لماذا الحوار الصحفي كجنس إعلامي ؟

آثرت الحوار الصحفي كجنس إعلامي تفاعلي، بالنظر أولا إلى جاذبيته وقوة حضوره، وثانيا اعتبارا لتنوع عناصره وثراء مكوناته في بناء الشخصية الإعلامية، الأمر الذي حفزني طيلة مسيرتي الإعلامية المتواضعة منذ 1983 إلى اليوم على إنجاز حوالي 245 حوارا صحفيا متعدد الحقول والمجالات والشخصيات. هنا في هذا الإصدار الجديد «حوارات في الصحافة والتربية والفن»، يجد القارئ الباحث والمهتم 55 نسخة من هذا الرصيد المعرفي الثري الذي آمل أن يرى النور تباعا …

تتعدد أشكال الحوارات الصحفية، لكن الآلية المعتمدة في الأجرأة واحدة. ففي النوع الأول يكون الحوار الصحفي عبارة عن لقاء تفاعلي مباشر بين طرفين مفردا أو جماعة، مباشرا أو غير مباشر ، سواء داخل استوديو أو عبر البريد الإلكتروني، الهاتف ، أو إحدى وسائط التواصل الاجتماعي .
وتتنوع معايير اختيار شخصيات الحوار الصحفي ، لكن يبقى أهمها ارتباط الشخصية المراد محاورتها بحدث راهني، أثار أو يثير اهتمام الرأي العام الوطني أو الدولي ، فنيا كان أم ثقافيا ، سياسيا أو إعلاميا ، وأن يكون الحدث في حاجة ماسة إلى توضيحات تقدم لعموم الناس ، توضيحات صادرة من طرف شخص أو أشخاص لهم علاقة مباشرة بالموضوع ، أو هم مؤثرات أو مؤثرون فيه على نحو ما .
هنا ينبغي التأكيد على أن يكون للشخصية وضع اعتباري في المحيط المراد تنويره . أما الشخصيات المراد محاورتها، فلابد أن تكون من المتخصصين   في المجالات المعرفية والفنية المختلفة أو من المسؤولين   في الإدارات العمومية والأوصياء على تدبير المؤسسات التربوية وإداراتها التنفيذية والتشريعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والفكرية والأدبية والإعلامية ، وكذلك نجوم لهم إشعاع وبروز وحضور لدى الرأي العام سواء في السينما التشكيل أو المسرح أو الفنون والرياضة والعمل الاجتماعي إلى غير ذلك  من المجالات .. وتلعب الحوارات الصحفية دوراً أساسياً في تنوير الرأي العام والتأثير في قراراته واختياراته .
ومن أدبيات إعداد الحوار الصحفي قيام الصحفي بجمع كافة المعلومات المتوفرة عن الشخصية المراد محاورتها ، وكذلك عن الموضوع سواء من خلال الأرشيف المتاح أو عبر ما هو منشور عن الشخصية سواء كتاباته المنزرعة هنا أو هناك، أو ما كتب عنه في الجرائد والصحف والمجلات ، إن توفر . فضلا عن التحري والتقصي الدقيق في محيط المقربين منه . ولابد من التذكير بأن الأسئلة الجيدة والإعداد الرصين يفضيان إلى الحصول على أجوبة دقيقة وشاملة حول الموضوع المطروح للحوار ما يجعل منه عملا إعلاميا ناجحا .
ويمكن للصحفي أن يقتنص بذكاء أسئلة من قلب الحوار، وأن يبدي الكثير من المرونة واللياقة بخصوص ترتيب الأسئلة أو تعديلها أو حذفها إذا تطلب الأمر ذلك ، تبعا لسياق الحوار. أما بخصوص كتابة الحوار الصحفي، فتتنوع القوالب والصيغ في تدوين متن الحوار ما بين صيغة سؤال وجواب، أو الصيغة التقريرية أو المزج بين الصيغتين ما يضفي التشويق والمتعة والجاذبية ..
*ورقة على هامش إصداري الأخير «حوارات في الصحافة والتربية والفن»


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 09/12/2019