لا عودة إجبارية للروهينغا دون ضمانات

اتهمت صحيفة «التايمز» في افتتاحيتها حكومة ميانمار بالقسوة، قائلة إنه يجب ألا يجبر المسلمون الروهينغا على العودة القسرية إلى بلادهم؛ نظرا لعدم توفر الشروط المناسبة للعودة.

وتقول الافتتاحية: «لا أحد اختار أن يكون لاجئا، لكن هناك 720 ألفا من المسلمين الروهينغا ممن أجبروا على الفرار من بورما على يد الجنود والمتحمسين المتشددين، الذين حرقوا بيوتهم، واغتصبوا بناتهم، ومنحوا ملجأ آمنا في بنغلاديش، ويعيشون الآن في مخيمات مكتظة».
وتشير الصحيفة إلى أن هؤلاء اللاجئين يواجهون خيار العودة بعد اتفاق بين بنغلاديش وبورما لإعادتهم إلى بيوتهم، مستدركة بأنه لا توجد أي ضمانات موثوقة لعودة آمنة لهم، وقد يخاطرون في حياتهم مرة أخرى.
وتلفت الافتتاحية إلى أن «الأزمة التي يواجهها الروهينغا ستصل ذروتها هذا الأسبوع، فالنظام الحاكم في بورما القلق لدفع الانتقاد عن نفسه، يحاول إظهار أن البلد آمن، ويرحب بعدد كاف من المسلمين للعودة إلى بيوتهم، فيما ستشهد بنغلاديش انتخابات عامة في الشهر المقبل، وتريد إظهار أنها تحاول تخفيف الأعباء المالية عن مواطنيها، وتحمل كلفة تأمين مخيم (كوكس بازار) قرب الحدود مع بورما».
وترى الصحيفة أن «الاتفاق الذي تم بين الحكومتين يحمل رائحة المصلحة والنفعية، فالتفاصيل سرية، والوعود التي قدمت للمهاجرين قليلة، ورد المسلمون بناء على هذا، فمن هم على قائمة إعادة التوطين اختبأوا في الغابات أو المخيمات الأخرى، بدلا من نقلهم إلى الحدود».
وتنوه الافتتاحية إلى أنه «بناء على هذه الترتيبات فإنه سيتم نقل 2200 إلى النهر المجاور للحدود، وستتم مبادلتهم مناطقهم بمناطق مؤقتة، بحسب وكالات الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة والكلام المتداول بين اللاجئين أنفسهم».
وتفيد الصحيفة بأن «الفرق هو أنهم سيكونون عرضة للأجواء السيئة في المخيمات البورمية وتحت سمع ونظر القوى الأمنية التي قامت بطردهم من بيوتهم بوحشية لهذا السبب كان المسلمون الروهينغا يختبئون خشية نقلهم إلى المكان المفترض أنه بعيد عن الخطر».
وتجد الافتتاحية أن «إعادة التأهيل تناقض مبادئ عدم الإعادة القسرية كلها، التي تمنع عودة اللاجئين إلى المناطق التي تتعرض فيها حياتهم للخطر، وأخبر اللاجئون الأمم المتحدة أنهم يريدون ضمانات من بورما، بما في ذلك معاملة متساوية، ومواطنة، وعناية صحية، وحرية الحركة في داخل البلاد».
وتعتقد الصحيفة أن «مخاوفهم مبررة، فقبل ستة أعوام هرب أكثر من 120 ألفا من الروهينغا من بورما ليعودوا إلى معسكرات اعتقال ولا يزالون فيها، والمطلب الأساسي للمنفيين في مخيمات اللجوء هو أن يتم التعامل معه باعتبارهم من الأقلية البورمية الشرعية، وليس كونهم (بنغاليين) غير شرعيين، فظل الجيش يستغل وضعهم غير المحدد مرة تلو الأخرى، وقام بغارات على الروهينغا بذريعة (الإرهاب)، وكانت النتيجة نوعا من التطهير العرقي».
وتورد الافتتاحية نقلا عن الأمم المتحدة، قولها إنه يجب التحقيق مع مسؤولين بورميين كبار ومحاكمتهم بتهم الإبادة والقيام بعمليات التشريد الوحشية، فيما وبخت أنغ سان سوتشي، الحائزة على نوبل للسلام علنا لدعمها الجيش.
وتقول الصحيفة إن «أيا من الضغوط لم تؤد إلى تغيير السلوك البورمي، فمطالب وكالات الأمم المتحدة شرعية: فحتى يتم ضمان أمن وسلامة الروهينغا، وحتى يسمح لوكالات الإغاثة الدولية وتلك التابعة للامم المتحدة بمراقبة معسكرات الاعتقال في بورما، فإنه يجب ألا تكون هناك عودة إجبارية وتبييض لسمعة سان سوتشي المشوهة».
وتختم «التايمز» افتتاحيتها بالقول: «يجب منح بنغلاديش المساعدة الدولية لتعمل على توفير الأمن للاجئين، ويجب أن يأتي العون بطريقة منظمة ومن الدول الإسلامية، وحتى ولو لم يحركهم مصير إخوانهم في الدين فإن عليهم التحرك بناء على مصالحهم؛ لأن الظروف داخل المخيمات، والوضع النفسي الذي يعيشه اللاجئون، وحالة المجهول، قد تكون أرضية لتجنيد جيل جديد من الجهاديين الغاضبين».

مخاوف

أبدت عشرات المنظمات غير الحكومية، الجمعة، خشيتها من خطة لإعادة لاجئين من مسلمي الروهينغا الأسبوع المقبل إلى بورما، كانوا قد فروا منها على أثر حملة «إبادة»، مؤكدة أنهم يشعرون بـ»الرعب» من هذه الخطوة.
وكانت صحيفة «ذي غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» الرسمية ذكرت الثلاثاء أن «أكثر من 2260 شخصا من النازحين، سيتم استقبالهم بوتيرة 150 شخصا يوميا، اعتبارا من 15 نوفمبر»، أي الخميس الماضي.
وأكدت أنها توصلت إلى اتفاق مع بنغلادش المجاورة، التي لجأ إليها أكثر من 720 ألفا من الروهينغا منذ آب/أغسطس 2017.
وقال مينت خاينغ المسؤول الكبير في ولاية راخين بغرب بورما حيث وقعت أعمال العنف، الجمعة: «طلبوا منا أن نكون مستعدين لوصولهم في 15 نوفمبر»، مدينا «الشائعات» التي تهدف إلى تشوية صورة العملية.
لكن المنظمات غير الحكومية الـ42 الموقعة للرسالة المفتوحة التي نشرت الجمعة تشعر بالقلق، معتبرة أن الشروط الأمنية لم تجتمع، وأن عودة اللاجئين «تنطوي على خطورة» في هذا البلد الذي يشهد نزعة قومية بوذية.
وأوضحت المنظمات وبينها «أوكسفام» و»سيف ذي تشيلدرن»، أن اللاجئين «فروا إلى بنغلادش بحثا عن الأمن، وترعبهم فكرة ما سيحصل لهم إذا عادوا الآن إلى بورما وقلقون من نقص المعلومات». وهم يخشون خصوصا إجبارهم على الإقامة في المخيمات البائسة، التي يعيش فيها منذ ست سنوات أكثر من 120 ألفا من الروهينغا في ولاية راخين.

