سقوط وانتظار

تجود بك المقامات الزكية … كولي طاهر عندما يؤوب به المساء الندي .
فما حيلتك … الآن ؟
لم يجب … وإنما ظل وجهه جاثما على صفحة من تراب، كان ينظر إليها ساهما.
مسح من على نظارته الشمسية، وتحسس أوراقا كانت في جيبه .
قال في خلده :
ـ هذه صورة شمسية لبطاقتي تعريفي الوطنية .
ـ وهذه صورتكَ مع فلذات كبدي .
كنت أعرف أن طابور الجند سيحتل كيلومترات طويلة، وسيارات نقل المؤونة والعتاد ستزفر فوق الإسفلت الصَّاهد، لترمي سحابات قطنية من عبق كثيف ومعـْتم . كالعادة ، رحلت النساءُ والأطفالُ إلى مدار ابن زيدون ؛ آخر نقطة في سيرة الوجع . إنها تحية وداع ، لكل غال يدافع عن وطن أسير . من النساء من ينتحبن كعرائس القيامة لهذا الطابور، الذي أزمع على الرحيل . يبدو في أفق المساء كطيور تغادر أعشاشها ووُكـُناتها الرطبة ، ولا تلتفت إلى الوراء حيث يشتد الجذب والوجد .
صورة بئيسة، هي التي كانت تختزنها ذاكرتي حول هذا الأفول في اتجاه غروب شفقي ، يتيه عاريا بين وراء وما وراء ، فيظهر حادا كنصل يشق الجسد، ويفصله عن الروح ..

ـ 2 ـ
جلبة ولغط وهرْج ومرْج …
تطاير نقع في الساحة المتربة كعهن منفوش.
من الجند من لا يستطيع حتى أن يكتب رسالة، ويختمها بالشائعة ؛ « لا يخصنا سوى النظر في وجهكم العزيز «. من الجهة الشمالية للساحة ، كان طابور الجنود طويلا يترددون على كاتب الرسائل الوحيد، وبين الفينة والأخرى تزرع فتنة الأقاصي .
إنها لعبة تبادل الأدوار … لعبة الهدايا والعطايا .
فلكي تكون متواصلا مع ما تركته وراءك ، حيث يشتد الوجد والحنين ، يجب ألا ينقطع حبل غسيل يدك السَّابغة … حكايات أخرى للسقوط والانتظار . على مفرق الوادي كمين لجنود لقوا حتوفهم الغامضة المبهمو … منا من كان يقول :
ـ أهكذا يتخلصون من رجالات الوطن؟


الكاتب : ذ . رشيد سكري

  

بتاريخ : 21/02/2020

أخبار مرتبطة

روني شار يقول بأن على الشاعر أن يستيقظ قبل أن يستيقظ العالم لأن الشاعر حافظ وجوه الكائن اللانهائية.شعراء أساسيون مثل

رَفَحْ جرحٌ أخضرُ في مِعْصم غزَّةَ، وَنَصْلٌ في خاصرة الريحِ. ماذا يجري؟ دمُ عُرسٍ يسيلُ أمْ عروسُ نِيلٍ تَمْضي، وكأنَّ

– 1 – هل الرمز الشعري الأسطوري ضروري أو غير ضروري للشعر المغربي؟ إن الرمز الأسطوري، اليوناني، خاصة، غير ضروري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *