كُنَّا وَلا نَزَال

أَيَّتُهَا القَصَائِدُ :
الشُّعَرَاءُ كَالأَطْفالِ، نِعَالُهُم مِنْ رِيحٍ،
جَوَارِبُهُم مِنْ رِيشِ العَصَافِيرِ المَذْبُوحَةِ :
مَثْقوبَةٌ مِنَ الأَصَابِعِ ،
وَ أَقْدَامُهُم لا تَلْمَسُ
الأَرْضَ .

أَيَّتُهَا القَصَائِدُ
هَا إنَّ الحَجَرَ يكبُرُ مَعَ الزَّنابِقِ
فِي المَاءِ .
وَاللُّغَةَ عَلَى الطُّرُقَاتِ
لَهَا سِيقَانٌ طَوِيلَةٌ
مِنْ أَبَنُوسٍ ،
وَوَرَقٍ مُقَوَّى .

هَكَذا،  يَمُرُّ الشُّعراءُ بِيَاقَاتٍ زَرْقَاء
عَلَى الجُسُورِ،
وَ أرْصِفَةِ البَوَاخرِ .
يَكْبُرُونَ فِي المَطَرِ،
وَ يَمُوتُونَ فِي الحُرُوبِ .

هَذِهِ القَصَائِدُ
فِي غَفْلَةٍ مِنْ حُرَّاسِ اللَّيْلِ ،
تُولَدُ ، أَحْيَاناً ، مِثْلَ الدَّبِابِيسِ
فِي أَحْشَاءِ المَدِينَةِ ،
فَلَا تَنْبُتُ لها أَجْنِحَةٌ مِنَ البَابُونْجِ
إِلَّا فِي المَسَاءَاتِ البَارِدَةِ .

هَا إِنِّي أَنْتَظِرُ قَلِيلاً :
سَيُعشِبُ رَأْسِي بالسَّحَابِ ،
وَأَنَا فَوْقَ سَرِيرِ المَاءِ أَغْمِزُ لِلشَّمْسِ ،
أَغْمِزُ بِعَيْنَيَّ هَاتَيْنِ .
وَالدُّودُ سَوْفَ يَأْكُلُ مِنْهُمَا .

هَكَذَا، كُنَّا بِنِعَالٍ خَفِيفَةٍ
وَلَا نَزَالُ ،
نَسْبِقُ العَاصِفَةَ ،
وَالصَّدَى .
وفَوْقَ ظُهُورِنَا المُحْدَوْدَبَةِ
بُيُوتٌ طِينِيَّةٌ ،
وَسِلَالٌ ثَقِيلَةٌ مِنَ القَشِّ ،
وَالتِّبْغِ المُهَرَّبِ .

كُنَّا ، وَلا نَزَالُ
نَضَعُ حَجَراً عَلَى الشِّفَاهِ المَزْمُومَةِ .
نَضَعُ نَظَّارَاتٍ ،
وَسَاعَاتٍ ،
ثُمَّ نُشْعِلُ الحَنَاجِرَ :
نُشْعِلُهَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ
فِي كُلِّ اتِّجَاهٍ ،
فِي البِحَارِ ،
فِي الجِبَالِ ،
فِي المَحَارِ ،
فِي التِّلَالِ .


الكاتب : مصطفى لفطيمي

  

بتاريخ : 18/11/2019