غياب الصوت الأمريكي

تحسرت صحيفة «واشنطن بوست» في مقالها الافتتاحي على غياب صوت أمريكا في العالم، مشيرة إلى غلاف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المتعلق بالعنف الذي مارسته حكومة ميانمار ضد الروهينغا، الذي قالت إنه يقدم «توثيقا».
وتشير الافتتاحية إلى أن هذا التقرير يحتوي على توثيق واسع، من خلال تجربة 1024 لاجئا مسلما إلى بنغلاديش، بالإضافة إلى صور فضائية، التي قدمت صورا عن الهجمات الوحشية التي تعرضوا لها العام الماضي على يد قوات الأمن في ميانمار المعروفة أيضا ببورما.
وتورد الصحيفة نقلا عن التقرير، قوله إن «هناك حملة متطرفة، وعلى قاعدة واسعة، وتبدو موجهة نحو إرعاب السكان وطرد الروهينغا»، مشيرة إلى أن «التقرير يتوقف وكأن الولايات المتحدة فقدت صوتها».
وتلفت الافتتاحية إلى أن «الجيش الميانماري مارس حملة أرض محروقة ضد الروهينغا المضطهدين في ولاية راكين في شمال البلاد، وهي حملة موثقة جدا، رغم منع الحكومة الصحافيين والمراقبين الدوليين من الدخول إلى مناطق راكين».
وتفيد الصحيفة بأن لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية كشفت أنه بعد مهاجمة عدد من المتشددين مراكز للشرطة والجيش، فإن جيش بورما قام بحملة قمع بدأت في 25 آب/ أغسطس 2017، وتم استهداف الروهينغا بشكل واضح كما جاء في تقرير وزارة الخارجية، وتم تدمير البيوت والممتلكات، و»قتل أعداد من الروهينغا وهم يفرون من قراهم».
وتقول الافتتاحية إن «هناك تعمدا في القتل، ففي حالة واحدة، استدعى قادة الجيش والشرطة المحليين 25 مسلما من القرى المجاورة، وأخبروهم بمغادرتها أو مواجهة القتل أو الحرق، وهرب حوالي 700 ألف من الروهينغا إلى بنغلاديش، حيث يعيشون الآن منسيين في المخيمات».
وتنوه الصحيفة إلى أن حكومة ميانمار، التي تديرها فعليا أنغ سان سوتشي، التي اعتبرت ذات مرة أيقونة في الكفاح ضد الحكم العسكري الديكتاتوري، فشلت في محاسبة قادة الجيش الذين شاركوا في الهجوم.
وتنقل الافتتاحية عن لجنة تقصي الحقائق، قولها إنه يجب «التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم أمام محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم إبادة ضد الإنسانية وجرائم حرب».
وتورد الصحيفة نقلا عن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، قوله في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017: «من الواضح أن الوضع في شمال راكين يمثل تطهيرا عرقيا ضد الروهينغا»، فيما قال وزير الخارجية مايك بومبيو في 25 آب/ أغسطس، إن ما جرى هو «تطهير عرقي بغيض».
وتذكر الافتتاحية أن الأمم المتحدة فرضت عقوبات على بعض قادة الجيش والكيانات الأخرى؛ بسبب الدور الذي قاموا به في الهجمات، مشيرة إلى أن تقرير وزارة الخارجية هو فرصة ذهبية لقول الكثير ولعمل ما هو أكثر.
وتعلق الصحيفة قائلة إنه «على أقل احتمال كان على الخارجية تصنيف المذابح باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، واستخدمت منظمة (أمنستي) و(هيومان رايتس ووتش) ولجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، و(فورتيفي رايتس) المصطلح، وقالت إن هناك تحضيرات لارتكاب جرائم».
وتشير الافتتاحية إلى أن بعضهم ذهب أبعد، فقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية إدوارد أر رويز، الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا: «من الواضح أن هذه المذابح تصل إلى درجة الإبادة»، فيما قال النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك إنها «بشكل واضح جريمة ضد الإنسانية ومن المحتمل أنها إبادة».
وتختم «واشنطن بوست» افتتاحيتها بالقول إنه «من المؤسف أن الإدارة لم تستطع التحدث بنوع من الوضوح، وكان عليها اقتراح عملية محاسبة، وكان عليها ألا تخاف من قول الحقيقة عن المذبحة».

غوتريس ومأساة الروهينغا

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريس، يتحدث فيه عن مشاهداته لمأساة مسلمي الروهينغا، الذين يقول إنهم تعرضوا لتطهير عرقي أمام أعين العالم.
ويبدأ غويتريس مقاله بالقول: «أطفال صغار ذبحوا أمام آبائهم، واغتصبت البنات والنساء على يد أكثر من شخص، فيما تم تعذيب أفراد العائلة وقتلهم، وحرقت القرى وسويت بالتراب».
ويقول الكاتب: «لم أكن جاهزا للروايات التي تقشعر لها الأبدان، التي سمعتها في الأسبوع الماضي في بنغلاديش من لاجئي الروهينغا الذين فروا من عمليات القتل واسع الانتشار والعنف في ولاية راكين في ميانمار».
ويضيف غوتيريس: «أجهش رجل، وهو أحد أفراد هذه الإثنية ذات الغالبية المسلمة، بالبكاء وهو يصف كيف قتل ابنه الأكبر أمام عينيه، وقتلت أمه بطريقة وحشية، وأشعلت النيران في البيت الذي تحول لرماد، وقال إنه لجأ للمسجد ليكتشف أن الجنود انتهكوه وحرقوا القرآن».
ويعلق الكاتب قائلا إن «هؤلاء كانوا ضحايا ما يمكن وصفه حقيقة بالتطهير العرقي، يعانون الفزع الذي يحطم قلب الزائر ويثير غضبه، ومع أن تجربتهم لا يمكن فهمها، إلا أنها حقيقة لمليون لاجئ من الروهينغا، الذين عانوا أشكالا من الاضطهاد، وافتقدوا أبسط حقوق الإنسان، بدءا من الجنسية في بلدهم ميانمار».
ويقول غويتريس إن «انتهاكات حقوق الإنسان المنظمة، التي ارتكبتها قوات الأمن في ميانمار، كان هدفها زرع الرعب في قلوب السكان الروهينغا، ما وضعهم أمام خيارين رهيبين: البقاء ومواجهة خطر الموت أو ترك كل شيء للنجاة».
ويشير الكاتب إلى أنه «بعد رحلة مرعبة للأمان، فإن هؤلاء اللاجئين يحاولون الآن التعامل مع الظروف القاسية في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش، والناجمة عن أسرع كارثة لجوء في العالم».
ويلفت غويتريس إلى أن «بنغلاديش بلد نام، موارده لا يمكنها تحمل موجة كهذه، ومع ذلك فإن الحكومة والسكان فتحوا قلوبهم وحدودهم للاجئين، في وقت اختارت فيه الدول الغنية حول العالم إغلاق حدودها للقادمين من الخارج».
ويجد الكاتب أن «العطف والكرم اللذين أظهرهما الشعب البنغالي كشفا عن أفضل ما في الإنسانية، وأنقذا آلافا من الأرواح، وكان يجب أن يكون الرد على هذه الأزمة دوليا».
وينوه الأمين العام للأمم المتحدة إلى ميثاق عالمي بشأن اللاجئين، يتم العمل عليه من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بشكل لا يجعل الدول القريبة من الجبهات، مثل بنغلاديش، وحيدة لمواجهة موجات البشر المتدفقة.
ويفيد غويتريس بأن «الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تعمل في الوقت الحالي وبسرعة مع اللاجئين والدول المضيفة لهم؛ لتحسين الظروف، لكن هناك حاجة لمصادر كبيرة لمنع الكارثة، ومنح تعبير كامل للمبدأ الذي يجعل من أزمة اللاجئين مسؤولية عالمية، ولم يتم تحصيل من نداء عالمي لجمع مليار دولار أمريكي إلا نسبة 26%، وهذا النقص يعني انتشار سوء التغذية في المخيم، كما يعني أن المياه والنظافة ليستا في وضعهما المثالي، ويعني عدم قدرتنا على توفير التعليم الأساسي لأطفال اللاجئين، وليس أقل من هذا أنه يعني عدم توفر الوسائل اللازمة للتخفيف من مخاطر الرياح الموسمية، حيث تواجه البيوت المؤقتة، التي بناها اللاجئون حالة وصولهم، خطر الانهيارات الطينية، وهي تحتاج لعمل سريع، والبحث عن مناطق بديلة، وبناء ملاجئ أقوى».
ويقول الأمين العام للأمم المتحدة إن «الكثير تم عمله لمواجهة هذا التحدي، لكن هناك مخاطر كبيرة نظرا للبعد الضخم للأزمة، لقد سافرت إلى بنغلاديش مع مدير البنك الدولي جيم يونغ كيم، وأثني على قيادته في تحريك البنك، والإعلان عن تقديم منحة 480 مليون دولار لدعم لاجئي الروهينغا والمضيفين لهم، لكن هناك الكثير المطلوب من المجتمع الدولي، والتعبير عن التضامن ليس كافيا، فالروهينغا بحاجة إلى دعم حقيقي».
ويستدرك غويتريس بأنه «رغم ما عانوه في ميانمار، فإن اللاجئين الذين قابلتهم في بازار كوكس لم يتخلوا عن الأمل، فقالت امرأة لا تزال ذاهلة لكنها مصممة: (نريد الأمن في ميانمار، والجنسية، ونريد العدالة لما عانته أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا) وكانت تتحدث إلي وقد التفتت إلى أم تهدهد على ابنها الذي جاء نتيجة الاغتصاب».
ويعترف الأمين العام للأمم المتحدة بأن «الأزمة لن تحل في ليلة وضحاها، لكن علينا ألا نسمح باستمرار هذا الوضع للأبد».
ويذهب غويتريس إلى أنه «بناء عليه، فإنه يجب على ميانمار خلق الظروف لعودة اللاجئين، ومنحهم حقوقهم الكاملة، ووعد بالعيش بأمن وكرامة، وهذا يحتاج إلى استثمارات ضخمة، ليس فقط في مجال إعادة الإعمار والتنمية للمجتمعات في مناطق ميانمار الفقيرة كلها، لكن من خلال المصالحة واحترام حقوق الإنسان».
ويختم الأمين العام للأمم المتحدة مقاله بالقول إنه «حتى تتم معالجة جذور العنف في ولاية راكين، وبشكل شامل، فإن البؤس والكراهية سيظلان يغذيان النزاع، ولن يبقى الروهينغا ضحايا مجهولين، بل يجب علينا إجابة مناشداتهم الواضحة للمساعدة والتحرك».

