كيف نستأصل العنف بالوسط المدرسي ومحيط المؤسسات التعليمية؟

*رغم المجهودات المبذولة من طرف العديد من المهتمين بالشأن التعليمي وشركاء المدرسة العمومية، والمسؤولين المباشرين عن العملية التعليمية ببلادنا للحد من ظاهرة العنف بالوسط المدرسي، ومحيط المؤسسات التعليمية، من خلال سلسلة اللقاءات التحسيسية المباشرة كالندوات واللقاءات التواصلية مع التلاميذ وأولياء أمورهم، وهيئة التدريس، والإدارة التربوية، وأيضا غير المباشرة، كالأنشطة التربوية والثقافية والفنية والرياضية، والتي رفعت شعارات مدوية تصب جميعها في إدانة العنف ومصادره، فإن الواقع المعيش يعكس نظرية مغايرة ومخالفة لكل التوقعات، حين اشتدت حدة هذه الظاهرة وساد السلوك العدواني و اتضح أنه اصبح لزاما إعادة النظر في طرق التواصل مع كل المعنيين، وابتكار طرق وآليات حديثة علها تفي بالمطلوب، وهذا يعني ايضا ان الرسائل التي تركتها تلك اللقاءات التواصلية والبرامج المسطرة التي صاحبتها كأنشطة مواكبة لم تصب الهدف، ولم تعط أكلها كما كان متوقعا، وأن الإحصائيات التي تقدم بعد الأيام التحسيسية ليست مدققة، مقارنة مع ماهو واقع وما تداولته العديد من صفحات إلتواصل الإجتماعي. والتي لا تكتفي غالبيتها بنقل ونشر الخبر والصور، بل تؤجج الوضع من خلال نقل تعاليق مصاحبة للخبر أو الصورة، من طرف من تقاسموا الخبر،سواء كانوا بعض نساء ورجال التعليم، أو مجموعة من التلاميذ، أو حتى بعض الغرباء عن الشأن التعليمي.
وبالعودة إلى الوسط المدرسي، نجد حالات العنف ضد بعض المدرسين أو الإداريين عرضت على المجالس التأديبية للمؤسسات التعليمية، خاصة بالثانوي التأهيلي، من بين أسبابها الرئيسية سوء العلاقة بين المدرس والتلميذ، نتيجة ضعف التواصل،مما أدى الى عدم التركيز من طرف التلميذ، من جهة ،وعدم قبول ذلك من طرف الاستاذ،وهو محق في ذلك، وقد تتطور الامور الى ما هو أسوأ، ليتم عرض هذا التلميذ على المجلس التأديبي، ، هذا الأخير تصل أحيانا قراراته إلى ما هو غير تربوي، مثل تغيير المؤسسة التي كان يتابع دراسته بها، والتي تعتبر عند اولياء الامور قرارات صادمة، ومجحفة في حق أبنائهم، خاصة تلاميذ الأقسام الاشهادية، في المقابل،تتعرض العديد من التلميذات للتحرش الجنسي من طرف بعض الأساتذة، ولو على قلتهم يشكلون خرقا سافرا للقانون وضربا لقدسية المهنة،.فمنذ بداية الموسم الدراسي الحالي وصلت حالتان للتحرش الجنسي بالتلميذات الى المحاكم،بكل من عمالة المحمدية، وعمالة مولاي رشيد بالبيضاء، أدت إلى الحكم على أستاذ التربية الإسلامية في المحمدية وأستاذ الفلسفة بمولاي رشيد إلى السجن. أما الحالة الثالثة فهي التي تتبعها الرأي العام الوطني وتخص الطفلة مريم من مدينة تارودانت، والتي خلقت حالتها ضجة كبيرة لصغر سنها ولقوة إصابتها، أدت الى اعتقال أستاذها بعد تقديم شهادة طبية تؤكد مدة العجز بها إلى خطورة الإصابة .إلا أنه بعد النطق بالحكم، تعاطفت شريحة مهمة من نساء ورجال التعليم مع الأستاذ ، فما لبث هذا التعاطف إلا أن تحول إلى تظاهرة ومسيرة ضد اعتقال زميلهم، هذا في الوقت الذي تعرضت فيه أستاذة تدرس مادة الرياضيات بالثانوية التأهيلية عقبة بن نافع، بجماعة ايت اعميرة إقليم شتوكة ايت باها، إلى هجوم من طرف أحد التلاميذ بالسلاح الأبيض، تسبب لها في إصابتها بجروح نقلت على إثره إلى أحد المراكز الصحية، مماجعل المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، تصدر بيانا استنكاريا أكدت فيه تضامنها المطلق مع هذه الأستاذة، التي توصلت بمكالمة هاتفية من المدير الإقليمي.
وحتي خارج أسوار المؤسسة التعليمية، لم يسلم العديد من التلميذات والتلاميذ، من التعنيف الخطير، كما حصل للتلميذ(بوشعيب .ج)حين تعرض لهجوم من طرف مجهولين طعنوه بسكين على مستوى العنق، بعد مقاومته لهم تمكنوا من سرقة هاتفه، فلم تفلح الإسعافات التي قدمت له حيث فارق الحياة،.التلميذ بوشعيب لم يتجاوز بعد 16ربيعا.كان يدرس بالجدع المشترك بثانوية مولاي بوشعيب، وهو ينحدر من الجماعة الترابية أولاد رحمون، ويقطن بداخلية بمدينة ازمور، علما ان الجناة مازالت هويتهم مجهولة .
وبمدينة برشيد، اعترض قاصر من مواليد 2009،طريق خمسة تلاميذ قاصرين بالسلاح الأبيض، متسببا في اصابة ثلاثة منهم بجروح خفيفة، بينما أصاب إثنان منهم بجروح على مستوى الوجه، مما استدعى نقلهما إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء..
أمام هذه الأوضاع المقلقة، أصبح لزاما على جميع المتدخلين في العملية التعليمية، ابتكار طرق أخرى للحد من هذه الظاهرة


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 13/02/2020