كتاب وأدباء عرب يقولون قلقهم أمام جائحة الكورونا

لعل خلقاً يبدأ بلا آلهة ولا أديان ولا مذاهب

خصصت يومية “دو آندبندنت” البريطانية (في نسختها العربية)، ملفا مطولا من ثلاث صفحات، استطلعت فيه آراء جملة من الكتاب والأدباء العرب، من جغرافيات فكرية وأدبية ومجالية مختلفة، حول جائحة كورونا، شملت كامل الخريطة العربية من المغرب حتى دول الخليج. وهو الملف الذي أطره الكاتب والأديب اللبناني عبده وازن، الذي عمل بمجال الصحافة لسنوات طويلة بداية بيومية “النهار” اللبنانية ثم يومية “الحياة” اللندنية، وأصدر العديد من الدواوين الشعرية والروايات ومجموعة قصصية، مثلما ترجمت العديد من أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
تمحور السؤال المركزي الموجه ل 17 كاتبا وكاتبة من العالم العربي، حول “ما الذي يمكن قوله أمام عالم الكورونا؟”، وجاءت الإجابات متباينة، تبعا للمرجعيات الفكرية والمعرفية والرؤيوية التي تؤطر كل واحد منهم. إذ من خلال قراءة تلك الشهادات يمكن أن نستشف أن ثمة ثلاث قارات للرؤية المعرفية صدر عنها أولئك الكتاب، يمكن تحديدها كالآتي:
الرؤية المعرفية المغاربية
الرؤية المعرفية الخليجية
الرؤية المعرفية المصرية والشامية.
ذلك أن المرجعيات المعرفية تختلف من مجموعة رؤيوية إلى أخرى، اعتبارا للتاريخ المعرفي الذي صنع كل واحدة منها. ليس بمنطق المفاضلة طبعا، بل بمنطق الاختلاف، مع الإشارة إلى أن يومية “الأندبندنت” البريطانية، التي تأسست سنة 1986، واحدة من الصحف اليسارية الديمقراطية في إنجلترا (نافست بقوة كلا من التايمز والغارديان)، التي توقفت عن الصدور الورقي سنة 2016، واكتفت في نسخها المتعددة اللغات بالإلكتروني، ما يجعلها اليوم واحدة من أكثر الصحف الإلكترونية باللغة الإنجليزية مقروئية بمعدل يومي يتجاوز 22 مليون قارئ. ولقد أطلقت نسختها العربية في سنة 2018، حيث حققت مكانة سريعة ضمن المشهد الصحفي الإلكتروني باللغة العربية، من موقع خطها التحريري المنتصر للأفق التقدمي للمعرفة.

 

