بإيغرم إقليم تارودانت : معاناة السكان تحت «وطأة» المياه العادمة المنذرة بأوخم العواقب

 

«لماذا لم يحقق مركز إيغرم، المتواجد بالنفوذ الترابي لإقليم تارودانت، القفزة التنموية المأمولة، التي تمنحه المقومات البنيوية اللازمة لكي يتجاوز العديد من الإكراهات التي تشده إلى الخلف؟».
إنه السؤال الكبير الذي بات يوحد أحاديث ونقاشات أبناء المنطقة، خاصة النشطاء منهم في المجال الجمعوي، لدرجة سبق أن تساءل بعضهم «هل إيغرم مدينة أم قرية؟».
في اتصال مع بعض هؤلاء، أومأنا إلى التداعيات المحتملة للموقع الجغرافي على واقع المنطقة، المحسوبة جغرافيا «على الجزء الأوسط من الأطلس الصغير، حيث تتميز بشح المياه وندرتها، والتي لا تتمثل سوى في بعض الفرشات الباطنية على شكل ينابيع مائية ضعيفة في قعور الأودية»، فكانت الإجابة: «إن الأمر يعود بالأساس إلى غياب رؤية واضحة لدى مدبري الشأن المحلي بالمنطقة، والذين اقتعد بعضهم كرسي المسؤولية لولايات عديدة، دون أن يفلحوا في تحقيق مشاريع ناجعة من شأنها الاستجابة للحد الأدنى من انتظارات الساكنة المحلية، وفي مقدمتها فئة الشباب، الذين ترمي العطالة بالعديد منهم في شباك الإدمان على المخدرات بشتى أنواعها».
وارتباطا بموضوع معاناة الساكنة مع تردي البنى التحتية الضرورية لتحسين مستوى العيش وجعله في منأى عن أي أخطار بيئية – صحية، أشار أحد الجمعويين إلى «معضلة الواد الحار، التي أضحت مدعاة للقلق والغضب»، مضيفا، بتأسف شديد، «ما يحز في النفس أن ضاية من مياه الصرف الصحي تتجمع بمدخل المركز، غير بعيد عن إحدى المؤسسات البنكية، تستقبل العابرين، من المسافرين وغيرهم، على متن مئات الحافلات، الشاحنات والسيارات، بشكل يومي وطيلة فصول السنة، بمناظر تثير التقزز في النفس وتجعل أبناء المنطقة الغيورين على صورتها العامة، يحسون بحرج شديد»؟.
«أكثر من ذلك – يتابع محدثنا – فالمياه النتنة «تتدفق» من أمام عشرات المنازل السكنية والمحلات التجارية، ممتدة إلى جوار إحدى المدارس»، بدوار «دو كفايان» ، والتي تحتضن تلاميذ صغارا وجدوا أنفسهم مكرهين على استنشاق الروائح الكريهة يوميا، بمعية الطاقم التربوي والإداري، ما يشكل مبعث قلق دائم بالنظر للعواقب الصحية الوخيمة الناتجة عن هذه الوضعية غير السليمة، التي تلحق أيضا ضررا جسيما بالفرشة المائية لبعض الآبار، وكذا عشرات أشجار اللوز، التي يتحدث المسؤولون عن تسطير برامج لتثمينها وحمايتها؟».
وبخصوص تعثر مشروع «تدبير مياه الصرف الصحي»، أشار المصدر نفسه، إلى «أنه خلال سنة 2008 سبق لسكان المنازل المعنيين وأصحاب المحلات التجارية، أداء مبلغ حدد في 2000 درهم كمستحقات للاستفادة من الربط بأنابيب الصرف الصحي، دون أن يتم التخلص من هذا الكابوس البيئي ونحن الآن في 2020»، لافتا «إلى أن المسؤولين المحليين لم يستحضروا مسألة إيجاد مصب مناسب للمياه قبل التفكير في إنجاز المشروع»؟.
وعن سؤال بشأن اتصالهم بالسلطات المعنية إقليميا، رد قائلا: «خلال لقاء تواصلي احتضنته إحدى قاعات البلدية، في أحد أيام رمضان «2018»، بحضورعامل الإقليم، ألح العديد من الجمعويين على استعجالية إيجاد حل لهذه المعضلة البيئية، وأعطيت الوعود من أجل التحرك السريع، لكن الانتظار مازال سيد الموقف.»
«إنها وضعية شاذة يعجز المرء عن استيعاب أسباب استمرارها ، ففي الوقت الذي تتسابق جماعات ترابية عديدة ، حضرية وقروية ، على امتداد جهات البلاد ال 12، من أجل الحفاظ على نظافة المحيط البيئي ومحاربة التلوث، يعاني مركز إيغرم من «قتامة بيئية» مقلقة، تؤشر على تناقض تام مع أهداف برامج تنمية العالم القروي المسطرة مركزيا «يخلص المصدر نفسه، داعيا الجهات المسؤولة إلى «التحرك من أجل حماية السكان، بكل فئاتهم العمرية، من مختلف الأمراض المحدقة بهم»، علما بأن بلوغ هدف «تحسين الأوضاع العامة للساكنة يبقى رهينا بالظروف الصحية المرتبطة بالمحيط البيئي، وخاصة شروط تصريف المياه العادمة».


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 27/02/2020