الإرهاب بإفريقيا يبقى أحد أشكال النزاعات غير المتماثلة الأكثر حدة

أكد المشاركون في الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن، اليوم الجمعة بمراكش، أن الإرهاب بإفريقيا يبقى أحد أشكال النزاعات غير المتماثلة الأكثر حدة، خاصة بعد الفراغ الذي نشأ في أعقاب تلاشي نظام القطبية الثنائية وبروز، وعلى نحو تدريجي، قوى جديدة مما سهل تشتث أهم أسس التأثير العالمي.
وأضافوا، خلال جلسة عامة حول موضوع « إفريقيا في مواجهة التحديات غير المتماثلة وأعداء الحقبة الرقمية» في إطار هذا المنتدى المنظم يومي 9 و10 فبراير الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن الإرهاب، الذي يعد تمرة عدة عوامل، يعتبر أحد أهم عناصر عدم الاستقرار التي تعاني منها حاليا هذه القارة، مبرزين أن هذه الآفة تتغذى من القضايا الداخلية والخارجية.
واعتبروا أن هذه الظاهرة لا يمكن التغلب عليها بدون انخراط جماعي من قبل كل الفاعلين بالمنطقة بما فيهم مؤسسات الدولة، مبرزين أن الإرهاب، وكما هو الشأن بالنسبة للجريمة المنظمة أو القرصنة في البحر، تعتبر ظواهر، مألوفة، لانعدام الأمن بالمنطقة، غير أنها أخذت زخما في عالم ينحو نحو انعدام المرجعيات، لتصبح نزاعات غير متماثلة موجهة ضد الأنظمة القائمة.
وأوضح المتدخلون أن العولمة ساهمت في تعدد مواطن الاقصاء وغياب المساواة، وخلق مناطق خارجة عن سيطرة الدول، والتي ينضاف إليها التطور الهائل للتكنولوجيا الحديثة، معربين عن أسفهم من كون هذه العوامل أصبحت تتضافر مع أخرى، لتجعل من الإرهاب ظاهرة دولية، أتاحت للعناصر الإرهابية تملك آليات التأثير واستغلال العوامل المرتبطة بالهشاشة داخل الدول.
وفي هذا الصدد، سلط الممثل الخاص للإتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، السيد أنجيل لوسادا، الضوء على الوضعية الأمنية بمنطقة الساحل والصحراء، مع التركيز على أثرها على القارة بأكملها، مبرزا أن هذه المنطقة تعد حاليا موطنا لجميع الأزمات سواء المتعلقة منها بالجانب الأمني أو الاقتصادي أو الديمغرافي أو السياسي أو المناخي.
من جهته، سجل نائب رئيس أركان القوات البحرية بالبنين جون ليون أولاتوندجي، أنه بالنظر إلى هذه التحولات المستمرة المهددة للأمن، يتعين العمل على تعزيز التعاون لمحاربة هذه الظواهر، والسهر على ملاءمة آليات الردع من أجل تجفيف منابع الارهاب والآفات الأخرى.
أما مدير مركز الإتحاد الأوروبي للأقمار الصناعية السيد باسكال لوغي، فسلط الضوء، من جانبه، على مجموعة من العوامل المرتبطة بانعدام الأمن بإفريقيا، خاصة التهديد الإرهابي، وانتشار تجارة الأسلحة، وارتفاع مستوى الهجمات ضد القوات الوطنية، وتكتل الجماعات الإرهابية، وتزايد نشاط الفصائل المتمردة، مشددا على أن التصدي لهذه التحديات يستدعي تضافر الجهود الأمنية من أجل ايجاد حل شامل.
وقال إن أمن واستقرار القارة يبقى مطلبا لا غنى عنه لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، مؤكدا على الترابط الوثيق بين الأمن والتنمية ذلك أنه بدون أمن لن تتحقق أية تنمية أو استغلال للمؤهلات الكبيرة التي تزخر بها إفريقيا، كما أنه ليس هناك أمن بدون تنمية.
ويروم هذا المنتدى، المنظم حول موضوع «التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا « بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها .

تجربة «متفردة»

قال الأستاذ شارل سانت برو، المدير العام لمعهد الدراسات الجيو سياسية بفرنسا، إن التجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب والتطرف العنيف تعد «متفردة» بفضل رؤية ملكية شاملة وناجحة في محاربة الخطر ومواجهة خطاب التطرف على المستوى الوطني والخارجي.
وقال خلال مشاركته في أشغال الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن، المنظم على مدى يومين (9 و10 فبراير الجاري) بمراكش، إنه انطلاقا من هذا المعطى فإن المغرب يعد شريكا أساسيا في محاربة الإرهاب، مضيفا أن المملكة لا تقوم فقط ببذل جهود كبيرة لضمان أمنها الوطني ولكن تقوم أيضا بعمل حاسم في مجال محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي في سبيل تحقيق الاستقرار بالعالم.
وأشار إلى أن المملكة وضعت محاربة الإرهاب على رأس الأولويات، مسجلا أن المصالح المغربية تواجه بنجاح بفضل جديتها وكفاءتها، التهديد الإرهابي حيث تمكنت من تفكيك العديد من المجموعات الإرهابية المرتبطة بالشبكات الدولية الموالية لتنظيم «داعش» وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وتنظيمات إرهابية أخرى.
وبعد أن ذكر بأن التصدي للإرهاب والتطرف لن يكون فقط عسكريا أو أمنيا، اعتبر هذا الخبير المرموق، أن محاربة إديولوجيا التطرف تتطلب بالأساس بلورة إستراتيجية متعددة الأبعاد، مشيرا إلى أن «الإرهاب الذي تتعرض له العديد من الدول يجد مصدره في العديد من الأسباب من بينها توظيف الدين من قبل أشخاص كآلية للدعاية وتبرير مشروعهم السياسي الثوري».
واعتبر أن الحركات المتطرفة أخذت الدين رهينة لغايات سياسية مما يتطلب دحض دعايتهم بالاعتماد على خطاب ديني قوي يروم مقارعة الأفكار بالأفكار، مقترحا في هذا الصدد، القيام بمبادرات ملموسة.
واعتبر أن المغرب لديه خبرة معترف بها وعمل فعال في المجال الأمني، ويعتمد خطابا بناء وإستراتجية متميزة في مواجهة التطرف، كما أن المملكة تتوفر على سياسة حاسمة من أجل محاربة الجهل وتأطير الحقل الديني.
وأضاف أن تعليم قيم الدين الإسلامي يعد مشكلا حقيقيا لا يمكن معالجته إلا من خلال وضع ورش كبير للتفكير وتشجيع المعرفة بالإسلام الحقيقي القائم على الوسطية.
وأبرز المتحدث أن تأهيل الحقل الديني والعمل المنجز بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يضع المغرب في المقدمة في مجال محاربة التطرف والنهوض بمبادئ الإسلام المعتدل والمتسامح.
ويمتد هذا العمل، حسب الأستاذ سانت برو، إلى خارج المغرب وخاصة بإفريقيا، مذكرا في هذا الصدد، بأن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة يعد نموذجا بالنسبة للبلدان الإفريقية ويمكن أن يصبح كذلك بالنسبة للدول الأوربية.
كما أشار إلى أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تعمل على توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بالمغرب وبباقي البلدان الإفريقية من أجل التعريف بالقيم الحقيقية للإسلام ودحض ادعاءات المفترين الذين يحرفون رسالته النبيلة.
وأبرز في هذا الصدد، أن الإستراتيجية المغربية أدمجت في الشق المرتبط بالفكر الإسلامي بعدا اقتصاديا واجتماعيا، مبرزا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس وضع على رأس أولوياته أهداف التنمية الاقتصادية والبشرية.
وقال إن هذه المقاربة تقوم على تفعيل الآليات لمحاربة الإقصاء والهشاشة والفقر وفي نفس الوقت اعتماد إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، مبرزا أنه على المستوى الإقليمي والإفريقي يتيح المغرب أيضا للشعوب الإفريقية آفاقا جديدة للتعاون والتنمية في إطار رؤية طموحة للتعاون جنوب -جنوب.
وفي معرض حديثه عن التعاون على المستويين الإقليمي والدولي، أشار المتحدث إلى أن المملكة المغربية أضحت تشكل ركيزة لا محيد عنها ينوه بدورها الفاعلون الدوليون، مشيدا في هذا الصدد، بالتعاون المتميز بين المصالح المغربية والمصالح الأجنبية وخاصة الفرنسية والإسبانية.
وقال إن هناك إجماع من لدن الوكالات والمؤسسات الدولية والدول على الاعتراف، بالكفاءة المغربية وأهمية مصالح الاستخبارات المغربية، مبرزا التعاون المتميز والمثمر بين المصالح المغربية ونظيرتها الفرنسية والذي يعد الأكثر نجاعة في العالم.
وخلص إلى القول إن دور المغرب في مجال محاربة الإرهاب وصيانة الاستقرار الإقليمي يحظى بالإعجاب من قبل المنتظم الدولي مما يعكس الاستثناء المغربي.
ويروم هذا المنتدى، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع «التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا» بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها.
ويلتئم في هذا المنتدى، حوالي 300 مشارك رفيع المستوى من بينهم مسؤولين مدنيين وعسكريين ومسؤولين عن منظمات دولية وأمنيين وخبراء من إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، بغرض التحليل والمناقشة وتبادل التجارب.

بلد متميز على الصعيد الإفريقي

قال عبد اللطيف أيدارا، الخبير السينغالي ورئيس مرصد التهديدات الإرهابية والتطرف والمخاطر الإجرامية بالسينغال، إن المغرب يعد بلدا متميزا على الصعيد الإفريقي، في مجال محاربة الإرهاب.
وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش أشغال الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن، أن المغرب استطاع تطوير استراتيجيات ناجعة على المستوى السياسي، والأمني، والاقتصادي، والإنساني، مكنته من محاربة هذه الآفة بشكل فعال .
وبعد أن أشاد بالتجربة الكبيرة التي راكمتها المملكة في ميدان السلم والأمن، أوضح الخبير السينغالي أن البلدان الإفريقية بإمكانها الاستفادة كثيرا من خبرة المغرب في هذا المجال، مبرزا من خلال تحليله للوضعية الأمنية بإفريقيا، أن التهديدات المتصاعدة بالقارة تعتبر واقعا يجب مواجهته في إطار مقاربة جماعية.
واعتبر السيد عبد اللطيف ايدارا، أن عودة المغرب للإتحاد الإفريقي، هي «حق مشروع» ومبادرة جديرة بالترحيب، باعتبار المملكة جزء من إفريقيا، ولم تكن أبدا بعيدة عن انشغالات القارة.
وقال، في هذا الصدد، إن المغرب كان دائما حاضرا بإفريقيا، وعمل دوما على تطوير علاقات مثالية مع بلدان القارة، ومن هذا المنطلق لا يمكنه إلا أن يفتخر ويعتز بجذوره الإفريقية.
وأشار إلى أن انتخاب المغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي، ليس إلا تشجيعا للمملكة للمضي قدما والاضطلاع بدورها النبيل، المتمثل في تعزيز مكانة إفريقيا على المستوى الأمني، وذلك إلى جانب دورها الهام خاصة على الصعيد السياسي والإقتصادي والإجتماعي.
وحول انضمام المغرب للمجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا، أكد السيد عبد اللطيف أيدارا، أنه يتعين الحديث عن توسيع هذه المجموعة الإقليمية لتشمل المغرب، موضحا أن البلدان الإفريقية هي الرابح الكبير من انفتاح هذا الفضاء على المغرب.
وسجل أن انفتاح فضاء المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا على المغرب، سيمكن من تطوير الصناعة الإفريقية، وتقوية سوق بلدان غرب إفريقيا، وإتاحة الفرصة للمقاولات المحلية من تحسين مردوديتها والرفع من تنافسيتها.
من جهته، أشار المدير العام لمركز الدراسات الدبلوماسية والإستراتيجية بدكار السيد باباكار سقراط ديالو، إلى الدور الذي يضطلع به المغرب، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال الأمن والسلم بإفريقيا، وذلك في إطار التعاون جنوب جنوب المثالي والتضامني.
وبخصوص انضمام المغرب للمجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا، أوضح السيد ديالو، أن الأمر يتعلق بمبادرة محمودة من جلالة الملك الذي يضع إفريقيا في صلب انشغالاته الكبرى.
وقال، في هذا الصدد، « أعتبر أن حيوية النشاط الإقتصادي المغربي، والتجربة والتوجهات الكبرى للمملكة، وجهودها اللامحدودة لفائدة السلم والأمن والاستقرار بالقارة، تعتبر مكتسبات وواقع من شأنه الإسراع بانفتاح المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا على المغرب، وحث بلدان المنطقة على الإستفادة من هذه المبادرة».
وبالنسبة لأهمية منتدى إفريقيا للأمن، أشار السيد ديالو، إلى أنها تكمن في كون التهديدات عادت من جديد وبشكل متكرر، ولاسيما، بعد الإندحار التام للتنظيم الإرهابي « داعش» بسوريا والعراق، مع كل ما يترتب عن ذلك من أشكال إعادة انتشار الميليشيات المسلحة بمناطق أخرى، على غرار جماعة بوكو حرام.
واستطرد قائلا أنه أمام هذه الوضعية، أصبح من الضروري التعبئة لإفشال مخططات هذه الجماعات الإرهابية، مع البحث لايجاد بدائل أخرى غير الاستمرار في استحضار المقاربة الأمنية لوحدها وإغفال الواقع السياسي، والاقتصادي والسوسيولوجي والعرقي والديني والثقافي للسكان المحليين.
ويروم هذا المنتدى، المنظم حول موضوع «التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا « بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها .

السياسة الأمنية الإستباقية

أكد مدير المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية محمد بنحمو، أن السياسة الأمنية الوقائية والإستيباقية التي ينهجها المغرب مكنته من الحد «بقدر كبير» من التهديدات الإرهابية المتنامية والمستمرة.
وأضاف خلال جلسة عامة حول موضوع «الإستراتيجية المغربية لمحاربة التطرف العنيف»، في إطار الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن المنعقد بمراكش يومي 9 و10 فبراير الجاري حول موضوع «التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا»، أنه من ضمن 1704 مقاتل إرهابي من جنسية مغربية تم تحديدهم بمسرح الجرائم الإرهابية بالعراق وسوريا، قتل 614 فيما عاد إلى المغرب 213 من المقاتلين، مع تسجيل حضور النساء والأطفال ضمن هذه المجموعات الإرهابية، (حوالي 293 امرأة و321 طفلا).
وأبرز السيد بنحمو في هذا السياق، أنه منذ سنة 2015، تم تفكيك حوالي 49 خلية إرهابية ضمنهم 44 خلية كانت على صلة مباشرة بتنظيم «داعش» وتوقيف 733 شخصا، في حين تم تسليم 97 إرهابيا للمغرب (64 من العراق) و(13 من ليبيا)، مما يبرز، بحسب قوله، وبشكل قوي، أهمية التعاون الدولي في هذا المجال.
وأشار إلى أن الهندسة الأمنية المغربية تمت ملاءمتها وعصرنتها حسب طبيعة هذه التهديدات الإرهابية، مضيفا أن هذه الهندسة الأمنية مكنت من مراقبة شاملة للتراب الوطني والحدود وإدارة ناجعة لتدبير ونقل المعلومات والاستخبارات التي تسمح بالتدخل في الوقت المناسب.
وشدد مدير المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن هذه النتيجة الإيجابية مردها إلى العمل الجاد المبذول من قبل جميع مصالح الإستخبارات خاصة تلك المرتبطة بالتحليل والتكوين، إلى جانب التجربة المكتسبة للأطر الأمنية المغربية، التي مكنت من معرفة جيدة لطبيعة التهديدات.
وبخصوص المقاربة المغربية، أوضح السيد بنحمو، أن هناك تعاون داخلي قائم بين مختلف المصالح الأمنية المغربية وتعاون دولي بين مختلف المصالح الأمنية والإستخباراتية على المستوى الدولي، وتوزيع المهام بشكل جيد بين هذه المصالح مع تدبير واقتسام جميع المعلومات في زمن حقيقي، حتى يكون لهذه العمليات وقع إيجابي على الأمن بالمملكة والبلدان الأخرى.
من جهته، أبرز مدير مركز الدراسات والبحث حول القيم بالرابطة المحمدية للعلماء السيد محمد بلكبير، أن إستراتيجية الرابطة المحمدية ترتكز على تكسير خطاب التطرف وتحصين المواطنين في وضعية هشة وتدبير عودة المقاتلين في تنظيم «داعش» الإرهابي كإجراء وقائي من أجل إعادة إدماجهم.
وأوضح، أن مقاربة الرابطة المحمدية تقوم على محاربة التطرف عبر تحديد كل حلقة في سلسلة التطرف، ضمنها التطرف العنيف، والتكفيري، والجهادي والإرهاب، مضيفا أن الرابطة حاولت تكسير هذه السلسلة من خلال التركيز على الشباب عبر إصدار كتب موجهة لتكوين مربين ودعامات لإعادة تكوين هؤلاء الشباب، مبرزا الأبعاد التوقعية للرابطة، والتي تهم تعزيز المرونة مع بذل مجهودات حثيثة مع السجناء لحماتيهم عبر تكوين 22 ألف سجين وتحسيسهم في مجال محاربة التطرف والإرهاب.
من جهته، أكد ممثل رئاسة النيابة العامة السيد حمزة السعد ، أن المغرب وضع كل مجهوداته إلى جانب المنتظم الدولي لمحاربة الإرهاب عبر إدراج الإلتزامات الدولية ضمن قوانينه الداخلية وإستراتيجيته الوطنية القاضية بمناهضة التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن الإستراتيجية القضائية توجد ضمن كل الإستراتيجيات كحزام حقيقي للأمن الذي يمثل ضمانة وقائية للمؤسسات.
وأضاف السيد حمزة السعد، أنه إلى جانب دورها المواكب، فإن الإستراتيجية القضائية تحتفظ بأدوارها الخاصة التي تتجلى بالخصوص ، في فك وكشف لغز الجريمة الإرهابية، موضحا أن هذه الإستراتيجية تقضي، في المرتبة الأولى، بتعزيز الثقة في المؤسسة القضائية واختصاصاتها في مجال الإرهاب ثم، في المرتبة الثانية، توسيع الإجراءات الوقائية.
أما ممثل وزارة العدل السيد عبد الرحيم باشكار، فأوضح من جهته، أن المغرب وضع برنامجا للمصالحة داخل المؤسسات السجنية يرمي إلى تفعيل مبادئ التسامح والتفاهم في إطار قانوني واندماج السجناء في النسيج السوسيو-–اقتصادي، مرزا أن هذا البرنامج يرتكز على فهم النص الديني والحقوقي وعلاقة المواطنين فيما بينهم، وتأهيل السجناء ومواكبتهم اقتصاديا واجتماعيا بغية إدماجهم في النسيح السوسيو-اقتصادي للمجتمع.
ويروم هذا المنتدى، المنظم بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها. ويلتئم في هذا المنتدى، حوالي 300 مشارك رفيع المستوى من بينهم مسؤولين مدنيين وعسكريين ومسؤولين عن منظمات دولية وأمنيين وخبراء من إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، بغرض التحليل والمناقشة وتبادل التجارب .
ويناقش المشاركون في هذا المنتدى محاور ترتبط بالخصوص ب»إفريقيا في مواجهة التحديات الغير متماثلة وأعداء الحقبة الرقمية» و»الإتحاد الإفريقي في مواجهة تحديات السلم والأمن بالقارة الإفريقية (التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات)»، و»مكانة الإستخبارات في الهندسة الأمنية لمحاربة الإرهاب» و»الإستراتيجية المغربية في محاربة التطرف العنيف» و»منطقة الساحل والصحراء، عودة التهديد بين الإرهاب المنظم العابر للحدود والمليشيات المسلحة» و»مقاربة النوع في محاربة التطرف والإرهاب « .

وصيات للمستقبل

دعا المشاركون في الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن، إلى تعزيز آليات تمويل وعمل الإتحاد الإفريقي في مجال مكافحة والتصدي لآفة الإرهاب.
وأكدوا من خلال التوصيات على الطابع الاستعجالي لتأهيل مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي، حتى يصبح «آلية ناجعة» في محاربة العوامل المسببة لحالة انعدام الأمن.
وبعد أن أبرزوا ضرورة العمل من أجل تنسيق أنشطة المنظمات الإقليمية الإفريقية التي تتصدى للإرهاب، إلى جانب اعتماد تدابير تروم الرفع من جاهزية القوات الإفريقية، شدد المشاركون، على ضرورة تمتين التعاون الأمني الإفريقي من خلال آلية فعالة على شاكلة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الأنتربول»، وتعزيز الإستراتيجيات والأنشطة المخصصة لمحاربة ظاهرة القرصنة البحرية، ووضع أنظمة للإنذار المبكر على المستوى الوطني والإقليمي، فضلا عن النهوض بريادة النساء في الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب.
كما أكد المشاركون على أهمية إحداث مجتمع قاري للاستعلام يمكن من ارساء نظام مندمج في هذا المجال، وتقوية التفاعل والتنسيق والتعاون بين الدول والهيآت الإستخباراتية، وتشجيع استعمال آليات جمع المعلومات من أجل تتبع الأشخاص الذين يشكلون تهديدا حقيقيا لأمن الدول، علاوة على تعزيز فعالية قوات الدفاع والأمن وتمكينها من مواكبة التحولات المستمرة للتهديدات الأمنية.
وتضمنت التوصيات، أيضا، الدعوة إلى ضرورة تقوية قدرات المؤسسات الوطنية، وإرساء دولة الحق والديمقراطية بشكل يتيح تحصين المجتمعات ضد اللا استقرار واللا أمن، والعمل على تقاسم التجارب الناجحة في ميدان محاربة التطرف على المستوى الإفريقي ، وذلك على غرار النموذج المغربي الذي أبان عن فعاليته ونجاعته.
ومن التوصيات كذلك، التأكيد على تعزيز التبادل والحوار بين مختلف الديانات للتصدي لخطابات الكراهية وتعزيز التعايش بين مختلف الديانات والأعراق، وتعدد المبادرات الهادفة إلى تفادي الخلط بين ظاهرة الإرهاب وبعض المجموعات الدينية والعرقية، فضلا عن إدماج الفاعلين في الحقل الديني المتسمين بالاعتدال ومنظمات المجتمع المدني في البرامج التحسيسية لمواجهة التطرف.
من جهة أخرى، أوصى المشاركون بضرورة تقوية الجهود الرامية إلى تدبير أفضل لظاهرة الهجرة، ولاسيما الهجرة بين دول الجنوب، وتعبئة جميع الفاعلين المعنيين تجاه تفاقم التهديدات الإلكترونية عبر وضع آليات مندمجة للتنسيق ومواصلة الجهود المبذولة ومراقبة القطاع الرقمي وتكنولوجيا الإتصال الحديثة.
كما طالبوا ببلورة مخططات ، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي، تروم تقليص مستوى الهشاشة وبطالة الشباب التي تجعلهم عرضة للاستقطاب من قبل المجموعات الإرهابية والإجرامية، والعمل على جعل المناطق الحدودية، خاصة منطقة الساحل والصحراء، فضاءات اقتصادية حيوية، داعين، كذلك، إلى تضافر الجهود لتسهيل إدماج وتنمية المجالات التي تعاني من الهشاشة، وتعزيز آليات محاربة التغيرات المناخية.


بتاريخ : 13/02/2018