في ندوة « تحديات القراءة الأدبية في العالم العربي» ، واسيني الأعرج: نحتاج الى ناشر مغامر يعي أهمية المقروء ويحارب من أجل قارئ محتمل

لطيفة باقا: أزمة القراءة شجرة تغطي غابة أزمات

 

سلطت الإعلامية والمبدعة فاطمة الإفريقي، وهي تقدم ضيوف الندوة الأدبية حول «تحديات القراءة الأدبية في العالم العربي» التي نظمها منتدى القراءة بالمغرب للرصد والتنمية يوم السبت 9 فبراير الجاري بالمكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني والتي نظمت على هامش فعاليات المعرض الدولي للكتاب في دورته 25، أن الموضوع يستمد الموضوع راهنيته في ظل طغيان وسائط التواصل الاجتماعي والثورة الرقمية المتسارعة التي أحدثت تغييرات جذرية على علاقتنا بالآخر والذات والسلطة، كما غيرت مفهومنا للزمان والمكان وبالتالي سلوكنا الثقافي ووسائل الحصول على المعلومة والمعرفة وتلقي الأدب
وأضافت الافريقي أننا أصبحنا ننتمي إلى عصر جديد وزمن تكنولوجي مختلف، ما يستدعي من النخب المثقف وعيا بهذا التحول عبر إثارة النقاش حول كل الإشكالات المرتبطة بهذا التحول، وطرح الاسئلة التي يثيرها هذا الانتقال من الورقي الى الرقمي من قبيل: كيف تفاعل الكتاب والمثقفون مع هذه الوسائط؟ ما مدى تأثيرها سيكولوجيا على طريقة تلقي الأدب؟ وتأثير هذه الوسائط على القارئ؟
كنزة بوعافية رئيسة منتدى القراءة للرصد والتنمية بأكادير أكدت في كلمتها أن القول بزمن انقضاء الكتاب هو اختصاص عربي بامتياز، عكس الدول التي تنمي العادات القرائية وسط مواطنيها وتفتح العديد من الإمكانيات لتصريفها على ارض الواقع. وفي هذا الإطار لامست بوعافية الاسباب الموضوعية التي ساهمت في هذا العزوف عن القراءة، والتوجه الى بدائل الثورة الرقمية مشيرة الى أننا أصبحنا نعيش اليوم ، خاصة في الوطن العربي، زمن التدوينة السريعة على» الفايسبوك» والجمل المشفرة على «التويتر» والصورة الخاطفة على «الانستغرام»، ما يعطي انطباعا خاطئا بأن الجميع يكتب ويتبادل المعارف دون أن نعي خطورة الأمر وهي أن الثقافة والأدب في النهاية هما الخاسران في هذه العملية ، حيث أضحى أشباه المثقفين صناع رأي عام ومؤثرين في القرار الثقافي.
الروائي والأديب الجزائري واسيني الأعرج صاحب «سوناتا لأشباح القدس» و»أنثى السراب» و»مملكة الفراشة» لا يرى في الأمرا ضيرا بقدر ما يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي منحت الأدب حرية أكبر في الانتشار، كما أنها خلقت فضلا عن التواصل القرائي، تواصلا بين الكاتب والقارئ على المستوى الإنساني أيضا، مشيرا الى غياب الدراسات في الوطن العربي التي ترصد المنسوب البشري للقراءة الورقية والالكترونية ، معتبرا أن الأمر بهذا الخصوص موكول للناشر ،الذي ميز فيه بين نوعين: الناشر الطابع والناشر المغامر الذي يعي أهمية المقروء ويحارب من أجل قارئ محتمل.
وتوقف واسيني الاعرج عند أسباب عزوف القارئ العربي عن قراءة الورقي، محملا كامل المسؤولية للقطاعات الوصية الحكومية عبر مؤسسة المدرسة ووزارات التربية والتعليم، مؤكدا أنه لاتوجد وزارة في العالم العربي جعلت من القراءة رهانا استراتيجيا وربت العادات القرائية لدى التلاميذ.
وعكس القراءات التي تذهب الى تحميل الوسائط الجديدة للثقافة مسؤولية العزوف عن القراءة ، ذهبت القاصة المغربية لطيفة باقا الى أن تناول هذا الموضوع يجب أن يتم على مستويين:
أولا الإقرار بالحاجة الى هذا التواصل، ثم التفكير في مستقبل الواقعي أمام الافتراضي على كل المستويات وليس القراءة فحسب. وأقرت باقا في هذا الصدد بأن التكنولوجيا ساهمت في إشعاع الكتاب الورقي والكتّاب أيضا، نافية أي علاقة سببية بين التكنولوجيات الحديثة والعزوف عن القراءة لأننا شعوب لا تقرأ، ما يعني أن أزمة القراءة لا تعدو كونها نتيجة لأزمات أخرى يعيشها المواطن المغربي ضمن متوالية أزمات تولد الواحدة الأخرى.
الناشر والشاعر المصري ومدير دار النشر «روافد» إسلام عبد المعطي، لخص موضوع اللقاء في الصراع الأزلي بين القديم والجديد، والمقاومات التي تحدث لصد أي دخيل خاصة في مجتمعات عربية ألفت نظام الوصاية ومنها الوصاية الأدبية التي يمارسها الناشر والمؤسسة والصحافي عبر إصدار أحكام قيمة على الأدب، والتي تبقى بدورها خاضعة لمقياس الزمن، داعيا الى منح حرية أكبر للإبداعات والكتابات التفاعلية التي تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تنتج أحيانا قيمة مضافة للأدب. ولفت عبد المعطي الى عدم الوقوع في مطب نقاشات هامشية حول الموضوع دون الاهتمام والاجابة عن أسئلة أشكالات جوهرية، أهمها و أولها هو: كيف نصنع مجتمعا قارئا؟.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 11/02/2019