العنف المدرسي وطرق مواجهته

من حين لآخر تتداول مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تبث سلوكيات التلميذات والتلاميذ السلبية في المدارس وتوضخ حالات العنف في الفصول الدراسية وساحات المدارس.
لقد اختلفت الاراء حول تفشي هذه الظاهرة.فهناك من يلقي اللوم على المدرسة في غياب الرقابة وهذا بطبيعة الحال يعود الى الخصاص الكبير الذي تعرفه المؤسسات التعليمية. فالسادة المديرون تضاعفت مهامهم بحيث اصبح معظمهم يقوم بمهام اضافية منها ايصال المراسلات الى المديريات الاقليمية ومراقبة تحركات التلاميذ في الساحة وغيرها من المهام.كما ان عديدا من المؤسسات يدبر امورها الادارية وحركية التلاميذ و تتبع حضور الاساتذة حارس عام واحد …كل ذلك لا يمكن الادارة التربوية من متابعة ما يحدث في اروقة المدرسة وفضاءاتها ومرافقها ،في ما اعتبر البعض ان العنف المدرسي يعود الى التقصير من قبل الاسرة مرجحين السبب في ذلك الى غياب التربية الحقيقية.
فالأسرة في نظري قدمت استقالتها منذ مدة ولم تعد قادرة على تتبع ابنائها كما ابتعدت عن المدرسة ولم تعد تتواصل معها..وهناك من يعتقد بأن مسؤولية ما يقع بالمدارس من عنف لفظي ونفسي وجسدي يعود الى الطرفين: المدرسة والأسرة.
لعل ما تم بثه مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي من عنف داخل الفصول الدراسية يلفت النظر الى اهمية التواصل بين الاسرة والمدرسة باعتبارهما شريكين في خدمة التلميذ. ومن خلال تفعيل عقد اجتماع اولياء الامور مع اطر التدريس بشكل حقيقي ومضاعفة جهود الطرفين من اجل تقييم اداء التلاميذ وسلوكياتهم والعمل على تقويمها وتهذيبها وحل المشاكل حال وقوعها.
لقد بات من اللازم مراجعة جادة للمهمات التي تضطلع بها المدرسة وبما تقدمه من تربية وتعليم .فمعظم مدارسنا لازالت تركز على التحصيل وعليه زاد المحتوى الدراسي في الكتب المدرسية وزاد عدد الحصص وأوليت لمهارة الحفظ الاهتمام الاكبر بهدف زيادة محصول التلاميذ المعرفي، لكن النتيجة جاءت عكسية ليس فقط على التعليم وإنما على التربية التي تحتاج الى جهد كبير مشترك بين الاسرة والمدرسة.على المدرسة ان تخرج عن دورها التلقيني التثقيفي الضيق الى دور تطويري تنويري واسع وذلك غبر تخصيص حصص لأنشطة تربوية تركز على مبادىء العمل مع الفريق والألعاب الرياضية والفنية والعمل الكشفي والتطوعي والمهارات الحياتية واستثمار العطل المدرسية لتنفيذ برامج متكاملة تنمي شخصية التلميذ وتعزز الهوية الوطنية والانتماء..
وحتى تتحقق هذه البرامج على ارضية الواقع لابد من تعاون حقيقي ومستمر بين الاسرة والمدرسة ،لأن غياب التواصل بين الشريكين لا يساعد على اعداد التلميذ. كما على جمعيات اولياء امور التلاميذ القيام بدور رقابي على علاقة التلاميذ ببعضهم، وهذا سيقلل من حالات العنف ويساعد على التخفيف من حدتها.كما تقع على الادارة التربوية مسؤولية التنسيق مع جمعيات الاباء لضمان التزام التلاميذ بالأنشطة الداخلية للمؤسسات التعليمية والتعليمات الضابطة لسلوك التلاميذ وإشغالهم بالعمل الجماعي لتفريغ طاقاتهم وتحقيق ذواتهم بما يحقق اهداف التربية والتعليم ويزيد من تقوية الاحترام بين التلاميذ .

* باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري

  

بتاريخ : 07/11/2019