بسبب تعقيدات مسطرية : أبواب مؤسسات خيرية موصدة في وجه مشردين ومهمّشين

 

بات مشهد افتراش العديد من الأشخاص للأرض في أحياء بيضاوية أمرا «طبيعيا»، اعتاد المارة على صوره المختلفة دون أن يلتفت عدد كبير منهم إلى تفاصيلها أو يهتموا بأصحابها. أجساد مكوّمة متكدّسة، في الشارع العام، عند الملتقيات، وبجوار عدد من المؤسسات والبنيات، كالمحطة الطرقية لأولاد زيان، وبتراب الأحباس، وعلى امتداد خط السكة الحديدية بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان نموذجا.
أشخاص من مختلف الأعمار، أطفال، يافعون وراشدون، بل وحتى مسنون، من الجنسين، ممن لا مأوى لهم، يعيشون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، معرضون لكل أشكال الخطر والضرر، منهم من اختار طوعا الحياة بهذا الشكل، ومنهم من وجد نفسه مكرها على التجوال بين الأزقة والأحياء، يحمل بين يديه بطانية وأسمالا، وقد يقتصر الأمر على قطع كرتونية يحرص عليها حرصا شديدا، لكونها «تخفّف» عنه قساوة البرد وصلابة الأرض.
وضع معتل يطرح أكثر من علامة استفهام، في ظل استمرار تلك المشاهد والصور، رغم «تحدي» إخلاء الشوارع، إذ يعاني الكثير من الأشخاص الذين لا مأوى لهم الأمرّين حين يقررون طرق باب إحدى المؤسسات الخيرية من أجل احتضانهم، إذ توصد في وجوههم وتوضع عدد من العراقيل أمام ولوجهم إليها، خاصة في أيام البرد والطقس الماطر. مواطنون بدون مأوى طرقوا أبواب مؤسسات اجتماعية كدار المسنين بعين الشق نموذجا، لكن طُلب منهم الإدلاء بشهادة إدارية وتوجيه موقع من طرف القائد رئيس الملحقة الإدارية التي ينام المعني بالأمر في أزقة نفوذها الترابي، فما كان من الراغب في البحث عن جدران تحميه وفراش يأويه، وطعام يشبع جوعه، إلا أن عاد أدراجه إلى درب السلطان وظل يتردد طيلة أيام على الملحقة الإدارية علّه يظفر بتلك الشهادة دون أن يتحقق له ذلك؟
حالة ليست الوحيدة ، إذ أن هناك الكثير من الحالات التي رغب أصحابها في ولوج المؤسسات الخيرية دون أن تكون الطريق أمامهم معبّدة، رغم العديد من الصور والمشاهد الصادمة التي ترد بين الفينة والأخرى من داخل أسوار بعض «الخيريات» التي لا تختلف عن تلك التي قد يعيشها المشرد في الشارع. طلبات ترتفع في صفوف المشردين وفي صفوف حتى بعض الأسر التي أمام منسوب الفقر الذي تعيشه، ونتيجة لأوضاع اجتماعية مؤلمة، تبحث الأم، كما هو الحال بالنسبة لـ «خديجة» وهي من قاطني أحد دور الصفيح بتراب مقاطعة عين الشق، عن مؤسسة خيرية تضع بين أيديها فلذة كبدها، ما دامت هي تشتغل في البيوت طيلة اليوم، وليس هناك من يستطيع رعاية ابنها والاهتمام به، بسبب ممارسة أبٍ غير سوية، ومحيط سيتلقّى منه سلوكات ضارة، تقول هذه الأم في تصريحها لـ «الاتحاد الاشتراكي»، ورغم طرقها لكل الأبواب فقد وجدتها مقفلة في وجهها.
ولوج دور الرعاية والمؤسسات الخيرية، ليس بالأمر الهيّن، لأنه مقيّد بعدد من الإجراءات والشروط القانونية، التي يتعذر على البعض القيام بها والتوفر عليها، فضلا عن ممارسات إدارية هي لوحدها تحتاج لكثير من التشريح، التي تشكل بأجمعها حواجز «تحكم» على عدد من الراغبين الدخول إليها البقاء في الشارع!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/03/2019