التشكيلي المغربي عبد الكبير ربيع يعرض «آخرنفسه»

بعد سبع عقود من الاشتغال الفني الصارم والمتواصل، يقيم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكبير ربيع معرضه الاستعادي «آخر نفسه»؛ إذ يعد ربيع من رواد الفن التشكيلي المغربي الحديث، مشتغلا على أعمال تتردد بين النزعتين التشخصية والتجريدية، دونما أن يُفاضل بينهما. في هذا المعرض الجديد يستحضر هذا الفنان الكبير مجمل أعماله منذ البدء وصولا إلى اليوم. وذلك في الفترة الممتدة بين الخميس 14 نونبر 2019 إلى متم هذه السنة الجارية. وذلك بقاعة العرض ARTORIUM (أرتوريوم) بالدار البيضاء (الوزيس) تحت إشراف «H2/61.26».

يقترح عبد الكبير ربيع في معرضه هذا، على المتلقين لمحة استعادية لمجمل أعماله التشكيلية، التي تتردد بين السجليين: التشخيصية والتجريدية، وذلك على امتداد سبعة عقود من الاشتغال الدؤوب في المشهد البصري المغربي. إذ يؤكد الباحث والفنان محمد رشدي، مفوض المعرض، على أنه «يعدّ عبد الكبير ربيع واحدا من الفنانين العصاميين القلائل الذين استطاعوا بشكل مذهل، التعالي عن واقع كونهم لم يستفيدوا من أي تعليم فني مؤسساتي. مدفوعا، منذ ريعان شبابه، بفضوله الحماسي، وقدرته القوية على ربط علاقات ودية وصلبة قائمة على الاحترام والثقة، فقد دفع نفسه إلى الاهتمام بالفن وتقنياته وتاريخه ونظرياته. كما قد بدأ مبكرا بمصاحبة الفنانين، بدءاً بالفنانين المستشرقين الذين استقروا في المغارب، وخاصة في مدينة فاس، إذ بمقربة منهم تمكن من أن يصوغ مهارة تقنية جيدة في الصباغة التشخيصية، وبفضل لقائه ببرنارد دوريفال Bernard Dorival، وفنانين من مدرسة باريس، سيتمكن معهم هذا الفنان من إدراك واستيعاب عن قرب الصباغة الحركاتية gestuelle والصباغة التجريدية الموصوفة بالغنائية».
تحمل أعمال عبد الكبير ربيع بعدا روحانيا وصوفيا، يجعل منها أعمالا تسمو بالمشاهد وهو يراقب تزاوج الأبيض بالأسود، الظل بالضوء، في تماه باهر. فهذا الفنان الذي وُلِدَ في 24 أكتوبر 1944 في مدينة بولمان (المغرب). قد ترعرع في كنف أسرة دافئة وودية، تتميز بالحنين إلى أسلاف صالحة أصلها متأصل في مدينة تافيلالت، وهي منطقة تاريخية تقع في الجنوب الشرقي للمغرب. قضى طفولته وسنوات المراهقة في بيئة جبلية، بين أشجار الصنوبر والبلوط المنتشرة على مرتفعات جبال الأطلس المتوسط، شديدة الانحدار. ما أكسبه روحا صوفية تكتسي بصمت مهيب، يحوله عبر حركية وتفاعل ماهر مع اللون إلى أعمال فنية زاخرة بالحياة. يتحدث الباحث الجمالي ميشيل غيران في ذات السياق عن أعمال ربيع، قائلا أنه «لا يوجد شيء أكثر ضيقا يمنعه من التحرك في فضاء مكبر وسام، حيث يتكيف الظلام مع الضوء الذي يستدعيه. الصباغة هي إذن (…)، دائما ما يبدأ في وحدته المتعددة (…)». ويضيف الناقد الفني جاك لاكان في نصه الصادر في المؤلف الضخم، «عبد الكبير ربيع… المنجز في مطلقه»، أننا «نلاحظ الخطوة الحاسمة التي اتخذها للتو عبد الكبير ربيع. من خلال المحو، قام المبدع بتحويل نفسه إلى «مدمر» للعمل المنتج على ثلاث مراحل. المطلي أولا بالأبيض، ومصبوغ من ثمة بالأسود، مغطى بطبقة العتمة التي سيتم إلغاؤها تدريجيا. كل ذلك لغرض واحد ألا وهو توفير الأبيض الذي تم حجبه، ولو جزئيا، حتى رفعه إلى المرئي .
لهذا لم يتوان الناقد مصطفى شباك أن يكتب عن أعمال ربيع، قائلا: «إن انطلقنا من حقيقة أن التجريد لا يمكن أن يكون هدفا لتصوير الإلهي كما هو، لكن ببساطة هو محاولة للإثارة في المتلقي دافعا أو وجهة نظر جمالية من خلالها يمكن للبعد الروحي أن يتم تحسسه وتلمسه، حيث من الممكن ومن السهل عندئذ التأكد أن المرئي، سواء مشخصا أو مجردا، يمكنه أن يقود إلى بلوغ اللامرئي، وما يقود إلى تجربة أو حلول المتعالي».
استطاع عبد الكبير ربيع باشتغاله الدؤوب وبحثه المستمر غير المنقطع بين السجلين الفنيين: التشخيصية والتجريدية، أن يكون مسارا متفردا داخل الحقل البصري والتشكيلي المغربي، جاعلا من اسمه علامة فارقة في تاريخ التشكيل المغربي.


الكاتب : خاص

  

بتاريخ : 16/11/2019

أخبار مرتبطة

743 عارضا يقدمون أكثر من 100 ألف كتاب و3 ملايين نسخة 56 في المائة من الإصدارات برسم 2023/2024   أكد

تحت شعار «الكتابة والزمن» افتتحت مساء الأربعاء 17 أبريل 2024، فعاليات الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب «آداب مغاربية» الذي تنظمه

الأستاذ الدكتور يوسف تيبس من مواليد فاس. أستاذ المنطق والفلسفة المعاصرة بشعبة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز ورئيسا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *