الاتحاد الاشتراكي يدشن بمراكش ورش المصالحة باحتفاء كبير

كان السبت 19 أكتوبر 2019 يوما تاريخيا بامتياز.. يوم انتعشت فيه وردة الاتحاد لتنشر أريجها.. يوم التقت فيه اجيال اتحادية .. من شيوخ وكهول وشباب ونساء في مشهد يؤكد ان أبناء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مهما اختلفوا ومهما غضبوا فإن وفاءهم لبيتهم يبقى مقدسا.. قد لا تطول صفحات هذه الجريدة لنعبر عن عمق احساس انساني ونضالي كان هو المشترك بين الجميع، والاحساس ايضا بضرورة الالتفاف حول الحزب وتجاوز كل الاختلافات لأن المغرب في حاجة الى حزب قدم الغالي والنفيس من أجل أن يحيى الوطن..
حزب أدى الثمن غاليا وقدم شهداء ومفقودين ومعتقلين، حزب قدم الكثير من الانجازات الكبرى للمغرب.. حزب ناضل من اجل الحريات ودولة المؤسسات وكان مبدعا لأنه مدرسة.. هذا ما تقرأه في تلك الوجوه من مختلف الاجيال لتؤكد بالفعل ان الحزب رسالة من جيل لجيل..

المصالحة والانفتاح
انطلق هذا الحفل الذي حضره عضوا المكتب السياسي بديعة الراضي ومحمد بن عبد القادر وعضوا لجنة الاخلاقيات محمد الخصاصي وعبد السلام الرجواني، واعضاء الكتابة الاقليمية وكتاب اقاليم جهة مراكش اسفي وهيئات سياسية وطنية تقدمية وفعاليات نقابية وحقوقية وجمعوية، بترديد نشيد الحزب حيث ارتفعت حناجر الحاضرين بكل حب وايمان برسالة الاتحاد النضالية..بعدها تم الوقوف ترحما على شهداء الحزب والوطن بدعوة من عبد الحق عندليب الكاتب الاقليمي للاتحاد الاشتراكي بمراكش بعد كلمته الترحيبية المقتضبة التي اكد من خلالها أهمية هذا الاحتفاء ومغزاه، مستحضرا تضحيات ونضالات الحزب وشهدائه، بعدها سير فقرات هذا الحفل سعيد العطشان عضو الكتابة الاقليمية ..
كلمة الكتابة الإقليمية التي ألقاها جواد الدادسي، أكدت أن الذكرى 60 لتأسيس الاتحاد هي ذكرى من أجل المصالحة والانفتاح، ذكرى تربط الماضي المجيد والحاضر المتجدد ، ذكرى من أجل تجديد العهد مع الجماهير الشعبية لمواصلة النضال الهادف إلى تحقيق مشروعنا المجتمعي الذي تأسس على دعامات التحرير والديمقراطية والاشتراكية.
وأضاف الدادسي أن الحزب قدم في سبيل هذا المشروع قافلة من الشهداء والمعتقلين والمنفيين والمشردين ، نذكر منهم في هذه المناسبة عريس الشهداء المهدي بن بركة والشهيد عمر بنجلون والشهيد محمد كرينة وعشرات من الشهداء الذين سقطوا في مطلع الاستقلال من أمثال بن حمو الفواخري وإدريس بن محمد المولات وشيخ العرب ومولاي الشافعي والحسين لبزيوي ومحمد الضوبركاتو ولحسن السكليس وشهداء آخرين سقطوا إبان أحداث مختلفة من أمثال الشهيد عمر دهكون والشهيد محمد بنونة والقائمة طويلة بالإضافة إلى آلاف المعتقلين السياسيين الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب في المعتقلات السرية التي انتشرت في بلادنا طيلة سنوات الرصاص.
و استحضر أرواح رموز الحزب و في مقدمة هؤلاء المراحيم: عبد الرحيم بوعبيد و محمد منصور و الحبيب الفرقاني و محمد الوديع الآسفي وثريا السقاط ومحمد الشرقاوي ومحمد عابد الجابري وعبد اللطيف بنجلون ومحمد الفقيه البصري و سعيد بونعيلات ومحمد باهي ومحمد الضمضومي ومحمد صبري وعبد الرحمان شناف و محمد الصبري (المحامي) وعبد الرحمان العزوزي و محمد الزايدي و أحمد العراقي.
و ذكر بعطاءات مناضلات ومناضلي الحزب بمراكش ممن رحلوا عن عالمنا، تاركين بصماتهم في سجل النضال والتضحية من أمثال المراحيم: حامد زريكم و عبد الله صبري و أحمد بنمنصور و عبد الخالق باينة و ميلود الصمداوي و محمد آيت المؤذن و محمد الأفواه و عبد الكريم الخنبوبي و محمد أفراح و علي بشر و محمد المدني السفاج ، و حسن البناوي و محمد أمسكروت الادريسي و عبد الرحمان بن سماعيل و محمد مبتسم و علي أركاز و محمد بشرة و عبد العظيم نجاحي، مؤكدا أن قائمة الفقداء طويلة و ستعمل الكتابة الإقليمية، وفي إطار حفظ الذاكرة الاتحادية المجيدة للحزب، على إقامة نصب تذكاري داخل مقرات الحزب بمراكش، يتضمن أسماء كل فقداء الحزب بالإقليم من مختلف الحقب والأجيال.

التزام أخلاقي وسياسلي
وقال جواد الدادسي «إن مصالحة الاتحاديات والاتحاديين مع حزبهم، وبالأساس مصالحة الاتحاد مع القوات الشعبية والمجتمع، التزام سياسي وأخلاقي لن نحيد عنه، بل نعتبره بمثابة شحنة إضافية ستعطينا الأمل في المستقبل والقدرة على مواصلة الكفاح بنفس سياسي جديد وبإرادة أقوى لإعادة البناء والتجديد، من خلال انخراط كل أبناء وبنات الحزب، ومن أجل إعادة اللحمة مع القوات الشعبية، واسترجاع الحزب لمكانته كموجه وكقائد لنضالات الجماهير الشعبية ،من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وترسيخ الديمقراطية ودولة الحق والقانون، وكذلك من أجل تحصين شعبنا من التيارات الظلامية والعدمية ومظاهر الفساد التي تهدد كيانه ومستقبله وهويته.»
و قال أيضا «إننا في الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي، وفي مختلف الفروع والقطاعات بمراكش، عازمون على مواصلة تنفيذ مبادرة المصالحة لتشمل كل أبناء وبنات الحزب بالإقليم الذين يقتسمون معنا الوعي والقناعة الحقيقية بضرورة لمّ الشتات ومعالجة الاختلالات و كل الأسباب التي أدت إلى هذا الوهن الذي نعاني من تداعياته.»
و جدد دعوته للتفاعل الإيجابي مع نداء المصالحة قائلا» إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإقليم مراكش نوجه نداء حارا باسم الكتابة الإقليمية للحزب بمراكش وباسم كافة فروع وقطاعات الحزب بالإقليم وباسمكن وباسمكم جميعا إلى كافة الاتحاديات والاتحاديين، للانخراط الجماعي في مبادرة المصالحة والانفتاح بالقدر الذي يجعلنا أكثر استعدادا وقوة لمواجهة ما ينتظرنا من معارك سياسية واجتماعية وما ينتظرنا من استحقاقات انتخابية، على أمل أن يسترجع الحزب مكانته داخل المجتمع وفي المشهد السياسي، إيمانا منا بأن لاتنمية يمكن أن تتحقق وتضمن شروط الاتطلاق والنجاح في هذا البلد دون آليات وإمكانيات بشرية وكفاءات حقيقية وإرادة قوية ودون انخراط قوي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحزب الذي يمتلك من الرصيد النضالي والمعرفي ومن الكفاءات ومن التصورات والمقاربات الكفيلة بإعطاء الشعب المغربي شحنة قوية من الأمل في لمستقبل الذي لا يمكن بناءه إلا من خلال تحصين هذا الشعب من مظاهر الفساد وزحف الظلامية وتفشي العدمية والانهزامية وجعله فاعلا حقيقيا في معركة الدفاع عن الحريات والحقوق وترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات وحقوق الإنسان.»
محمد بن عبد القادر عضو المكتب السياسي، هنأ الاتحاديات والاتحاديين بمراكش، حيث التأموا بمختلف أجيالهم، معلنا أن هذه التظاهرة حققت غايتها قبل انطلاقتها، وتساهم في مساعدة التعبئة الشاملة للتظاهرة الوطنية الكبرى، وستساعد في تدعيم آليات المصالحة والانفتاح على الصعيد الاقليمي والجهوي.
وقال إن الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الاتحاد الاشتراكي اولا وقبل كل شيء، هو احتفاء بالذاكرة الاتحادية، احتفاء بذاكرة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وايضا احتفاء بالذاكرة المشتركة للشعب المغربي.. مشيرا إلى أنه لا يمكن لمؤرخ أن يؤرخ لتاريخ المغرب المعاصر من غير أن يتوقف عند محطات وعناوين الاتحاد الاشتراكي وشهدائه وشخصياته الفذة، التي ساهمت من مختلف المواقع في تأسيس استقلال المغرب وبناء الدولة العصرية وبناء النسيج المجتمعي الحي بفعالياته النقابية والسياسية والجمعوية..
واستطرد محمد بن عبد القادر أن هذا الاحتفاء، كي يكون مثمرا، لا ينبغي أن يتخذ مظاهر لا ترقى الى مستوى القراءة الهادئة والمنتجة لهذه الذاكرة.

الاعتزاز بالانتماء
وقال بنعبد القادر بأن الذاكرة تساعد في صناعة الهوية وتعمل على تعزيز الاعتزاز والافتخار بالانتماء، إذ من لا ذاكرة له، يصعب عليه ان يتلمس ملامح هويته. إذن فالذاكرة من خلال إخفاقاتها ونجاحاتها وتضحياتها ومنجزاتها تصنع هوية الانتماء. الحركات المنقطعة عن الذاكرة التي لا ذاكرة لها هي حركات لا وجود لها . فالاتحاد له ذاكرة متجذرة في تربة المجتمع المغربي، وهي التي تصنع هويته، ولذلك توجب أن نتوقف عندها لأنها هوية متحركة.
ثم انتقل ليتحدث عما أسماه: «خمس حقائق في ذاكرة الاتحاد»:أولاها تتعلق بالتأسيس.و الكل يعرف ان الاتحاد الاشتراكي تأسس في مخاض عسير والانفصال من الحزب الأصلي، حزب الاستقلال، ثم إنشاء الجامعات الشعبية التي ستتحول إلى حزب القوات الشعبية. هذه العملية التأسيسية هي جدلية للتأسيس والاستمرارية. وفصل كثيرا في هذه الحقيقة، حيث ذكر أنه عكس الحركات الاشتراكية والشعبية في الوطن العربي، وحتى في امريكا اللاتينية وآسيا ،كان قادتها في المسؤولية. الاتحادالاشتراكي، بقي في المعارضة ومناضلوه في السجون والمعتقلات والمنافي باستثناء سنة ونصف من حكومة عبد لله ابراهيم ، لكن الاتحاد الاشتراكي عندما تأسس بقادته الكبار، كانوا يبنون للشعب المغربي منتوجا كاد يكون مفقودا في العالم العربي، وهو حزب معارض.. الاتحاد الاشتراكي منح للمغرب تنظيما أصيلا للتعبير السياسي..
وقال بنعبد القادر إن كل الأحزاب التي تأسست في نهاية الخمسينيات مع الاتحاد اختفت من الوجود والبعض تحول إلى شيء آخر غير الحزب السياسي.. وبعد ان اشار الى العديد من الاحزاب الاشتراكية في الوطن العربي وغيره اندثرت، أكد أن الاتحاد الاشتراكي حقق معجزة الاستمرارية.
وثاني الحقائق، التي توقف عندها محمد بن عبد القادر هي المشاركة والمعارضة، ذكّر فيها بقولة للزعيم الاشتراكي الاسباني « إن الحكم ينهك. والمعارضة تنهك أكثر» لذلك فالفكر الديمقراطي، يؤكد على التناوب باستمرار..
وتوقف المتحدث عندما أسماه بالحقيقة الثالثة في الذاكرة الاتحادية، وهي جدلية الوطنية والاشتراكية. والذاكرة الاتحادية، يقول بن عبد القادر، تحمل في طياتها العديد من المؤشرات و الحجج الدامغة على أن الاتحاد حزب وطني أصيل بمشروع تقدمي، و هذا البعد الوطني بكل حمولاته يظهر في تعزيز الاستقرار و تقوية المؤسسات ومراعاة المصلحة العليا للبلد، مذكرا في هذا الصدد بما قام به عبد الرحيم بوعبيد في الدفاع عن ملف الوحدة الترابية.
وقال بن عبد القادر إن قادة الاتحاد لم يجتمعوا في أدغال قصية كثوار كما حصل في كوبا أو الفتنام، فعبد الله إبراهيم كان رئيس حكومة وعبد الرحيم بوعبيد كان نائبه ووزير الاقتصاد والمالية، بمعنى أن هذا الاتحاد الذي بقي أربعين سنة، كان قادته رجال دولة و رجال مؤسسات ، و هي حقيقة لا يمكن إنكارها.
و أكد عضو المكتب السياسي أن الاتحاد لم يساوم أو يقايض أبدا في القضايا الوطنية، مشددا على الأداء الدبلوماسي لقادة الاتحاد في الترافع عن القضايا العادلة للشعوب و في مقدمتهم الشهيد المهدي بن بركة و دوره التاريخي في مؤتمر القارات الثلاث، حيث كان في واجهة العلاقات الخارجية للحزب الوحدة الترابية و المصلحة العليا للوطن. و استحضر في هذا السياق الكثير من المحطات الدولية التي تمكن فيها الاتحاديون من عرقلة مقررات مضادة للوحدة الترابية.
والحقيقة الرابعة، التي توقف عندها محمد بن عبد القادر، تمثلت فيما أسماه «جدلية الإنصاف والمصالحة»، حيث إن الاتحاديين بقدرما كانوا ضحايا للقمع الممنهج الذي سلط عليهم، ساهموا في طي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، و في إنجاح تجربة الإنصاف و المصالحة. يقول في هذا الصدد « لقد كان الانتماء للاتحاد الوطني و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التزاما و تضحية بكل معانيها النضالية والاستشهادية، ومن يطلع على أرشيف هيئة الإنصاف و المصالحة، يتأكد أن السواد الأعظم من ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، هم من الاتحاديين. و عندما اطلع جلالة الملك محمد السادس على مضمون التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الذي رفعه إليه المرحوم إدريس بن زكري في نونبر 2005، اتخذ جلالته قرارا شجاعا يقضي بإطلاع الرأي العام بهذا التقرير. وبهذا الأخير، كان هناك إقرار لمسؤولية الدولة عن الانتهاكات، وكان هناك اعتبار للضحايا وصرف تعويضات لهم، وكان هناك جبر للضرر الجماعي والفردي، و كانت هناك صيانة للذاكرة الوطنية، وكان هناك تحقيق لمصالحة الاجتماعية.
وفي هذا السياق كان هناك من يشكك في هذه التجربة و يعتبرها مغامرة لن يتم التحكم فيها، فمن وفر إذن الضمانة الأساسية لنجاح تجربة الإنصاف و المصالحة؟ إنها حكومة التناوب. حيث إن السقف السياسي لنجاح هذه التجربة الإنصاف والمصالحة، هو سقف التناوب التوافقي، الذي منح الاستقرار والثقة المؤهلة لنضج تجربة المصالحة. و هذا يعني أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، انخرط في جدلية الإنصاف ورد الاعتبار للضحايا، مثلما اخرط في إنجاح المصالحة بدون حقد أو كراهية أو ثأر أو تقليب للمواجع.».

