«كومندو» الصيادلة في الخط الأمامي لمواجهة كورونا والفيروس يزحف في اتجاه الجسم الصيدلاني

يقدمون النصائح، يخففّون على المواطنين نفسيا واجتماعيا،
ويسهرون على تأمين ولوجهم إلى الدواء رغم الإكراهات

 

يعيش الصيادلة على أعصابهم خلال الفترة الحرجة التي تمر منها بلادنا، فهم يحرصون على تأمين ولوج المواطنين للدواء، ولهذه الغاية لايكلّون ولا يملّون في التبليغ عن كل دواء تتقلص معدلاته أو يغيب عن الرفوف.
صيادلة يشتغلون كخلية نحل إلى جانب مساعديهم داخل الصيدليات، من أجل الإجابة عن الاحتياجات الدوائية للمواطنين والمرضى، والحرص على أن يكون الدواء رهن إشارة كل مريض يطلبه، في أي لحظة، بالليل كما بالنهار، خلال أيام العمل وفي عطلة نهاية الأسبوع، فالمهمة مستمرة بدون توقف.
لا يقوم الصيادلة بصرف الدواء فقط، اليوم كما الأمس، وخاصة في زمن فيروس كورونا المستجد، فهم يعملون أيضا على تقديم النصائح من أجل الوقاية، ويزودّون المواطنين بكافة الإجراءات الواجب اتباعها والتقيد بها حتى لا تطالهم العدوى، ويضطرون إلى الاستماع لزمن أكبر خلال هذه الجائحة الوبائية لجيرانهم، ولكل من ألف أن يدخل صيدلياتهم، لتبديد مخاوفه وطمأنته، فالتبعات النفسية اليوم، هي أكثر وقعا من الفيروس نفسه.

وصفات وأدوية

“لا توجد صيدلية مغلقة في زمن الطوارئ الصحية والحجر الصحي، فالواجب أوّلا، ومواجهة الجائحة الوبائية تعتبر أولوية، بالرغم من كل الإكراهات والمعيقات التي قد تعترض المهنيين في القيام بمهامهم “.
هكذا أجاب عدد من الصيادلة الذين قمنا بزيارتهم في صيدلياتهم، التي يقف فيها الصيدلاني ومساعديه جنبا إلى جانب، للإجابة عن استفسارات المواطنين، وتقديم الإرشادات التي تخص استعمال الأدوية، وربط الاتصال ببعض الأطباء بخصوص بعض الوصفات، سواء من أجل استعمال دواء معين أو استبداله بآخر، أو من أجل إعداد وصفة لشخص تعذر عليه زيارة طبيبه المعالج لظرف من الظروف التي لها صلة بالوضع العام.

دروس في التوعية

“س . م”، صيدلانية بالدارالبيضاء، تؤكد على أن هناك وعيا في أوساط الكثير من المواطنين بخصوص التدابير الوقائية، وتشدد بالقول على أنهم “حين يتقدمون أمام الصيدلية للحصول على الدواء، يحترمون المسافات التي قمنا بتحديدها، وإن كان هذا لا يلغي أن هناك بعض المتهورين الذي لا يعيرون للأمر اهتماما، ويقبلون على دخول الصيدلية حتى وإن كان غيرهم متواجدا بها، وفي هذه الحالة نعمل على تنبيههم بلباقة، ونستغل المناسبة، لتقديم نصائح توعوية بشكل شامل لتفادي الإصابة بالعدوى، في أي فضاء من الفضاءات”.

اجتهادات في عالم الوقاية

بدوره أقدم ” م. ك” على اتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية، لحماية المواطنين ومساعديه، تتمثل في وضع أشرطة بلاستيكية، كنوع من “المتاريس” على الأرض حتى لا يتم تجاوزها، إضافة إلى حواجز خشبية وزجاجية، تساهم في تنظيم عملية صرف الدواء، مؤكدا على أن الوضع عصيب جدا، وإذا كان هناك من يتوفر على حظ من الوعي فإن البعض الآخر، لا يعير اهتماما للأمر.
” نحن نشتغل في ظروف جد قاسية، ولا ينبغي لنا أن نشتكي، وعلينا أن نكون إلى جانب وطننا ومواطنينا في هذه اللحظات العصيبة، صحيح أننا لا نتوفر على كمّامات طبية ولا على معقّمات، التي تمت المضاربة بها بشكل رهيب، والتي هي من وسائل الوقاية، لكننا نعمل ما بوسعنا لأداء مهمتنا على أكمل وجه”.

