سنة اقتصادية سوداء ودعها المغرب في 2019 .. ثاني أضعف نسبة نمو منذ سنة 2000

سنة اقتصادية ضعيفة بكل المقاييس تلك التي ودعها المغاربة قبل بضعة أيام، إن على مستوى النمو الذي تباطأت عجلته بشكل كبير، أو على مستوى التوازنات الماكرو اقتصادية ، التي تأثرت سلبا بمناخ دولي غير ملائم، حد من الطلب الخارجي و أدى إلى تفاقم العجز التجاري للبلاد، كما أن توازنات المالية العمومية لم تكن في أبهى حلتها، بل زادت أوضاعها تدهورا متسببة في تفاقم العجز الموازناتي و ارتفاع الدين العمومي داخليا وخارجيا. .

أداء اقتصادي ضعيف لايتعدى 2.3 %

فعلى مستوى الأداء، لم يتجاوز معدل نمو الاقتصاد الوطني خلال السنة المنصرمة 2.3 ٪، وهي ثاني أضعف نسبة نمو حققها المغرب خلال العشرين عاما الأخيرة بعد النسبة الكارثية 1.1 ٪ التي سجلت سنة 2016، وهو ما يشكل قطيعة جذرية مع معدلات النمو التي حققتها المملكة في بداية الألفية (7.30٪ سنة 2001 و 7.60 سنة 2007 و 5.90 سنة 2008) والتي كانت تبعث على التفاؤل، غير أن معدلات نهاية الألفية كانت أسوأ بكثير من بداياتها.
وإلى غاية الفصل الرابع من العام الذي مضى، لم يتعد معدل النمو 2,3٪ بدل 2,1+٪ في الفصل السابق، حسب تقديرات المندوبية السامية للتخطيط، والتي عزت هذا الارتفاع الطفيف إلى تحسن وتيرة القيمة المضافة دون احتساب الفلاحة بنسبة 3,2٪، حسب التغير السنوي، بدل 3٪، خلال الفصل الذي قبله.
في مقابل ذلك واصلت القيمة المضافة الفلاحية انخفاضها بنسبة تقدر ب 5,4٪ على عكس الأنشطة غير الفلاحية التي سجلت ارتفاعا يناهز 2,8٪.

تفاقم العجز التجاري.. فوق 180 مليار درهم

وعلى مستوى المبادلات الخارجية، تأثر المغرب خلال الفصل الرابع من 2019 باستمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما انعكس سلبا على مبادلاته التجارية من حيث الطلب الخارجي الموجه للمغرب الذي سجل ارتفاعا متواضعا يقدر ب 1,1٪، خلال الفصل الرابع ، عوض 2,8+٪ في نفس الفترة من السنة السابقة.
وفي نهاية العام الماضي الصادرات الوطنية نموا طفيفا يقدر ب 0,1٪، عوض 2٪، في الفصل السابق، متأثرة بتراجع صادرات الملابس والمواد الغذائية والفلاحية. كما ستشهد مبيعات الفوسفاط الخام ومشتقاته بعض التراجع، موازاة مع انخفاض أسعارها في الاسواق العالمية مند بداية سنة 2019، لتساهم بما قدره 1,2- نقطة في تطور الصادرات. بدورها واصلت صادرات قطاع السيارات وخاصة أنشطة التجميع تباطؤها، في ظرفية تتسم بتقلص مبيعات السيارات على الصعيد العالمي، وخاصة في أوروبا والصين، فيما حافظ قطاع الاسلاك على تطوره الايجابي مدعوما بالطلب الموجه له. إلا أن ذلك لم يمنع من تفاقم عجز الميزان التجاري الذي ارتفع عند متم أكتوبر بأزيد من 5 ملايير درهم بسبب ارتفاع قيمة الواردات التي قفزت بأكثر من 12 مليار درهم لتعمق بذلك هوة العجز الذي ناهز خلال 10 أشهر 174 مليار درهم عوض 168.8 مليار درهم خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.

تراجع الفلاحة بـ 5,4 %

بدوره شهد القطاع الفلاحي، خلال الفصل الرابع من 2019، انخفاضا بنسبة 5,4 ٪ حسب التغير السنوي، بسبب تقلص أفاق تطور الانتاج النباتي، حيث تراجع انتاج أشجار الفواكه وخاصة الورديات ذات النواة على الخصوص في مناطق دكالة وسوس والحوز. ويقدر تراجع انتاج الفواكه، دون احتساب الحوامض، ب 2,8٪، عوض ارتفاع متوسط يناهز 4,9٪ خلال العشر سنوات الاخيرة. كما تقلص انتاج الحبوب والقطاني بأكثر من النصف مقارنة مع سنة 2018. في المقابل، ساهم تحسن انتاج الخضروات والحوامض والزيتون في تقليص وتيرة انخفاض الانتاج النباتي، في الوقت الذي واصل القطاع الحيواني تطوره مدعوما بارتفاع انتاج العسل والدواجن.
أما القيمة المضافة دون الفلاحة فعرفت زيادة تقدر ب 3,2٪، خلال الفصل الرابع من 2019، عوض 3+٪ في الفصل السابق، مدعومة بتحسن وتيرة نمو القيمة المضافة للقطاع الثالثي بنسبة 3,3٪ عوض 3,1+٪، وذلك بفضل تطور أنشطة السياحة والنقل. في المقابل، عرف القطاع الثانوي زيادة تقدر ب ٪2,7، عوض 2,8٪ في الفصل السابق، وذلك في أعقاب تباطؤ إنتاج الطاقة مقارنة مع الفصل الثالث.

تفاقم العجز إلى 4,1 % عوض 3,7 % سنة 2018

وعلى مستوى توازنات المالية العمومية سنة 2019 ، فقد أكدت بيانات مديرية الخزينة العامة ، أن العجز المالي بلغ عند متم شهر نونبر الأخير حوالي 42 مليار درهم عوض 40.2 مليار درهم خلال نفس الفترة من 2018 ، فيما نزل الضغط الضريبي خلال العام المنصرم بشكل كبير على الاستهلاك والدخل، حيث اجتهدت الحكومة لرفع جباياتها من TVA بمختلف أنواعها والرسوم الداخلية على الاستهلاك TIC بينما تراجعت في المقابل مداخيل ضرائب الأرباح على الشركات التي انكمشت بأزيد من ملياري درهم.
وعموما فإن عجز الميزانية دون احتساب مداخيل الخوصصة تفاقم في 2019 إلى 4,1 % من الناتج الداخلي الإجمالي بعد 3,7 % سنة 2018 ،

الدين العمومي حطم أرقاما قياسية و فاق 81 % من الناتج الخام

أما المديونية فقد حطمت أرقاما قياسية بعدما أصبح الدين العمومي يفوق 81 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد و سجلت 2019 عودة للاستدانة من الخارج حيث بلغ الدين الخارجي العمومي للمغرب بلغ خلال الفصل الثالث من 2019 أزيد من 34.3 مليار دولار أي 335 مليار درهم، دون احتساب 1.1 مليار دولار التي اقترضها المغرب خلال الفصل الرابع من العام الذي انقضى.
وتفاقمت المديونية الخارجية للمملكة بشكل متسارع خلال العقد الماضي ، إذ لم يكن الدين العمومي الخارجي يتعدى سنة 2010 سقف 19.8 مليار دولار، ليأخذ منحى تصاعديا عاما تلو آخر ، حيث قفز خلال 2015 إلى 30.3 مليار دولار ، أي بزيادة تفوق 10.5 مليار دولار في 5 أعوام، ثم ارتفع ب 5 ملايير دولار سنة 2017 ليصل إلى 35.6 مليار دولار، قبل أن يتراجع قليلا إلى 34.1 مليار دولار سنة 2018 ، ويرتقب أن يرتفع فوق 35 مليار دولار سنة 2019.

انكماش الاستثمارات الخارجية المباشرة بـ 51 %

في غضون ذلك تراجعت جاذبية المغرب للاستثمارات الخارجية المباشرة حيث إن تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو المغرب تراجعت نهاية شهر أكتوبر من العام الماضي بناقص 50.9 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق ، وهبطت الاستثمارات الخارجية بحوالي 16 مليار درهم لتستقر في حدود 15.4 مليار درهم عوض 31.3 ملايير درهم المسجلة خلال أكتوبر 2018 ، حسب ما أكده التقرير الشهري الأخير لمكتب الصرف حول المبادلات الخارجية للبلاد.

تدهور القدرة الشرائية وارتفاع التضخم

إلى كل ذلك، تضررت القدرة الشرائية للمواطن بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، حيث أكدت بيانات المندوبية السامية للتخطيط أن أسعار الاستهلاك شهدت ارتفاعا في وتيرتها، خلال الفصل الرابع من 2019، لتحقق زيادة تناهز 0,8٪، عوض 0,4+٪، خلال الفصل السابق. وعزت المندوبية هذا التحول بالأساس إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ب 0,7٪، وخاصة أسعار المواد الطرية بعد انخفاضها خلال الفصول الثلاثة السابقة. فيما يتوقع أن تشهد أسعار المواد غير الغذائية بعض الاستقرار في وتيرتها لتحقق نموا يقدر ب 0,8٪، وذلك بالرغم من تباطؤ أسعار الخدمات.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 07/01/2020