ميثاق حسن التدبير
أما الحقيقة الخامسة، التي استحضرها بن عبد القادر في كلمته، فهي جدلية التناوب و التوافق. و قال في هذا الصدد « إن ذاكرة الاتحاد ليست فقط ذاكرة الزنازن و المنافي، و أن 60 سنة من تاريخ الاتحاد موسومة فقط بالقمع والرصاص و المظلومية، ولكن أيضا منجزات و مكاسب حققها الاتحاد الاشتراكي للشعب المغربي من أجل تقدمه و ازدهاره ووحدته الترابية.. فالتاريخ يذكرنا بأنه، في حكومة عبد لله إبراهيم- و هي فترة وجيزة لا تتجاوز سنة و نصف- ساهم الاتحاد وساهم عبد الرحيم بوعبيد كنائب لرئيس الحكومة وزير الاقتصاد والمالية في تحرير الاقتصاد الوطني من الهيمنة الفرنسية بالانفصال عن الفرنك الفرنسي و تأسيس الدرهم كعملة وطنية ، و ساهم في تأسيس بنك مركزي مغربي ومباشرة مخطط واسع للإصلاح الزراعي، و إنشاء معمل للحديد و الصلب، و إنشاء محطة لتكرير النفط بالمحمدية (لاسامير) و المركب الكيماوي بآسفي و إنشاء صندوق الإيداع و التدبير و البنك الوطني للاستثمار و وضع الإرهاصات الأساسية التي لو استمرت تلك الحكومة لشكلت أول نموذج تنموي للمملكة المغربية. والاتحاد إضافة إلى التضحيات و الدماء، ساهم أيضا في التأسيس لتجربة فريدة في العالم العربي، و هي تجربة التناوب التوافقي كتجربة متميزة لضمان انتقال سلس للسلطة، حيث حصل تفاهم عز نظيره في العالم العربي، و هي تجربة مهمة حققت الاستقرار لبلادنا و الاستقرار المؤسساتي و التماسك الاجتماعي. فحكومة التناوب التي قادها الاتحاد هي التي هيأت الأرضية للحكامة الجيدة التي أصبحت مؤطرة بأربعة فصول للدستور.» و قال في هذا الصدد « لا ننسى هنا أن حكومة عبد الرحمان اليوسفي، أصدرت سنة واحدة بعد تشكيلها، ميثاق حسن التدبير الذي كان أول خطوة للحديث عن الفساد في المرفق العام لتخليقه، كما أنها الحكومة التي أصدرت قانون الصفقات العمومية وقانون تبييض الأموال إلى غيرها من القوانين.. و في ظل حكومة التناوب أيضا، تم تنصيب الهيئة المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري و الاعتقال التعسفي و تصفية الوضعية المالية و الإدارية للمطرودين والموقوفين لأسباب سياسية و نقابية من موظفي الدولة. و في ظل حكومة التناوب، تم تدشين ورش ضخم هو إصلاح منظومة التربية و التكوين، و أطلقت مشاريع النهوض بتنمية العالم القروي، وفي ظل حكومة التناوب الاتحادية، تم تقليص المديونية الخارجية من 19.2 مليار دولار سنة 1998 إلى 14.1 مليار دولار سنة 2002. وفي ظل حكومة عبد الرحمان اليوسفي، تم الحفاظ على معدل التضخم في نسبة 2 بالمِئة، و تقليص المعدل الوطني للبطالة من 14.5 سنة 1999 إلى 10.5 سنة 2002، وارتفعت ميزانية الدولة المخصصة للقطاعات الاجتماعية من 41 إلى 48 بالمِئة، و ارتفعت نسبة ربط القرى بشبكة الكهرباء من 27 بالمِئة سنة 1999 إلى 50 بالمِئة، و كذلك بالنسبة إلى تزويد سكان القرى بالماء الصالح للشرب التي انتقلت من 32 إلى 50 بالمِئة. و الأرقام بالغة الفصاحة تدل على أن الاتحاد أيضا حزب الإنجازات.» و قال بن عبد القادر « لقد أهدينا لهذا الشعب حزبا معارضا أصيلا قويا وطنيا متطورا، لكننا قدمنا أيضا إنجازات مهمة لا ينبغي أن ننساها، و يجب أن نعتز بها.»
وختم حديثه بالتوقف عند جدلية المصالحة التي يعيش ديناميتها الحزب، موضحا أبعادها قائلا « المصالحة لا تعني أن نتصالح مع بعضنا البعض كأفراد، و إنما تعني أن نتصالح كلنا مع الذات الاتحادية، و أن نكف عن جلد الذات و تبخيس أنفسنا. بمعنى أن المصالحة في عمقها هي مصالحة مع الذات، و استرجاع الثقة في النفس من أجل انبعاث أقوى. ويتطلب ذلك الكثير من الابتكار و الجهد و الإبداع، على غرار ما فعله آباؤنا المؤسسون.»
من جهته قال الاستاذ محمد الخصاصي عضو لجنة الاخلاقيات بالحزب أن هذا اللقاء يكتسي أهمية سياسية لا تخفى على أحد ورمزية نضالية لما تحظى به مدينة مراكش التاريخية الشامخة من قصب السبق النضالي والكفاحي والوطني في كل المحطات النضالية الوطنية الحاسمة، متحدثا عن تجربة الحزب الممتدة لستين سنة، مذكرا بأن مدينة مراكش كانت سباقة في خوض الكفاح الوطني بقيادة نخبة وطنية مناضلة واجهت القوى الاستعمارية الغاشمة في شقيها الاجنبي الفرنسي، ولكن ايضا الاقطاعي خلال سنوات 1930/1953،كما كانت مدينة مراكش منبتا خصبا لحركة المقاومة المسلحة، قامت بواجبها الوطني التحريري عقب إقدام النظام الاستعماري على نفي بطل التحرير محمد الخامس،موجها بهذه المناسبة ذات الرمزية الكبرى، تحية تقدير واعتزاز إلى أحد رموز المقاومة بمراكش وما أكثر رموز المقاومة بمراكش، ألا وهو المقاوم مولاي عبد السلام الجبلي باركالله في عمره..
إن الاحتفال بالذكرى الستين لميلاد الاتحاد الوطني /الاتحاد الاشتراكي لينطوي على  دلالة سياسية ورمزية نضالية بالنسبة للاتحاديين والاتحاديات كافة مهما تفرقت بهم سبل الاجتهاد، سبل الاختلاف في معارك النضال المشترك، كما تترجم هذه الذكرى إرادة سياسية قوية مشتركة تنشد إطلاق دينامية اتحادية متجددة ، دينامية الانبعاث والانفتاح والتكيف مع متطلبات العصر ،
مضيفا ويضيف أن الدلالة النضالية الراسخة بمبادرة الذكرى الستين لميلاد الاتحاد الاشتراكي، تنصب على الترابط الجدلي بين ذكرى ميلاد الاتحاد وذاكرة نضاله خلال مدة طويلة تكاد تتجاوز ستة عقود. فقد كان حدث التحام  الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال في يناير 1959 حيث تم تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان إيذانا قويا بالتحام القوى الشعبية في مشروع مجتمعي حداثي تقدمي يتجاوب ومتطلبات المرحلة الجديدة التي اقتحمها المغرب، مرحلة بناء صرح الاستقلال، وبناء مقومات التنمية، على نهج وطني متناغم مع متطلبات الحداثة، وشروط التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وقد زخر سجل الذاكرة الكفاحية للاتحاد الاشتراكي على مدار المرحلة التأسيسية 1959/1963 ، بالكثير من المآثر والملاحم النضالية.
وفي هذا الصدد، فقد شكلت تجربة الحكومة التقدمية برئاسة الراحل مولاي عبد لله ابراهيم وعضوية نائبه الراحل عبد الرحيم بوعبيد على  رأس وزارة الاقتصاد رحمهما لله فصلا حافلا بشتى الانجازات التأسيسية، الاقتصادية والاجتماعية، مما مكن المغرب من تعزيز استقلاله السياسي بتحرير اقتصاده الوطني وماليته من التبعية لمراكز الدولة المستعمرة من جهة، مثلما مكنه من اتباع استراتجية التنمية الوطنية المستقلة، عبر اصلاحات هيكلية مؤسساتية ومالية وفلاحية وتربوية وغيرها،اصلاحات واعدة من جهة أخرى،كما حفَل هذا المسار النضالي للاتحاد الاشتراكي بلحظات لامعة من الصمود والتضحيات التي تحملها الاتحاديون في المرحلة اللاحقة، مابين 1963 /1974 ، دفاعا عن مبادىء الديمقراطية والعدالة الحقوقية ، وعرف أيضا في هذه المرحلة تصدعات في شروط مرحلة ما بعد يوليوز  1963  من جهة، وما ألم بالوضع الوطني من متغيرات سياسية، وتطورات جيوسياسية، في مقدمها معركة تحرير الصحراء المغربية، من جهة أخرى لم يتوان الحزب عن اقتحام محطة جديدة في مسيرته النضالية، محطة إعادة التأسيس  في يناير 1975 تجاوبا مع متطلبات المرحلة التاريخية الجديدة في سياق استراتجية النضال الديمقراطي، كما اقرها المؤتمر الوطني الاستثنائي .
الصمود والتضحيات
وقد حفل سجل  الذاكرة النضالية للاتحاد الاشتراكي في هذه المرحلة الدقيقة بملاحم النضال الوطني من اجل الوحدة الترابية ولكن في نفس الوقت من اجل اصلاح دستوري وتقويم المسلسل الديمقراطي، وفي سبيل تحقيق هذه الاهداف الوطنية الحيوية المترجمة للمبادئ والقيم المؤطرة لنضال الاتحاد الاشتراكي، لم يتوان في تحمل مسؤوليته النضالية كاملة غير منقوصة سواء داخل الاجهزة الحكومية أو خارجها  خاصة في ظل العهد الجديد والواعد تحت قيادة الملك محمد السادس،
كما يترجم الاحتفاء بالذكرى الستين إرادة سياسية قوية تروم العمل بعزم ونكران الذات على إطلاق دينامية انبعاثية من جديد، انا أسميها اذا توافرت شروط نجاحها بأنها محطة الانبعاث الثالث. الانبعاث الاول سنة 1959 الانبعاث الثاني إعادة التأسيس سنة 1975 واليوم يجب ان نعي هذه الظرفية الدقيقة فنحن على ابواب انبعاث جديد، وتترجم المحطة الجديدة التي يقتحمها الاتحاد الاشتراكي، وهي محطة الانبعاث والانفتاح، تترجم حقيقة التفاعل البناء بين التوجه النضالي للاتحاد الاشتراكي ومتطلبات النهوض بالواقع السياسي والاجتماعي الوطني .
وفي هذا الإطار، تندرج المبادرة الهامة التي أطلقها منذ أسابيع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأخ إدريس لشكر وهي مبادرة الدعوة الى تحقيق مصالحة رشيدة شاملة وبناءة تستلهم  روح وقيم السجل النضالي للاتحاد من جهة وتستشرف أفق التحول السياسي المنشود في مغرب الديمقراطية والتنمية والحداثة والتقدم، ومن ثم فإن واجب الوفاء والالتزام والامتثال للمبادىء السامية والقيم النبيلة التي والاتحاديات الى الاعتصام بحبل التآلف والتلاحم على قاعدة نفس المبادئ والقيم التي جعلت من حزبهم أنموذجا فذا بالوفاء والالتزام بقضايا الشعب والبلاد مهما كلفه ذلك من تضحيات ونكران الذات.. أسست لميلاد الاتحاد الوطني/ الاتحاد الاشتراكي، وأطرت مساره السياسي وميزت خطه النضالي في مختلف المحطات من واجب الوفاء لتلك المبادئ والقيم ان يعود الاتحاديون.
مصالحة رشيدة
وغني عن البيان ان مهمة إنجاز مصالحة اتحادية رشيدة تقوم على طي صفحة الاختلافات التي اصبحت اليوم في ذمة التاريخ، وكسر الحواجز النفسية التي حالت دون إعادة الارتباط لعدد من أطر ومناضلي ومناضلات الاتحاد الاشتراكي وهم كثر إعادة الارتباط بحزبهم وانخراطهم مجددا في ساحة مسيرته، أجل تنطلق المبادرة التصالحية الرشيدة هذه في إطار مهمة أوسع وأعظم تقوم على تأسيس دينامية الانفتاح والاستدماج  لكافة الفعاليات الحية في المجتمع، من اطر ومثقفين ومفكرين وشباب ونساء والحركات الاجتماعية عمالية
إن بلادنا في ظل العهد الجديد في حاجة ماسة الى إرساء قطب سياسي جماهيري تقدمي اشتراكي يؤمن التجاوب الفعال مع الحاجات الأساسية والترقبات المشروعة للشعب المغربي ويفتح افقا جديدة لمواصلة مسيرة التغيير.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي نشأ وترعرع في حمأة النضال من أجل ترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإنجاز التنمية الشاملة وتعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات،  ليشدد التأكيد اليوم من جديد على إرادته قيادة وقاعدة وجماهير على تقوية جسور التواصل وتعزيز دينامية التفاعل مع القوى الشعبية الحية بالبلاد التي يجمعها مع الحزب ميثاق النضال في سبيل الرقي بالبلاد الى اسمى درجات التقدم.
وقال محمد الخصاصي إن الاحتفال بالذكرى الستين لميلاد الاتحاد الوطني /الاتحاد الاشتراكي لينطوي على  دلالة سياسية ورمزية نضالية بالنسبة للاتحاديين والاتحاديات كافة مهما تفرقت بهم سبل الاجتهاد، سبل الاختلاف في معارك النضال المشترك كما تترجم هذه الذكرى ارادة سياسية قوية مشتركة تنشد اطلاق دينامية اتحادية متجددة ، دينامية الانبعاث والانفتاح والتكيف مع متطلبات العصر.
ويضيف محمد الخصاصي أن الدلالة النضالية الراسخة بمبادرة الذكرى الستين لميلاد الاتحاد الاشتراكي  تنصب على الترابط الجدلي بين ذكرى ميلاد الاتحاد وذاكرة نضاله خلال مدة طويلة تكاد تتجاوز ستة عقود، فقد كان حدث التحام  الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال في يناير 1959 تم تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان إيذانا قويا بالتحام القوى الشعبية في مشروع مجتمعي حداثي تقدمي يتجاوب ومتطلبات المرحلة الجديدة التي اقتحمها المغرب، مرحلة بناء صرح الاستقلال، وبناء مقومات التنمية، على نهج وطني متناغم مع متطلبات الحداثة، وشروط التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار الخصاصي إلى أن سجل الذاكرة الكفاحية للاتحاد الاشتراكي على مدار المرحلة التأسيسية 1959/1963، زاخر بالكثير من المآثر والملاحم النضالية، وفي هذا الصدد فقد شكلت تجربة الحكومة التقدمية برئاسة الراحل مولاي عبد لله ابراهيم وعضوية نائبه الراحل عبد الرحيم بوعبيد على  رأس وزارة الاقتصاد رحمهما لله فصلا حافلا بشتى الانجازات التأسيسية، الاقتصادية والاجتماعي، مؤكدا  أن بلادنا في ظل العهد الجديد في حاجة ماسة الى إرساء قطب سياسي جماهيري تقدمي اشتراكي يؤمن التجاوب الفعال مع الحاجات الأساسية والترقبات المشروعة للشعب المغربي ويفتح افقا جديدة لمواصلة مسيرة التغيير، وختم كلمته قائلا:
«إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي نشأ وترعرع في حمأة النضال من أجل ترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإنجاز التنمية الشاملة وتعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات،  ليشدد التأكيد اليوم من جديد على إرادته قيادة وقاعدة وجماهير على تقوية جسور التواصل وتعزيز دينامية التفاعل مع القوى الشعبية الحية بالبلاد التي يجمعها مع الحزب ميثاق النضال في سبيل الرقي بالبلاد إلى أسمى درجات التقدم، وإنها لعمري لمسؤولية جسيمة ومهمة نبيلة تسائل كافة الاتحاديين والاتحاديات وذلك من أجل رهان التقدم والحداثة والعدالة وتقوية جسور العبور الى إنجاز هذه الأهداف الإستراتيجية المثلى في مغرب الحاضر والمستقبل.»
اللقاء كان مناسبة ايضا للشعر حيث جادت قريحة المناضل عبد السلام الرجواني بقصيدة شعرية مهداة الى روح عريس الشهداء المهدي بن بركة.
وقد توج  الحفل النضالي بتكريم عدد من المناضلات والمناضلين الاتحادين من ابناء مراكش.. تكريم استحضر فيه الجميع نساء ورجال الاتحاد ممن ابلوا البلاء الحسن في النضال وهم الأستاذ النقيب ادريس ابو الفضل والمقاومة زينب عليوان الاستاذ محمد الخصاصي، الاستاذ محمد المهدي الدرقاوي، الفقيد احمد صبري، الراحل محمد الحبيب الفرقاني، الاستاذة مليكة زنبوع، الاستاذة نعيمة بنمشيش،   الاستاذ مصطفى الرافعي، الاستاذة العباسة قراط، الاستاذ عبد الحق عندليب ، الاستاذة سعيدة الوادي.


الكاتب : مكتب مراكش: محمد المبارك البومسهولي / عبد الصمد الكباص / تصوير: اسماعيل رمزي

  

بتاريخ : 23/10/2019