سؤال للكوتش عماد محمد ، مختص في التدريب والتدريس الابداعي، كيف نحب ذواتنا؟

الحياة الزوجية ليست نظام تمليك، وعلى كل طرف
أن يحتفظ بمساحة من الحرية الشخصية

 

عادة ما نفكر في حب الآخر ، ولكننا لا نطرح السؤال على أنفسنا، هل نحب ذواتنا؟ هل نعمل على إرضائها و نهتم بها قدر اهتمامنا بالآخر الذي نحبه، سواء كان زوجا، صديقا،حبيبا، أبناء، آباء، أقارب….؟؟
حملنا سؤالنا الى الدكتور عماد محمد، مدير عام المركز الامريكي الكندي،وخبير في التنمية الذاتية، لنغوص معه في ذواتنا ونحاول فهمها كي نستطيع أن نعيد بناء حياتنا بشكل جميل وسعيد.

قد يبدو الأمر غريبا ، أو قد يفهم البعض أن حب الذات هو أنانية أو نرجسية، لكن المفهوم الجميل والبسيط لحب الذات هو أن ترتقي بنفسك وتسعدها وتمنع عنها كل ما يضرها وتنطلق بها الى مفاهيم جميلة اخرى .
حب الذات هو أن تجد في كل ماتفعله وتقوم به وتقدمه للآخر متعة و منفعة لنفسك أولا، ربما هي انانية جميلة،أن تقدم لنفسك كل شئ جميل.
كل ما نقوم به في حياتنا اليومية العادية يجب أن نعمله ونحن مقتنعين بفعله ، لسنا مجبرين على فعل شئ و ننتظر من الآخر أن يكافئنا عنه، ثم نرهق سمع من حولنا بأننا نتعب من أجلهم ونتحمل الصعاب مكرهين من أجل إرضائهم . لم يرغمنا أحد على ذلك ،يجب أن نقدم ذلك عن حب دون من أو ننتظر مقابلا ، أن نحب ما نفعله لأننا نريد أن نفعله وبأننا نشعر بالسعادة ونحن نقدمه أو نسعد به الآخر.
المن يفقد المتعة بالشئ ويأسرك في حالة من التعاسة النفسية، إذا اضطررت ان تفعل هذه الاشياء بالرغم منك فأنت لا تحب نفسك. وإذا توصلت أن تستمتع بفعلها للآخر دون مقابل أو دون أن تمن عليه بها فأنت تحب نفسك، لأنك لاتستطيع أن تحب الآخر مادمت لا تحب نفسك .
عندما يدخل الرجل والمرأة في علاقة زواج، يخضعان حياتهما لنظام تمليك، يقومان بكل شئ معا ،يفكران معا ،يتبضعان معا ،يربطان نفسهما ببعضهما في كل شئ،وكأن حياة أحدهما اصبحت مشروطة بالآخر، وهذا خطأ واشكالية كبرى في الحياة الزوجية، يفقد فيها الفرد خصوصيته وشخصيته وينصهر في الآخر، لابد من الاحتفاظ بمساحة خاصة .لكل واحد شخصيته، خصوصيته، حميميته، أسراره التي يجب أن يحتفظ بها لنفسه، كما له أيضا طموحه وهواياته وانشغالاته التي يجب أن يحققها بنفسه.
عندما تتزوج المرأة, على الخصوص ، وحسب التربية التقليدية التي تنمط دورها كامرأة تعتقد أن من المفروض عليها خدمة الزوج والبيت والأبناء ، تعتقد أن هذا هو دورها في الحياة فتنصهر في شخصية زوجها «أنا وزوجي واحد» انتما اثنان وليس واحد ،تربطكما علاقة مشتركة ولكن لكل واحد عالمه .لابد من هامش من الحرية الشخصية في العلاقة الزوجية حتى تستمر بشكل جميل.
