التصوير خلسة والمساءلة القانونية

باتت النساء، على وجه التحديد، عرضة لانتهاك خصوصياتهن، ليس باقتحام خلوتهن في مكان خاص، بل نتيجة للتربًّص بهن في عدد من المرافق العمومية، كما هو الحال بالنسبة لبعض قاعات الأفراح والحفلات وبحمّامات، بعدما عمد بعض الذين لاضمير لهم، من المتلصّصين على نصب كاميرات، ظاهرة ومستترة، بشكل سرّي، ودون إشعار العموم بذلك، لتوثيق لحظات خاصة، تصبح فيما بعد حديث «الواتساب»، التي تنتشر كما النار في الهشيم مخلّفة وراءها الرماد والسواد؟
وضعية يوثقها شريط فيديو لسيدة وهي تقضي حاجتها الطبيعية داخل مرحاض بأحد المرافق العمومية، إذ أن خبيثا من الخبثاء، أصرّ على أن ينقل تلك التفاصيل في مشهد مرضي، وأن يعممها على الخاص والعام، وهو ماخلق حالة من الاستهجان نتيجة التطاول على حرمات، بنزعة كبت عابرة، سيكون لها مابعدها!
حالة هي ليست الوحيدة أو الاستثنائية، إذ تكفي جولة بسيطة للوقوف على الكمّ الكبير المنتشر من الكاميرات، بعدد من الفضاءات العمومية، بعضها يحترم المساطر المعمول بها، وتم نصبها مساهمة في تعزيز الأمن وللمساهمة في تحديد هويات المجرمين في حال وقوع حادث جرمي، وهو ماكانت مصالح وزارة الداخلية قد دعت إليه وشجّعت عليه في وقت سابق، لمواجهة الجريمة، لكن البعض الآخر تم إخفاؤه عن سبق إصرار وترصد، دون تنبيه لعامة المواطنين، حتى في مرافق خاصة، كما هو الحال بالنسبة لدورات المياه والحمامات، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام بشأن الإطار القانوني المنظم لهذه العملية، والجزاءات المترتّبة عن هذا السلوك، خاصة وأن ظاهرة التصوير باتت تفرض نفسها على يوميات المواطنين، إذ لايجد عدد من الأشخاص حرجا في توثيق حياة المواطنين الخاصة في الشارع العام، بالمقاهي، والمطاعم، وبالشواطئ وغيرها، بل إن بعضهم يعتمد على تقنيات متطورة في هذا الباب من خلال كاميرات على ساعات يدوية وأقلام حبر ونظارات، وحاملات مفاتيح السيارات وغيرها، في انتهاك لخصوصيات الغير، بل وفي تحدّ سافر يروم التشهير بهم أو ابتزازهم في حالات أخرى؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/02/2018