التوقيت المدرسي الجديد يربك الاسر و يخلق حالة الاستنفار .. تواتر المذكرات الوزارية، اجتماعات الولاة والعمال ،احتجاج النقابات، حيرة المغاربة

 
يبدو أن التوقيت المدرسي الجديد سيجر المدرسة المغربية لحالة من الارتباك تنضاف إلى كمية المشاكل التي تتخبط فيها ،فعوض الخوض في القضايا الشائكة التي تؤرق المنظومة التعليمية وتدارس موجبات النهوض بها ، والشروع في فتح حوارات وطنية حول مشروع القانون الاطار المعروض امام البرلمان للمصادقة عليه ،والذي كان قد بدأ الاشتغال عليه في مجموعة من الجهات بتنظيم ندوات وفتح حوار وطني حقيقي لتدارس نواقصه وايجابياته قبل المصادقة عليه .نجد انفسنا اليوم أمام جدل صاخب حول التوقيت المدرسي الجديد ،وكأنه شيئ لنا أن نعود دوما لدرجة الصفر لترتيب أولوياتنا . أم أنه يتم إلهاؤنا دوما عن القضايا الكبرى بقضايا كان من الممكن جدا الوصول الى إيجاد حل لها لو تم التعامل مع الموضوع بالشفافية اللازمة والتأني الضروري في مثل هذه الحالات الطارئة واعتماد المقاربة التشاركية في طرحه على المواطنين وإشراكهم في ايجاد الحلول.لكن أسلوب الامر الواقع قد لايصيب في كثير من الاحيان ،خصوصا عندما يتعلق الامر بنظام وسير الحياة اليومية التي يدبرها المغاربة بصعوبة شديدة.
العطلة المدرسية الخريفية التي كان من المفروض ان يستريح فيها التلاميذ والأسر أيضا ، شكلت مرحلة تطلع وترقب وتخوف ،غذاه الالتباس الناجم عن تواتر المذكرات الوزارية التي مافتئت تطالعنا كل يوم بمذكرة جديدة في غياب توضيح وتفسير للأسر المغربية التي تعيش حالة من الرعب النفسي حول كيفية التوفيق بين التحاق ابنائها بالمدارس والتحاقهم بمقرات عملهم في زمنين مختلفين؟وكيف سيتم تدبير فترات الظهيرة التي لاتتلاءم وطبيعة عملهم؟ وكيف سيتم تدبير ساعات خروجهم من العمل التي لا تتوافق مع ساعات خروج ابنائهم من المدارس؟ ألا يشكل هذا ارتباكا وفزعا على مصير الابناء والبنات خصوصا في فصل ممطر ومظلم؟
هذا الارتباك عززته الوزارة المعنية التي أخذت تصدر مذكرة تلو الاخرى، توضح حالة الارتباك التي تشهدها . فبعد ان اعتقد المغاربة ان التوقيت سيبدأ العمل به بعد العطلة المدرسية مباشرة بنقص ساعة من حصة فترة الظهيرة ،ثم بنقص ساعة الخروج من السادسة للخامسة . تطالعنا مذكرة وزارية بتاريخ 2 نونبر2018 بتوقيت مدرسي جديد سيتم العمل به ابتداء من 12 نونبر 2018 وأن الدراسة بعد العطلة المدرسية ستكون عادية الى حدود هذا التاريخ.وأفردت الوزارة تفصيلا زمنيا يحدد الجدول المدرسي الجديد.
حيث ستبدأ الدراسة يوم 12 نونبر 2018 ،من التاسعة صباحا إلى الواحدة بعد الزوال، وفترة مسائية من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى الساعة الخامسة، من الاثنين إلى الجمعة ، أما يوم الأربعاء من الساعة التاسعة إلى الواحدة كصيغة أولى (قاعة لكل استاذ) في السلك الابتدائي بالوسط الحضري.أما الصيغة الثانية (قاعة لكل أستاذين) من يوم الاثنين إلى السبت، فسيدرس خلالها الفوج الأول من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الحادية عشر والنصف ومن الواحدة والنصف إلى الساعة الثالثة والنصف خلال الفترة المسائية؛ أما الفوج الثاني فسيدرس من الساعة الحادية عشر والنصف إلى الساعة الواحدة والنصف خلال الفترة الصباحية والمسائية من الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال إلى الساعة الخامسة والنصف مساء.»وبالنسبة للتعليم الثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي، سيتم الاشتغال وفق إحدى الصيغتين، تهم الأولى اعتماد الفترة الصباحية من الساعة التاسعة إلى الساعة الثانية عشر زوالا والفترة المسائية من الساعة الثانية إلى الساعة السادسة، أما الصيغة الثانية فتشمل الفترة الصباحية من الساعة التاسعة إلى الساعة الواحدة بعد الزوال والفترة المسائية من الساعة الثالثة إلى الساعة السادسة مساء، مع مراعاة مقتضيات المذكرة 43 بتاريخ 22 مارس 2006 في شأن تنظيم الدراسة بالتعليم الثانوي.
التوقيت الجديد يتم العمل به خلال الفترة الشتوية فقط ، فيما ستتم العودة إلى اعتماد التوقيت المدرسي العادي خلال الفترة الربيعية، مع إمكانية تعديل هذه الصيغ بمراعاة خصوصية الوسط (حضري/قروي) والإبقاء على صلاحيات مجالس التدبير بالوسط القروي في اختيار الصيغة الأنسب لتدبير الزمن المدرسي تبعا للخصوصيات المجالية، فضلا عن تكييف التوقيت الخاص بيوم الجمعة تبعا للخصوصيات الجهوية.
وهي المذكرة التي اصدرتها الوزارة عقب سلسلة لقاءات تشاورية عقدها الوزير سعيد أمزازي مع ممثلي الهيئات الممثلة لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، ومع ممثلي النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، و ممثلي رابطة التعليم الخاص بالمغرب والفيدرالية المغربية للتعليم والتكوين الخاص.
وبالرغم من مذكرة وزير التربية الوطنية هاته، مازال الجدل الشعبي حوله هو سيد الحديث اليومي للأسر المغربية وكذا النقابات التعليمية والمهتمين بالشان التعليمي في بلادنا ،حيث أصدر التنسيق الثلاثي للجمعيات الوطنية (الجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب – الجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب – الجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة، تستعرض فيه تأثير المستجد على المنظومة بشكل عام وعلى استقرار الحياة المدرسية بشكل خاص وبعثرة استقرار الأسر والناشئة والمؤسسات المحتضنة بعد الاجهاز على جداول الحصص المعتمدة، مما اغرق المجتمع المدرسي ومحيطه العام في التوتر والاحتقان المفتوح على كل الاحتمالات، وأنها – يقول بيان التنسيقية –» بعد توصلها بتذمر عارم من مختلف الأطر الإدارية عبر التراب الوطني، اذ تعبر عن قلقها الشديد ، تحمل الوزارة الوصية عواقب قراراتها الارتجالية…»
حالات الاحتقان الشعبي هذه، جعلت وزارة الداخلية تدخل على الخط ،حيث وجّهت تعليمات جديدة إلى الولاة والعمال، تحثهم من خلالها على الدعوة لاجتماعات عاجلة مع جمعيات الآباء والتلاميذ بمشاركة مسؤولي وزارة التربية الوطنية، للتشاور في السبل السليمة لتنزيل وأجرأة التوقيت الجديد، والكيفية التي تضمن مرور مرحلة ترسيم الساعة الإضافية التي ستتسم بالديمومة بشكل سلس، بعيدا عن أي مشاكل حقيقية أو مفتعلة، من شأنها خلق أي نوع من أنواع الارتباك خلال عودة التلاميذ إلى فصولهم الدراسية بعد انقضاء العطلة .
وأكد عبد الوافي لفتيت على استعجالية تنظيم هذه الاجتماعات من أجل إبراز مزايا وحسنات اعتماد الحكومة للتوقيت الجديد وإشراك جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ في الخطوات المقبلة، بتنسيق مع كل المتدخلين المعنيين بالمنظومة التربوية، بهدف تبديد كل غموض والتباس من شأنه أن يسهم في تضخيم الإشاعات وخلق التوتر بالوسط المدرسي.
كيف إذن سيتم تجاوز حالة الاحتدام والارتباك الذي خلقته الساعة الاضافية في زمننا المغربي المفتوح على كل الاحتمالات ؟ هذا ما سنعود إليه بعد أن يبدأ العمل بالتوقيت المدرسي الجديد يوم 12 نونبر 2018 .


الكاتب : فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 08/11/2018