ولأن المرأة تقوم بكل هذا «مرغمة «بفعل هذا الدور الذي فرضه عليها المجتمع، تجدها دوما تتقمص دور الضحية وتتداول جملا عينها ترددها على مسامع الجميع وفي جميع الامكنة «أنا حياتي هي زوجي وأولادي» أنا اتحمل كل أعباء عائلتي «ضحيت بكل شئ وما كاينش مع من» الاولاد افنيت عليهم عمري ماكيهتموا بي». زوجك ليس كل حياتك و أولادك ليسوا كل حياتك ، لك حياتك الخاصة بقدرات يجب أن تفجريها وطموحات تحققيها، هذه التبعية المرضية تقتل قدراتك وطموحاتك، يجب أن تفهمي ماهو دورك في الحياة ، لأ نك جزء رئيسي ومكون هام في المجتمع و فاعل شريك غير تابع ولا يجب أن تبقى كذلك، ماقدمته من تضحيات لم يجبرك أحد على تقديمها، فلا تلومي أي أحد لأنه لم يطلب منك ذلك، فلا تعيشي دور الضحية ،لاتضحي من أجل أحد هذا فكر مريض قائم على جلد الذات نصبغه بمفهوم أخلاقي وكأننا خلقنا مجبرين على ادوار بقوالب جاهزة.
يجب أن تحب المرأة ما تقدمه ولا تنتظر رد الجميل من أحد،كي تبقى سعيدة في حياتها ،فإذا اخترت أن تقدمي اشياء عن طيب خاطر و قوبلت بالنكران سوف لن تندمي لأنك قدمت ذلك بحب وباختيار .لأنك تحبي ذاتك وتحبي ان تقدمي الخير للجميع دون شروط ومنة على أحد.
لايجب أن تحددي دورك في الحياة على حساب الجنس « دوري كامرأة يفرض على ذلك» دورك يجب أن يحدد باعتبارك انسانة مخيرة في الحياة المرأة جنسك وليس دورك، كما لا يعني ان دورك مشابه للنساء فإن تنميط الادوار يقتل الابداع، يجب أن تختاري ما يتناسب مع قدراتك وميولاتك وتثقنيه بجودة عالية.
العلاقة الزوجية لا يجب أن تكون بمثابة سجن تعيق انطلاق الأزواج نحو عوالمهم الخاصة، نحو تحقيق ذواتهم، والاحتفاظ بهامش الحرية والخصوصية في حياتهم ,يجب ان يتعود الزوج والزوجة على ان لا يحكيا كل شئ لبعضهما، وهو ماتفعله النساء بكل أريحية، حتى الاشياء البسطة واحيانا التافهة، وليس من حق الزوج أن يتقبل أو يصر على معرفة هذه التفاصيل،عليهما أن يتقبلا ما يفيد تقوية العلاقة المشتركة, وأن يحتفظ كل بتفاصيله الصغيرة .
على المرأة ان تتمرد عن هذه التبعية المرضية ،أن تفهم انها جزء رئيسي في المكون العام للمجتمع، هي فاعل وشريك غير تابع وان تعرف كيف تذلل العقبات وتنشر الوعي بأهمية دورها ومدى مساهماتها الفعالة في تقدم البلاد ،حتى يتخلى المجتمع عن نظرته التقليدية لدورها ويتكون عنده هذا الوعي بأنها شريك في البيت وفي الحياة. يجب ان ترتقي بنفسها وتطور من امكانياتها ،أن تتصالح مع ذاتها وتحبها وتبحث عن ما تختزن ذاتها من طاقات وطموحات وتعمل على تحقيقها ،أن تخصص وقتا في اليوم لتتحدث مع نفسها أن تدللها وتغازلها وتحبها, أن تنظر كل صباح في المرآة وتتعرف على نفسها، ماذا تريد هي في الحياة، وأن تقول لنفسها أحبك، فلايمكن ان يحب شخص انسانا لا يعرفه.


الكاتب : فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 15/05/2018