الأسر المغربية تقترض 18.6 مليار درهم كتسهيلات صندوق لاستكمال الشهر

«الجحيم» الذي تسببه هذه القروض للطبقة الوسطى يتطلب تدخلا لبنك المغرب

 

كشفت إحصائيات بنك المغرب أن الأسر المغربية تصادف صعوبات مالية متزايدة لاستكمال الدورة الشهرية، الشيء الذي يدفعها بشكل متزايد للاعتماد على التسهيلات البنكية الباهظة التكلفة. ففي نهاية شتنبر الأخير بلغ حجم السلفات التي سحبتها الأسر المغربية من البنوك برسم “تسهيلات الخزينة والحسابات المدينة” 18.6 مليار درهم، وذلك مقابل 15.7 مليار درهم نهاية شتنبر من العام الماضي، مسجلة زيادة بنسبة 18.32 في المئة في طرف سنة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من القروض القصيرة الأجل تطبق عليه البنوك نسب فائدة عالية جدا، إذ تصل الحد الأعلى المسموح به من طرف بنك المغرب فيما يتعلق بنسب الفائدة التعاقدية، والذي يبلغ حاليا 13.6 في المئة، إضافة إلى ما يترتب عن هذه القروض من عمولات بنكية إضافية ومصاريف تأمين.
وضمن هذه القروض الموجهة للتخفيف من العجز المالي “الشهري” للأسر، والبالغة 18.6 مليار درهم في نهاية سبتمبر، تشير إحصائيات بنك المغرب إلى أن تلك المتأتية عن طريق السحب على المكشوف الذي تسمح به بعض البطاقات البنكية للزبناء أصبح يناهز 7.61 مليار درهم، بزيادة 21.4 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. ويعتبر هذا النوع من القروض، التي تقدم على أنها امتيازات خاصة بنوعية من الزبائن، من الآفات التي يعاني منها أفراد الطبقة الوسطى المغربية بشكل متزايد. فالبنوك تسمح بموجب هذه “الامتيازات” للزبون بسحب ما بين 50 في المئة إلى 100 في المئة من مبلغ دخله الشهري دون التوفر على رصيد، على أن يسدد كامل القرض في نهاية الشهر عبر اقتطاع من دخله من المنبع، وتفرض البنوك على هذه القروض القصيرة جدا أعلى نسب الفائدة. فغالبا ما يلجأ الزبون ذو الدخل المتوسط إلى سحب كامل للمبلغ المرخص به لمواجهة المصاريف غير العادية لمناسبة من المناسبات، كالدخول المدرسي مثلا. ومع بداية الشهر التالي يجد أن نصف دخله إن لم يكن دخله كله قد اقتطع لتسديد مبلغ السحب الذي قام به في الشهر الماضي، فيضطر إلى استعمال “الامتياز” من جديد والسحب على الكشوف لتغطية مصاريفه العادية، ليجد نفسه في نفس الوضعية مع بداية الشهر المقبل. وتتوالى الشهور وهو في هذه الوضعية التي يصعب الخروج منها، والتي تكلفه شهريا أداء أعلى نسبة فائدة في السوق مقابل السحب المسبق لأجرة الشهر المقبل دون أي مصلحة سوى أنه وجد نفسه في هذه الورطة، لأن الاستفادة التي يجنيها الزبون من هذه القروض تنحصر في المرة الأولى التي استعمله فيها، لتتحول بعد ذلك إلى عبء لا ينتهي. ويبقى الحل الوحيد أمام الزبون للخلاص من هذا “القراد” الذي علق بحسابه ويمتص دمه كل شهر، هو اللجوء إلى اقتراض المبلغ المستحق، إما عن طريق التضامن الاجتماعي أم عبر سلفات الاستهلاك، من أجل تسديد المبلغ، وإرجاع الدين الجديد على أقساط ضمن أجل محدد.
ويسترعي هذا النوع من القروض تدخل بنك المغرب لإيجاد آلية لوقف النزيف. كأن يصدر مثلا مرسوما يمنع تجدد مثل هذا القرض أكثر من مرتين، مع إمكانية تحويله إلى سلف استهلاك بسعر مرفق بعد ذلك.
وتأتي هذه الإحصائيات، التي نشرت أول أمس، بفارق بضعة أيام من نشر المندوبية السامية للتخطيط لتقريرها الفصلي حول “نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر” للفصل الثالث من السنة الحالية، والذي كشف أن 40.6 في المئة من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة، وأن 33.5 في المئة من الأسر صرحت في إطار هذا البحث أن مداخيلها لا تكفي لتغطية مصاريفها، وبالتالي فهي تلجأ إلى استنزاف مدخراتها أو إلى الاقتراض.
وتأتي هذه الإحصائيات، التي نشرها بنك المغرب أول أمس، بفارق بضعة أيام من نشر المندوبية السامية للتخطيط لتقريرها الفصلي حول “نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر” للفصل الثالث من السنة الحالية، والذي كشف أن 40.6 في المئة من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة، وأن 33.5 في المئة من الأسر صرحت في إطار هذا البحث أن مداخيلها لا تكفي لتغطية مصاريفها، وبالتالي فهي تلجأ إلى استنزاف مدخراتها أو إلى الاقتراض.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 03/11/2018

أخبار مرتبطة

  يهدف لدعم تكييف التكوين والبحث الزراعي المغربي مع تحديات الانتقال الإيكولوجي     وقع المغرب و الاتحاد الأوروبي، أمس

عبرت جمهورية سيراليون، الثلاثاء بالرباط، عن دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة مؤكدة أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب

إفريقيا لا تعبئ سوى 11.4 مليار دولار سنويا من أصل 580 مليارا تحتاجها للتمويل انعقد أول أمس على هامش الملتقى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *