تفاصيل سقوط «علي كيماوي» بالجديدة .. اختفاء آليات من «مختبر الكلية» عجل بتدخل الشرطة وإضاءة مسار القضية

 

تمكن «ع. ب» من الحصول على شهادة الدكتوراه في الكمياء العضوية قبل 25 سنة من إحدى الجامعات الفرنسية قبل ان يعود الى المغرب حيث اشتغل استاذا جامعيا بجامعة شعيب الدكالي ليناقش بها دكتوراه دولة سنة 2003، وظل يمارس بها التدريس ويترأس أحد المختبرات المتعلقة بالكمياء العضوية، مواصلا إجراء التحليلات والتركيبات الكيميائية لسنوات عدة قبل إقالته الموسم الفارط.
لقاء بداية التغيير

كان «ع. ب» أو «علي كيماوي»، كما يلقبه طلبته، يلج مختبر الكيميائيات العضوية ليجري بعض التحليلات المخبرية والدقيقة، حيث كان يتوفر على مكتب خاص به ، اعتاد أن يخزن به بعض المحاليل والمواد الكيميائية التي يستعملها في دراساته بالكلية. وفي إطار تردده على بعض المؤسسات ، التقى بمسجد البستان بإطار كيميائي آخر يدعى كمال يشتغل بمختبرات المكتب الشريف للفوسفاط، حيث يشرف هو الآخر على اجراء التحاليل المخبرية من اجل تخفيض بعض المواد من الحامض الفوسفوري قصد تجويد الأسمدة الفوسفورية التي تصدر الى عدد من الدول. وخلال أحاديثهما اقترح كمال على الاستاذ الجامعي العمل مع المكتب الشريف للفوسفاط قصد اجراء بعض التحاليل والدراسات من اجل تخفيض او إزالة مادة «صادميوم» التي توجد بشكل كبير في الحامض الفوسفوري قصد تجويد المواد التي يصدرها الى العديد من الدول.
بعد هذا المقترح عمد المتهم الى الحصول على خمسة لترات من الحامض الفوسفوري من لدن طالب أحجم عن ذكر اسمه وشرع في اجراء التحاليل وذلك باستعمال غبار الخشب المعدل كيميائيا. كما عمد الى استعمال مخلفات قصب السكر بإضافة مواد كيميائية وعضوية الى الحامض الفوسفوري من اجل تخفيض مادة صادميوم، وهو ما تحصل بالفعل حسب ادعائه. إلا ان اجراء بعض التحاليل المخبرية بمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط لم تعط النتائج التي ادعى المتهم تحقيقها، حيث أكد مخبريو المكتب ان لا شيء تحقق من ادعاءات «ع.ب» ومنذ ذلك الحين انقطعت علاقته بهؤلاء، مبرزا ان ادارة الكلية كانت على علم بكل الإجراءات التي يقوم بها.
وبخصوص استبعاده من المختبر الذي كان يشتغل به بالكلية فقد افاد بأنه منذ اعتماد استاذ جديد توصل عبر بريده الالكتروني خلال شهر يوليوز 2018 بمراسلة تفيد انتهاء مهامه برسم فترة 2018- 2021 دون ان يتوصل بقرار وزاري يؤكد استمراريته من عدمها ضمن فريق البحث.إشعاره بانتهاء مهامه كانت نقطة تحول بالنسبة اليه ، حيث عند توصله بالإشعار التحق بالكلية لاجتماع طارئ سلم على اثره المكتب الذي كان يستعمله بالمختبر الا انه عاد مساء وبمفاتيحه الشخصية فتح ابواب المختبر وعمد الى الاستحواذ على عدد من الآليات التي تستعمل في اجراء التحاليل المخبرية وعلب كارطونية تحتوي على مواد كيميائية وغادر المختبر دون العودة اليه؟
لم تتوقف أبحاث «ع.ب» عند هذا الحد، فقد عمد مرة اخرى الى اجراء العديد من التحاليل المخبرية من اجل تخفيض نسبة الصادميوم من الحامض الفوسفوري دون جدوى ، حيث سلم ست عمليات الى المسؤول عن مختبر المكتب الشريف للفوسفاط الا انها جميعها لم تكن تفي بالمطلوب مما جعله يقطع صلته به.
بعد ذلك قام بنقل جميع العلب الكارطونية التي تضم المواد الكيميائية والاليات التي تم حملها من المختبر الى منزل والديه قصد اخفائها، الا ان سقوط احدى الخلايا الارهابية بكل من اكادير وتطوان قادت الابحاث الى توجيه السهام الى المتهم الذي كانت اصابع الاتهام تشير اليه من طرف زملائه بالاستحواذ على مجموعة من الاليات والمواد العضوية خوفا من استقطابه من طرف احدى الجماعات الارهابية .
دخول الشرطة على الخط

بناء على معلومات وفرتها مصالح الامن الوطني تم التوجه الى منزل الأستاذ المشتبه فيه، حيث تم تفتيشه و اسفرت نتائج البحث به عن حجز بعض الآليات، كما كشفت ان المعني بالأمر يتحوز اشياء خطيرة بمنزل والديه بالبيضاء حيث تكلفت شرطة امن مولاي رشيد بتفتيشه ، فاتصلت زوجة المتهم بالعائلة من اجل التخلص من العلب الكارطونية، الا ان تدخل الشرطة حال دون ذلك.
وللوقوف على حقيقة الوسائل المحجوزة تم نقلها الى كلية العلوم بالجديدة التي كانت قد تقدمت بشكاية لدى مصالح الامن بالجديدة، حيث أكد عميد الكلية انه توصل بخبر من رئيس الشعبة ورئيس المختبر رقم ستة ، مفاده اختفاء العديد من الآليات والمواد العضوية والمحاليل الكيميائية، وقد كلف الكاتب العام للكلية بمرافقتهم من اجل وضع شكاية في الموضوع وهو ماتم بالفعل.
رئيس الجامعة أكد انه يعرف المتهم منذ ان كان عميدا لكلية العلوم حيث كان يشاهده باستمرار يلج الكلية نهاية كل اسبوع وقد كان انطوائيا لا يخالط اي أحد، مضيفا ان لا علم له بقيامه بتحليلات مخبرية لفائدة المكتب الشريف للفوسفاط.
رئيس المختبر أوضح انه توصل بخبر مفاده تكسير مصباح يعمل بالأشعة فوق البنفسجية مما جعله يكتشف ومن خلال هذا التكسير ان العديد من الاليات والمواد الكيميائية قد اختفت من الدواليب الموجودة بمقر المختبر، فقام بتغيير المفاتيح إلا أن المتهم لما علم بهذا التغيير ازبد وارغد من اجل الحصول على نسخة من المفاتيح وهدد بكسر الباب في حالة عدم حصوله على مبتغاه دون جدوى.
شكوك وتصريحات.. وحكم

كمال المسؤول عن مديرية البحث والتطوير بموقع الجرف الاصفر، والذي يقوم بتطوير البحوث لفائدة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط من اجل تخفيض او القضاء على بعض المواد الموجودة في الحامض الفوسفوري، أكد أنه التقى المتهم بمسجد في حي البستان وبعد ان توطدت العلاقة بينهما اقترح عليه الاخير ان يقوم بتحاليل تمكن المكتب من تخفيض بعض الشوائب التي تظل عالقة بالحامض الفوسفوري ، الا انه بعد ان تسلم العديد من التحاليل ولعدة مرات تبين له أن ما يقوم به المعني بالأمر لم يعط اية نتيجة تذكر ،فقرر فك الارتباط به.
جميع افراد عائلة المتهم أكدوا انه وضع ثلاث علب كارطونية بمنزل العائلة وطلب منهم الحفاظ عليها لأنها بها قنينات زجاجية ، وهو ماتم حيث تم وضعها بغرفة بالسطح دون معرفة ما بداخلها بحكم انها كانت محكمة الاغلاق بلصاق.
وبعد ان تبين للمحققين عدم وجود اية علاقة للمتهم بمشروع ارهابي من شأنه المس بسلامة الوطن والمواطنين وبعد احالة الملف على استئنافية الجديدة، تقررت متابعة المتهم من اجل السرقة وإحالته على الجلسة فيما توبع كل من شقيقه وشقيقته وابنتها من اجل إخفاء شيء متحصل من جنحة.
مثل المتهم أمام المحكمة وتشبث بأن ما حجزعنده كان يستعمله في تنمية البحث العلمي ولم تكن له نية سرقته، مشيرا إلى أن المشاكل التي له مع طاقم البحث العلمي بالكلية هي التي جرت عليه كل هذه الويلات.
المحكمة، والتي استحضرت في حكمها «الوضع الاجتماعي» للمتهم، وبعد وقوفها على «عدم وجود نية اجرامية»، قررت تمتيعه بأوسع مايمكن من ظروف التخفيف، فحكمت عليه بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 5000 درهم.


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 01/10/2018