في انتظار «التفاتة تنموية» تثمن مؤهلاتها الطبيعية : «أيت سيبرن / وادي بهت».. ثراء «تاريخي» يتهدده الزوال

 

تعتبر قبيلة أيت سيبرن ، التي يخترقها وادي بهت ، الذي يشكل جزءا منها،  مكونا من مكونات قبائل زمور،  وتوجد في الجهة الشرقية  للحاضرة /  الخميسات،  والتي أصبحت لها قاعدة تستقطب  أغلبية سكان القبيلة،  والواقعة بالضفة الشرقية  لوادي  بهت وبالضبط عند القنطرة المقامة على هذا الأخير، على الطريق الرئيسية  رقم 6 الرابطة بين الخميسات ومكناس ، التي تعرف حركة مرورية  كبيرة (سيارات،  شاحنات،  حافلات  ) وتبعد عن الخميسات  ب 17كلم، والمتواجد مقر الجماعة الترابية بها، هذه القاعدة هي عبارة عن قرية بنيت منذ عقود بشكل عصري تشمل بنايات  سكنية، مرافق إدارية، مقاهي ومطاعم يقبل عليها السكان المحليون  والمسافرون العابرون  لها، محلات تجارية،  سوق أسبوعي يقام كل يوم سبت.. وتتفرع عن وسط القرية طريق تتجه جنوبا  نحو الحاجب، والماس ومدن أخرى، كما يوجد بالمنطقة سوق أسبوعي  على بعد بضع كيلومترات من القرية يقام كل يو م أربعاء، ويوجد بدوره بالضفة الشرقية  للوادي.
الموقع، التاريخ .. والحاضر
تتميزالمنطقة بموقع استراتيجي،  حيث تصل غرب المغرب بشرقه،  فهي تعد ممرا  محوريا  بين الرباط  ومكناس، والشرق  واﻷطلس المتوسط، ، كما تحتل رقعة أرضية  حصينة ، حيث تحيط بها الجبال،  التلال،  الهضاب،  والغابات،  هذه الأخيرة  تحتاج  للعناية  و أن يعطى لها اﻹهتمام حتى لاتتعرض  للإنقراض،  علاوة على أن وادي بهت ، الذي تقع القبيلة  على ضفافه،  يوفر لها الماء طول السنة،  وهو الوادي  الذي أقيم عليه سد القنصرة أواسط ثلاثينيات القرن الماضي، والكائن  بتراب  جماعة القنصرة،  القريبة من أيت سيبرن،هذه اﻷخيرة ، إضافة إلى ماسبق ذكره،  تتوفر على إمكانيات  فلاحية،  أراض خصبة ، ضيعات  عصرية،  مراع ، وجداول  تشكل روافد  لوادي بهت  .
المنطقة لها ، كذلك، خصوصيات وموقع متميز،  وكلها عوامل كانت وراء تمركز الحياة البشرية  ما قبل التاريخ بها منذ آلاف  السنين،  فبالمنطقة وعلى جنبات وادي بهت وعلى امتداد  مسافة طويلة  توجد العديد  من اﻵثار الضاربة في عمق التاريخ،  وفي عدة مواقع، ومن بينها كهف معروف باسم» إفري  نعمرو موسى « القريب من مقر الجماعة، على الطريق المؤدية من الخميسات  إلى مكناس، قرب القنطرة  التي بنيت على الوادي،  وفي مرتفع  يبلغ طوله  حوالي 100  متر، وبداخل الكهف  دهاليز ، و بجواره توجد العديد  من الكهوف  اﻷخرى،  وبداخل «إفري» المذكور تم العثور مند بضع سنين  على هيكل عظمي مدفون بطريقة خاصة وبجانبه  قطع من الحلي وأدوات  حجرية،  نحاسية وخزفية،  تعود  للعصر « البرانزي» ، وخاصة الحضارة  الجرسية التي تعود إلى حوالي 3000  سنة قبل الميلاد ، و»عمرو موسى» الذي يحمل الكهف اسمه،  هو إبن المنطقة،  كان خلال فترة» السيبة» وعهد الحماية قد اتخذ  من هذه المغارة  ملجأ  له، و كان يوزع  ما غنمه  من أعمال  سرقة اﻷغنياء   والمعمرين  على المعوزين والفقراء .

«دار أم السلطان « و»القنطرث أوفلوس»
على بعد بضع كيلومترات  إلى الشمال  من القنطرة المقامة على طريق الخميسات / مكناس  ، توجد معلمتان  تاريخيتان هما، دار أم السلطان  و»القنطرث أوفلوس». دار أم السلطان  تقع بالضفة الغربية  لوادي بهت والشمالية  لوادي  دكور الذي ينحدر من الخميسات ويصب في اﻷول  بالقرب من أطلال هذه الدار،   في شأنها  جاء في كتاب «قبائل  زمور والحركة  الوطنية « ، لمؤلفه  السي  أحمد  بوبية،  «…ومن المعلوم  أن المحطات التي  كانت  تعرف بدور  أم السلطان  كانت من أعمال  الخير  واﻹصلاح التي  قامت بها أم السلطان  السعدي  أحمد المنصور  الذهبي،  المعروفة بلالة  عودة ( مسعودة  ) … فقد كانت موئلا  وملجأ  للمسافرين من سراة وأمراء  وتجار، الذين كانوا  يأوون  إليها  مطمئنين  بعدما يقطعون  المسافات على ظهر الدواب  أو على أرجلهم،  وهناك يأخذون  قسطهم  من الراحة  بعدما يتناولون طعامهم،  فينامون مطمئنين  لايخافون من كوارث الطبيعة من حر وقر في الصيف  والشتاء،  و لا من عادية البشر التي كانت كثيرا ما تعترض  المسافرين والقوافل  بالسوء،  واليوم أصبحت  تأوي  اﻷموات  من أهل الناحية  ، بحيث اتخذوها  مقبرة  لهم ومز ارة يزورونها للذكرى  واﻹعتبار… «
«القنطرث  أ وفلوس»، إسم أمازيغي  يعني قنطرة الديك،  المقامة  على وادي بهت  بالقرب من «دار أم السلطان»،  ومازالت  تعرف  بهذا اﻹسم وإلى  اﻵن،   وأطلالها قائمة،  وعنها جاء في نفس الكتاب «… ويظهر أن تسميتها هذه لم تقع إلا بعد أن سقط وسطها  وبقي طرفاها  فقط، فكانت الديكة تطير من ضفة إلى أخرى عابرة طرفي القنطرة،  فسميت  بذلك ، ﻷنها أصبحت  لا تعبرها  إلا  الفراريج،  وهذا مما يدل على أن القرية  بقيت  آهلة  بعد سقوط القنطرة،  كما يبدو أن  هذه القنطرة  ربما بنيت  في عهد السعديين،  حيث كانت بقربها  دار أم السلطان».  وعن تأسيس  الجسر ، هناك مصدر آخر يرجعه  إلى ما قبل العهد السعدي،  حيث ورد في كتاب بعنوان  «تاريخ  منطقة زمور»، لمؤلفه  اﻷستاذ  الباحث  مولود  عشاق،   ما يلي :»… وتوجد على اﻷعمدة  رسوم مزخرفة  مطابقة لنقوش  صومعة حسان بالرباط،  مع نقيشة  كتب عليها بركة محمد بالخط الكوفي … و قد عزا اﻷهالي  بناء الجسر للأجانب،  ويبدو باﻷحرى  أنه من عمل المرينيين أو ربما من عمل الموحدين….
ضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه
هاتان المعلمتان، ونظرا  لعدم الاهتمام  بهما، وإيلائهما العناية  اللازمة  ، فإن  وضعهما  أضحى مترديا، وتتعرضان  للتلاشي واﻹنهيار ، وقد يكون مصيرهما  في يوم ما الزوال  التام، ، إذا لم يتم التدخل ﻹنقاذ ما تبقى منهما.
وجود هذه المآثر والمواقع التي ترمز لحضارة غابرة، وموقع المنطقة الاستراتيجي وسط قبائل  زمور و التي تزخر  باﻹمكانيات  الطبيعية والطاقات  البشرية إلى جانب الموروث الثقافي  والتراثي،  كلها عوامل  وجب استثمارها  قصد تأهيلها حتى تساهم في التنمية  التي توجد بعيدة عنها، وتحويلها إلى منتجع سياحي ومنتزه  قصد إنعاش السياحة القروية، البيئية والجبلية ، وجلب الاستثمارات، قصد الرفع من مستوى هذه الربوع  من الإقليم، موقع كذلك ملائم  ﻹقامة مخيمات  صيفية لفائدة الناشئة،  باحات  للإستراحة، كما أن المنطقة تشتهر  بالصناعة التقليدية، ولها موروث ثقافي متنوع  من بينه  الفولكلور  المحلي،  وكل هذا من شأنه  إذا أستغل  جيدا ، أن يساهم في جلب السياح من داخل الوطن ومن خارجه.


الكاتب : أورارى  علي 

  

بتاريخ : 15/04/2019

أخبار مرتبطة

ربط القنيطرة بمراكش طرح المغرب مناقصة لإنشاء خط سكك حديدية فائق السرعة في إطار استراتيجيته التي تبلغ قيمتها 37 مليار

  في خطوة إجرامية تصعيدية أقدم «عضو» في شبكة لترويج المخدرات على استهداف عناصر أمنية بسلاح ناري فجر أول أمس

  أكدت الدكتورة أمال دريد في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن احتياطي الدم المتوفر بالمركز الجهوي للتحاقن بجهة الدارالبيضاء سطات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *