «توجد 300 ألف ملف مخفي عن عيون الجمهور الإسرائيلي، تبدأ الوثائق من القرن التاسع عشر، وصولا لمذبحة دير ياسين، وانتهاء بمجموعات الفهد الأسود، ما يطرح التساؤل عن سبب إصرار إسرائيل على إبقاء هذه الوثائق مخفية بين 70 إلى 200 عاما».
وأضاف آساف شاليف، الصحفي الإسرائيلي المقيم في كاليفورنيا، في مقال نشره موقع «محادثة محلية» أن «أرشيف إسرائيل نشر هذا الصيف دون إبلاغ الجمهور بصورة استباقية الألبوم الخاص بوثائقه السرية، وتمثلت بشبكة تكونت من 363 جدول إكسل، بينها وثائق سرية مر على دفنها قرابة مئة عام، وأكثر من ألفي ملف يسبق قيام الدولة لم يرفع عنها الأرشيف إجراءات السرية والتحفظ».
وأوضح شاليف، الذي يكتب كتابا عن حركة الفهد الأسود، أن «الوثائق المذكورة تتضمن أسماء، وتواريخ، ومصادرها الأصلية، وبقيت سرية حتى الآن، 20% من هذه الوثائق ما زالت ترى فيها الحكومة الإسرائيلية سرية للغاية، وهناك الكثير ممن يخافون فتح هذا الألبوم والكاتالوج السري».
وأشار إلى أن «أحد أهم الوثائق السرية معنونة باسم «تقرير باركر» يعود للعام 1821، و125 وثيقة من القرن التاسع عشر، وألفي وثيقة قبل العام 1948، ولأنه لا يمكن الدخول لتفاصيل هذه الوثائق، فلا يمكن معرفة السبب الذي يجعل الدولة تخفيها كل هذه المدة الزمنية التي تزيد عن سبعين عاما منذ إقامتها، وفي بعض الأحيان مئتي عام».
وأكد أن «الوضع الإسرائيلي مقارنة مع دول أخرى كالولايات المتحدة، جرت العادة لدى أجهزتها الأمنية مثل سي آي إيه وإف بي آي، أن تكشف عن وثائقها بصورة دورية، وفي حين أن الأرشيف الوطني في الولايات المتحدة يعتبر مؤسسة مستقلة، فإن الأرشيف القومي الإسرائيلي تابع لمكتب رئيس الحكومة، الذي يثبت في كل مناسبة أنه ليس شفافا في التعامل مع المؤسسات الرسمية».
وأوضح أن «الوثائق الأرشيفية تخص كل وزارة حكومية على حدة وهيئة رسمية، وفي بعض الأحيان تتناول شخصيات إسرائيلية بعينها، لكن بصورة لافتة وغريبة لا وجود لأرشيف وزارة الحرب، باستثناء ملف واحد يتناول احتلال قطاع غزة في المرة الأولى عام 1956، مع أن أجهزة الموساد والشاباك والجيش يديرون أرشيفهم بصورة منفردة كل عن الآخر، خشية أن يتم تسريب وثائقهم لطرف آخر خارج هذه الأجهزة».
وأشار إلى أن «ثلاثة أرباع هذه الوثائق مصدرها ثلاث جهات حكومية: الشرطة، وزارة الخارجية، ومكتب رئيس الحكومة، وتلحقها وزارتا الطاقة والقضاء ومراقب الدولة ومصلحة السجون».
وأكد أن «بعض أسماء الوثائق مثيرة للفضول، بينها: «تسع سنوات من بين 2000»، ويتناول كتابا سريا عن جهاز الموساد حول الهجرات اليهودية من المغرب، ملف آخر «المحكمة الشرعية في غزة بين 1913-1922»، ووثائق أردنية تم مصادرتها عام 1967 عقب احتلال الضفة الغربية من الأردن»، وملفات بعناوين «منظمات معادية لإسرائيل» أو «الحرب ضد معاداة السامية»، وكتبتها مفوضيات دبلوماسية إسرائيلية حول العالم».
وختم بالقول إن «ملفات حول مذابح دير ياسين وكفر قاسم، أكبر المذابح التي نفذتها القوات الإسرائيلية، ما زالت سرية، وهناك 13 وثيقة من سنوات الأربعينات والخمسينات حول قتل فولك برنادوت الدبلوماسي السويدي ممثل مجلس الأمن الدولي، الذي قتلته عصابة «ليحي» الصهيونية عام 1948، وغرق الغواصة ديكر الذي ما زال سريا».

معاهدة جنيف

اعترفت إسرائيل من خلال وثيقة مصنفة بأنها «سرية»، وتم الكشف عنها مؤخرا، بأنها ترفض الاعتراف بسريان معاهدة جنيف الرابعة، التي تعنى بالمناطق المحتلة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، لأن السياسة الإسرائيلية في القدس المحتلة تتناقض مع مبادئ المعاهدة، ولأن دولة الاحتلال تريد منع تدخل خارجي في «شؤون لا مصلحة لنا بالتدخل فيها»، مثل هدم البيوت طرد فلسطينيين واعتقالات إدارية وما إلى ذلك.
وأعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية هذه الوثيقة قبيل زيارة عضو مجلس رئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فيكتور أومبريخت، بين الرابع والثامن من ديسمبر العام 1971. وجرى تعميم هذه الوثيقة على المسؤولين الإسرائيليين الذين سيلتقون أومبريخت، وتضمنت استعراضا للمواضيع التي يتوقع أن يطرحها أومبريخت خلال محادثاته مع الإسرائيليين.
وجاء في الوثيقة، التي نشرها معهد «عكيفوت لبحث الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني» ويعنى في كشف الوثائق السرية المتعلقة بالصراع في الأرشيفات الإسرائيلية، أن «الموضوع الواحد والوحيد الذي سنطرحه بمبادرتنا هو موضوع أسرانا في مصر وسورية».
وقالت الوثيقة إن مصر تحتجز 11 أسيرا إسرائيليا وسورية تحتجز ثلاثة أسرى إسرائيليين والأردن يحتجز أسيرين مدنيين إسرائيليين، أحدهما درزي، ، بينما تحتجز إسرائيل 72 أسيرا مصريا و43 أسيرا سوريا وأسيرا واحدا أردنيا.
وعللت الوثيقة معارضة إسرائيل لسريان معاهدة جنيف الرابعة في الأراضي المحتلة عام 1967 بثلاث نقاط:
أولا: «ممارساتنا في القدس منذ حزيران/يونيو العام 1967 تتناقض مع الكلمة المكتوبة في المعاهدة».
ثانيا: «(المعاهدة) تمنح إمكانية تعيين دولة عظمى كحامية (للفلسطينيين) أو بديلة للصليب الأحمر».
ثالثا: «(المعاهدة) تسمح بتدخل الدولة العظمى الحامية أو بديل لها في شؤون لا مصلحة لنا بالتدخل فيها».
وزعمت وزارة الخارجية في هذه الوثيقة أن «موقفنا الأساسي والمعلن بشأن سريان المعاهدة الرابعة والدفاع عن حقوق الإنسان لسكان المناطق (المحتلة) هو أن لدينا توجها إنسانيا إلى كافة المشاكل في المناطق وهدفنا هو منع أية معاناة للسكان»، واشترطت ذلك بحجة الأمن الممجوجة: «كل ذلك في إطار الاحتياجات الأمنية التي تسري أوتوماتيكيا في المعاهدة على المناطق التي ليست واضحة السيادة عليها…».
كذلك وجهت الوثيقة المسؤولين الإسرائيليين الذين سيلتقون أومبريخت إلى الزعم أن «تصرف إسرائيل في المناطق تتلاءم مع روح المعاهدة وتحافظ على دستور ملائم وتقدمي حيال حقوق الفرد والعموم في المناطق».
وادعت إسرائيل في هذه الوثيقة أنها تنفذ سياسات هدم البيوت والطرد والاعتقالات الإدارية واقتلاع سكان من قطاع غزة جرى ضد فلسطينيين لأنهم قاوموا الاحتلال، وأن مصادر الأراضي في المناطق المحتلة يأتي «لاحتياجات أمنية». لكن الوثيقة أكدت أيضا أن الصليب الأحمر رفض هذه الذرائع الإسرائيلية.

القنبلة النووية

كشفت إسرائيل، عبر صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أحد أهم «الأسرار» الأمنية التي احتفظت بها طوال خمسين سنة ماضية، في ما يتعلق بواقع أفعالها ونياتها العدائية، عشية حرب عام 1967 وخلالها: التفكير في إلقاء قنبلة نووية على الأراضي المصرية.
«الكشف» المشار إليه في الصحيفة الأميركية، ينشر ضمن سلسلة وثائق حول الحرب وما سبقها وما تبعها، ضمن برنامج «دراسات التاريخ الدولي عن انتشار الأسلحة النووية»، التابع لمعهد «وودرو ويلسون» في واشنطن، بدءاً من الأسبوع المقبل.
«إفراج» إسرائيل عن هذه «المعلومة» التي صنّفت «سرية جداً» حتى الأمس القريب، يحمل دلالات تتجاوز الكشف عن حادثة تاريخية، لتلامس مدلولاتها وخطة الكشف عنها واقع إسرائيل الحالي والتهديدات التي تواجهها، التي ترقى، بحسب التعبير والإقرار الإسرائيليين، إلى التهديد الوجودي، ربطاً بقدرات أعداء تل أبيب وتوجهاتهم، رغم كل بيئة الأنظمة العربية الحاضنة لإسرائيل، والمتحالفة معها.
يتبيّن من المتابعة والتعليقات العبرية على الوثيقة المنشورة في «نيويورك تايمز»، وإعادة نشرها بطبيعة الحال في الإعلام العبري، أن الكشف عن «التفكير» في إلقاء القنبلة النووية عشية حرب 1967، «مُهدى» من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى المعهد الأميركي. المعنى، أنها معدّة ومدروسة ومنسّقة بصورة مسبقة، مع الإدراك بأن مخاطر ومحاذير نشر «معلومة» كهذه لا تتجاوز المنافع المتأتية منها، وإلا ما كانت لتبصر النور، تماماً كما هو الواقع والمنع منذ خمسين عاماً.
حتى أمس، كانت إسرائيل تلاحق وتحاسب وتقاضي أيّ مواطن إسرائيلي، بما يشمل الإعلاميين والمسؤولين السابقين، الأمنيين والسياسيين، ممّن «يتجرّأ» على نشر معلومات حول نياتها العدائية النووية تجاه العرب، سواء في ما يتعلق بحرب عام 1967 أو بحرب عام 1973. من ذلك، ملاحقة ومقاضاة العميد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي يتسحاق يعقوب، الذي يقف وراء تحريك خطة إلقاء القنبلة النووية في سيناء، المفرج عن تفاصيلها حديثاً. تحدث الضابط الإسرائيلي بعد تقاعده، قبل 16 عاماً، مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وأفشى لها «السر الكبير»، ما أدى إلى ملاحقته بتهمة «المخاطرة بأمن الدولة»، وكذلك بتهمة «كشف أسرار النووي الإسرائيلي أمام إعلامي». سيق يعقوب إلى المحاكمة لاحقاً، ومن ثم صدرت الإدانة بحقه.
ما الذي يدفع إسرائيل إلى تجاوز المحظورات والسياسات المتبعة، التي تقضي بملاحقة كل من يفشي السر النووي منذ عام 1967؟
بالإمكان تجاوز واقعية ومعقولية «معلومة» القنبلة النووية على سيناء المصرية من عدمهما، رداً على السؤال. سواء كان تلميح القنبلة، بمعنى الخيار الجدي أو لا، ففي الحالتين، دلالة الحديث و«الكشف» عنها، في هذه المرحلة تحديداً، لا تتغيّر. بل والأكثر من ذلك، إن لم يكن «الكشف» صحيحاً، وتم الدفع باتجاه تداوله الآن، فمن شأن ذلك أن يؤكد الدلالات الواردة هنا. بالطبع، لا يعدّ «الكشف» مجرد عمل مهني وحسب ربطاً بتداعياته، بل هو رسالة لأعداء إسرائيل، سواء اتخذ شكل الكشف أوالمعلومة التاريخية عبر وسيلة مهنية إعلامية أو أكاديمية. ولا جدال في أن الرسالة غير موجهة لإرعاب جهات وأنظمة لم تعد موجودة، وكذلك زعامات وصنّاع قرار لم يعودوا على قيد الحياة، فضلاً عن واقع سياسي، إقليمي ودولي، بات من الماضي. الهدف هو الواقع الحاضر ومكوّناته، وما يرتبط به مستقبلاً. معنى أنها مرتبطة بمستجدات وتطورات تشهدها المنطقة، والخوف ممّا يمكن أن يبنى عليها من مسارات وتطورات، من شأنها أن تهدد إسرائيل بمستوى وقوة غير مسبوقين.
ولا تخفي إسرائيل خشيتها من الانتصارات التي حقّقها محور المقاومة في المنطقة، ومنع المحور المقابل، بما يشمل إسرائيل، من تحقيق خططهم فيها وإنجاحها. في تركيز ذلك، تطورات الساحتين السورية والعراقية، وواقع الجمهورية الاسلامية في إيران، وتعاظم قدراتها ونفوذها. الخشية الإسرائيلية، التي لا تخفيها تل أبيب، هي من عدم اقتصار التهديد على واقع انتصار محور المقاومة في الساحتين السورية والعراقية، وأن يحمل اليوم الذي يلي مسار تهديد أعظم، مبني على هذه الانتصارات، باتجاه إسرائيل، ما يرفع التهديد الاستراتيجي المتأتي من الانتصار إلى تهديد وجودي لاحق، خاصة أن الراية المرفوعة هي: تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
من هنا، يتضح هدف رسالة الكشف عن «التفكير» في إلقاء قنبلة نووية على الأراضي المصرية، بمعنى أنه في حال تطورت التهديدات، وباتت هي عرضة لتهديد وجودي، فهي لن تتوانى عن استخدام «سلاح يوم الدين».
لكن مجرد أن يفكر صانع القرار الإسرائيلي انطلاقاً من هذه الخلفية، فهذا دليل كاشف عن الرؤية الإسرائيلية لحجم التطورات الحالية وإمكاناتها وما يمكن أن تصل إليه، سواء في العراق، أو بصورة تركيز أشمل، الساحة السورية.
على مستوى فاعلية الرسالة النووية الإسرائيلية وجدواها، فهي من الرسائل التي يفترض ــ ويمكن وربما ــ أن تجدي في بعض الأحيان مقابل جيوش في حالة زحف باتجاه فلسطين المحتلة. في حال كهذه، قد يجدي الردع النووي. لكن تعترض في واقعنا وواقع المواجهة مع إسرائيل مسألتان: أن إيران، الدولة الهدف من الرسالة، هي دولة نووية تقول إنها لا تريد إنتاج سلاح نووي، إلا أنها تملك القدرة الكاملة تكنولوجياً على تحقيق وحيازة هذا السلاح، بمدى زمني قياسي، وباعتراف الدول العظمى الست، في الاتفاق النووي نفسه، ما يعني، في المقابل، أن لإيران قدرة ردع نووية، وإن كانت لا تملك، حالياً، هذا السلاح. أما المسألة الثانية التي تعترض أيضاً الرسالة، فهي أن استراتيجية التحرير (فلسطين المحتلة) ترتكز في الأساس على الشعب الفلسطيني بدعم إقليمي. فهل توجّه إسرائيل من خلال رسالتها النووية أنها مستعدة وجاهزة لاستخدام هذا السلاح ضد الشعب الفلسطيني؟ أي تستخدم إسرائيل سلاحها النووي ضد نفسها، بالمعنى الجغرافي؟
عن فاعلية الرسالة في معادلة الردع، فهي غير ذات صلة. الدليل على ذلك أن إسرائيل كدولة نووية واقع معروف لدى خصومها وأعدائها، وأيضاً أصدقائها، وهو واقع غير مخفى منذ خمسينيات القرن الماضي، علماً بأنه لم يؤثر في استراتيجيات المواجهة اللاحقة، وكذلك في بلورة المعادلات التي نتجت من المقاومة في لبنان وغيرها من الساحات، ما يعني أيضاً أن الرسالة غير ذات صلة في هذا الإطار.
تعليمات الأرشيق

يدور الحديث الآن في إسرائيل عن وثائق عديدة تتعلق بالسنوات العشرين الأولى لوجود دولة إسرائيل، وتكشف تفاصيل تاريخية عديدة عن أحداث كثيرة في تاريخ الدولة، قد يؤدي الكشف عنها الى تحطيم أساطير تاريخية، بل ويسبب حرجاً بمحافل وشخصيات عديدة.
ويدور الحديث، ضمن أمور أخرى عن وثائق عن حرب السويس 1956، حرب الأيام الستة حزيران 1967، قضية التجسس في القاهرة وغيرها.
وستفرض القيود الجديدة على أرشيف شعبة الاستخبارات العسكرية، وكل وحدة في وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد، ولجنة الطاقة الذرية ومعهد البحوث البيولوجية في نيس تسيونا، وهي الهيئات الخاضعة مباشرة لرئيس الوزراء.
وتعود خلفية بلورة الأنظمة الجديدة إلى صراع قضائي يجري منذ ثلاث سنوات في محكمة العدل العليا، عبر التماسات رفعها الصحافي رونين بيرغمان من «يديعوت احرونوت» والصحافي يوسي ميلمان من «هآرتس» من خلال المحامي ميبي موزار.
وادّعى الصحافيان أن وثائق الموساد، الشاباك ولجنة الطاقة الذرية تخرق قانون الأرشيف من عام 1955، ولا تفتح ارشيفها أمام الجمهور بعد خمسين سنة.
قرار رئيس الوزراء تأجيل فتح الأرشيف إلى سبعين سنة سيؤدي أغلب الظن إلى رد الالتماسات من جانب محكمة العدل العليا.
وكتب معلق الشؤون الأمنية في «هآرتس» يوسي ميلمان أنه في هذا الواقع تعتبر قدرة الصحافيين في إسرائيل على التحقيق وعلى إعطاء الجمهور معلومات عن المنظمات في جهاز الأمن والاستخبارات محدودة جداً، وأحكام الرقابة العسكرية هي السبب المركزي. وفي نظره ما يزال الوضع في الجماعة الاستخباراتية الإسرائيلية بعيداً عما في أميركا، وأن الفرق البارز بين إسرائيل والولايات المتحدة هو في قدرة وسائل الإعلام هناك على الكشف عن إخفاقات وإسراف، بفضل الحماية الممنوحة لها عبر الدستور الذي يضمن حرية التعبير. وفي إسرائيل يحكم على كل محاولة كهذه سلفا بالفشل، لأن الرقابة العسكرية والمحاكم تسارع إلى إصدار أوامر حظر النشر. حتى أن تصدير السلاح من إسرائيل يحظى بحمايتها، برغم أن جوانبه الرئيسية اقتصادية وأخلاقية، وأقل من ذلك أمنية.
ويضيف إن «النظر إلى الأمن في إسرائيل كالنظر إلى دين لا يمكن الشك فيه والكشف عن نقاط ضعفه، وما لم يتغير هذا ستظل كنيسة الأمن تدبر أمورها بإسراف، من غير أن تخاف أنه يجب عليها تقديم حساب للجمهور الذي تعمل باسمه وتتمتع بماله».
وكتب المؤرخ توم سيغف في «هآرتس» إن «تعليمات الأرشيف الجديدة تطيل أيضا إمكان إخفاء إسرار إسرائيل الذرية، وأسرار الموساد والشاباك، وكل مادة تسمح لجنة ثانوية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لجهاز الأمن بإخفائها، بزعم أن الكشف عنها قد يضر بأمن الدولة. ويحق للجنة أن تحدد أنه لا حاجة إلى نشر قراراتها في «قوائم». أي أن مجرد القرار بحفظ شيء ما سراً سيبقى سراً. لكن الأسوأ، أن صلاحية إخفاء مادة بزعم أنها قد تضر بأمن الدولة، موكلة إلى وزير الدفاع نفسه، لا إلى خازن الدولة مثلا أو قاض متقاعد».
وأشار إلى أن تعليمات نتنياهو تمكن الدولة من إخفاء، ليس فقط تاريخ مشروع ديمونا ونيس تسيونا، وإنما أيضا جميع أسرار الحروب كلها، وفيها حرب الـ48. لا تريد الدولة فقط إخفاء هوية المتعاونين العرب، بل الإخفاقات والفشل وجرائم الحرب كمجزرة دير ياسين مثلا. ويذكر بني موريس في كتابه عن حرب الاستقلال سلسلة من الوثائق تخفيها الدولة، وفيها تفصيلات عن مجازر أخرى نفذها الجيش الإسرائيلي.
وأضاف أن من العجب الشديد أن اعتبارات سياسية أو على الأقل رغبة في تجميل التاريخ، تمنع كما يبدو الكشف عن تفصيلات تتعلق بعملية في كنيس «مسعودة شم – طوف» في بغداد التي وقعت عام 1949، وثمة من يزعم أن عملاء الموساد نفذوها ليشجعوا يهود العراق على مغادرة بلدهم والهجرة إلى إسرائيل. وفي محضر إحدى الجلسات الأولى للحكومة في 1948 أخفيت عدة أسطر تشتمل على معلومات عن السطو على مكتبات خاصة لعرب القدس ونقلها إلى المكتبة الوطنية. لم تفتح حتى اليوم جميع الوثائق المتعلقة بقضية «الخزي» في مصر وقضية لافون التي نشأت على أثرها، والمتعلقة بعملية سيناء، وقضية كاستنر واختطاف ايخمن.
وما يزال جزء من نقاشات الحكومة، التي سبقت حرب الأيام الستة، سرياً. هذه أمثلة من تاريخ الدولة القديم قبل حرب «يوم الغفران»، عام 1973 .


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 27/02/2019