الخطاب النقدي الموسوعي عند الأستاذ «محمد أديب السلاوي» (3)

البعد الاجتماعي والسياسي وقضايا الفساد والمفسدين
توقفنا عند القضايا الوطنية والثقافية التي اشتغل عليها محمد اديب السلاوي في كتاباته النقدية على اعتبار أن الكتابة عنده فلسفة ذاتية تنبع من إحساسه بمسؤوليته الإعلامية التي تقتضي من رجل الإعلام الإلمام الكبير بما يقع ويحدث في المجتمع من متغيرات تستدعي الإحاطة بحيثياتها وتفاصيلها الدقيقة.
إن طبيعة الإعلامي هي المواكبة والتتبع والرصد والفضح والنقد والتوجيه دون تحامل أو تجريح أو تلميع صورة مشوهة، لا التفرج والمراقبة والانعزال.
بحكم التجربة الاعلامية الطويلة لمحمد أديب السلاوي داخل المغرب وخارجه، ظل قلمه يتابع كل التحولات المجتمعية في الوطن العربي عموما والمغربي خصوصا متحملا محنة المرض والسن والظروف الاسرية التي تؤثر عليه لا محالة .
الجانب المقالي مهم عندنا لأننا نود من خلاله الوقوف عند أهم القضايا التي شغلت باله وأخذت من وقته وصحته الكثير.
فماذا تعني له الكتابة المستمرة. ؟
الكتابة المقالية الصحفية عنده ليست مجرد ترف فكري أو لعبة جمالية ولكنها فعل مستمر مع الحياة. كتابة من أجل زرع القيم المثلى ومحاربة التسلط والبيروقراطية والفساد الذي ينخر المجتمع ويعرقل مسار التنمية في الوطن العربي..
طبيعة المقالة التحليلية النقدية عند محمد اديب السلاوي مركبة ومتداخلة .فيها كتابة المبدأ والموقف وفيها كتابة الفضح وتعرية الواقع والكشف عن اختلالاته.. وهذا نابع من إحساسه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه لأن مهمة الصحفي هي ان يقول ما يعرفه للناس .
الكتابة عن الفساد والمفسدين.
لقد صنفنا في المقالة السالفة الموضوعات التي اشتغل عليها محمد اديب السلاوي سواء في المجال المقالي أو في النقد الأكاديمي المنهجي من خلال مؤلفاته الكثيرة والمتنوعة.
احتل موضوع الفساد في الكتابة النقدية عنده حيزا مهما في كتاباته .فبحكم درايته بكل ما يروج في كواليس الادارة المغربية ومؤسسات الدولة، استطاع أن يكشف بدقة وموضوعية عن هذا الفساد الذي ينخر جسم المجتمع المغربي ويكرس الخنوع والتملق والانبطاح والاستغلال، ونشر ثقافة البيروقراطية والزبونية والتهافت على المصالح من اجل الاغتناء الفاحش، وعرقلة فرص الاستثمار ومحاربة البطالة وتعميق الهوة بين الفئات الاجتماعية وخلق طبقة من المتسلطين التي تهيمن على مصادر الثروة الوطنية.
يؤكد محمد اديب السلاوي في مقالاته الكثيرة حول ظاهرة الفساد على مجموعة من القضايا الهامة يمكن الإشارة إليها كما يلي :
الفساد منظومة متكاملة لا يمكن الحديث عنه إلا داخل النسق الشمولي.. فساد سياسي.. فساد اداري. فساد قضائي. فساد اقتصادي. فساد تربوي..
الفساد يعرقل الاستثمار ويستنزف الميزانية .
يلاحظ محمد أديب السلاوي أن الفساد أكثر من قضية أخلاقية مرفوضة اجتماعيا ودينيا بل هو سرقة ولصوصية لأنه يختلس المال العام الذي بإمكانه تشغيل ملايين العاطلين عن العمل وبالتالي التمكن من محاربة آفة البطالة الشبابية التي حطمت أرقاما خيالية في مجتمعاتنا العربية عموما.
الرشوة هي العمود الفقري للفساد.
يقرن الاستاذ محمد اديب السلاوي بين الفساد والرشوة ربطا جدليا ومنطقيا ، إذ يعتبر هذه الاخيرة هي الجرثومة الخبيثة التي تنشر هذا الفساد بشكل سريع وبدون توقف رغم القوانين الزجرية والعقابية ، ورغم الدستور الجديد ورغم الخطب الملكية الداعية الى محاربته واقتلاع جذوره من تربة المجتمع.. فالرشوة هي محرك الفساد الأول لم تفلح معها كل الإصلاحات الحكومية منذ الاستقلال الى اليوم .


الكاتب : بقلم : عز الدين الشافي

  

بتاريخ : 08/11/2018