بعد دعوة الوزارة لاعتماد التكنولوجيات الحديثة للتعليم عن بعد بسبب كورونا 

مصادر من الجامعات تؤكد أن المكونات المعنية غير مؤهلة لذلك في الوقت الراهن

والاتحاد تنقل تجارب دول أخرى عاشت تقنية التعليم
عن بعد في تفاصيلها الإنسانية

 

طالب الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي رؤساء الجامعات المغربية بالاستعداد لاستعمال تقنيات التكنولوجيا لتلقين الطلبة الدروس عن بعد، لما تفرضه الظرفية الحالية من تعبئة لمواجهة وباء كورونا المستجد.
وشدد الوزير إدريس اعويشة على ضرورة موافاته بكل إمكانيات التكنولوجيات الحديثة للتواصل المتوفرة لدى الجامعات قصد استعمالها من أجل تسجيل وتوفير مضامين مواد التلقين والتأطير ووضعها رهن إشارة الطلبة عن بعد.
ودعت المراسلة ذاتها إلى الإعداد وموافاة الوزارة بتصور استراتيجي لمواجهة الظرفية الخاصة التي يعرفها العالم بأسره، والذي يرمي إلى التصدي لفيروس كورونا داخل فضاءات المؤسسات التي تحتضنها الجامعات تلافيا لخلق بؤر للعدوى مراعاة لصحة وسلامة الأساتذة وكذا الطلبة والإداريين والتقنيين.
هذا الطلب يأتي بعد عقد اجتماع تواصلي مؤخرا مع اليونسكو عبر تقنية الفيديو، والذي هم مجموعة من الدول من أجل التعبئة الشاملة قصد التصدي لانتشار فيروس كورونا المحتمل.
المبادرة التي دعا إليها الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، والتي من المرتقب أن يكون قد عقد لقاء يوم أمس الجمعة مع رؤساء الجامعات المغرببة لهذا الغرض، يستبعد الكثير من العارفين بواقع الجامعات المغربية  تحقيق هذا الهدف، على الأقل في الوقت الحالي، واعتبر العديد ممن اتصلت بهم جريدة الاتحاد الاشتراكي، أن الواقع الذي تعيشه الجامعة المغرببة اليوم،لايؤهلها للعب هذا الدور، لعدة اعتبارات وأسباب موضوعية، منها أن الوسائل التكنولوجية غير متوفرة لإنجاز هذا المشروع، كما أن العديد من الأساتذة لم يواكبوا التطور التكنولوجي، إذ يمكن أن ينجح هذا الهدف في المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود مثل كليات العلوم والتقنيات، وغيرها من المؤسسات الجامعية التي تعتمد أصلا في عملية التدريس على التكنولوجيات الحديثة، واعتبرت مصادرنا أنه بالإضافة إلى العديد من الأساتذة الذين لم يواكبوا التكنولوجيات الحديثة، هناك أيضا الطلبة والموظفين، زيادة على غياب ماهو لوجستيكي، أي من المفروض لإنجاح مادعت إليه الوزارة أن يتم التحفيز من أجل اقتناء الحواسيب بشكل رمزي وتوفير الصبيب الخاص بالانترنت من خلال توقيع شراكات مع الشركات الخاصة بذلك.
وأوضحت مصادرنا أن أغلب الأساتذة غير مؤهلين حاليا لذلك، إذ يتطلب الأمر استعدادا قبليا لتهييء الدروس بالمعايير التي تتطلبها هذه التقنية، وأشارت مصادرنا إلى أن اعتماد هذه التقنية تم العمل به بمبادرة من طرف أساتذة كلية الحقوق بالمحمدية، من خلال تقنية المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وقد استقطبت هذه العملية العديد من الطلبة من كل أنحاء المغرب، وهي التقنية التي قوبلت باستحسان كبير، وعلى أي فهي تبقى المبادرة اليتيمة داخل جامعاتنا المغربية.
الإطار والباحث في العلوم الجنائية المصطفى السعداني أوضح لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن هذه العملية تعتبر وسيلة من وسائل التعليم المبتكر الذي يعتمد على المعلومات، وهذه العملية ستمكن الجامعات من مواجهة بعض الصعوبات بطرق بيداغوجية عصرية تمكن الطلبة من اكتساب مهارات والولوج لسوق الشغل، بالإضافة إلى تمكين شريحة واسعة من ذوي الاحتياجات الخاصة والقاطنين بمناطق المغرب غير النافع من متابعة الدروس، غير أن عملية الرقمنة أو التعليم عن بعد تصطدم بعدة صعوبات منها، غياب الاستثمارات في مجال التجهيزات المعلوماتية الدقيقة والهندسة البيداغوجية، الخصاص في البنيات التحتية، حيث أن عملية الرقمنة أو التعليم عن بعد لا تقتصر على الجوانب الإدارية والبيداغوجية فقط، بل هي عملية تشمل الهندسة البيداغوجية والإدارية والبنيات التحتية، مما يتطلب ميزانية كبيرة دون إغفال مسألة التنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال الرقمنة، مع التأكيد على دور القطاع الخاص في عملية تشاركية، ولا ننسى، يضيف الباحث المصطفى السعداني، القدرة الشرائية الضعيفة لعدد كبير من الطلبة، وغياب تسهيلات من طرف الأبناك بالنسبة للطلبة والأساتذة والإداريين لاقتناء معدات معلوماتية.
على العموم، يقول الإطار والباحث في العلوم الجنائية المصطفى السعداني، تبقى مسألة التعليم عن بعد في خدمة الطالب والأستاذ والإداري عبر التفاعل المباشر في الجانب البيداغوجي والأكاديمي من خلال تقنية المقررات الإلكترونية واستعمال مواقع التواصل الإجتماعي عبر تقنية المباشر في إلقاء المحاضرات، بالإضافة إلى خلق مكتبات جامعية افتراضية والتنسيق مع المواقع العالمية والمهتمة بالموضوع.
بالمقابل، يقول الإطار والباحث المصطفى السعداني، ردا على سؤال مرتبط بمشاريع رؤساء الجامعات في هذا الشأن، ومنها جامعة الحسن الأول بسطات، التي ينتمي إليها، أن هذا لايعني أن هذا المشروع غير قابل للتطبيق بالمطلق، بل نجد أن رؤساء الجامعات المغربية يضعون هذا الأمر نصب أعينهم، كما هو الأمر بالنسبة لرئيسة جامعة الحسن الأول بسطات الدكتورة خديجة الصافي، التي تم تعيينها بناء على هذا المشروع، مما يعني أن استراتيجية ومشروع رئيسة الجامعة هو العمل على تجويد الخدمات البيداغوجية المقدمة للطالب والمرتفق عموما، حيث جاء مشروعها من أجل جامعة عصرية ومعصرنة عن طريق التكنولوجيات الحديثة للتعليم والتكوين والتكوين المستمر، وإيصال المعلومة والتواصل الفعال، حيث أن هذه العملية تتمحور حول التكوين والبحث العلمي والتدبير الحكيم والتواصل الفعال والتعاون مع مختلف الشركاء المعنيين للرقي بالجامعة ومن خلالها المدينة ثم الجهة والوطن بشكل عام للوصول إلى ماقاله ملك البلاد « لنجعل من الجامعة رافعة للتنمية».
وبالتالي فمشروع الرئيسة لتطوير الجامعة يتأسس على استغلال التكنولوجيا الحديثة في مختلف أنشطة الجامعة، ومن تم اللحاق بالركب التكنولوجي الحديث وفق رؤية الوزارة، وكذا وفق رؤية المغرب الرقمي.
على أي، يوضح السعداني، أنه بغض النظر عن وجود فيروس كورونا من عدمه فرئاسة الجامعة ماضية في تفعيل الرقمنة لتشمل البيداغوجي والأكاديمي والإداري والحق في الوصول إلى المعلومة عبر تواصل معلوماتي حديث يضمن الجودة والفعالية، ويقدم خدمة للطلبة على الخصوص لتخطي جل الصعوبات التي يعانيها الطالب في ظل الارتفاع المتزايد للطلبة بالكليات ذات الاستقطاب المفتوح،
وكذلك الأمر بالنسبة لكلية الحقوق بسطات، حيث ركز مشروع عميدها نجيب الحجيوي على هذا الهدف بحكم أن كلية الحقوق تعتير من بين المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، ويدرس بها 34ألف طالبة وطالب، وذلك من أجل وضع لحد للاكتظاظ، وقد ركز مشروعه على هذا الهدف أيضا.
في التجارب العالمية ساهم فيروس كورونا في انتشار التعليم عن بعد بسبب إغلاق المدارس، ونقلت وكالات الأنباء تجارب العديد من المواطنين، كما هو الشأن بالنسبة للمواطنة اليابانية مايومي إيجيما، التي عندما سمعت أن المدارس في اليابان ستغلق أبوابها مع انتشار فيروس كورونا المستجد شعرت بصدمة كبيرة خصوصا أن عليها التوفيق بين عملها وطفليها الصغيرين، وقالت المرأة البالغة 40 عاما التي تعمل في مجال الموارد البشرية في طوكيو لوكالة فرانس برس» قلت في نفسي لا يمكن أن يحصل ذلك، ماذا عسانا نفعل؟»، وعلى غرار أهالي التلاميذ في إيطاليا وإيران، تجتهد إيجيما لإيجاد سبل لتسلية أولادها وتعليمهم مع إغلاق المدارس أبوابها، ما أثر على تعليم أكثر من 290 مليون تلميذ في العالم بحسب الأمم المتحدة.
في اليابان، خلف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذهول في صفوف الأمة والأهل في البلاد بعدما دعا إلى إغلاق المدارس حتى مطلع أبريل تقريبا ويمكن لدور الحضانة ونوادي النشاطات ما بعد المدرسية أن تبقى مفتوحة إلا أن قرار الإغلاق يطال ابن إيجيما البالغ تسع سنوات وابنتها البالغة ثماني سنوات، ولا يتمتع زوج إيجيميا بليونة كبيرة في عمله إلا أن شركتها سمحت لموظفيها باصطحاب أولادهم معهم إلى مكان العمل على أن يبقوا في قاعة المؤتمرات مع تشجيع الموظفين الآخرين على المساعدة، وقالت جونكو ساتو الناطقة باسم
شركة جينجيبو حيث تعمل إيجيميا: «نحن كشركة قررنا عدم عزل الأمهات العاملات، عندما يعملن يمكنهن التركيز على عملهن فيما بقية الموظفين يهتمون بالأطفال»، وتعرب إيجيما عن امتنانها لهذه التدابير إلا أن الوضع ليس مثاليا، وتقول لقد جلبنا كتبا ودفاتر للأطفال وهم يحبون أيضا الأشغال اليدوية لكني آمل أن تستأنف الدراسة سريعا فأنا قلقة على تعليمهم.
في هونغ كونغ أغلقت المدارس في مطلع شهر فبراير، وقد لجأ الكثير من المدرسين إلى تطبيقات لعقد اجتماعات مشتركة عبر الهاتف للتواصل والتفاعل مع التلاميذ إلا أن ذلك يتطلب اتصالا قويا بالإنترنت اللاسلكي وإلماما بالحواسيب ويعمل بيلي يونغ في مدرسة ابتدائية يأتي الكثير من تلاميذها من عائلات متدنية الدخل ولا يعرف الأهل في كثير من الأحيان كيفية تحميل الوثائق ويقول:»قال لي بعض الأهل إنهم لا يملكون الإنترنت في المنزل، وقال لي أحدهم إنه استنفد حزمة البيانات النقالة لتحميل مواد التعليم»، وتحاول إلسا وونغ، وهي أم عزباء، أن تعلم ابنها ريك البالغ 11 عاما في المنزل وهو يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وهي سعيدة بتمكنها من مراقبة تقدمه عن كثب، مشيرة إلى أن نجلها أكثر هدوءا في المنزل عموما إلا أن القيام بذلك بمفردها صعب ومنهك جسديا، على ما تؤكد وونغ، التي طلبت الشركة حيث تعمل، من موظفيها، العمل من المنزل، ويقول ليو البالغ 14 عاما: «أشعر بأن التركيز أسهل والضغط أقل»، وهو عادة ما يتابع تسع حصص دراسية يوميا، أما الآن فلديه جلستان من 45 دقيقة لكل واحدة عبر تطبيق تواصل عبر الفيديو.
في كوريا الجنوبية أقفلت المدارس حتى 23 مارس وتعتمد هان جي­هي خبيرة المحفوظات على زوجها ووالدتها وابنة شقيقتها لحضانة نجليها وتقول هان المقيمة في سوون جنوب سيول: «أكره هذا الوضع فعلا فالأطفال يعانون من السأم ولا يمكنهم الخروج للعب في الحديقة أو ملاقاة أصدقائهم، لذا فهم لا يفعلون شيئا «. وتضيف ينتهي بهما الأمر إلى مشاهدة برامج التلفزيون أو اللعب على الهاتف.
تدابير إغلاق المدارس لم تتخذ في كل الدول، ففي سنغافورة رفضت الحكومة حتى الآن القيام بذلك مشددة على أن ذلك سيؤدي إلى اضطرابات في حياة كثيرين، وقالت وزارة التربية حتى لو لزم كل التلاميذ المنازل لا ضمانة بأنهم لن يصابوا بالعدوى. وفي طوكيو تعج أماكن شعبية، مثل هاراجوكو وشيبويا بالمراهقين، فيما ينتشر الأطفال في المتنزهات، ويقول صبي في التاسعة لوكالة فرانس برس، وهو يلهو في منتزه: «تجلس والدتي إلى جانبي طويلا قبل الظهر ولا خيار لدي سوى القيام بواجباتي المدرسية»، ويضيف، «النقطة الإيجابية الوحيدة هي أن بإمكاني لعب نينتندو سويتش لفترات طويلة من دون احترام مدة 45 دقيقة المعتمدة عادة كحد أقصى».


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 14/03/2020