كورونا: رخيصة بـ “تعليمة”

من جهته، أكد الدكتور عبد الرحيم دراجي، أن جائحة كورونا المستجد قد أبانت عن أهمية العاملين في قطاع الصحة، بمن فيهم الصيادلة، الذين يقومون بمهام لا يستهان بها في هذه الظرفية المعقدة التي تعيشها معظم الدول. وأوضح الصيدلاني لـ “الاتحاد الاشتراكي”، أن المغرب يتوفر على أكثر من 2000 صيدلاني يزاولون مهنتهم في جميع ربوع المملكة، بإمكانهم أن يعطوا نصائح للمواطنين قصد احتواء فيروس كوڤيد 19، مشددا على أنهم يقومون بدور هام في توجيه المرضى وفي معالجة الأمراض الخفيفة. وفيما يخص صرف الأدوية، أبرز المتحدث أن “الصيدلي الذي كان يقوم بطريقة تكاد أن تكون روتينية أصبح يطلب من المواطن نوعا من العقلنة للحد من المشتريات بدون مبرر، لأن الصيدلي ليس تاجرا هدفه الوحيد هو تحقيق أكبر رقم معاملات، بل يجب عليه أن يرفض كل صرف أدوية من شأنه أن يشكل خطرا على صحة المريض أو يساهم في انقراض بعض الأدوية الأساسية من الصيدليات”.
وأشار دراجي، أنه عندما بدأت الأزمة الصحية الحالية ” لاحظنا إقبالا غير عاد على بعض الأدوية التي تحتوي على مادة الباراسيتامول أو أزيتروميسين أو الڤيتامين س، كما لاحظنا بداية الأسبوع ما قبل الأخير إقبالا غير طبيعي على أدوية الأمراض المزمنة لأن بعض المرضى يخشون أن تغلق الصيدليات أبوابها مع العلم بأن هذا أمر مستحيل”، مضيفا، ” بهذا التصرف أصبحت بعض الأدوية مخزّنة في المنازل عوض أن تخزن في الصيدليات لكي تلبي حاجة المحتاجين لها فعلا”.
الخبير الصيدلاني، شدّد في تصريحه لـ ” الاتحاد الاشتراكي” على أن الصيدلاني ” وللقيام بدوره على أحسن ما يرام مع تجنب الاكتظاظ، فقد تمت إعادة النظر في عدد صيدليات المداومة لكي تستجيب لحاجيات المرضى خلال فترة الحجر الصحي” مبرزا أنه ” منذ أن بدأت تنتشر هذه الجائحة، توضح لنا أهمية الحرص على احترام مسلك المواد الصحية لضمان جودتها وتجنب ارتفاع أثمنتها، إذ أن أثمنة الأدوية لم تعرف أي زيادة كما هو الشأن بالنسبة لبعض السلع التي عرفت ارتفاعا هاما”، مضيفا بالقول ” نفس المشكل عرفته المستلزمات الطبية كالكمامات ومحلولات التعقيم التي افتقدت من الصيدليات بعد أن عرضت في هذه الآونة الأخيرة بأثمنة باهظة للصيادلة”، مؤكدا أنه ” بدون مواد التعقيم وبدون كمامات أصبح الصيدلي ومستخدميه يشتغلون في ظروف لا تضمن سلامتهم، مما يمكن أن يساهم في انتشار الفيروس بسرعة إذا ما أصيب الصيدلي أو أحد مستخدميه بهذا الوباء”.
وارتباطا بصرف الدواء للمريض، أكد دراجي، أن “من المشاكل التي يعاني منها المواطن، حرمانه من استبدال الصيدلي لدواء مفقود بدواء مماثل، خاصة في الظروف الراهنة التي تحثنا على اجتناب تنقل المرضى من حي إلى حي آخر”، مضيفا أنه ” تجب الإشارة للمجهودات التي تقوم بها وزارة الصحة، بما في ذلك من دوريات للإجابة عن حاجيات المرضى من أدوية”، مختتما تصريحه بالقول ” حبذا لو أخدنا العبرة من هذه الظرفية لاتخاذ قرارات من شأنها أن تطبق على كل المستلزمات كما تطبق على الأدوية، للحفاظ على سلامة المواطنين وعلى الأثمنة حتى لا يؤثر عليها مبدأ العرض والطلب”.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/04/2020