الجهاديون الأجانب في ادلب السورية قاب قوسين من نهاية طريق مسدود

تقديم أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء أن الجيش السوري “يستعد لحل” مشكلة “الارهاب” في محافظة إدلب، آخر أبرز معاقل المعارضة في سوريا.
وتابع بيسكوف في مؤتمر صحافي أن “الوضع في إدلب لا يزال موضع اهتمام خاص من قبل موسكو ودمشق وأنقرة وطهران” وذلك قبل يومين على قمة مقررة في طهران بين روسيا وتركيا وإيران حول سوريا.
وأضاف “نعلم أن القوات المسلحة السورية تستعد لحل هذه المشكلة” واصفا إدلب بأنها “جيب إرهاب”.
لكنه لم يذكر أي موعد لبدء تلك العملية كما لم يعلق على التقارير التي أشارت إلى أن طائرات حربية روسية شن ت غارات على إدلب فجر الثلاثاء. ولم تعلق وزارة الدفاع أيضا على ذلك.
وقال بيسكوف إن “بؤرة ارهاب جديدة تشكلت هناك، وذلك يؤدي الى زعزعة استقرار عامة للوضع”.
وأضاف “هذا الأمر يقو ض الجهود الهادفة إلى التوصل لتسوية سياسية-دبلوماسية” في سوريا و”الأمر الأساسي هو أنها تشكل تهديدا كبيرا لقواعدنا” العسكرية في سوريا.
ومن تلك المنطقة انطلقت عشرات الطائرات المسيرة التي استهدفت قاعدة حميميم الجوية في شمال غرب سوريا في الآونة الأخيرة بحسب موسكو.
وقال بيسكوف “ليس هناك من شك في أنه يجب حل هذه المشكلة”.
ويأتي ذلك فيما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين سوريا وروسيا وإيران من شن هجوم في إدلب معلنا أن مثل هذه العملية يمكن أن تتسبب “بمأساة إنسانية”.
ورد بيسكوف على ذلك بالقول إن “إطلاق تحذيرات بدون الأخذ بالاعتبار الآثار السلبية والخطيرة على الوضع في كل أنحاء سوريا يعني عدم اعتماد مقاربة كاملة وشاملة” لتسوية المشكلة…
بعد اجتيازهم آلاف الكيلومترات وصولا الى سوريا للمشاركة في “الجهاد”، يجد المقاتلون الأجانب أنفسهم اليوم قاب قوسين من الوصول الى طريق مسدود في محافظة إدلب حيث يرجح محللون أن يقاتلوا حتى الرمق الأخير دفاعا عن معقلهم.
وترسل قوات النظام منذ أسابيع وتمهيدا لهجوم وشيك، تعزيزات عسكرية الى إدلب ومحيطها. وصعدت في الأيام الأخيرة وبمشاركة طائرات روسية، ضرباتها الجوية على مناطق عدة في المحافظة وجيوب محاذية لها تشكل المعقل الأخير للفصائل الجهادية والمعارضة في سوريا.
وشكلت محافظة إدلب في شمال غرب البلاد منذ العام 2015 وجهة لمجموعات عدة مناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، من الفصائل المعارضة المعتدلة مرورا بالاسلامية فالجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة وصولا الى جهاديين أجانب متشددين.
وتضم المجموعات الأجنبية مقاتلين من أوزبكستان والشيشان ومن الأويغور، وهي أقلية إثنية في الصين، تمرس عناصرها في القتال في حروب عدة قبل أن ينتقلوا الى سوريا.
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لوكالة فرانس برس “هؤلاء أشخاص لا يمكن في الواقع دمجهم في سوريا، تحت أي ظرف، ليس لديهم مكان للذهاب اليه وقد يكونون على استعداد للموت في أي حال”.
وفشل رؤساء روسيا وإيران وتركيا خلال قمة عقدت في طهران الجمعة في تجاوز خلافاتهم حول إدلب، إلا أنهم اتفقوا على مواصلة “التعاون” للتوصل الى حل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح.
ويشكل مصير الجهاديين، وبينهم المقاتلون الأجانب الأكثر تشددا ، وفق محللين، العقبة الرئيسية أمام أي اتفاق حول إدلب.
بعد مطاردتهم في بلدانهم واستهدافهم في كل من أفغانستان وباكستان، وجد المقاتلون الجهاديون الأكثر تمرسا بالقتال في الساحة السورية موطئا لانطلاقهم مجددا منذ العام 2013، أي بعد عامين من اندلاع النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص.
وفي حين انضم الكثيرون منهم الى تنظيم الدولة الاسلامية، أبقى آخرون على علاقتهم الوطيدة بتنظيم القاعدة والمجموعة المرتبطة به، وهي راهنا هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة ادلب.
ويعد الحزب الاسلامي التركستاني احد أكبر هذه المجموعات، وينتمي مقاتلوه الى الأويغور، الأقلية المسلمة التي تواجهها سلطات إقليم شينجيانغ الصينية بالقمع.
واكتسب هؤلاء المقاتلون خبرة في القتال في أفغانستان قبل توجههم الى سوريا ومساندتهم فصائل إسلامية ومعارضة في طرد قوات النظام من إدلب صيف العام 2015.
ويقول هيلر “اقتحموا آنذاك مخازن الأسلحة وباتوا منذ ذلك الحين من بين الفصائل الأكثر قوة في الشمال”.
ويتمركز المقاتلون التركستان الذين يقدر عددهم بين ألف وبضعة آلاف في محيط مدينة جسر الشغور في جنوب غرب إدلب، وهي منطقة استهدفتها الغارات والمدفعية في الأيام الأخيرة.
ويرجح الخبير في شؤون الجهاديين في معهد الجامعة الأوروبية تور هامينغ أن يشكل المقاتلون التركستان رأس الحربة في التصدي للهجوم على إدلب وأن يشكلوا الحليف الرئيسي لهيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من المحافظة.ويقول لفرانس برس “ليس بالضرورة جراء عددهم الكبير ولكن لأنهم باتوا يعرفون بقدراتهم القتالية الجيدة ويحظون باحترام واسع في صفوف الجهاديين والفصائل”.
وانطلاقا من أنه لا يمكن للحزب الاسلامي التركستاني أن ينشط في إقليم شينجيانغ، فإن خسارة إدلب المحتملة ستحرمهم من واحدة من أبرز “ساحات المعارك البديلة”.
وليس المقاتلون التركستان المتشددون الآسيويين الوحيدين في إدلب، إذ انضم مقاتلون من الأوزبك الى صفوف مجموعات صغيرة قريبة من هيئة تحرير الشام. واكتسب هؤلاء مهاراتهم القتالية إلى جانب حركة طالبان أو تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان، قبل أن يتوجهوا الى سوريا كامتداد لتنظيم القاعدة آنذاك.
ومن بين تلك المجموعات كتيبة التوحيد والجهاد التي يرئسها، وفق أجهزة الأمن الروسية والقيرغيزية، سراج الدين مختاروف (28 عاما ) والمعروف أيضا باسم أبو صلاح الأوزبكي.
وبين تلك المجموعات، لواء الإمام البخاري الذي غالبا ما تسلط أشرطته الدعائية الضوء على جنود أطفال. وصنفته الولايات المتحدة خلال العام الحالي على قائمة المنظمات “الإرهابية”.
ومن المعروف أن هاتين المجموعتين تقاتلان في إدلب، إلا أنه لا يتوفر الكثير من المعلومات عنهما.
ولعل المقاتلين الأجانب الأكثر شراسة هم الشيشان، المحاربون القدامى الذين خاضوا معارك وحشية ضد روسيا والمرتبطون بهيئة تحرير الشام.
وتشكل جماعتا جند الشام وأجناد القوقاز المجموعتين الشيشانيتين الأبرز في سوريا، لكنهما أبقتا على حيادهما خلال جولات الاقتتال الأخيرة التي خاضتها الفصائل في ما بينها. ويتوقع محللون أن يعيدهما هجوم قوات النظام الوشيك الى الساحة مجددا .
وتقول الباحثة جوانا باراسزكزوك من مؤسسة “آي إتش أس جاينز” والتي تتعقب الجهاديين الأجانب المتحدثين بالروسية في سوريا لفرانس برس “يحبس الجميع أنفاسهم في انتظار معرفة ماذا سيحصل”.
وبحسب باراسزكزوك، فإن الكثيرين من الجهاديين الشيشان قدموا الى سوريا منذ العام 2012 وتزوجوا بسوريات وأسسوا عائلات، ومن المرجح أنهم سيفعلون كل ما بوسعهم لحماية ذلك كله.
ولتحقيق هذا الهدف، ترجح باراسزكزوك أن ينضموا على أرض المعركة الى تحالفات مع مجموعات أكبر كهيئة تحرير الشام ويوفرون القناصة وقوات الصدمة.
وتحرص روسيا على وجه الخصوص، بحسب محللين، على التأكد من عدم عودة أي من المقاتلين الشيشان المعارضين لها الى الشيشان للقتال الى جانب المتمردين.
وتقول باراسزكزوك “قتلهم من هذا المنظور سيشكل بمثابة مكافآة نفسية لروسيا”.

الجهاديون يتأقلمون مع الحرب الالكترونية

استهدفت حملة أمنية ربيع 2018 ادوات الدعاية عبر الانترنت لتنظيم الدولة الاسلامية، لكن بعد اربعة اشهر من ذلك يقول خبراء ان المتطرفين الناشطين عبر الانترنت تأقلموا ولازالوا نشطين وخطرين.
وباتت العناصر المتطرفة تستخدم اكثر المواقع غير التقليدية والشبكات الاجتماعية الخاصة ومواقع التراسل المشفرة السرية (دارك نت وديب ويب) لبث خطب قادتهم والدعوات للجهاد والتعليمات بتنفيذ اعتداءات.
فبعد عامين من التحقيق تدخلت الشرطة في وقت واحد في ثماني دول (بلجيكا وبلغاريا وكندا وفرنسا وهولندا ورومانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) لحجز خوادم ومعدات الكترونية.
واكد وينرايت “و جهت ضربة إلى قدرة تنظيم الدولة الاسلامية على تطوير معداته الارهابية”.
بدا ان ما قاله قائد الشرطة الاوروبية ليس دقيقا.
ففي بضع دقائق، بحسب دراسة لمنظمة غير حكومية اميركية (كونتر اكستريمزم بروجكت)، تم نقل خطاب البغدادي الذي بث عبر موقع تيليغرام عبر 21 موقع ويب على الاقل ما جعله غير قابل للمحو.
وكتبت المنظمة غير الحكومية الاميركية “يعد اللجوء الى شبكات اجتماعية غير تقليدية، تطورا بالنسبة لتنظيم الدولة، في مواجهة حملات قوات الامن” مضيفة ان “الوكالات على غرار انتربول لم تتمكن الا جزئيا من منع تفشي رسائل المتطرفين عبر الانترنت”.
وتابعت “ان انصار التنظيم الجهادي عبر الانترنت يحاولون العثور على وسائل جديدة تتيح لهم عدم التعويل حصريا على المواقع الحاضنة التقليدية التي قد تكون معادية”.
وفي هذا السياق تم نشر وثيقة “بي دي اف” باللغة العربية تصف كيفية تصنيع متفجرات قوية، عبر تليغرام في 13 غشت، ونشر في اليوم ذاته على عشرة حسابات مؤيدة لتنظيم الدولة الاسلامية على تلغرام متضمنا نصوصا وصورا.
واوضحت لورنس بيندنير وهي إحدى مؤسسي موقع جهاد سكوب المتخصص انه “يمكن رسم خط مواز بين ما يجري على الارض وعبر الانترنت. فعندما كان التنظيم قويا ميدانيا ولم تكن كبرى المواقع على غرار فيسبوك وتويتر قد وضعت أنظمة مراقبة، كان تنظيم الدولة الاسلامية يحتل الفضاء الافتراضي”.
واضافت “ثم فقد معاقله في سوريا والعراق وتحول الى هيكلية تتخذ أكثر شكل عصابات تنشط في السر (..) وبالتوازي حالما بدأت المواقع بالمراقبة والحجب وحذف آلاف الحسابات، اتجه الناشطون الى منصات اكثر سرية واغلاقا على غرار تلغرام”.
وفي تدوينة حديثة على موقع “أولتيما ريسيو” التابع لمركز دراسات الامن بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، اكد رافييل غلوك ولورينس بيندنر انه “ازاء تزايد مراقبة المنصات الكبرى التي وضعت خصوصا ادوات ذكاء اصطناعي، نوع تنظيم الدولة الاسلامية منافذه من خلال تسريب محتويات الى مواقع اقل شهرة واحيانا غير معروفة، لا تملك موارد كافية تخصصها للرقابة”.
واضافا “نحن بالتالي ازاء تجزئة الدعاية الجهادية التي باتت معزولة اكثر بالتاكيد عن الجمهور الواسع لكن اكثر تشتتا وبالتالي تصعب السيطرة عليها أكثر من ذي قبل”.


بتاريخ : 11/09/2018

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *