الفيلم المغربي المتعدد الجوائز «مسافة ميل بحذائي» : تنويه شبه مجمع عليه في مائدة مستديرة..

بتنظيم من «منتدى المواطنة» وتعاون مع مقاطعة الصخور السوداء بالداربيضاء، احتضنت قاعة الندوات التابعة للمقاطعة، مائدة مستديرة حول الفيلم السينمائي المغربي «مسافة ميل بحذائي» للمخرج الشاب سعيد خلاف وذلك يوم السبت 27 يناير الماضي.
هذه الندوة التي تدخل في إطار البرنامج الذي اعتمده «منتدى المواطنة» للتعريف بالأفلام السينمائية وإلقاء الضوء على مخرجيها والعاملين بها وعنونه ب اللقاء الشهري «فيلم و مخرج»، جمعت العديد من المهتمين بالسينما و النقاد و الفنانين والصحفيين أمثال سعيد ريحان منتج الفيلم ، عبد لله شكيري أحد الممثلين به، سعيد منتسب، نور الدين بوخصيبي ، محمد عرش، مصطفى العلواني و غيرهم.. ا لذين ناقشوا جوانب العمل كل من خلال زاويته وقراءته.
اللقاء الذي أداره الناقد حسن نرايس، العضو في منتدى المواطنة، استهله هذا الأخير بنقل الاعتذار عن عدم الحضور لعدد من الشخصيات المدعوة كأمين ناجي الذي أدى دور البطل سعيد. ثم تلاها بكلمة ركز فيها على العمل الذي انطلق كحلم ثم فكرة بعيد الأحداث الإرهابية لـ 16 ماي و التي تبلورت مدة حوالي عشرين سنة التي قضاها المخرج في المهجر قبل أن تخرج في شكل فيلم طويل حصد عدة جوائز خلال عدة تظاهرات .
أغلب المتدخلين قاموا بتشريح الفيلم ووقفوا على الحبكة التي تميزت بها القصة التي كتب سيناريو أحداثها سعيد خلاف بنفسه ، و على طريقة التسيير داخل البلاتو و نوهوا بمهنيته و نجاحه في اختيار الممثلين الذين شخصوا العمل..
ﻭﺗﻢ خلال ﻫﺬﺍ اللقاء إلقاء الضوء على ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ تحاول قصته الممتدة مدتها الزمنية إلى ﺳﺎﻋﺔ ﻭ 50 ﺩﻗﻴﻘﺔ، وﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻟﺘﻪ ﺃﻣﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺟﻲ ﻭﻧﻔﻴﺴﺔ ﺑﻨﺸﻬﻴﺪﺓ عبد الإله عاجل نجوم الزوهرة و عبد الله الشكيلي وغيرهم، أن تترجم الحالة ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻷ‌ﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ بحيث تتمحور حول ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺭ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﻤﺸﻪ.
ﻭﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻭﻥ كل من ثقافته و رِؤيته الشخصية، التعبير عما شاهده من خلال هذا العمل الفني ﺍﻟﺬﻱ نجح حسب جلهم، في توظيف ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ والتطرق بلغة دارجة عنيفة ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ التي يعاني منها ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭكذا ترجمة عدة مظاهر كاﻻ‌ﺳﺘﻐﻼ‌ﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ وﺍﻻ‌ﻏﺘﺼﺎﺏ، ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭ قساوة ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻷ‌ﺑﻮﻳﺔ.
في هذا الصدد أعد الكاتب و الصحفي سعيد منتسب ورقة ،على حد قوله ، تلخص ملاحظات عامة حول المحتوى والشكل بحيث اهتم فيها بتحليل الشخصيات التي اعتبرها تتواصل مع العالم عبر السرقة و العنف، و اعتبر أن الفيلم تناول عزلة الأفراد وأن المخرج نجح في توظيف تقنيات الفلاش باك في فيلمه، كما أضاف بأن هذا الأخير يمجد الطفولة، أما الكاستينغ فهو برأيه يشكل 90 في المائة من نجاح العمل.
بالنسبة للناقد نور الدين بوخصيبي فقد قال في كلمات لا تخلو من البسط، بأن أي عمل حاز على جوائز دولية لا يمكن إلا أن تدفع الناقد أن ينزل سلاحه أرضا، و هي طريقة للتنويه بالعمل، ثم استرسل في كلامه محاولا وضع الفيلم داخل المشهد السينمائي المغربي و الأعمال التي اشتغلت على نفس التيمة في نظره ، كفيلم «علي زاوا» لنبيل عيوش و«كازا نيكرا» لنور الدين لخماري . وأضاف بوخصيبي بأن الفيلم حسب رأيه، يدخل ضمن ما يسمى بالواقعية المباشرة إلى حد ما، وأن التيمات التي تناولها لها خطاب مباشر.. و بالرغم من كونه، خلال تحليله للعمل، نوه بعدة جوانب تهم تفاصيله إلا أنه توجه بسؤال للمخرج سعيد خلاف حول الطريقة التي تم بها توظيف المسرح كآلية لاسترجاع الذاكرة في فيلمه (في إشارة للمشهد الذي أداه كل من الممثلين عبد الإلاه عاجل ونجوم الزوهرة) واعتبره مقحما.
من جهته تحدث الفنان عبد لله الشكيلي عن المخرج بكلمات أشاد فيها به و بمهنيته، حيث وجد فيه المتمكن من أدوات العمل التي تجعل منه يهتم بأدق التفاصيل كالإضاءة و الديكور وغيرهم بل حتى في طريقة إدارته التي تتجلى في الأجواء العامة المتميزة التي مر فيها التصوير.
توجه بعض المتدخلين كذلك بالسؤال حول ما إذا كان المخرج سيستعمل نفس التقنيات التي أخرج بها «مسافة ميل بحذائي» ليخرج عمله الثاني الذي يحضر له، كما أعربوا عن تخوفهم ألا يكون في نفس مرتبة العمل الأول الذي حصد مختلف الجوائز . ﻭهي للإشارة عديدة ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ السعفة ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻷ‌ﻓﻀﻞ ﻓﻴﻠﻢ ﺭﻭﺍﺋﻲ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻷ‌ﻗﺼﺮ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷ‌ﻭﺭﻭﺑﻴﺔ، الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، ﺎﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻷ‌ﺣﺴﻦ ﻓﻴﻠﻢ ﺃﺟﻨﺒﻲ ﺑﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﻟﻮﺱ ﺍﻧﺠﻠﻮﺱ، ﻭﻛﺬﺍ ﺠﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﺤﺼﺎﻥ ﺍﻟﺒﺮﻭﻧﺰﻱ ﺑﺮﺳﻢ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ 25 ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻹ‌ﻓﺮﻳﻘﻲ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﻭﺍﻏﺎﺩﻭﻏﻮ..
كإجابة على هذين السؤالين، قال سعيد خلاف بأنه يؤمن بأن كل عمل فني يجب التعامل معه و كأنه الأول، وعليه يجب استعمال التقنيات التي يراها مناسبة له و ليس بالضرورة نفسها التي وظفها في غيرها.
انتهى اللقاء بتشجيع للمبدع على عمله المقبل وبوعد من طرف منتدى المواطنة ببرمجة مائدة مستديرة جديدة خلال الشهر المقبل حول مخرج وفيلم سينمائي آخرين


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 01/02/2018