أزمة الأقليات

نشر موقع «كادينا سير» الإسباني تقريرا، نقل من حلاله حوارا مع أزيم إبراهيم، عضو مركز السياسة العالمية في واشنطن ومؤلف كتاب «الروهينغا: داخل الإبادة الجماعية المخفية في ميانمار»، الذي تحدث فيه عن العديد من الجوانب فيما يتعلق بأزمة الأقليات المسلمة في ميانمار.
وقال الموقع إن حوالي 600 ألف شخص من الروهينغا فروا منذ غشت الماضي، الهروب من العنف المسلط عليهم في ميانمار. ويضاف إلى هذا العدد، حوالي 6700 شخص من الروهينغا لقوا حتفهم؛ بسبب الأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش البورمي في حقهم، وذلك وفقا لما أكدته منظمة أطباء بلا حدود.
وبين الموقع أن مؤلف الكتاب الذي تحدث عن معاناة الروهينغا يعتبر أن «ما يحدث مع الأقليات المسلمة في ميانمار دليل آخر على أنه يمكن ارتكاب إبادة جماعية، دون أن يحرك المجتمع الدولي أي ساكن».
ونقل الموقع على لسان أزيم إبراهيم أن «التمييز العنصري ضد الروهينغا بدأ مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديدا عندما غزا اليابانيون ميانمار، التي كانت مستعمرة بريطانية. وفي ذلك الوقت، بقى الروهينغا أوفياء للبريطانيين، بينما وقفت الغالبية البوذية في صف اليابانيين. وبعد الاستقلال في سنة 1962، شهدت البلاد انقلابا عسكريا وتطبيق برنامج اقتصادي كارثي. وفي ذلك الوقت، تم البحث عن جهة يحملونها مسؤولية مأساة المجتمع، وكان الروهينغا كبش الفداء الأمثل».
وأردف الكاتب إبراهيم بأن «السبب في مأساة الروهينغا يكمن في الكراهية، التي تعمقت على مر السنين؛ لأن الروهينغا مختلفون، ولهم صفات ودين مختلف، ويتكلمون لغة أخرى… من جهة أخرى، يدين بوذيو ميانمار بعقيدة الدالاي لاما، التي تدفعهم للاعتقاد بأنه يجب عليهم محو الأيديولوجيات الأخرى».
وأضاف الموقع أن أزيم إبراهيم أشار إلى أن «التمييز ضد الروهينغا يتجسد من خلال تجريدهم من حقوقهم، حيث لا يملكون حرية التنقل. وبلغ هذا الاضطهاد درجة عدم تمكين الروهينغا من شراء تذاكر الحافلات في المحطات… علاوة على ذلك، وقع حرمان هذه الأقليات المسلمة من التعليم والخدمات الصحية. وفي حال رغبوا في الزواج أو الإنجاب، يجب عليهم الحصول على إذن خاص».
وواصل الكاتب إبراهيم أن «ما يحدث للروهينغا في ميانمار شبيه بما حدث في ألمانيا خلال عهد النازيين. ففي العديد من الحالات، وقع ترحيل الروهينغا من قراهم، ونقلهم إلى معسكرات اعتقال. من جهة أخرى، وافقت السلطات البورمية في سنة 1982، على تجريد هذه الأقلية المسلمة من الجنسية، لتزداد بذلك وتيرة الاضطهادات ضد هذه المجموعة عديمة الجنسية».
وذكر الموقع على لسان عضو مركز السياسة العالمية في واشنطن أن «الروهينغا وصفوا على أنهم الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، والشعب المنسي، أو المجموعة التي لا تملك أصدقاء، لأنهم لا يتمتعون بأي دعم على الساحة الدولية».
وأردف أزيم إبراهيم بأنه، «بشكل عام، يقف العديد من الأسباب وراء تجاهل العالم لمأساة هذا الشعب المنسي. ويتمثل السبب الأول في أن القادة الغربيين قد علقوا آمالا كبيرة على أونغ سان سو تشي، لأنهم انتظروا أن تغير الحائزة على نوبل للسلام بلادها، وتجعلها أكثر ديمقراطية، بعد صعودها إلى السلطة».
وأفاد الموقع بأن الكاتب إبراهيم يرى أن «المشكلة تفاقمت بعد صعود سو تشي إلى الحكم، على الرغم من أن القادة الأوروبيين قد منحوها كامل الثقة. وإلى جانب تقاعس الغرب، سُجل وجود مكائد جيوسياسية في خضم هذه القضية، أعطت الأولوية للحسابات السياسية على حساب قضية الروهينغا».
وكشف الموقع أن جملة من الأخبار برزت على الساحة، مفادها أن هناك محاولات لإعادة توطين الروهينغا في بنغلاديش. وفي هذا الصدد، علق الكاتب أزيم إبراهيم، قائلا إن «ما يحدث مجرد مناورات سياسية بين ميانمار وبنغلاديش لا غير، لأن السلطات البورمية ترغب في حفظ ماء وجهها إلى أن يصرف المجتمع الدولي نضره نحو قضية أخرى، ويصبح الروهينغا جزءا من بنغلاديش في الوقت ذاته».
وفي الختام، أقر الموقع وفقا للكاتب أزيم إبراهيم بأن ميانمار وبنغلاديش وقعتا اتفاقا لإعادة توطين الأقليات المسلمة، لكن دون تقديم أي تفاصيل في الغرض. وفي الوقت نفسه، لم يمنع هذا الاتفاق الجيش البورمي من مواصلة حرق المنازل وتقتيل الروهينغا. وعموما، لا يبدو هذا الاتفاق جديا.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 20/11/2018

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

  هناك خيط ناظم يتمثل في الربط الجدلي بين إشكالات النظام التعليمي والنظام السياسي     نظم المكتب الإقليمي للنقابة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *