القروض الاستهلاكية للمغاربة بلغت 112 مليار درهم هذا العام : تدهور القدرة الشرائية يدفع المغاربة إلى الاقتراض واستهلاك مدخراتهم

 

أظهرت إحصائيات بنك المغرب تراجع الودائع البنكية لأجل بنحو 10 ملايير درهم منذ بداية العام، إذ نزلت إلى 152.4 مليار درهم في نهاية شتنبر الأخير مقابل 162.3 مليار درهم نهاية السنة الماضية، مسجلة انخفاضا بنسبة 6.1 في المائة.
وتشير هذه الأرقام ليس فقط إلى تباطؤ نمو الودائع لأجل وإنما إلى قيام المودعين بسحب ودائعهم من البنوك، وذلك بشكل أصبح يهدد قدرة البنوك على تمويل الاقتصاد ويزيد من حدة نقص السيولة الذي تعاني منه، وهو ما جعل بنك المغرب يقرر في شتنبر الأخير تخفيض مستوى الاحتياط الالزامي للبنوك بنقطتين، وهو الإجراء الذي يتوخى منه ضخ زهاء 11 مليار درهم في شرايين القطاع البنكي لمساعدته على مواجهة نقص السيولة.
وخلال نفس الفترة عرفت سلفات الاستهلاك للأسر المغربية زيادة بنسبة 4.4 في المائة، مرتفعة من 111.7 مليار درهم في بداية العام إلى 116.6 مليار درهم في نهاية شتنبر. وتوزعت هذه السلفات بين السلفات المبرمة مباشرة مع البنوك بقيمة 56.2 مليار درهم، والسلفات المبرمة مع الشركات المالية المتخصصة بقيمة 60.44 مليار درهم.
وتشير الإحصائيات التي نشرها بنك المغرب أيضا إلى تغير نوعي في سلفات الاستهلاك من طرف الأسر لدى البنوك من حيث الآجال، إذ تبرز هذه الإحصائيات أن السلفات الطويلة الأجل عرفت زيادة بنسبة 60 في المائة منذ بداية العام، فيما عرفت السلفات القصيرة الأجل انخفاضا بنسبة 31.5 في المائة، الشيء الذي يشير إلى أن الأسر المغربية قد بلغت السقف الذي تسمح به المعايير التي وضعها النظام المصرفي لمنح سلفات الاستهلاك، وبالتالي أصبحت مضطرة لإعادة جدولة ديونها عبر أخذ سلفات طويلة الأجل بهدف تسديد القروض القديمة، وذلك من أجل تقليص قيمة الأقساط الشهرية، وتشكيل هامش يمكن من أخذ قروض جديدة، علما بأن القانون لا يسمح بأن تتجاوز نسبة أقساط الديون 45 في المائة من قيمة الدخل الشهري.
وتأتي هذه الإحصائيات لتؤكد استنتاجات البحث الفصلي الأخير للمندوبية السامية للتخطيط حول الظرفية لدى الأسر، والذي كشف أن 34 في المائة من الأسر صرحت أنها اضطرت إلى استنزاف مدخراتها أو اللجوء إلى الاقتراض بسبب عدم كفاية مداخيلها لتغطية مصاريفها خلال الفصل الثالث من العام الحالي، فيما صرحت 4.5 في المائة فقط من الأسر بكونها تمكنت من ادخار جزء من مداخلها.
ونقل البحث الميداني الدائم الذي تنجزه المندوبية السامية للتخطيط بشكل متواصل طيلة السنة وتنشر نتائجه بشكل فصلي، وجود شعور لدى الأسر المغربية بتراجع المستوى العام للمعيشة، وتصور بأن وضعيتها المالية في تدهور مستمر.
وأشار البحث إلى أنه خلال الفصل الثالث من سنة 2019، بلغ معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة 43.9 في المائة، فيما اعتبرت 32.5 في المائة منها منها أنه ظل مستقرا وصرحت 23.6 في المائة بأنه تحسن.
وتلتقي نتائج هذا البحث الميداني لدى شريحة معبرة من الأسر المغربية مع الإحصائيات النقدية لبنك المغرب، والتي أبرزت استقرار قيمة الحسابات البنكية للمغاربة، إذ بلغ مجموع قيمة حسابات الشيك والحسابات لأجل وحسابات الادخار 880 مليار درهم في نهاية سبتمبر، مقابل 873 مليار درهم في بداية العام، مسجلة زيادة جد ضئيلة لم تتجاوز 0.8 في المائة، في الوقت الذي انخفضت فيه الحسابات لأجل بنسبة 6.1 في المائة.
وبالتالي يمكن استنتاج أن استمرار تجميد الأجور وتغييب الحوار الإجتماعي لسنوات بدأت آثاره تهدد التوازنات الكبرى للاقتصاد الوطني وقدرة البنوك على مسايرة تمويل الاقتصاد، إضافة إلى الحد من الطلب الداخلي الذي يعد القاطرة الأساسية النمو الاقتصادي، علما بأن الأسر تشكل الفاعل الأساسي في الاستهلاك الداخلي.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 05/11/2019