“التكوين المهني” ضمن المشروع الإطار

أوصــت «الرؤيــة الاستراتيجية « بإحــداث تغييــرات بنيويــة فــي قاعــدة الهيكلــة الحاليــة للأسلاك والأطوار التعليميــة بغايــة خلــق ســيرورات منســجمة داخلهــا، عبــر تعزيــز الوظيفــة التخصصية والتأهيلية للتعليم الثانوي في إطارالإعداد والتوجيـه نحـو متابعـة الدراسـة بالتعليـم العالـي أو بالتكوينـات المهنيـة المؤهلـة، وإرسـاء نظـام لمعادلـة الشــهادات المهنيــة واعتمــاد البكالوريــا المهنيــة.
يفـرض تحقيـق هـذا التحـول الهيكلـي فـي المنظومـة، مواجهــةَ التشــتت الــذي يعرفــه حاليــا مجــال التكويــن، وضعــف تناســقه مــع التعليــم المدرســي والعالــي، بحيــث تتداخــل وتتنافــس التكوينــات وتتضــارب مســتوياتها حســب المتدخليــن المتمثليــن، بالإضافة إلــى المكونــات التابعــة لــوزارة التربيــة الوطنيــة ومكتــب التكويـن المهنـي مـن مؤسسـات منتميـة لعـدة وزارات « السـياحة، الفلاحة، الصيـد البحـري، الصناعـة التقليديـة،المعــادن، والداخليــة «، وفدراليــات وجمعيــات مهنيــة، ومقاولات عموميــة، وهيئــات التعــاون والتضامــن الاجتماعي، فضلا عــن مؤسســات التكويــن الخــاص.
والحــال أن هــذا المجــال لا يعــرف أي إطــار تنســيقي وتأطيــري مفَعــل، ويفتقــر لخارطــة وطنيــة شــاملة للتكوينــات، باعتبارهــا الموجــه لملاءمة العــرض مــع الطلـب، باسـتثناء المسـتندات التوثيقيـة الخاصـة بمكتب التكويــن المهنــي.
مقابــل هــذا الوضــع، يســتنبط مــن المــواد 5 و6 و19الــواردة فــي المشــروع أن الإقدام علــى إدراج التكويــن المهنـي فـي أسلاك التعليـم علـى مسـتوى الإعدادي والتأهيلــي، وكــذا وضــع الجســور والمعادلات مــع التعليــم العالــي، ســيكرس الازدواجية الراهنــة مــع النظـام المعمـول بـه فـي إطار مكتـب التكوين المهني،
والتنافـر الواضـح مـع باقـي الفاعليـن فـي القطـاع، مـع مـا يترتـب عـن ذلـك مـن تضـارب فـي الخطـط وتشـتت فــي المناهــج وارتبــاك فــي العلاقــات مــع النســيج الاقتصادي، سـواء بالنسـبة للتكويـن بالتنـاوب أو للتدرج أو لاستيعاب المتدربيــن، أو لملاءمة التكوينــات مــع الحاجيــات، وتوفيــر ظــروف التكويــن المســتمر للأجراء باعتبـاره حقـا واردا فـي مدونـة الشـغل، والتكويـن مـدى الحيــاة بالنســبة لغيــر الأجراء.
إن اكتفــاء المشــروع بعــرض بعــض الأسس المقترحــة فـي «الرؤيـة» دون مقاربـة الموضـوع بالشـمولية اللازمة والاستعجال المفـروض والحسـم الضـروري، لا يسـمح
بالإرتقاء بالتكويـن المهنـي إلـى المكانـة التـي تبوؤهـا إيــاه «الرؤيــة»، باعتبــاره رافعــة للتأهيــل والتعلــم ضمــن التعليــم المدرســي النظامــي، تســتوجب التكافــؤ مــع باقــي مكوناتــه، والحافزيــة للاستقطاب، والاجتهاد،والابتكار، والربـط بفـرص العمـل وبحاجيـات الاقتصاد، حتــى يصبــح فعــلا مســلكا للارتقاء الفــردي، وأداة لتطويــر المــوارد والمؤهلات البشــرية.
لهــذه الأسباب، يبــدو مــن الضــروري الوصــول إلــى حلـول عمليـة لتحقيـق مرامـي «الرؤيـة الاستراتيجية» فـي هـذا المجـال، وتضميــن المشــروع التزامــات واضحــة عبــر مراحــل وآجـال محـددة، تضمـن فعليـا سلامة توجيـه الوافديـن علــى التكويــن المهنــي، والانسجام بيــن المناهــج والممــرات، وتجســير العلاقات، ودعــم الروابــط مــع النســيج الاقتصادي علــى مســتوى الجهــات، خصوصــا أن القانـون التنظيمـي المتعلـق بهـا، يمنحهـا صلاحيات واســعة فــي هــذا المجــال.


بتاريخ : 13/09/2018