غرائب العالم وكورونا: صيادو كورونا جنوب إفريقيا، «سلال التضامن» في ايطاليا

حاملين استبياناتهم ومعدات للفحوص الطبية، يقف صيادو كورونا المستجد في طليعة جيش البدلات الزرقاء الذي كلفته السلطات بمطاردة الفيروس في قلب ضواحي جنوب افريقيا الأكثر عرضة للخطر.
هذا الصباح، دخلت فرقتهم بين مباني حي يوفيل القريب جدا من وسط جوهانسبرغ، وهو أحد أفقر الضواحي ومن بين أكثرها تأثرا بتجارة المخدرات في أكبر مدن البلاد.
تقول الممرضة زولا ديلومو “طلبنا من السكان إعلام جيرانهم ليتقدموا لنعاينهم ونفحصهم إن أمكن”.
في ظل الحجر التام، استجاب بعضهم إلى الدعوة. تعلق الممرضة على ذلك بسعادة: “لقد جاؤوا وهم على استعداد حتى للفحص”.
فرض الرئيس سيريل رامفوسا على مواطنيه البالغ عددهم 57 مليون نسمة البقاء في منازلهم لثلاثة أسابيع على الأقل، على أمل إبطاء نسق الانتشار المقلق للوباء في البلاد.
في جنوب افريقيا، لم يصب كوفيد-19 حتى الآن سوى 1585 شخصا، توفي تسعة منهم، وهو رقم بعيد عن الحصيلة في بعض بلدان أوروبا التي شهدت وقوع آلاف الضحايا.
لكن بدأ الفيروس يظهر في الضواحي. ويخشى الرئيس أن ينتشر بوتيرة عالية في الأحياء الأكثر فقرا المكتظة بالناس والتي تفتقر في أحيان كثيرة إلى الماء والحمامات.
لضمان عدم حصول ذلك، أطلقت الحكومة حملة فحوص غير مسبوقة في افريقيا، يفترض أن تشمل 10 آلاف طبيب وممرضة ومتطوع، مهمتهم مطاردة العدوى في كل منزل من منازل الفقراء.
في يوفيل، قس جنود المشاة هؤلاء إلى ثمان مجموعات صغيرة كلفت كل واحدة منها بتمشيط مساحة كلم مربع.
يقول المسؤول عنهم كيغوربتسي ندينغادينغا “هدفنا توعيه الناس. بعضهم لا يفهم معنى الحجر”، مضيفا “صحتهم هي أولويتنا القصوى”.
جالسا إلى جدار من الطوب ورافعا رأسه إلى الخلف، يستعد مايكل موشين (58 عاما) لمنح عينة من أنفه لفحصها. يقول إن “هذا مزعج بعض الشيء، لكن علينا أن نكون أقوياء”، ويتابع “هذا ضروري لمعرفة حالتك”.
حتى اليوم، أجري نحو 48 ألف فحص من هذا النوع في افريقيا، تم تحليل أغلبها في مخابر خاصة، وفق أرقام السلطات الصحية.
اعتبر وزير الصحة زويلي مخيزي أن هذا الرقم غير كاف، اذ يرى أن هذه الاحصائيات لا يمكن أن تظهر سوى قمة جبل الوباء.
وحذر الوزير هذا الأسبوع من أن “انتقال العدوى محليا يرتفع في صمت”، وأضاف “في الأحياء الفقيرة، لا يزور الناس الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة المستشفيات بالسرعة المطلوبة، وهم يجهلون حقيقة المشكل”.
تهدف هذه الخطة إذا إلى رفع عدد الفحوص، على غرار ما قامت به كوريا الجنوبية للسيطرة على الفيروس.
ويأمل مخيزي أن يرتفع العدد من 5 إلى 30 ألف فحص يوميا بعد تعزيز قدرات 10 مختبرات عمومية وتوفير 67 مختبرا متنقلا.
يبدو ذلك طموحا أكبر من الواقع، اذ كان الاقبال على الفحص محدودا يوم الجمعة.
ولا يعتبر ذلك مفاجئا بالنسبة إلى موشوني المقيم في يوفيل منذ 26 عاما. ويذكره سلوك جيرانه بما حصل في التسعينيات، حين اجتاح فيروس ايدز البلاد. ويقول في هذا الصدد “لم يأخذ أحد التهديد بجدية حتى أوقع السيدا أول ضحاياه”.
هذه المرة، تحاول الممرضة دلومو أن تؤمن بجدوى الحملة، وتقول “ربما حين يروننا في الحي، سيعي الناس بوجود الخطر وبأن عليهم اتخاذ احتياطات”.
لكن لا يبدو ذلك مؤكدا بالنظر إلى احجام سكان الضواحي على احترام ارشادات الحجر وقواعد التباعد الاجتماعي. منذ أسبوع، لم تتقلص الطوابير أمام مراكز التسوق رغم نشر الشرطة والجيش.
من جهتها، تقول زندايل سيويلا التي تقطن المنطقة “ألتزم أنا وعائلتي المنزل، لكن حينما أرى كيف يواصل بقية الناس الخروج أشعر بالاستياء”.
تضيف جارتها ماسيتشابا موتنغ بانزعاج “لا يريدون الانعزال في بيوتهم. يخرجون مع أطفالهم، إنهم غير مبالين”، وتتابع “الأفارقة يتعاملون مع الأمور بخفة دائما”.
لكن ذلك لا ينطبق على زويلي مخيزي. هذا الأسبوع، اعتبر الوزير في تصريح له أن الانتشار البطيء للوباء قد لا يمثل سوى “هدوءا يسبق عاصفة مدمرة”.

السلال المليئة بالطعام
في نابولي…

يخفض أنجيلو بيكوني سلة مليئة بالطعام من شرفته في أحد شوارع نابولي فيما يقول للمارة “إذا كنت تستطيع، ضع شيئا. وإذا ليس بمقدورك، خذ شيئا”… ورسالته البسيطة هذه، تلقى صدى في بلد يحاول إطعام عدد متزايد من الفقراء خلال أزمة كورونا.
تسبب كوفيد 19 إلى حد الآن بحوالى 200 حالة وفاة في نابولي وأكثر من 15 ألفا في أنحاء إيطاليا خلال أكثر من شهر بقليل، كما حطم اقتصاد الدولة المتوسطية وترك الملايين عاطلين عن العمل موقتا.
وهذا يجعل تعليق “سلال التضامن” ووضع طاولات قابلة للطي مليئة بالطعام، من الخبز والموز إلى علب الحليب والسردين بالإضافة إلى الأطباق الساخنة، الأكثر أهمية في إحدى اللحظات الأكثر سريالية في تاريخ المدينة.
وقال بيكوني وهو أحد فناني الشوارع في نابولي”هذا رمز خاص للتضامن. السلة موجودة وهي تضمن السرية”.
ومع كل ما تشهده من مآس، فإن رومنسية نابولي تتطاير في الهواء الربيعي حتى في أقسى الأوقات.
ففي أحد زوايا المدينة، يقف شاب نحيل يرتدي معطفا أسود ويضع وشاحا ويؤدي إحدى الأغنيات من دون سبب واضح لقيامه بهذا الأمر.
ويهتف عدد قليل من النساء المبتسمات فيما يقفن على الشرفات القريبة “برافو” ويصفقن بعد انتهائه من الغناء مع التلويح له بالأيدي.
ثم يضع الشاب يده في السلة ويأخذ بعض الطعام ويمشي.
وكان أداؤه بمثابة مساهمة شخصية في مقابل الطعام الذي حصل عليه.
يتحدث بيكوني عن طريقة استلهامه هذه المبادرة من طبيب في المدينة فعل أمرا مماثلا للفقراء قبل قرن.
ووفقا للأسطورة المحلية، كان الطبيب جوزيبي موسكاتي يمد قبعته في نهاية الاستشارة.
لم يكن المرضى ملزمين الدفع وكان بإمكانهم وضع بقدر ما يستطيعون من النقود.
وقد طوبت الكنيسة الكاثوليكية هذا الطبيب الخي ر في العام 1987.
وقال جينارو وهو أيضا فنان شارع مثل بيكوني “نحن محظوظون لأننا نشعر في نابولي بأننا نحتاج إلى مساعدة بعضنا البعض”.
قال رئيس بلدية المدينة لويجي دي ماجستريس لوكالة فرانس برس إن “نابولي لديها قدرة هائلة على تحمل المعاناة”.
وقد أظهرت إحصاءات الاتحاد الأوروبي أن اثنين من كل خمسة أشخاص كانا معرضين للفقر عام 2018 في مدينة يبلغ عدد سكانها 2,2 مليون نسمة.
ووجدت دراسة للأمم المتحدة أن ثلث من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة في نابولي لم يكن لديهم عمل أو أنهم تركوا المدرسة في ذلك العام.
ويزدهر اقتصاد السوق السوداء في نابولي وكذلك الجريمة المصاحبة له.
وقد طلب ما يقدر بـ 3500 من سكان نابولي حتى الآن الحصول على مساعدات غذائية بموجب برنامج إغاثة مرتبط بالأزمة الناتجة عن فيروس كورونا أطلق الشهر الماضي.
لكن فناني الشارع وآخرين مثل مدر سة اللغة الإنكليزية تيريزا كاردو أدركوا أن هناك حاجة إلى القيام بشيء أكبر، بمبادرة شخصية وبشكل فوري.
وقاموا بخفض سلالهم الأولى، موضحين الفكرة في ملاحظة صغيرة. وشرحت كاردو “بدأنا بوضع قطعة من الخبز وكيس من المعكرونة وعلبة طماطم مقشرة. وبعد ساعتين، كانت السلة ممتلئة”.
رئيس البلدية فخور بهذه المبادرة وهو قال “نابولي مدينة ذات قلب كبير”.
لكنه حزين أيضا جراء تدابير التباعد الاجتماعي المفروضة لإبعاد الناس عن بعضهم بعضا قدر الإمكان لتأمين سلامتهم وهو يريد عودة نابولي كما كانت قبل تفشي فيروس كورونا.
وأضاف “أفتقد إليها كثيرا، لأنه بالنسبة إلى البشر عموما وسكان نابولي خصوصا، فمن ضد طبيعتنا ألا نتعانق ولا نصافح”.

