العدالة تواجه قاتله بالأدلة وتقرر متابعته بتهمة «القتل العمد» : اتساع تفاعل الرأي العام مع ملف الدركي الذي دهسه سائق متهور بالهرهورة

بعد محاصرته، يوم الأحد 6 أكتوبر 2019،بالأدلة وأقوال الشهود من طرف قاضي التحقيق لدى استئنافية الرباط، وبشريط فيديو وثقته كاميرا سيارته، علاوة على تسجيل بصوت صديقته التي كانت بصحبته ونبهته لوجود الدركي دون جدوى، لم يجد «قاتل دركي الهرهورة»، غير الاعتراف بالمنسوب إليه، ليتم الأمر بإيداعه السجن، بتهمة القتل العمد، على خلفية السرعة الجنونية التي كان يسوق بها سيارته البيضاء الفاخرة، وصعوده المقصود فوق الرصيف لدهس الدركي، وسحله لقرابة ستة أمتار بطريقة إجرامية، وقد تم توثيق الواقعة في مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت الدركي بساق مكسورة والدم ينزف من رأسه، قبل نقله على متن سيارة إسعاف حيث فارق الحياة، متأثرا بالنزيف الذي لحق به لحظة جرجرته وارتطامه بالأرض.
ومنذ مساء السبت خامس أكتوبر 2019 الذي تم خلاله تشييع جثمانه بمسقط رأسه، قرية لهري بإقليم خنيفرة،في موكب جنائزي مهيب ومؤثر، لا تزال هذه القرية المجاهدة، ومعها أوساط الشارع المغربي، تعيش أجواء الحداد على روح الدركي،مهرازي مولاي عبد الله، الذي لقي حتفه على يدالشخص المتهور،بعد أن حاول إيقاف الأخير بسبب مخالفة مرورية،وقد جرت مراسِم الدفن وسط أجواء رسمية، وفي حضور مسؤولين وقياديين بالقيادة العليا للدرك الملكي، والسلطة المحلية، إلى جانب رئيس المنطقة الأمنية، وحشد كبير من المواطنين، حيث تم تقديم التحية العسكرية للهالك الذي تم التوجه بجثمانه لبيت أسرته التي ألقت عليه نظرة الوداع، ومنه إلى ساحة مسجد القرية لإقامة صلاة الجنازة عليه، لينطلق الموكب الجنائزي نحو المقبرة في جو من الخشوع والحزن.
وعن الحادث الذي وقع في الساعات الأولى من الجمعة 4 أكتوبر 2019، تمكن أفراد الدرك، وبعض المواطنين، من اعتراض سبيل مرتكب «الجريمة الطرقية»، واعتقاله بعد أن حاول الفرار، ووضعه رهن الحراسة النظرية التي جرى تمديدها بعد وفاة الضحية، ولم يمر الحادث دون وقوف الجميع على أن السائق ممن يعتبرون أنفسهم فوق القانون، وكان يسوق سيارته الفاخرة بسرعة مفرطة، ما حول المنابر والمواقع إلى «منصات» من التدويناتوالتعليقات التي تحذر من «التعامل مع الواقعة بقانون السير عوض قانون الجنايات»، ومن «التلاعب بملف القضية خلف الكواليس والأروقة المشبوهة»، وتطالب بإنزال أقصى العقوبات على بطل الحادث بتهمة القتل العمد.
وبينما تألم الجميع لوفاة «شهيد الواجب الوطني»الدركي، البالغ من العمر حوالي 29 سنة، قضى منها زهاء 10 سنوات في سلك الدرك، وهو متزوج وأب لطفل صغير، ويشهد له معارفه بحسن السلوك والأخلاق، تضاربت الآراء الغاضبة حول هوية السائق المرتب ضمن «فصيلة ولاد الفشوش»، إلى درجة أن بعض المنابر أفادت أن الأخير «ابن شقيقة وزير بحكومة العثماني»، الخبر الذي فندته بعض الردود، ليستمر «فضول» الرأي العام المحلي والوطني، رغم التعتيم المطبق على المعطيات لأسباب مستفهمة، ما ترك الأبواب مفتوحة على كل المصادر، سيما أن وفاة المعني بالأمر خلفتحزنا عميقا وعيونا دامعة بين أسرته الصغيرة ومعارفه وجيرانه وزملائه وسط الدرك الملكي.
وإذا أكدت المعطيات المتداولة أن السائق الشاب طالب جامعي في مجال الاعلاميات، والده ثري معروف بالرباط، وعائلة حلت بأرض الوطن، قادمة من الديار الهولندية التي تنحدر منها والدته الثرية أبا عن جد، فكل الاعلاميين والمتتبعين، وأفراد أسرة الضحية، يطالبون بضرورة الكشف عن حيثيات وملابسات ملف القضية، والاعلان المتواصل عن أي جديد في تطوراته ومستجداته، بعيدا عن أي ضغوطات أو تحركات محتملة، وقريبا جدا من تعاليم وأسس دولة المساواة أمام الحق والقانون.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 08/10/2019