المخرجة الفرنسية أنيس فاردا: .. لقد تغيرت الكثير من الأمور.. أصبح الجميع اليوم مصورا، ولم نعد ندري من المصور الهاوي من المحترف

في إطار محادثات الدورة السابعة عشر من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، سجلت قاعة السفراء بقصر المؤتمرات بمراكش بعد زوال أول أمس الثلاثاء، احتضان المحادثة الخامسة للدورة، التي كانت ضيفتها بامتياز قيدومة المخرجين الفرنسيين أنييس فاردا، حيث كانت المناسبة سانحة للمهتمين بعالم الفن السابع الفرنسي والعالمي، الاطلاع على تجربة غنية وثرية لواحدة من المخرجات القليلات، اللواتي بصمن على مشوار سينمائي لامع في عالم السينما عموما والصورة بشكل خاص، من خلال الكثير من الاعمال و الإنتاجات التي وقعت عليها..، في زمن كان الاحتكاك بهذا المجال، بفرنسا و أوروبا، يكاد يكون مقتصرا على الرجال..
المحادثة، التي كانت من تنشيط المخرجة المغربية ومديرة ” السينماتيك” بالمركز المغربي بالرباط، نرجس النجار، استعرضت من خلالها، المخرجة الفرنسية انطلاقة اشتغالها بعالم الصورة، الذي كان تلقائيا بالنسبة لها، عبر بث شريط صامت قصير بالابيض و الاسود يؤرخ لبداية مسيرتها الفنية في خمسينيات القرن الماضي وهي تحمل كاميرا تقليدية و لوزامها، وتخرج من البيت ، الذي لازالت تقطن به إلى الآن، وتجوب الشوارع والساحات لالتقاط الصور للاشخاص و الامكنة.. في شبه تحد لهذا المجال، الذي كان حكرا على الرجال.. وهي مازالت شابة.. حيث شرعت في تصوير الحفلات والاعراس.. دون تكوين أكاديمي أو علمي .. بل تعلمت لنفسها بنفسها بشكل عصامي.
واليوم، تقول فاردا، أمام غزو التكنولوجيا، تغيرت الكثير من الامور و المعطيات بعدما كانت عملية التصوير تتطلب اشياء كثيرة، ” أصبح الجميع اليوم مصورا، ولم نعد ندري من المصور الهاوي من المحترف”.
وأضافت، فاردا أنه في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لم يكن يدر بخلدها بأن تصبح مخرجة، بل لم تكن تذهب حتى للسينما باستثناء المسرح… إلى حين انخراطها بشكل عفوي في كتابة السيناريو..، وإنجازها لأول فيلم بشكل تلقائي و بدون مساعدة ولا تكوين.. وبوسائل بسيطة جدا طرحت فيه جوانب اجتماعية صرفة، وقد تم عرض الفيلم على المهتمين وقالوا بانه فيلم جيد، “وهو – تضيف فارادا – ما شجعني على الاستمرار، بعد عرض الفيلم بالقاعات السينمائية.
محادثة فاراد، التي عرفت حضورا وازنا من المهتمين بعالم الصورة و السينما من المغاربة و الاجانب، تميزت ببث العديد من مشاهد ولقطات الافلام.. التي تؤرخ لمسيرتها الفنية الطويلة، حيث وقفت عند بعضها لتبرز خصائصها وإضافتها للسينما الفرنسية، مصرحة بان كل فيلم قامت بإخراجه إلا وتحكمه اختيارات ترتكز على ثلاثة عناصر وهي ” الإلهام، أي الفكرة التي دفعت إلى إخراج العمل، ثم الإبداع ، وهي الطريقة التي سيخرج بها العمل، وأخيرا المشاطرة، وتعني أن الاشخاص الذين سيشاهدون الفيلم سيشاطرونني ويفهمون العمل..”
وفي معرض استعراض مسيرتها الغنية، قالت انييس فاردا ” كنت مسكونة بعالم الصورة، وكنت اطرح دائما كيف يمكن لي تحريك هذا الشيء الجامد. مضيفة أن الاشتغال على الفيلم الوثائقي شيء عزيز على قلبها، حيث كانت قد تعاطت مع الفيلم التخييلي في مرحلة – مراحل ما، فتحولت اهتمامها إلى الفيلم الوثائقي.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن المخرجة الفرنسية انييس فاردا، كانت قد حظيت بتكريم خاص مساء يوم الاحد الماضي، ثالث أيام المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث تم منحها النجمة الذهبية خلال حفل رسمي أقيم بقصر المؤتمرات، بحضور العديد من نجوم السينما الوطنية والعربية والعالمية وشخصيات تنتمي لمجالات مختلفة. وقد تسلمت أنييس فاردا النجمة من لدن أبنائها، روزالي فاردا وماثيو ديمي، بحضور المصور جون روني، الذي تعاون معها في إخراج فيلم “وجوه وقرى”، وكذا المخرج الأمريكي الشهير مارتن سكورسيزي.
وقد سجلت هاته الاحتفالية إلقاء كلمات اعتراف وتقديرفي حق هاته السيد السينمائية التي تركت تراثا سينمائيا وازنا محترما، سيكون مصدر إلهام للعديد من النشيطين في المجال السينمائي، بالنظر للاسلوب المنفرد والمبدع الذي وظفته في إنجاز الأفلام.
وبمناسبة اللحظة كانت قد فاردا قد أخذت الكلمة، وعبيرت عن تأثرتها الشديد بالترحيب والاستقبال الحار الذي خصص لها، وأعربت عن شكرها القوي لجلالة الملك محمد السادس، وللأمير مولاي رشيد، ومؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، معتبرة نفسها انها صغيرة جدا إلى جانب بعض الفنانين الحاضرين والمواهب، الذين تحبهم ومعجبة بهم.
وكان حفل الافتتاح قد تخلله عرض مشاهد من أهم أفلام من قبيل “كليو من 5 إلى 7″ ، و”لي غلانور إي لي غلانوز”، و”شواطئ أنييس” و”وجوه وقرى “.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنييس فاردا قد ولدت في 30 ماي سنة 1928 في إكسيل في بلجيكا، وهي مخرجة، وكاتبة سيناريو، وممثلة، ومصورة، وفنانة تشكيلية.
وتحظى أنييس فاردا، الشخصية البارزة في الموجة الجديدة في السينما الفرنسية، والبارعة في عالم الموسيقى، باعتراف دولي كبير (جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، والسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وأوسكار الشرف، وغيرها)
ويعد فيلمها الأخير “وجوه وقرى”، الذي أخرجته بتعاون مع الفنان الشاب جون روني الملقب ب “جيه آر” والمرشح لجائزة الأوسكار 2018، دليلا جديدا على حرية وإبداع هذه الفنانة الاستثنائية.


الكاتب : مراكش: جمال الملحاني - تصوير الحسني البومسهولي

  

بتاريخ : 06/12/2018

أخبار مرتبطة

يخلد 21 أبريل من كل سنة يوم الإعلام العربي بموجب القرار الصادر عن الدورة 46 لمجلس وزراء الإعلام العرب، وذلك

أكثر من 87 % يرون أن المحتوى التافه يحظى بأكبر قدر من الانتشار على منصات التواصل الاجتماعي     كشف

يخلد 21 أبريل من كل سنة يوم الإعلام العربي بموجب القرار الصادر عن الدورة 46 لمجلس وزراء الإعلام العرب، وذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *