“تجفيف منابع الإرهاب” للدكتور محمد شحرور 25- أي تجديد لا يسمى تجديدا إلا إذا اخترق الأصول أحاديث تتعارض مع آيات التنزيل الحكيم

كتاب “تجفيف منابع الإرهاب”  للدكتور محمد شحرور ، كتاب يضع من خلال فصوله ، الأصبع على الجرح بشكل  مباشر .
العنوان قد يراه البعض أنه مستفز، انتبه إليه الدكتور شحرور وأجاب عنه بوضوح  تام، حيث يؤكد أن اختيار هذا العنوان جاء  لقناعة منه، بأن الحل الأمني فى معالجة ظاهرة الإرهاب المنتشرة فى العالم لا يكفي،  وإنما هى مرتبطة بأمرين اثنين وهما، الثقافة المنتشرة فى مجتمع ما، والاستبداد.
في ثنايا هذا المؤلف المهم ،تطرق  الفقيد الدكتور محمد شحرور إلى  مواضيع  عدة ويتساءل أيضأ، هل الإسلام حقا مسؤول عن  الإرهاب  ،أم المسؤول هو الفقه الإسلامي التاريخي، الذى صنع إنسانيا بما يلائم الأنظمة السياسية؟،كما تطرق إلى سؤال آخر ، هل القضاء على الحركات الإسلامية المتطرفة يتم  بمكافحة الإرهاب، وهل الحروب والقوة المسلحة كافية للقضاء على الإرهاب،  أو أن له جذورا فى أمهات كتب الفقه؟.
لم يتوقف الكتاب عند  طرح  الأسئلة  فقط، بل يجيب عنها بعقلانية أيضا،كما وقف بالتفصيل على تفاسير  معاني العديد من الآيات القرآنية  الكريمة،ويؤكد أن تفسيرها غير الصحيح،سبب  انحرافا ملحوظا عن الرسالة التى حملها الرسول (ص)، لتكون رحمة للعالمين، كالجهاد والقتال والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والولاء والبراء والكفر والردة.
الطبعة الثانية الصادرة عن دار الساقي،جاءت، لأن المنهح كما يقول المفكر محمد شحرور،  فرض علينا تعديل بعض المفاهيم التي وردت في الطبعة الأولى،  ولاسيما أن هذه التعديلات أجابت عن تساؤلات كثيرة كانت لاتزال  عالقة.
لايحمل الكتاب فقهاء تلك العصور وزر مانحن فيه كاملا، بل حمل المسؤولية من أتى بعدهم وزر الوقوف عند رؤيتهم بصحيحها وخطئها، داعيا إلى الخروج من القوقعة التي نحن فيها.
ونبه الكتاب إلى ضرورة ألا نضع أنفسنا كمسلمين في موضع الاتهام بكل مايعيشه العالم من تطرف وإرهاب، في نفس الآن، يرى أنه لزاما علينا  إعادة النظر في أدبياتنا وماتراكم من فقه،فالعالم لايتهمنا دائما بغير وجه حق، ويخلص إلى أن الشباب الذين ينفذون عمليات انتحارية ليسوا مجرمين في الأساس، بل هم  غالبا ضحايا تزوير الدين وتشويهه، فهم من وجهة نظره، نشأوا على تمجيد الموت، والنظر إلى القتل كالقتال والشهادة، والآخر المختلف كافر يجب القضاء عليه.وتعلم أن الجهاد في سبيل الله هو قتل الكافرين، بغض النظر عن مقياس الكفر والإيمان. 

 

اختار الدكتور محمد شحرور نموذجين  من الأحاديث  على سبيل المثال لا الحصر، من بين عشرات الأحاديث في كتب الصحاح والمسانيد والموطآت والسنن، التي تدور حول محور إلغاء دور العمل في تحديد مصير الإنسان، تارة تحت عنوان “رحمة لله” وتارة تحت عنوان “جفت الأقلام وطويت الصحف”، منها  ماأخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الرحمان بن عوف أن أباهريرة قال، سمعت رسول لله صلى لله عليه وسلم يقول “لن يدخل أحدا عمله الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول لله؟ قال، لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا ولايتمنين أحدكم الموت إما محسنا، فلعه أن يزداد خيرا، وإما مسيئا، فلعله أن يستعتب”.
والحديث الثاني  عن عبد لله بن عمرو قال: خرج علينا رسول لله صلى الله عليه وسلم وفي يديه كتابان فقال:أتدرون ماهذان الكتابان؟ فقلنا: لا يارسول لله إلا أن تخبرنا، فقال للذي بيده اليمنى:هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، أجملهم عن آخرهم فلا يزاد فيهم ولاينقص منهم أبدا، ثم قال للذي في شماله:و هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، أجملهم عن آخرهم فلا يزاد فيهم ولاينقص منهم أبدا. فقال أصحابه: ففيم العمل إن كان أمرا قد فرغ منه؟ فقال: سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، ثم قال رسول لله صلى لله عليه وسلم بيديه فنبذهما، ثم قال: فرغ ربكم من العبادة، “فريق في الجنة وفريق في السعير”.
ويقول الدكتور محمد شحرور، إن الحديث الأول عند البخاري، فالمشكلة فيه نقلية، بمعنى أنه يتعارض عموديا مع آيات التنزيل الحكيم  في هذا الباب، ويتعارض عموديا أيضا مع أحاديث نبوية أخرى تأمر بالعمل وتحض عليه، أما الحديث الثاني، عند الترمذي، يقول الدكتور محمد شحرور، فالمشكلة فيه عقلية  إذ يحكي أولا عن كتابين من رب العالمين فيهما أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، وأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، لايزاد فيهم ولاينقص فيهم.
ويضيف المفكر محمد شحرور، إن فرضنا قياس الكتاب 25×25 سم، وأن ورقة في مثل رقة ورق السجائر، وأن كل ورقة تتسع على الوجهين لـ 400 اسم، وتركنا أسماء من عاشوا قبل القرن السابع الميلادي وأسماء من سيأتون  بعد القرن العشرين، مكتفين بمن عاشوا خلال 14 قرنا ميلاديا ،رغم أن المعنى العام للحديث يشير إلى أن المقصود هو أهل الجنة والنار من أول الخلق إلى أن تقوم الساعة، وفرضنا أن متوسط عمر الجيل هو 50 عاما مع أنه أقل من ذلك إن توخينا الدقة، ثم فرضنا  أخيرا يضيف محمد شحرور، أن عدد سكان الأرض في العصر النبوي لايزيد عن 200 مليون  وأن عددهم في نهاية القرن العشرين لايزيد عن خمسة مليارات إن اعتمدنا أدنى الإحصائيات الموثقة، تنتج لدينا يقول الدكتور محمد شحرور، هذه المعادلات، أي 1400 سنة مقسومة على 50 تعطينا 80 جيلا، أما إذا نقصنا 200 مليون من 5مليارات  فتكون النتيجة 4،8 مليار مقدار زيادة عدد السكان خلال 14 قرنا، ودائما  في اعتماده  على المعادلة الرياضية  يضيف محمد شحرور، إذا  بقسمة 4،8 مليار على 28 يكون الناتج  هو 170 مليونا مقدار الزيادة في كل جيل.
وهذا يعني أن عدد سكان الأرض في نهاية الجيل الأول هو 370 مليونا، خلفهم أبناء الجيل الثاني مع الزيادة ليصبحوا 540 مليونا، ثم ذهب هؤلاء ليحل محلهم جيل ثالث عدده بعد الزيادة 710 ملايين… وهكذا إلى آخر الأجيال الـ 28، وبعملية جمع بسيطة يقول المفكر السوري، ينتج أن عدد من تعاقبوا على الأرض من الخلق منذ العصر النبوي حتى نهاية القرن العشرين هو  86،698 مليار إنسان تحتاج أسماؤهم 71564000 ورقة، فإذا علمنا أن كل 1000 ورقة من ورق السجائر تبلغ سماكتها 5 سم، نتج لدينا يقول محمد شحرور، أن الكتابين اللذين خرج بهما الرسول صلى لله عليه وسلم على أصحابه، كما يزعم الحديث، تبلغ سماكة كل واحد منهما 42 كيلومتر، وإذا علمنا أن وزن المتر المربع من ورق السجائر هو 20 غراما، نتج لدينا أن وزن الكتاب الواحد لايقل عن 13 طنا، وهذا ماعناه  الدكتور محمد شحرور  بقوله إن المشكلة في هذا الحديث مشكلة عقلية ،ومن ثمة يقول، هناك استحالة عقلية تطبيقية تمنع صحة الحديث.

 


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 23/05/2020

أخبار مرتبطة

الألتراس المغربية من هي، وإلى أي وسط ينتمي أفرادها، وما الهدف من تكوين هؤلاء الشباب لهاته المجموعات؟ هي مجموعات مكونة

ليست الدار البيضاء مجرد مدينة أو حاضرة من الحواضر العادية، بل هي حكاية من حكايات هذا الزمن..مستمرة في المكان والزمان…

العلاقة التي تربط المصريين والمغاربة ،علاقة تمتد في الزمن منذ قرون،فقد تعددت أوجه هذه العلاقة كما تشهد بذلك كتب التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *