الملحق التربوي يفتح ملف التعليم الأولي

 تعميم التعليم الأولي وتحسين جودته مدخل لإصلاح

منظومة التربية والتكوين

 

دور التعليم الأولي في تحقيق جودة منظومة التربية والتكوين

يعد التعليم الأولي من ضمن أولويات الإصلاح التربوي ببلادنا لكونه أحد رهانات إصلاح منظومة التربية والتكوين، ويكتسي أهميته الخاصة انطلاقا من المرحلة العمرية لفئة الطفولة التي يقاربها، والتي تشكل مرحلة هامة في التكوين الشخصي للطفل من خلال الانفتاح على أبعاده النفسية والجسدية والعاطفية والعقلية، كمالا يمكن إغفال الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها التعليم الأولي فيما يخص تعميم التمدرس والمساهمة في القضاء على الهدر المدرسي، وفي تحقيق تكافؤ الفرص بين الأطفال خصوصا في المناطق الهشة وفي الوسط القروي، حيث يشكل الحرمان وعدم استفادة أطفال المناطق الفقيرة والنائية من هذه الخدمة عاملا سلبيا قد يحرمهم من إمكانات تنافسية هامة في مسارهم التعليمي، مقارنة مع أقرانهم من الأطفال الذين سبق لهم أن ارتادوا مؤسسات التعليم الأولي .
وتشير الدراسات المتخصصة إلى أن أهمية التعليم الأولي الموجه للأطفال مابين أربع سنوات وست سنوات ،يتيح لهم الانتقال التدريجي من عالمهم الأسري إلى فضاء المدرسة المنفتح ،مع ما تعنيه هذه المرحلة من تنمية القدرات والمهارات والتشبع بالقيم الايجابية.
وقد خلصت مختلف التقارير المنجزة عن التعليم بالمغرب خلال السنوات العشر الماضية الصادرة عن المجلس الأعلى للتعليم، واليونسكو، والبنك الدولي وغيرها، بعد الإشارة إلى أوجه القصور وضعف الأداء الذي ميز هذا القطاع، إلى الضرورة الملحة لإرساء تعليم أولي معمم وذي جودة باعتباره مرحلة قائمة الذات من شأنها تهيئ الأطفال للمرحلة الابتدائية. كما أكدت منظمة “اليونيسف” لرعاية الطفولة أن حضور التعليم ما قبل المدرسي يعد من ضمن المؤشرات الهامة لقياس نجاح الأفراد في حياتهم المستقبلية، حيث أظهرت التجربة أن الأطفال الذين يلتحقون بالتعليم الأولي يمكثون في سلك التعليم لفترة أطول، ويتمكنون من تحقيق إنجازات أكثر والنمو يكون أفضل، مما يستدعي إعطاء الأطفال أفضل الفرص وأفضل البدايات الممكنة و مضاعفة الاستثمار في هذا المجال لأن عائداته قد تتجاوز الاعتبارات التربوية لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية .
واقع التعليم الأولي من حيث الأطر التربوية والطرق البيداغوجية والبنية التحتية والحكامة
لقد مكن تشخيص وضع التعليم الأولي بالمغرب من تحديد المكتسبات والمعيقات ، حيث لم يتمكن المغرب من تحقيق طموح الميثاق في تعميم التعليم الأولي للأطفال ما بين سن 4 و5 سنوات، كما حاولت وزارة التربية الوطنية من خلال البرنامج الاستعجالي تشخيص الوضع العام للتعليم الأولي بالمغرب مبرزة ضعف التمدرس بالتعليم الأولي في العالم القروي، ، و نقص في البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، و تعدد المناهج الدراسية في التعليم الأولي سواء على مستوى اختيار المضامين والأنشطة، أو على مستوى الطرق والوسائل الديداكتيكية وتباين مواصفات المربين والمربيات وضعف تأهيلهم المهني، بالإضافة إلى غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين من قطاعات الحكومية و القطاع الخاص و جمعيات المجتمع المدني .
وفي هذا السياق، سجل تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مؤخرا في تقييمه التحليلي لتطبيق الميثاق(2000/2013) أن ما يقارب 40 % من الأطفال ذوي 4 – 5 سنوات، لا يلجون التعليم الأولي، كما أن العرض التربوي غير مؤطر بشكل منسجم وغير منظم بواسطة معايير ولا يخضع لحكامة جيدة، حيث تكمن خصوصية التعليم في تعدد الأطراف المتدخلة فيه : وزارة التربية الوطنية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وزارة الشباب والرياضة، والجمعيات، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالتعليم الأولي، والقطاع الخاص… ويترتب عنه هذا التعدد عدم انسجام حكامة هذا التعليم وافتقاد الجودة التي تضمن الرعاية الملائمة للطفولة المبكرة.
ويوجد في المغرب اليوم مليون و426 ألفا و185 طفلا في سن التمدرس بالتعليم الأولي، لكن عدد المتمدرسين منهم لا يتعدى 699 ألفا و265، في حين إن 726 ألفا و920 منهم غير متمدرسين. ويتصدر التعليم الأولي التقليدي أنواع التعليم الأولي بالمغرب، بنسبة 63 في المائة، يليه التعليم الأولي العصري بنسبة 24 في المائة، بينما لا يمثل التعليم الأولي العمومي سوى نسبة 13 في المائة.
إن تحليل الدعامات التي يستند إليها التعليم الأولي ، بما فيها الخريطة التربوية، وكذا مسألة التدبير والمراقبة والتمويل والمتغيرات البنيوية والموارد البشرية والمناهج وتعدد المتدخلين يضعنا أمام واقع معقد. والخلاصة هي أن الخريطة الحالية للتعليم الأولي بالمغرب تتميز بتفاوتات كبيرة من حيث الأعداد بين القطاع الخاص، المهيمن، والقطاع العمومي، الذي ما يزال محدودا. كما يتميز بتفاوتات على مستوى الانتشار بين الجهات والجنسين، وكذا كثرة المتدخلين الذين يشتغلون بكيفية معزولة،كما تعاني وضعية التعليم الأولي على المستوى النوعي من إكراهات تربوية كانت تتمثل في غياب رؤية واضحة للتعليم الأولي، وعدم وجود منهاج رسمي موحد مبني على أسس واضحة وقيم تربوية مناسبة للأطفال ،ومصادر التمويل غير منتظمة مع ضعف تكوين المربين و المربيات في هذا المجال. وهذا الوضع المعقد للتعليم الأولي جعل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يضع التعليم الأولي في صلب اهتماماته ويسوق توصيات لتجاوز الإكراهات التي تحول دون تعميمه وتطويره وتحقيق تعميم مبدأ تكافؤ الفرص على مستوى تعميم التعليم الأولي في الحواضر والبوادي.

منظور الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم الأولي وتحسين جودته

باعتبار التعليم الأولي رافعة أساسية للجودة ومجالا لتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص فقد خص تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في رؤيته الاستراتيجية للإصلاح حيزا مهما للتعليم الأولي، حيث سجل في الرافعة الثانية إلزامية هذا التعليم لكل ألأطفال قبل سن التمدرس ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة والإنصاف.ولاحظ المجلس أن مسألة تعميم التعليم الأولي ليست وليدة اليوم، وإنما هي توصية أساسية استأثرت بالاهتمام خصوصا منذ وضع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وكذا في تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008، وفي البرنامج الاستعجالي بالإضافة إلى العديد من الدراسات واللقاءات والندوات، غير أنه لم يتم ترجمة هذا الانشغال إلى برنامج فعلي يحل معضلة هذا الطور التربوي الحاسم بالنسبة لمستقبل التمدرس والتعليم للجميع. وتفاديا لإعادة إنتاج التعثرات نفسها ،وتجنبا لسير التمدرس بإيقاعات مختلفة، يقترح المجلس تصورا متكاملا للنهوض المتدرج بالتعليم الأولي في حدود السنوات العشر الجارية يقوم على تعميم تعليم أولي بمواصفات الجودة، على أن يكون ملزما للدولة والأسر بقوة القانون، ووضع الآليات التي ستتيح انخراط الجماعات الترابية بكيفية فعالة ومسؤولة في إنجاح هذا الورش، وإحداث إطار مؤسساتي تحت إشراف وزارة التربية الوطنية خاص بالتعليم الأولي، والعمل بنموذج بيداغوجي موحد الأهداف والغايات، متنوع الأساليب، وبإطار مرجعي واضح، وإعادة تأهيل مؤسسات التعليم الأولي القائمة، وتكوين الأطر المؤهلة المتخصصة في التعليم الأولي بالمراكز المختصة بالتكوين،و مضاعفة الجهود من أجل العناية بالطفولة المبكرة، في إطار مؤسسات عصرية، لاسيما منها الطفولة في وضعيات خاصة من أجل تيسير ولوجها للمدرسة.ولإنجاح هذا الخيار تم التأكيد على ضرورة الدمج التدريجي للتعليم الأولي في التعليم الابتدائي في إطار سلك التعليم الإلزامي، وذلك من منطلق اعتبار التعليم الأولي قاعدة أساس للإصلاح التربوي ومدخلا حاسما من مداخل جودة التعليم وتكافؤ الفرص بين جميع الأطفال، وعاملا أساسيا في محاربة التكرار والهدرالمدرسي، ووسيلة فعالة لتوفير شروط النجاح في المسار المدرسي اللاحق.
ويتضح من خلال توصيات المجلس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول التعليم الأولي، الرؤية المتكاملة للنهوض بالتعليم الأولي، والطموح لتعميم تعليم أولي بمواصفات الجودة ، وهي أهداف ممكنة التحقيق إذا توفرت إرادة سياسية حقيقية للإصلاح التربوي من خلال الإشراك الحكومي في وضع مخطط مستقبلي لتمويل التعليم الأولي وتطويره ، لكونه يتطلب بالضرورة تكلفة مادية وبشرية مهمة، وكذا العمل في اتجاه سيادة القرار التربوي على القرار السياسي وتحريره من الزمن الحكومي لتجاوز القطائع التي تحدث بين المراحل الإصلاحية بهدف تحصين التراكم ،لكل هذا كان المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي قد انتهى في خلاصاته، ضمن مشروع رؤيته الإصلاحية التي بناها على مبدأ تكافؤ الفرص، إلى ضرورة القيام بثورة حقيقية تجعل من هذا النوع من التعليم إلزاميا، وتوفر له ما يلزم من أدوات النجاح على مستوى بنيات الاستقبال، وتكوين المربين المؤهلين للتعامل السليم مع هذه الفئة من المتعلمين. غير أن هذا الرهان لن يتحقق إلا بمشاركة أطراف أخرى غير وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. والأمر يعني هنا تحديدا الجماعات الترابية التي تقع على كاهلها مسؤولية تحقيق التنمية بكل أنواعها.

إطلاق البرنامج الوطني لتعميم التعليم الأولي وتطويره

أطلقت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي البرنامج الوطني لتعميم التعليم الأولي وتطويره ، تحت شعار: “مستقبلنا لا ينتظر”، وذلك يوم الأربعاء 18 يوليوز 2018، بالمركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس بالصخيرات. تحت الرعاية الملكية السامية .
وتستجيب أهداف هذا اللقاء الهام المنظم بهذه المناسبة، بشراكة مع منظمة اليونسيف ومؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية، للتوجيهات الملكية السامية ذات الصلة بمجال التربية والتكوين، التي تدعو إلى إرساء نظام تربوي فعال ومنصف ومعمم، وتؤكد ضرورة التعبئة الوطنية الفعلية لمختلف الفاعلين المؤسساتيين والخواص حول أوراش الإصلاح، ويأتي اللقاء أيضا في سياق تفعيل الرؤية الاستراتيجية 2015 -2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي جعلت من التعليم الأولي الرافعة الثانية ضمن الرافعات لاستراتيجية للتغيير.
ويهدف هذا اللقاء، إلى تحسيس وتعبئة القطاعات الحكومية والهيآت المنتخبة والمؤسسات والمقاولات العمومية الوطنية والفاعلين في مجال التعليم الأولي والشركاء الدوليين للوزارة والفرقاء الاجتماعيين والقطاع الخاص وهيآت أخرى، من أجل الانخراط والمساهمة في تطوير وتعميم تعليم أولي ذي جودة ببلادنا، مما سيدعم مجهودات الوزارة لمنح جميع الأطفال المغاربة، بدون استثناء، فرصة التفتح والتعلم المبكرين، بما سينعكس بشكل حاسم وإيجابي على مواصلتهم لمسارهم الدراسي إلى غاية بلوغهم مرحلة الرشد.
وقد تميز لقاء الصخيرات بالرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في هذا الملتقى ، والتي ضعت خارطة طريق لتعميم التعليم الأولي وتحسين جودته وحكامته ،حيث أكد جلالة الملك ضرورة أن يتميز التعليم الأولي بطابع الإلزامية بقوة القانون بالنسبة للدولة والأسرة، مبرزا أهمية هذا التعليم في إصلاح المنظومة التربوية، باعتباره القاعدة الصلبة التي ينبغي أن ينطلق منها أي إصلاح، بالنظر لما يخوله للأطفال من اكتساب مهارات وملكات نفسية ومعرفية، تمكنهم من الولوج السلس للدراسة، والنجاح في مسارهم التعليمي، وبالتالي التقليص من التكرار والهدر المدرسـي.
وشدد على أنه وبرغم الخطوات الهامة التي قطعها المغرب في مجال التعليم الأساسي، والرفع من نسبة التمدرس، إلا أن التعليم الأولي لم يستفد من مجهود الدولة في هذا المجال، حيث إنه يعاني من ضعف ملحوظ لنسب المستفيدين ومن فوارق كبيرة بين المدن والقرى، ومن تفاوت مستوى النماذج البيداغوجية المعتمدة، وعدد المربين والمعلمين، وكثرة المتدخلين.
وقال جلالة الملك في هذه الرسالة “ولرفع تحدي إصلاح المنظومة التربوية، فإن التعليم الأولي يجب أن يتميز بطابع الإلزامية بقوة القانون بالنسبة للدولة والأسرة، وبدمجه التدريجي ضمن سلك التعليم الإلزامي، في إطار هندسة تربوية متكاملة”.
وأضاف أنه يتعين إخراج النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بتأطير هذا التعليم، وفق رؤية حديثة، وفي انسجام تام مع الإصلاح الشامل الذي نسعى إليه، واعتماد نموذج بيداغوجي متجدد وخلاق، يأخذ بعين الاعتبار المكاسب الرائدة في مجال علوم التربية، والتجارب الناجحة في هذا المجال.
وتكريسا للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالتعليم الأساسي، فإنه يتعين تركيز الجهود على الحد من التفاوتات بين الفئات والجهـات، وخاصة بالمناطق القروية والنائية، وشبه الحضرية، وتلك التي تعاني خصاصا ملحوظا في مجال البنيات التحتية التعليمية، وذلك بموازاة مع ضرورة تشجيع ولوج الفتيات الصغيرات للتعليم الأولي والاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، عملا بمبدأ التمييز الإيجابي.
وفي السيـاق نفسه ، ألح جلالة الملك على ضرورة بلورة إطار مرجعي وطني للتعليم الأولي، يشمل كل مكوناته، لاسيما منها المناهج ومعايير الجودة وتكوين المربين؛ بالإضافة إلى تقوية وتطوير نماذج التعليم الحالية، لتحسين جودة العرض التربوي بمختلف وحدات التعليم الأولي، في كل جهات المملكة.
وأبرز أن إصلاح قطاع التربية والتكوين، وفي مقدمته التعليم الأولي، يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للأجيال القادمة. لأن أطفال اليوم، هم رجال الغد.
كما أكد جلالته على الدور الجوهري للجماعات الترابية، بمختلف مستوياتها، في المساهمة في رفع هذا التحدي، اعتبارا لما أصبحت تتوفر عليه هذه الجماعات من صلاحيات، بفضل الجهوية المتقدمة، وذلك من خلال إعطاء الأولوية لتوفير المؤسسات التعليمية وتجهيزها وصيانتها، خاصة في المناطق القروية والنائية، لتقريب المدرسة من الأطفال في كل مناطق البلاد.
وخلص إلى أن إصلاح التعليم هو قضية المجتمع بمختلف مكوناته، من قطاعات حكومية وجماعات ترابية ومجالس استشارية ومؤسسات وطنية وفاعلين جمعويين ومثقفين ومفكرين، دون إغفال الدور المركزي والحاسم للأسرة في التربية المبكرة للأطفال، ومتابعة مسارهم الدراسي وتقويمه، مشددا جلالته على أن هذا الورش الوطني الكبير يقتضي الانخراط الواسع والمسؤول للجميع، من أجل كسب هذا الرهان، وتحقيق أهدافه، داخل الآجال المحددة
وتجدر الإشارة إلى انه تم في هذا اللقاء التوقيع على العديد من اتفاقيات الشراكة مع ممثلي بعض الجماعات الترابية والشركاء السوسيو اقتصاديين والمجتمع المدني والفاعلين بالقطاع الخاص بغاية المساهمة في تعميم التعليم الأولي ببلادنا و تطويره.
وانسجاما مع هذه الدعوة الملكية إلى تفعيل التعميم الشامل للتعليم الأولي صادق البرلمان بغرفتيه على قانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والمنبثق عن الرؤية الاستراتيجية ،حيث نصت المادة الثامنة من الباب الثالث على إرساء التعليم الأولي وفتحه في وجه جميع الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين أربع وست سنوات والشروع في دمجه تدريجيا في التعليم الابتدائي في أجل ثلاث سنوات، ويشكلان معا (سلك التعليم الابتدائي )،على أن يتم فتحه في وجه الأطفال البالغين ثلاث سنوات بعد تعميمه.
وقد أعدت وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بدعم من اليونسيف، النموذج البيداغوجي في شكل وثيقة حيث وضعت الإطار المنهجي للتعليم الأولي لسنة 2018 ، كوثيقة مرجعية موجهة للمنهاج التربوي، وترسم المعالم الأساسية لما يتعين احترامه في تربية وتكوين الأطفال في مرحلة التعليم الأولي.
كما صادقت مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية على الدفعة الأولى من الكتب الموازية المطابقة للإطار المنهاجي للتعليم الأولي برسم السنة الدراسية 2019 /2020 وهذه انجازات مهمة في طريق توحيد المنهاج واعتماد كتب موازية للتعليم الأولي متوفرة على مواصفات الجودة والملائمة لخصوصية الطفولة المبكرة.
وعلى المستوى التنفيذي، وحسب ما كشف عنه وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي خلال لقاء خصص لإطلاق البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي المنظم بالصخيرات، فإن الحكومة تتعهد برسم برنامج وطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي، يمتد لعشر سنوات، على أن تحدث وتهيئ في أفق سنة 2028-2027 ما يفوق 57 ألف حجرة دراسية مع تعبئة حوالي 56 ألف مربي ومربية، إلى جانب تكوين وتأهيل حوالي 27 ألف من المربين الممارسين، وكذا إعادة تأهيل فضاءات التعليم الأولي التقليدي الذي يأوي أزيد من 460 ألف طفل وطفلة.
ويطمح هذا البرنامج الذي تقدر كلفته بحوالي 30 مليار درهم إلى تمكين نحو 700 ألف طفل وطفلة من ولوج التعليم الأولي سنويا.
وإذا كان مخطط الوزارة يهدف إلى تحسين جودة التعليم الأولي من خلال تكوين مربي ومريبات التعليم الأولي ، فان هذه المرحلة العمرية تعتبر نقطة البداية في المسار التعليمي للطفل وهي التي ستساعده على مواجهة الصعوبات التعليمية التي يمكن أن تواجهه مستقبلا ، تستدعي أن يكون العاملون في التعليم الأولي حاصلين على تكوين جيد وخبرة في هذا المجال، كما ينبغي العناية بأوضاعهم الاجتماعية والمادية والقانونية لضمان استقرارهم المهني والنفسي يؤهلهم لأداء رسالتهم التربوية على أحسن وجه،ومواكبة التطورات والمستجدات التربوية المرتبطة بمجال اشتغالهم ، خاصة وان القانون الإطار يجعل التعليم الأولي المكون الأول من التعليم المدرسي مدمجا في التعليم الابتدائي .
ويظل الدخول المدرسي الحالي محطة أولى ومهمة للوقوف على مدى ملاءمة الموارد المرصودة والوسائل والخطط الموضوعة لمستوى طموحات مختلف الفاعلين والشركاء في تنفيذ البرنامج الوطني لتعميم التعليم الأولي وعبره رؤية إصلاح قطاع التعليم برمته وخصوصا لانتظارات فئات واسعة ظلت محرومة من التعليم المبكر.


الكاتب : ذ/ محمد المرابطي

  

بتاريخ : 23/01/2020