بين التأمل وألعاب الذاكرة…

بعدما عاشت عزلة تامة عن العالم حتى 2011، تنغلق بورما مجددا اليوم بمواجهة تهديد فيروس كورونا فيما يقدم سجناء بورميون سابقون نصائح لحياة أفضل في زمن الحجر المنزلي.
أمضى هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا ما يقرب من نصف قرن مقطوعا عن العالم في ظل ديكتاتورية عسكرية أحاطت نفسها بهالة من الغموض ومارست القمع بأعتى أشكاله وأودعت معارضيها السجون.
وكان الناشط المؤيد للديموقراطية بو كيي (56 عاما) واحدا من آلاف السجناء البورميين في تلك الحقبة. وهو أمضى في التسعينات ثماني سنوات خلف القضبان بينها اثنا عشر شهرا في الحبس الانفرادي في زنزانة بمساحة تسعة أمتار مربعة.
وهو نشر الأسبوع الماضي عبر حسابه على فيسبوك رسالة مفتوحة لمساعدة مواطنيه القابعين في الحجر المنزلي على مواجهة فترة العزل هذه بمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وأوضح بو كيي لوكالة فرانس برس “كنت أريد التأكد من عدم تراجع الروح المعنوية لدى الناس إلى مستوى منخفض للغاية”.
وكتب في رسالته عبر الإنترنت “املأوا وقتكم. هذه الطريقة الوحيدة الصالحة في حالات العزلة”.
وخلال فترة السجن، كر س بو كيي وقته لتعلم الإنكليزية بمساعدة حارس كان يهر ب له يوميا صفحة من القاموس.
وكان السجين يحفظ كل كلمة ثم يأكل الصفحة ليزيل الأدلة. وقد ساعده تقبل واقعه وتفادي الأنباء السلبية في الحفاظ على معنويات مرتفعة بحسب تأكيد بو كيي الذي يشير أيضا إلى أنه اعتاد ممارسة التأمل والمشي ستة آلاف خطوة يوميا للبقاء في صحة جيدة.
وينذر أي تفش للوباء على نطاق واسع بإغراق النظام الصحي الهش في البلاد سريعا، فيما لا تضم بورما سوى مئتي جهاز تنفس اصطناعي لسكانها البالغ عددهم 55 مليون نسمة.
ويمكن من هنا تفسير مسارعة السلطات إلى عزل البلاد عن العالم تفاديا لاستيراد حالات إصابة من الخارج، في وضع لم يكن البورميون يتصورون أنهم سيعايشونه مجددا بهذه السرعة.
ويوضح المحلل خين زاو وين الذي أمضى 11 عاما في السجن خلال حكم المجلس العسكري “نعود مجددا إلى هذا الوضع غير السعيد”.
ويوضح خين زاو وين “ثمة روح مقاومة قوية متجذرة في المجتمع البورمي”. وهو يتساءل حتى ما إذا كان في إمكان المسنين مواجهة فترة الحجر المنزلي على نحو أفضل من الشباب، قائلا “أبناء جيلي معتادون على هذا الوضع”.
وقد باتت عبارة “الناس هم الأساس” شعارا في البلاد كررته مرات عدة الرئيسة الفعلية للحكومة أونغ سان سو تشي.
وقد ظهرت في تسجيل مصور وهي تغسل يديها، وحقق هذا الفيديو انتشارا واسعا عبر الإنترنت وتهافت أنصارها على حسابها الشخصي عبر فيسبوك الذي فتحته خلال الأزمة لتسهيل التواصل بين السكان المولعين بهذه الشبكة الاجتماعية.
وتشكل أونغ سان سو تشي بنفسها مرجعا على صعيد العزل إذ إنها بقيت في الإقامة الجبرية لمدة خمسة عشر عاما. وبعد إطلاق سراحها في 2010، كشفت أونغ سان سو تشي عن طريقة تمضيتها الوقت خلال هذه الفترة متحدثة خصوصا عن قيامها بالتأمل وسماع الراديو فضلا عن قراءتها بنهم للكتب.
من ناحيته، يلفت بو كيي إلى أنه تخطى حالة الصدمة النفسية المتأتية من السجن من خلال تفادي التركيز المفرط على تاريخ إطلاق سراحه، وهي رسالة يقول إنها تنطبق أيضا على مرحلة الوباء الذي لا ي عرف تحديدا تاريخ القضاء عليه.
ويقول “رك زوا أكثر على الأشياء التي تتمتعون بالسيطرة عليها”.

العودة إلى تقليد “تابو”

يلجأ سكان جزيرة الفصح إلى طريقة تقليدية من الانضباط للتغلب على إجراءات العزل التي تفرضها السلطات في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي يهدد قطاع السياحة الحيوي في هذه الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ، وبالتالي سبل عيش سكانها.
تقع هذه الجزيرة التي يسكنها 7750 شخصا على مسافة 3500 كيلومتر قبالة سواحل تشيلي وتشتهر بمنحوتاتها البشرية العملاقة المسماة “موايس” والموجودة فيها منذ أكثر من ألف عام. وحتى الآن، سجلت جزيرة الفصح إصابتين فقط بفيروس كورونا مع احتمال وجود حالتين أو ثلاث أخرى. لكن السكان المحليين لا يستطيعون تحمل تفشي انتشار المرض مع وجود مستشفى واحد وثلاثة أجهزة تنفس اصطناعي فقط في البلاد.
وبهدف مواجهة هذه الأزمة، لجأ السكان المحليون إلى “تابو” وهو تقليد قديم قائم على الاعتناء بالذات تناقل عبر أجيال من شعب رابا نوي الأصلي.
وقال رئيس بلدية الجزيرة بيدرو إدموندز “لتطبيق مفهوم الرعاية الذاتية هذا، نعمل بموجب تقليد رابا نوي، وهو قاعدة قديمة قائمة على الاستدامة والاحترام. يطلق عليه تابو وهو شائع في كل الجزر البولينيزية”.
مفهوم “تابو” معقد وهو يتعلق بالسرية والقواعد والمحظورات تستمد منه الكلمة الإنكليزية “تابو” (محرمات).وأوضح إدموندز “إذا قلت كلمة تابو لأحد سكان الجزر البولينيزية، فسيخبرونك على الفور بسبب تطبيقنا التابو لأنهم يعرفون ويفهمون ما يعنيه”. وهذا يعني أن تدابير العزل في الجزيرة تم احترامها ما أدى إلى منع انتشار الفيروس على نطاق واسع.
وأضاف ادموندز لوكالة فرانس برس ان “الفيروس أصاب عائلتين في المنطقة نفسا، لذلك نحن نعرف هويتهم ومكان إقامتهم وهم يحترمون إجراءات العزل منذ البداية”.
لكن الآن، هناك مخاوف أكبر بشأن تأثير الوباء على السياحة.
ففي المتوسط، يزور 100 ألف شخص الجزيرة البولينيزية كل عام، وأكثر ما يجذبهم هو المنحوتات البشرية.
مع هجر الشوارع والشواطئ والحدائق العامة، لجأ السكان الأصليون إلى المعرفة التي تناقلتها الأجيال للتعامل مع الأزمة.
وقالت سابرينا توكي التي عملت في قطاع السياحة لمدة 20 عاما، إن بعض سكان رابا نوي الأصليين قد تكيفوا مع الظروف الجديدة وبدأوا زراعة أراضيهم كما فعل أسلافهم.
وأضافت توكي التي توقف عملها بشكل كامل “عائلتنا وعدد من العائلات الأخرى تطبق خطة بديلة وقد بدأنا زراعة” الأراضي.
إلا أن الجميع قلق بشأن الأشهر المقبلة.
وقال إدموندز إن سكان الجزيرة يمكن أن يستمروا لمدة شهر فقط في ظل إغلاق الحدود.
ولفت إلى أنه مع نهاية نابريل، سيصبح هناك ثلاثة آلاف شخص في الشوارع يتوسلون السلطات المحلية أو الوطنية للحصول على الطعام، لأنهم لن يتمكنوا من تأمينه.
لكن هذا الأمر لن يحصل لشعوب رابا نوي، بحسب إدموندز، لأن المجتمع بدأ التجمع خلف مفهوم “تابو”.
لا يتوقع رئيس البلدية أن تتعافى البلاد حتى غشت عندما يعود السياح إلى الجزر.
وعندما ينتعش القطاع السياحي مرة جديدة، فهو يتوقع إقبالا أقل بكثير مما كان عليه الوضع عندما كانت البلاد تستقبل رحليتن أسبوعيا إلى أن توقفت عن ذلك قبل ثلاثة أسابيع.
فقد أطلقت شركة طيران واحدة فقط هي “لاتام” رحلات جوية مدتها خمس ساعات من القارة لكن مثل العديد من شركات الطيران، تضررت أعمالها بشدة جراء الفيروس.
وقال سامويل أتان مرشد رياضة المشي إن الأزمة طالت الجميع وكانت مفاجئة “لقد تأثرننا كلنا، من كبرى الشركات وصولا إلى الحرفيين”.
وأشار إدموندز إلى أن الوباء أبرز هشاشة هذا الموقع النائي، مضيفا أنه بدون دعم الدولة، لا يمكن للكثيرين البقاء على قيد الحياة.
وقالت توكي إن التحدي في المستقبل سيكون تحسين البنية التحتية و”العمل على جذب الناس للعودة” إلى الجزيرة من جديد.

مشردو بوينوس ايرس بلا مأوى

أمرت الحكومة الأرجنتينية السكان بالبقاء في بيوتهم حتى منتصف أبريل لكن الآلاف ليس لديهم مكان يذهبون إليه إذ أن “منزلهم” هو الشارع.
والمشردون هم من بين القلائل الذين يشاهدون في شوارع العاصمة بوينس ايرس منذ أن أصدر الرئيس ألبرتو فرنانديز أمرا بالحجر المنزلي الإلزامي في 20 مارس.
فهم ينامون في الساحات العامة وفي مداخل مباني المصارف والمتاجر المغلقة حاليا في مركز المدينة.
ويقولون إن ملاجئ البلدية مزدحمة وبعضهم قالوا إن الشرطة أخرجتهم قسرا من الأماكن التي عاشوا فيها لسنوات.
قبل عام، ابتكر ريتشارد مارسيلو مأوى في الشارع الواقع قرب نصب المسلة التاريخي في شارع 9 يوليو الواسع في المدينة. وقال هذا الأوروغواياني البالغ 46 عاما محاطا بصفوف من الكرتون والأغطية حيث ينام هو ورفاقه “نحاول التأقلم مع الوضح بأفضل ما نستطيع”.
لكن بالنسبة إلى المشردين، هناك أشياء أسوأ من الوباء.
وأوضح مارسيلو “ما نخاف منه هو الجوع، ولا نخاف من أي شيء آخر بما في ذلك فيروس كورونا”.
إميليو سيباستيان بارسيا (28 عاما) هو الأحدث في مجموعة الموجة الأخيرة للمشردين في بوينس ايرس. وهو أصبح في الشوارع قبل ثلاثة أشهر فقط بعدما فقد وظيفته كطباخ.وقال “كنت يائسا، كنت جائعا والتقيت هذه المجموعة” التي زودته شريان حياة. وأضاف “الآن مع كل ما يحدث مع فيروس كورونا، إذا ت ركت وحيدا فسأموت”.
وتقول سلطة المدينة إنها سر عت خططا لنقل المشردين إلى ملاجئ موقتة في المراكز الرياضية أو الفنادق والتي جهزت لتخفيف الضغط على ملاجئ البلدية خلال الوباء.
وقد أظهرت الأرقام الرسمية أن 1146 شخصا كانوا يعيشون في شوارع بوينس ايرس العام 2019.
ووفقا لإحصاءات المنظمات الاجتماعية والسياسية، ارتفع عدد المشردين في العاصمة إلى أكثر من 7500 شخص في الأشهر القليلة الماضية جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالأرجنتين.
في الوقت الحالي، وسط ارتفاع معدل البطالة في الأرجنتين، يرزح أكثر من 35 % من السكان تحت خط الفقر، من بينهم 8 % يعانون من الفقر المدقع.وقال وسيط المدينة المسؤول عن شكاوى الناس أليخاندرو أمور “لا نريد أن يترك أي شخص في الشارع قبل وصول فيروس كورونا إلى ذروته” في منتصف نأبريل.
وأوضح أن 700 شخص أخرجوا إلى حد الآن من الشوارع، لكن ما زال هناك الآلاف منهم. وأقر بانه “من الصعب للغاية تحقيق هذا الهدف”.
عاش إدغاردو غابرييل فيالبا مع صديقيه كلاوديو وداني لأربع سنوات في ساحة سان مارتن في المدينة تحت النصب التذكاري لمحرر الأرجنتين.
وقال “لقد تركت في الشارع بسبب إصابتي بفيروس نقص المناعة البشرية”.
وروى أن نصائح الحكومة وشعاراتها جعلته يشعر بالضياع.
وأضاف هذا الرجل البالغ 37 عاما فيما يظهر كدمات على جسده قال إنها نتيجة لضربه من عناصر في الشرطة “لم يشرحوا لنا ما يتوجب علينا القيام به… الشرطة تأتي وتجبرك على المغادرة”.
وكثيرا ما تزور مجموعته الكنيسة الكاثوليكية المحلية للحصول على طبق يومي من الطعام. لكن في بعض الأحيان لا يوجد ما يكفي للجميع. في هذه الحال “نذهب إلى حاويات القمامة… بالأمس تناولنا شريحة لحم معالج باردة كانت في حال سيئة وكانت رائحتها كريهة، لكننا لم نكن قد تناولنا الطعام منذ أيام. غسلناها وتناولناها”.
هو يعلم أن الحكومة توفر ملاجئ موقتة لكنه يخشى أن يحجر مع آخرين ويصبح أكثر عرضة للإصابة بكوفيد 19.
وقال “لقد نجوت من فيروس نقص المناعة البشرية لكنني في الوقت الراهن خائف جدا من فيروس كورونا”.
ماريا التي لم ترغب الكشف عن اسمها الكامل، تعيش أمام بلازا دي مايو قرب مبنى بانكو سانتاندر أمام أحد الأماكن السياحية الرئيسية في الأرجنتين وهو قصر كازا روزادا الرئاسي.
لقد عاشت في هذا المكان لسنوات، وكانت تطالع بشكل دائم.
ورغم صعوبة العثور على الطعام الآن بعدما أصبحت الشوارع مهجورة، فهي تقول إنها سعيدة لأن هذه المساحة أصبحت لها وحدها.وقالت “أنا أستمتع بالوحدة. بالنسبة إلي، هذا أجمل شيء في فيروس كورونا”، موضحة لأنها لن تذهب إلى الملاجئ في انتظار القضاء على كوفيد 19 لأنها لن تتخلى عن كلبيها


بتاريخ : 09/04/2020

أخبار مرتبطة

  جيلنا أكثر ذكاء من الذي سبقه، قالها مارتن كوبر مخترع الهاتف المحمول. وأضاف منبها « اتركوا هواتفكم وعيشوا !»

تشكل الذكرى الـ 66 لاسترجاع طرفاية إلى حظيرة الوطن، محطة بارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الاستقلال وتحقيق الوحدة

النظام الداخلي بعد صدور قرار المحكمة الدستورية رقم 17/65 بتاريخ 30 أكتوبر 2017 المادة 23 يتألف مكتب مجلس النواب من:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *