رحيل مولاي علي الصقلي.. مبدع «النشيد» الذي أزهر في لسان المغاربة

فقدت الساحة الأدبية والثقافية المغربية منذ يومين، علما من أعلامها المُمَيزين الذين تركوا بصمة خالدة في وجداننا كمغاربة ، الراحل الشاعر مولاي علي الصقلي الحسيني، حيث صدح المغاربة بكلمات من أشعاره، شكلت واحدا من مقومات صناعة هويتهم، والمتمثل في نشيدهم الوطني بعد الاستقلال، دون أن يعرف العديد منهم صاحب كلمات هذا النشيد، لكنهم جميعا لمسوا في الآن نفسه قوة الكلمة، وحب الانتماء النابع من مغربي يحدُوه أمل أخضر بمغرب جديد، مغرب حر يراه «منبت الأحرار».
قصة اختيار نشيد وطني للبلاد بعد الاستقلال، تثوي خلفها قصصا أخرى، حيث لم يكن للمغرب نشيد وطني كما هو متعارف عليه، بل ظل النشيد الموسيقي المعتمد قبل الاستقلال ومنذ فترة الجنرال ليوطي، دون كلمات، وهو ذاك الذي وضعه الكابتن الفرنسي ليو مورغان زمن الحماية.
بعد الاستقلال، تعددت محاولة صياغة أناشيد وطنية تعكس هوية المغرب، لكنها لم تر النور، ما أدى إلى اعتماد النشيد الشريف السابق كما كان يسمى، في كل المناسبات الوطنية وأثناء الزيارات الملكية.
مع تأهل المنتخب المغربي لكرة القدم، ولأول مرة، إلى مونديال مكسيكو في 1970، كان لزاما اختيار نشيد وطني مكتوب، فأطلق الملك الراحل الحسن الثاني مسابقة بين الشعراء لاختيار نشيد تتوفر فيه مقومات الهوية والثوابت، ويناسب الإيقاع الموسيقي الموجود سلفا، فتم اختيار قصيدة «منبت الأحرار» للشاعر الراحل مولاي علي الصقلي الحسيني في 1969، التي عدل فيها الملك الراحل كلمة «عطر كل لسان» بـ»ذكر كل لسان»، ليصبح نشيدا لكل المغاربة، ورمزا من رموز هويتهم المغربية.
ولد الراحل بفاس في 1932 وبها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بجامعة القرويين التي تخرج منها في 1951 التي عمل أستاذا بها وبكلية الاداب بالرباط، كما اشتغل ملحقا بديوان المغفور له محمد الخامس ومستشارا ثقافيا ، ثم مفتشا عاما للتعليم.
تنوعت كتاباته التي تميزت برصانة ودقة اللغة وسلاسة الأسلوب، بين الشعر والشعر المسرحي وأدب الطفل والروايات الشعرية، إذ صدرت له في الشعر دواوين «همسات ولمسات»، «أنهار وأزهار»، «نفحات ولمحات» ، «أرواح وأدواح»، «أضواء وأنواء» إلى جانب دواوين موجهة للأطفال كـ «من أغاني البراعم»، «أنغام طائرة»، «ريحان وألحان»، «مزامير ومسامير» بالإضافة إلى دواوين دينية «يا إلهي»، «إلى الله». أما في المسرح والرواية، فنذكر له: مع الأسيرتين»، «المعركة الكبرى» «الفتح الأكبر»، «أبطال الحجارة»، «الاميرة زينب»، «رسالتي»( ملحمة شعرية على لسان ابن بطوطة).
حاز الفقيد مولاي علي الصقلي، سنة1981، على جائزة المغرب للكتاب عن مؤلفه «المعركة الكبرى»، وتم تكريمه بجائزة الملك فيصل العالمية في الآداب سنة 1991 في أدب الأطفال مناصفة مع  الشاعر المغربي الراحل أحمد عبد السلام البقالي، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من المهرجان العالمي للشعر.
وقد نعى بيت الشعر في المغرب الفقيد الذي» تربّينا على إبداعه الجميل الشعري والقصصي والمسرحي. وهو الإبداعُ الذي نجحَ في صياغة وجْداننا كمغاربة، وتثْمين قِيمنا وأخلاقنا وتشْريف حضورنا التاريخي والإنساني، وهو ما تجسّد في كتابته البديعة للنشيد الوطني ( منبت الأحرار). وعلاوة على ذلك، أثرى الفقيد، الذي درس في جامعة القرويين وتأثر بأصالة وعراقة الثقافة العربية الإسلامية، الخزانة المغربية بالعديد من المؤلفات التي حرصت على استلهام أجمل ما في التاريخ المغربي من دروس وعبر، بهدف إثراء ذائقة الأطفال و الشباب وتعريفهم بحضارة بلدهم.»


بتاريخ : 07/11/2018

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *