المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعض 25 شريطا استراليا

السينما الأسترالية تغزو العالم

يكرم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ18 السينما الاسترالية، باعتبارها واحدة من أقدم الصناعات السينمائية في العالم التي قدمت العديد من روائع الفن السابع عالميا، وهي الروائع التي سيتم عرضها خلال هذه الدورة.
الأفلام الأسترالية المعروضة خلال هذه الدورة بعودة إلى الوراء، حيث ستكون البداية من سنة 1971 بفيلم «يقظة وسط الرعب» لـ»تيد كوتشيف» أو «رحلة جبلية» لـ»نيكولا روغ، كما سيتيح هذا السفر للجمهور إعادة اكتشاف أعمال كلاسيكية مثل «Mad Max» لـ»جورج ميلر» أو روائع نادرة مثل الشريط الشهير «نزهة في هانجينغ» لصاحبه «بيتر فير».
هذا وستكون السينما الاسترالية الحديثة حاضرة من خلال أفلام من قبيل «نفش» للممثل الشهير «سيمون بيكر»، «الأسد» لـ «غارث ديفيس»، الذي حقق نجاحا عالميا كبيرا وانتزع ما لا يقل عن 6 ترشيحات إلى الأوسكار في 2017؛ و»القصة الحقيقية لعصابة كيلي لـ»جاستن كورزل»، الذي يجمع عددا من الوجوه الكبيرة ويوجد ضمن قائمة الأفلام الأكثر انتظارا في 2019.

 

اكتسحت مجموعة جديدة من صناع السينما الأستراليين استوديوهات هوليوود مؤخرا. ورغم نجاحهم في الخارج، إلا أن العديد من أفلامهم لم تلق التقدير الكافي في وطنهم. الصحفي الفني لووك بوكماستر يستعرض الأمر بالتفصيل.
فتحت أبواب النجاح أمام المخرج الأسترالي «جيمس وان»، وتفوق آخر أفلامه «فيوريوس 7» بشكل ملحوظ على منافسيه عند افتتاحه في قاعات السينما حول العالم.
وأشيد بالفيلم كتحية لنجمه الراحل «بول ووكر»، كما تجاوزت إيراداته 1.5 مليار دولار أمريكي، مما جعله رابع أكبر فيلم من حيث الإيرادات في تاريخ السينما العالمية.
وكان هذا هو النجاح الأكبر، لكنه ليس الأول، للمخرج البالغ من العمر 38 عاماً، والذي اكتسب خبرته الأولية في ملبورن قبل أن يتوجه إلى لوس أنجليس.
وكان فيلم «انسيدياس»، الذي أخرجه «وان» عام 2011 عبارة عن مهرجان للخوف، أضفى صبغة جديدة على قصص المنازل المسكونة المعتادة. وحقق هذا الفيلم أعلى الإيرادات بين إصدارات السينما الأمريكية هذا العام، إذ وصلت إيراداته إلى 97 مليون دولار أمريكي، وبلغت ميزانية إنتاجه 1.5 مليون دولار أمريكي. أما فيلمه التالي، «الشعوذة»، عام 2013، فقد بلغت إيراداته 318 مليون دولار أمريكي حول العالم، بميزانية إنتاج بلغت 20 مليون دولار أمريكي، ولاقى نجاحاً مفاجئاً لدى النقاد.
كما أن وان في مقدمة جيل جديد من صناع الأفلام الأستراليين الذين وصلوا إلى هوليوود. بل ربما رائد هذا الرعيل الجيد من المخرجين الأستراليين في هوليوود. وبرز وان كأحد أهم وجوه هوليوود، منذ إصدار فيلمه الأول ذو الميزانية المنخفضة، «المنشار» عام 2004. وكان هذا الفيلم قد فشل في جذب تمويل في أستراليا، إلا أن شركة «تويستد بيكتشرز» في لوس أنجليس وافقت على إنتاجه.

عشق مفقود في الوطن

وقد برز «جيمس وان» كواحد من أهم وجوه هوليوود، منذ إصدار فيلمه الأول ذو الميزانية المنخفضة، «المنشار» عام 2004.
وثمة عامل مشترك بين صانعي الأفلام هؤلاء، عدا كونهم من نفس الموطن الأصلي، وهو أن الأفلام التي حازت على انتباه العالم في الخارج فشلت جميعها تقريباً في الحصول على دعم قوي في أستراليا.
ويُعرف عن جمهور السينما الأسترالية صعوبة إرضائهم عندما يتعلق الأمر بمشاهدة الأفلام الأسترالية. وفي السنين الأخيرة، كانت نسبة الأفلام المنتجة محلياً في السينما الأسترالية أقل من خمسة في المئة. لكن هذا لم يمنع صانعو تلك الأفلام من النجاح في هوليوود.
وعلى سبيل المثال، أخرج باتريك هيوز أول فيلم له باسم «التلة الحمراء» عام 2010. وهو من الأفلام ذات النمط الغربي الحديث. وتدور قصة الفيلم حول شرطي صالح يتورط في حمام للدم، إذ يعود قاتل مدان إلى منطقة التلة الحمراء لينتقم من شرطيين مرتشيين، ارتكبوا جريمة نكراء بحق عائلته.
وهو أحد أفضل أفلام التشويق الأسترالية منذ مطلع هذا القرن، لكن إيراداته لم تزد على 300 ألف دولار أسترالي (144 ألف جنيه أسترليني(.
ورغم عدم نجاح فيلم «التلة الحمراء» في أستراليا، إلا أنه جذب انتباه الممثل الأمريكي سيلفستر ستالون، بشكل دفعه إلى الاستعانة بهيوز ليخرج فيلم «فريق الدمار 3». حتى أن ستالون أعلن عن مشاركة هيوز في الفيلم على موقع «تويتر»، مقارناً إياه بأول أفلامه «روكي». وقد رُصدت ميزانية ضخمة للفيلم القادم للمخرج هيوز، وهو إعادة إنتاج نسخة جديدة من ملحمة أندونيسيا المهيبة لعام 2011، «الغارة: الفداء». وهو فيلم مثير، ومشوِّق، ومليء بالمعارك اليدوية.
من «أديليد» إلى «كان»
جذب فيلم «التلة الحمراء» انتباه سيلفستر ستالون، وطلب من باتريك هيوز إخراج فيلم «فريق الدمار 3»
كما شارك جاستن كورزيل، المولود في جنوبي أستراليا، في مهرجان «كان» هذا العام بإنتاج جديد ومطور لقصة «ماكبيث». وقام الممثل مايكل فاسبيندر بدور البطولة، وماريون كوتيلارد زوجة ماكبيث.
وكان الفيلم الأول لـ كورزيل هو «بلدة الثلوج»، وهي قصة درامية عن سفاح، تدور أحداثه في بلدة «أديليد»، بتكلفة حوالي مليوني دولار أسترالي (960 ألف جنيه استرليني).
ورُصد للفيلم التالي للمخرج كورزيل ميزانية أكبر إلى حد ما، وسيقوم بتحويل لعبة فيديو «عقيدة القاتل» إلى فيلم من بطولة فاسبيندر وكوتيلارد.
ولا يقتصر تأثير صناع السينما الأستراليين على هوليوود، ففيلم «هذه الساعات الأخيرة» للكاتب/المخرج الشاب زاك هيلديتش عرض في مهرجان كان عام 2014 ضمن فعاليات «أسبوعين للمخرج».
وتدور أحداث الفيلم في اللحظات الأخيرة لدمار وفوضى تعم الكرة الأرضية. وهي رؤية مميزة لعالم في طريقه إلى الفناء، ولكن الفيلم لم يحقق أرباحا تذكر في شباك التذاكر الأسترالية.
ولعل الاحتفاء بالفيلم في مهرجان كان منح هيلديتش الفرصة لتوقيع عقد مع شركة «يوروبا كورب» لصاحبها لوك بيسون، ليعيد كتابة وإخراج وإنتاج فيلمه لصالح شبكة تليفزيون أمريكية.
عُرض فيلم «هذه الساعات الأخيرة» للمخرج زاك هيلديتش، ضمن فعاليات «أسبوعين للمخرج» في مهرجان كان السينمائي العام الماضي
ولم تلق جميع الأعمال الجديدة لصانعي الأفلام الأستراليين الكبار ردوداً فاترة. وفي عام 2010، قدم الكاتب/المخرج ديفيد ميتشود عمل درامي بعنوان «مملكة الحيوانات»، وهو مستوحى من جرائم بشعة ارتكبتها عصابات في ملبورن خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وحقق هذا العمل إيرادات بلغت خمسة ملايين دولار أسترالي (2.4 مليون جنيه استرليني) من شباك التذاكر الأسترالية، وهو مبلغ كبير بالنسبة لأرباح السينما الأسترالية، ونال العديد من الجوائز والأوسمة.
إلا أن هوليوود هي التي منحته اهتماماً واسعاً. ورُشّحت الممثلة جاكي ويفر لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة، في دور قوي كأم متسلطة لعائلة من المجرمين. ويُعد ميتشود الآن لفيلم «آلة الحرب»، وهي كوميديا ساخرة من بطولة براد بِيت.
ويمكن القول إن الأستراليين سيجتاحون هوليوود. أو ربما، كما في حالة وان وكورزيل، فقد اجتاحوها بالفعل. وهذه الموجة الجديدة من صانعي الأفلام الأستراليين تعد واحدة من أفضل من هاجروا من وطنهم من صناع الأفلام.
وقد ساهمت نهضة السينما الأسترالية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في صناعة العديد من الأفلام الأمريكية الكلاسيكية على يد مخرجين أستراليين. ومن بين هذه الأفلام «مجتمع الشعراء الأموات» للمخرج بيتر ويير عام 1989، و»قيادة ميس ديزي» للمخرج برووس بيريزفورد عام 1989، و»ألعاب وطنية» للمخرج فيليب نويس عام 1992.
غير أن الفرق الرئيسي بين الماضي والحاضر هو أن ويير، ونويس، وبيريزفورد، وغيرهم من المخرجين، قضوا ما لا يقل عن عقد من الزمن في إخراج أفلام طويلة في وطنهم قبل المغامرة بالذهاب إلى لوس أنجليس. وقد تغير الزمن. وهوليوود الآن مستعدة لجني الثمار، ويحق للمشاهدين الشعور بالسعادة والحماس.


الكاتب : لوك بوكماستر

  

بتاريخ : 30/11/2019