انطلق الشاعر عبده وازن من خلاصة مركزية تأطيرية هي أن “فيروس كورونا الخطير قلب النظريات التفاؤلية والأفكار اليوتوبية وأعلن مفهوماً آخر للتاريخ. الحروب والاوبئة والكوارث الجيولوجية اجتاحت الأرض والبشرية على مر العصور وحصدت ما لا يحصى من الضحايا. الآن في القرن الحادي والعشرين يجتاح الأرض والبشرية وباء رهيب فاجأ العلماء والمختبرات والمصانع النووية التي كان يظن البشر أنها أخطر ما يُحدق بهم. وحّد وباء كورونا العالم والقارات، مؤكداً أن القرية الصغيرة التي قالت بها العولمة غير قادرة فعلاً على الصمود في وجه هذه الجائحة المرعبة”، فاتحا الباب لآراء الكتاب والأدباء العرب، الذي كان أولهم هو الشاعر المغربي محمد بنيس، الذي صدر في رؤيته عن ذات قلق السؤال المعرفي الذي أطر مساره الأدبي والإنساني والأكاديمي، المستند إلى هشاشة “الإنساني” أمام صلافة الواقع، حيث كتب يقول:
“هذه أيام قاسية، لا شك. أحياناً، يبدو لي أننا لم نستطع، حتى الآن، أن نقدّر خطورة وباء فيروس “كورونا”. بل ليس لدينا من الإمكانيات ما يكفي لمعرفة الواقع، حتى ندرك ما نحن فيه. لذا، فأنا أعيش في قلق كبير هذه اللحظة. هو قلق يتركني في العراء. أنا منعزل في البيت، مثل غيري، في البلاد التي قررت حكومتها فرض العزلة على الأفراد ومنعهم من مغادرة البيوت. وحيدان في البيت، زوجتي وأنا. وابننا هو الذي يمدّنا، من بعيد، بما نحتاج إليه.
لكن لي في هذه الأيام حيوية تكاد تكون متواصلة. أتتبّع الأخبار وأتبادل مع بعض الأصدقاء والمعارف رسائل وفيديوهات عن الفيروس والعدوى، يتم الحصول عليها من جهات مختلفة. معلومات مؤكدة وأخرى زائفة، كلها تهجم على الواتساب. وفيديوهات الفكاهة والتسلية تعبّر عن السمو في التعامل مع العزل ولزوم البيت والأمل في تجاوز المحنة. على هذا النحو، أتفرغ في هذه الأيام لما أكتب، كما أتفرغ للقراءة، قراءة الشعر والأدب والفكر ومصاحبة الفنون. حياتي اليومية في العزلة ثقافية، وفيها أترك الإحساس يقظاً بما يحدث، وأحتمي بالسؤال عن أسباب ما يحدث. أعلم أن خارج البيت مآسيَ في نواح مختلفة من الحياة العامة. هناك مأساة المرضى العاجزين عن الوصول إلى المستشفيات، مأساة الفقراء الذين أصبحوا من دون دخل، مأساة اللاجئين الذين يحملون أعباء الغربة والحرمان والموت، مأساة عمال وموظفين مسرّحين من العمل، مأساة مؤسسات صغرى تتعرّض لصدمات لا شك أنها ستؤدي إلى وقف نشاطها. وأفكر في العائلة وفي أقرباء أعرف أنهم يعيشون في أيامهم العادية وضعية صعبة. أفكر في الأصدقاء، أكاتب الواحد وأهاتف الآخر، حتى أطمئن. وفي كل وقت من اليوم، أعود لأحيّي هيئة الأطباء والممرضين وجميع الساهرين في العالم على المرضى. أفكر في هؤلاء وأولئك، وأتضامن.
من هنا، فإن جائحة الفيروس تنذر بالدمار. بل إن بلداناً عربية، تعيش في حالة حرب منذ سنين، سيكون الواقع فيها أعتى مما سيؤول إليه الأمر في البلدان الأخرى. قلقي كبير، لأنّ ما سيحصل في حياتنا ستكون نتائجه مضاعفة. طبعاً، أنا ملاحظ، وعند هذا الحد أتوقف. أما العلماء في الميكروبات والبيولوجيا، أو المتخصصون في الاقتصاد والاجتماع، على الأقل، فمن المفروض أن تكون لديهم قراءة أدق للمعطيات، لكن نتائجها لن تختلف، في ما أعتقد، عمّا يلاحظه الأدباء والفنانون.
لذا أنظر إلى واقع الوباء في العالم بما هو إنذار بالدمار. نظرة لا مبالغة فيها لما يحدثه فيروس “كورونا” في البشرية، اليوم، أي منذ بداية انتشار الوباء. دمار غير اعتيادي، لا نقدّر فداحته. ولكنه كان منتظراً بالنسبة إلى جميع المعارضين لسيادة الهيمنة، كما تتجلّى في طغيان العولمة ومنطق ما بعد الحداثة. كتابات عدّة بهذا الشأن صدرت عن علماء في الغرب، منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وصرخات منظمات الدفاع عن البيئة تصاعدت، كما توالت إنذارات أطلقتها طائفة واسعة من الكتاب والمبدعين في العالم. فوجود هذا الوباء، وانتشاره بالسرعة التي تم بها، وعموميته عبر جهات الأرض، هي من نتائج العولمة وما استتبعها من هيمنة قيم ما بعد الحداثة.
على أننا لم يكن لنا نصيب ريادي في مثل هذه المواقف، لأنّ العالم العربي يعيش وضعية مزدوجة. فهو، من ناحية، يزيد تشبثه بالزمن الديني، الذي يضاعف اعتماد القدرية في فهم وشرح الوقائع، ويرسّخ أكثر فأكثر الثقافة الغيبية في النظر إلى أحواله وفي معالجة حتى أبسط ما يعيش. وهو، من ناحية أخرى، أصبح مستسلماً لهيمنة الغرب، أو منبهراً بمظاهر حياة الاستهلاك. أما في الحياة الثقافية، فإنّنا نمر بمرحلة يتضاءل فيها التمسك بقيم الوعي النقدي، وينتصر التخلي عن الطموح في إنشاء حوار مع العالم. لذا، لم تعد النخبة العربية مهيّأة للجهر بقول “لا” في قضايا تظل بعيدة منها ولا تشارك في صياغتها ولا في التداول بشأنها. منها، إشكالية فرض الغرب قيم حداثته، باعتبارها قيماً كونية، ولا بد لنا من أن نقبل بها ونعتبرها الحقيقة والمرجع، ومنها انفجار الثقافة الرقمية بكل ما تحمله من استبداد ثقافة الإعلام والاستهلاك.
بالتأكيد أن البشرية ستنتصر على الفيروس، لكن بأي ثمن؟ منذ بداية الألفية الثالثة، عرف العالم أزمات واستطاع أن يتخطاها، على أن الانتصار الذي حقّقه ظل مؤقتاً، لأن الأسباب بقيت في مكانها. ولا أعرف حجم الدمار الذي سيسفر عنه الفيروس الحالي بعد الخروج من الأزمة. ثم إنه من الصعب التكهن بإمكانية أن يكون ثمة في العالم رد فعل نقدي، رافض، لسياسة العولمة ومؤثر، كما كان الشأن بالنسبة إلى ما حدث في الغرب بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. وعلى الرغم من وجود حركات معارضة، فإنّ معطيات عدّة تغيرت مع بداية التسعينيات، أي بعد أن أصبح العالم يعيش بين أسوار العولمة والثقافة الليبرالية المتعددة الأوجه، في السياسة كما في الحياة العامة. من قبل، كان حضور اليسار قوياً بوعيه النقدي وبمواقفه ونضالاته، أما الآن، فنحن في زمن اليمين، بل اليمين المتطرف، الذي يفاقم الخضوع لرأسمال المال والعنصرية ورفض الاعتراف بالآخر والمساواة معه.
وباعتقادي أنه لن يظهر في العالم العربي وعي نقدي جديد، أساسه السؤال، كما كان الشأن من قبل، في الخمسينيات أو السبعينيات. كل ما يحدثه الوباء اليوم سيصبح مجرد واقعة حلّت وارتحلت. للأسف، نحن خارج العالم”.
فيما ذهب الروائي التونسي شكري المبخوت، إلى تأمل سؤال القلق من الموت الذي عاد ليصبح كونيا يوحد في لحظة تاريخية كل بني البشر فوق الكرة الأرضية في ذات اللحظة من الزمن. وأنه الخوف السيد الموحد للبشرية اليوم، مؤكدا أنه:
“أمام حالة الهلع والخوف الغريزي من الموت، تسلّم أمرك للدولة وقراراتها، تصبح مواطناً صالحاً أي طيّعاً يستبطن المراقبة والضبط والأوامر، فيتشبّث بها على أنّها خشبة النجاة. يتوقّف الحسّ النقدي والريبة من صور التحكّم جميعاً. فأنت أمام ضرب من الحيوانية المدجّنة، تألف اقتيادك راضياً مرضياً إلى العزل والنبذ والحظر وقطع الحركة والاتصال عنك، حفاظاً على جسدك وبقائك.
لم يعد لخطابك نفع يُذكر، إذ صارت آلة إنتاج هذا الخطاب ذاته مهدّدة بالزوال. فقدتَ صفة الحيوان الناطق الجوهرية لتعرّف نفسك من جديد: إنسان خائف. تدريب جديد على إعادة تعريف الذات والآخر والسلطة. سلّمت إنسانيتك وكرامتك وذاتك، طوعاً أو كرهاً إلى خطاب الدولة ليعيد رسم الحدود ومجال التحرّك وضبط النشاط، حتى صرتَ تتساءل عن دلالة حريتك نفسها بحدودها البيولوجية. صار البديهي المألوف في حياتك كالغذاء والدواء موضوع تشكيك ومراجعة. كنتَ وحدك أمام خوفك بادئ الأمر ولكنّ عزلتك مكّنتك من أن ترى مداك الحقيقي بقدر ما ترى هشاشة الكائن المتجبّر: مدن كاملة مغلقة، مليار من البشر في عزلة خانقة (…).
صار القريب والحبيب والصديق والغريب والجيران والأغيار أعداء محتملين، بل صرتَ أنت نفسك عدوّاً لنفسك لو فكّرت في أن تدعك عينيك أو أن تدلّك أنفك من دون احتياط. أصبحت مصدراً للموت وأصبحتَ تهدّد حياتك بنفسك.
ليس المشهد قاتماً تماماً. صور ومشاهد كثيرة تقول إنّ هذا الإنسان الخائف الذي يواجه حدوده البيولوجية هو نفسه جبّار شديد. يصنع الحياة وهو في قلب المأساة. لم يفقد الأمل في الحياة ولا أضاع القدرة على الاعتراف وما زال منه شعوره بالتضامن البشري. (…)
سينتهي هذا الوباء كغيره من الأوبئة التي عرفتها الإنسانية عبر التاريخ. ستكون خسائره وآلامه التي سيخلّفها أقلّ من غيره ولا شكّ. سيبكي الناس أحباباً وأعزّاء على قلوبهم بكاءً مرّاً. لكن السؤال الأهمّ بعد هذا كلّه: هل تثوب الإنسانية إلى رشدها والدول إلى مواطِن القوة التي صنعتها أي الصحة والتعليم والبحث العلمي، فتنفق عليه ما يجب إنفاقه بعد أن سدرت في غيّها أسلحةَ دمار وجيوشاً عرمرماً وتدميراً للبيئة ومنطقَ ربحٍ لا يحكمه إلاّ مبدأ مراكمة رأس المال إلى ما لا نهاية؟”.
فيما كتب الناقد السعودي سعد البازعي من مصحة المعالجة من إصابته بالفيروس، مقدما شهادة مختلفة فيها التأمل والتجربة. حيث كتب يقول:
“من المعتقل “الكوروني”، أكتب متشبعاً بالقلق والترقب بالأخبار والإشاعات والآمال. ما الجديد الذي يمكن أن يُضاف إلى آلاف التعليقات والمشاهدات والاكتشافات التي تمطرنا يومياً من كل وسائل الإعلام والتواصل؟ حتى المشاعر والرؤى الشخصية أقرب إلى أن تتوافق مع ما يشعر به أو يراه الآخرون (…).
هل تعود الأشياء كما كانت؟ هناك من يرى استحالة ذلك، لكني أرى قابلية الناس والأشياء لنسيان أو تناسي ما حدث،
فكم من كوارث تشبه “كورونا” نُسيت أو توارت عن الاهتمام وعادت الحياة لتمارس نسيانها، لا لتنسى ما حدث فحسب وإنّما لتنسى أنها نسيت، فتنهمك في ما كانت فيه. لعل تلك مهنة الحياة: أن تنسى”.
الكاتب الإماراتي عبد الحميد أحمد توقف عند معنى التجاء “الإنسان إلى الخبرة التاريخية يستنجد بها” أمام الكوارث. وأن في تلك الخبرة، الكثير ممّا تراكم عبر الزمن وصار جزءًا من المعرفة والعلم ومنه على سبيل المثال، الحجر والعزل الصحي وقطع خطوط انتقال الوباء، متوقفا عند عجز الإنسان أمام الطبيعة التي توهم أنه قد دجنها أخيرا. بينما ركزت الأديبة الفلسطينية ليانة بدر على معنى عدم القبول، أو ما يمكن توصيفه بلغة علم النفس ب “الإلغاء”، أي أننا حين لا نستطيع تحمل الشيء والواقعة نقوم بإلغائها من وعينا، متسائلة إن لم نكن أمام ما يشبه فيلما خرافيا للخيال العلمي، حتى والسيناريو واقعي تماما. وهو ذات ما ذهب إليه بصيغة أخرى الكاتب الكويتي طالب الرفاعي، متسائلا إن لم نكن نعيش تفاصيل حرب كونية عرت عورات العالم وضمنها دول عظمى، فيما صدر الكاتب السوداني خالد خليفة عن رؤية نقدية للرأسمال ولقانون سطوة التكنولوجيا على الحياة اليومية للناس، متسائلا في ما يشبه الاستنكار “ما الذي أفادتنا به اليوم؟”، مؤكدا أنها حولتنا عبيدا أكثر لمنطق السوق. وتكاد تكون هي الخلاصة ذاتها الناقدة لمنطق نظام السوق التي ذهب إليها الكاتب الأردني جريس سماوي، الذي قدم نقدا لاذعا للتشيئ الذي أخذت إليه البشرية من خلال سطوة التقنية، وأن الفيروس أعاد الإنسان لحاله الأصلية “الضعف والخوف والأمل”.
من جهتها اعتبرت الروائية المصرية هالة البدري أن التوازي أمام الموت قد وحد أخيرا الغني والفقير من الدول والشعوب، وأن البشرية عادت لا إراديا لأصلها كإنسان ضعيف أمام الكون والطبيعة، والدرس الكبير هو أن نعيد تعلم كيف ننجو جماعيا. الروائي السعودي عبده خال انتصر لفكرة محورية هي نهاية الريادة الأمريكية في قيادة العالم، وأن رؤوسا جديدة ستخرج لقيادة مصير العالم، مع ميل لذات الأطروحة الأمريكية التي قالت من قبل بنهاية التاريخ. من زاوية نظر مختلفة، انزاح الشاعر المصري أحمد شهاوي صوب رؤية فجائعية للزمن، معتبرا أن تجربته الخاصة هي تجربة ألم مع تراكم النصال على النصال. مؤكدا أن زوبعة السؤال هي من زوبعة الواقعة العالمية اليوم، وأن سباق الموت والثروة كارثي من وجهة نظره، عنوانا على الفراغ في المعنى عند الإنسان اليوم.
وإذا كان كل من الأديب العماني عبد الله العليان والكاتب اللبناني أحمد علي الزين، قد ذهبا في اتجاه تأمل الواقعة العالمية اليوم من منطلق السؤال السياسي المتهم لسطوة العولمة وجفاف البعد الإنساني في البناء المعرفي الجديد بالعالم (من خلال نظم التعليم)، الغارق في منطق “حاجة السوق”، فإن الروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج قد حاول مساءلة المستقبل الذي ينتظرنا انطلاقا من غرابة الزمن الذي نعيشه، مؤكدا أن “الفيروس أعاد العرب إلى حجمهم الحقيقي دولياً. فقد بدوا كأنهم خارج مدارات العصر. لا شفافية لهم حتى في الأمراض التي تفتك بالآلاف يومياً ولا أحد يعرف عنهم شيئاً”. ليخلص بعد تحليل مطول لواقع التراكم التوسعي اقتصاديا لدول الشمال ضد دول الجنوب، إلى أن العالم إنما سيدخل يوتوبيات جديدة لتبرير ذات الاستغلال.
على أن أفضل ما يمكن إنهاء به هذه المتابعة لآراء كتاب وأدباء عرب، أمام وباء كورونا، هذا النص المكثف للشاعر البحريني الكبير قاسم حداد، الذي صدر عن رؤية عميقة، بليغة ونفاذة، حيث كتب يقول:
“لست قادراً على استيعاب ما يحدث. لكأن آلهة تعبث ببشر أمضوا أعمارهم يعبدون.
كلامنا عن التخلف والتقدم يبقى في حدود العجز. لكي ننظر الآن إلى خريف العالم.
ينهار كل شيء ويصير سديماً. لعل خلقاً يبدأ بلا آلهة ولا أديان ولا مذاهب.
الآن، على من يؤمن بالغيب ألا يغيب.
ليست لحظة تاريخية، إنها كونية، لكي نرى فضيحة الذي يذهب إلى الكواكب، مخلفاً العطب في هذه الأرض.
لم أعد راغباً في ازدياد”.


الكاتب : إعداد: لحسن العسبي

  

بتاريخ : 03/04/2020

أخبار مرتبطة

كشف مرصد العمل الحكومي عن فشل الحكومة في محاربة الفساد والاحتكار، وعدم العمل على الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على

  تحت شعار «بالعلم والمعرفة نبني الوطن»، تم زوال يوم الاثنين 22 أبريل 2024 ، افتتاح أشغال المؤتمر 21  ل»اتحاد المعلمين

يعود ملف ممتلكات الدارالبيضاء ليطفو من جديد على سطح الأحداث، خاصة وأن المدينة تتهيأ لاستقبال حدثين مهمين على المستوى القاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *