احتياطات العملة الأجنبية تنخفض 3.3 في المائة مند إنطلاق “المرونة” : بنك المغرب يوقف عمليات دعم الدرهم مقابل الدولار في سياق دولي ملائم

 

استطاع سعر صرف الدرهم أن يجتاز امتحان المرونة بنجاح خلال الشهرين الأولين من دخول نظام مرونة الصرف حيز التطبيق. فخلال الثمانية الأسابيع الماضية عرف سعر العملة الوطنية استقرارا نسبيا حول سعره المرجعي، الذي بقي محددا على أساس سلة عملات تتكون بنسبة 60 في المائة من اليورو و40 في المائة من الدولار. وخلال هذه المرحلة لم تتجاوز تذبذبات سعر الدرهم الحدود المرسومة، والمحددة في نطاق (+/-) 2.5 في المائة حول سعره المرجعي، الشيء الذي يؤشر على أن قيمة الدرهم توجد في وضعية متوازنة نسبيا.
غير أن نقطة الظل التي أرخت بطلالها على صلابة الاقتصاد الوطني خلال هذه الفترة هي التوجه الانخفاضي المتواصل لاحتياطيات الصرف. فمند انطلاق العمل بنظام مرونة سعر الصرف نزلت الاحتياطات الصافية للبلاد بنحو 3.3 في المائة، وفقد حوالي 8 مليار من الدراهم في ظرف 8 أسابيع. ويعكس هذا التوجه بالأساس الاختلال الهيكلي في التجارة الخارجية للبلاد، والتي تتميز بكون قيمة الواردات من السلع والبضائع تعادل ضعف قيمة الصادرات. وللإشارة فإن هذا الاختلال تتم موازنته، على مستوى العرض والطلب الموازي للدرهم مقابل العملات، بتحويلات المهاجرين ومداخيل السياحة والاستثمارات الخارجية. غير أن فترة الشهرين السابقين تمتاز بضعف تدفقات السياحة والمهاجرين، الشيء الذي أبرز اختلال العرض والطلب على العملات المرتبط بالتجارة الخارجية، وانعكس سلبا على الحجم الصافي لاحتياطي البلاد من العملات الصعبة.
وبما أن السعر المرجعي للدرهم يعكس تطور سلة العملات المكونة من اليورو بنسبة 60 في المائة والدولار بنسبة 40 في المائة، فإن أنظار الفاعلين في سوق الصرف، وعلى الخصوص بنك المغرب الذي يخوله القانون صلاحيات التدخل لتوجيه سعر العملة الوطنية وتحديد قيمتها، تتجه إلى منحى هاتين العملتين الدوليتين.وتميزت تدخلات بنك المغرب بهذا الخصوص بفترتين مختلفتين مند انطلاق العمل بمرونة الصرف. فخلال الأربعة أسابيع الأولى من النظام الجديد كانت تدخلات بنك المغرب بشكل شبه يومي لمواجهة انعكاسات انخفاض قيمة الدولار على سعر الدرهم. وخلال هذه الفترة الأولى كان بنك المغرب يتدخل عبر عرض مبالغ من الدولار للبيع مقابل الدرهم في إطار مناقصات في سوق الصرف. وبلغ الحجم الإجمالي لهذه العمليات، التي تمت خلال الفترة من 15 يونيو إلى 9 فبراير، حوالي 214 مليون دولار، وجرت بسعر متوسط قدره 9.19 درهم للدولار. وتراوحت أسعار الدرهم التي تمت بها هذه العمليات ما بين 9.13 درهم للدولار و9.25 درهم للدولار. غير أن التحول الذي عرفه سعر الدولار عالميا مند الأسبوع الثاني من فبراير، والذي تميز بمقاومته المتزايدة للانخفاض، جعل بنك المغرب يوقف هذه العمليات.
ويتوقع المراقبون أن يسترجع الدولار قوته على المدى المتوسط، مع ترقب تخلي مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي تدريجيا عن السياسة التحفيزية التي ينتهجها مند سنوات، وأن يلجأ إلى زيادة أسعار الفائدة على مراحل خلال العام الجاري. واعتبر المراقبون تحسن مؤشرات التشغيل والأجور التي أبرزتها الإحصائيات الأمريكية الأخيرة تأكيدا لهذه التوقعات، الشيء الذي زاد من حماسة الأسواق وأدى إلى كبح جماح انخفاض الدولار مند أسابيع. وأبرزت إحصائيات التشغيل الأمريكي المنشورة يوم الجمعة الأخير ارتفاعا قويا لمستوى التشغيل في الأنشطة غير الزراعية، والذي فاق بشكل كبير جميع التوقعات. غير أن إحصائيات الأجور، والتي أبرزت تباطؤ وتيرة ارتفاع الأجور مقارنة بالتوقعات أرخت بظلالها وخففت من حماسة الأسواق الناتجة عن ارتفاع مؤشرات التشغيل. ورغم ذلك عرف سعر الدولار ارتفاعا نسبيا خلال الأسبوع الماضي مقابل اليورو في انتظار الوضوح بشأن توجهات البنك المركزي الأوروبي.
وفي هذا السياق جاءت قرارات مجلس محافظي المركزي الأوروبي بدورها بمؤشرات على قرب التخلي عن سياسة التيسير النقدي، رغم أنها لم تكن بالحزم المرتقب. فقد قرر البنك المركزي الأوروبي نهاية الأسبوع الأخير الحفاظ على أسعار الفائدة في منطقة اليورو دون تغيير في مستوياتها الجد متدنية، أي 0 في المائة بالنسبة لعمليات إعادة التمويل الأساسية و0.25 في المائة بالنسبة للإقراض، و ناقص (-) 0.40 في المائة بالنسبة للودائع. غير أن الإعلان عن معدلات نمو للاقتصاد الأوروبي، والتي تعتبر الأعلى مند سنوات، 2.3 في المائة في 2017 بعد 1.9 في المائة في 2016، وتوقع 2.4 في المائة في 2018، عززت تفاؤل الأسواق بشأن الخروج التدريجي من سياسة التيسير النقدي. كما أشار بيان مجلس المركزي الأوروبي إلى أن برامج شراء السندات ستتواصل إلى سبتمبر بواقع 30 مليار يورو في الشهر، بعد أن كانت تناهز 60 مليار يورو شهريا. واعتبر المراقبون أن عدم تضمن البيان الأخير لبند يؤكد إمكانية توسيع هذه البرامج إذا اقتضت الضرورة مؤشرا كبيرا على قرب نهاية العمل بسياسة التيسير النقدي للبنك المركزي الأوروبي.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 12/03/2018

أخبار مرتبطة

أفادت الجمعية المهنية لشركات الإسمنت بأن مبيعات الإسمنت بلغت أزيد من 3,24 مليون طن عند متم شهر مارس 2024، بانخفاض

عبر المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي عن إدانته الشديدة وشجبه للتعنيف الذي تعرض له الأساتذة للتدخل قوات الأمن، في

  تستأنف يومي السبت والأحد منافسات الدوري الممتاز في الكرة الطائرة، بإجراء الدورة الثالثة من» البلاي أوف» و»البلاي داون «،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *