أفعال خطيرة تستوجب الحسم بين «القصور العمري» و « الرشد الإجرامي »! :لم تعد تصنف ضمن خانة الاستثناء :

 

« تم توقيف عدد من المشتبه في تورطهم في عمليات ترويج الممنوعات ، بشتى أنواعها ، من بينهم  قاصرون « ، « أفلحت السلطات الأمنية في اعتقال مجموعة من الأحداث الجانحين عقب ارتكابهم لاعتداءات بالسلاح الأبيض « ، « على خلفية أعمال التخريب ، التي تضررت منها ممتلكات عامة وخاصة، عقب مباراة في كرة القدم ، تم إلقاء القبض على عشرات القاصرين»، « تم إيداع تلميذ اعتدى على أستاذه تحت تدبير الحراسة النظرية «…
صيغ متعددة لخلاصات «بلاغات أمنية»، باتت حاضرة بقوة داخل «المشهد المجتمعي» لمختلف المدن والأقاليم، في السنوات الأخيرة ، تكشف عن معطيات مقلقة تستوجب طرح سؤال «آني» مفاده: هل «القاصر» اليوم يقف على قدم المساواة ، في ما يخص درجة البراءة وقلة التجربة، مع «قاصر» سنوات ما قبل ظهور «الفايسبوك « وما شابهه من اختراعات ؟
سؤال شكل – ومازال يشكل – محور العديد من البحوث والدراسات الاجتماعية، في فرنسا وغيرها من البلدان ، في ظل تزايد «الأفعال الجرمية» – المتباينة درجة خطورتها – المرتكبة من قبل الأحداث / القاصرين ، إناثا وذكورا ، كما تشهد على ذلك إحصائيات لافتة تصدر ، من حين لآخر ، عن السلطات والمؤسسات القضائية المختصة.
في سياق القلق هذا ، يستحضر المتتبع للشأن العام ، الفيديو، الذي كان قد خلف ردود فعل غاضبة ، ليلة الأحد 20 غشت 2017، والموثق للحظة اعتداء «خطير « على فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل إحدى حافلات النقل الحضري بالعاصمة الاقتصادية، والمتورط فيه يافعون تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما .
هذا إلى جانب تواتر حالات الاعتداء على رجال ونساء التعليم ، من قبل تلاميذ وتلميذات مستويات الإعدادي والتأهيلي – بشكل أساسي – تعلق الأمر بتوجيه السباب الفاحش العلني أو عبر استعمال تقنيات «الهواتف الذكية» ، من خلال «الفوطوشوب « ، مثلا ، أو توجيه الطعنات بالسكاكين والسيوف، ومن ثم التسبب في « جروح « عميقة ، مادية ومعنوية ، لاتنمحي آثارها بسهولة ، مهما تعاقبت الشهور والسنوات .
وارتباطا ببواعث القلق المحدقة بالعملية التعليمية ، يحضر عامل «الإدمان على المخدرات « ، حيث لاتتردد عصابات «تسويق السموم « ، في توظيف مختلف وصفات الإغراء للإيقاع بأكبر عدد من اليافعين ، والتي بلغت حد استقطاب العشرات منهم وتكليفهم بترويج «قطع من الحشيش وأقراص مهلوسة» بين تلاميذ المؤسسات التعليمية، من خلال عرضها بأثمان بخسة ؟
وبشأن هذا «الجنوح» المبكر نحو الخروج عن دائرة القانون، وانتقال « الحدث / القاصر» من مرحلة تنفيذ «مهام» توكل له من قبل «راشدين»، إلى مرحلة أخذ المبادرة والتخطيط للقيام ب»الفعل الجرمي» مع سبق « الإصرار والترصد «، دعا ، في السنوات القليلة الماضية ، بعض «القانونيين « ، إلى « تخفيض سن الرشد الجنائي « ، استحضارا لبروز مؤشرات عدة تثبت أن يافعي الزمن الحالي ، باتت لديهم القدرة على «التمييز» بين الأفعال الموجبة للعقاب والأخرى التي لا ضرر، يلحق بالفرد أو الجماعة، جراء اقترافها ، ومن ثم أضحى «من غير المنطقي الاعتداد بسن ال 18 كسن للإدراك والمسؤولية الجنائية»؟
بعض التحليلات السوسيولوجية، من جهتها ، قرأت في هذه المتغيرات ما يشير إلى أن « فئة من المراهقين تعيش وضعية اجتماعية غير سوية « نتيجة ل « غياب مرجعية أسرية سليمة «، ما يجعلهم «صيدا سهلا « ل «مرجعيات» أخرى غريبة عن قيم المجتمع وتقاليده ، تتسرب عن طريق «برامج ومسلسلات تلفزيونية «، وكذا وسائل التواصل الحديثة .
وتفاديا لوقوع الأسوأ من «الحوادث» ذات التداعيات المستعصية على التدارك ، في القادم من الأيام ، يبقى مستعجلا ، تحرك مختلف الجهات / السلطات المسؤولة ، في أفق القطع مع وضعية التأرجح بين «القصور العمري « و «الرشد الإجرامي « ، وذلك من أجل سد « فراغ» يستغله العديد من عتاة الإجرام – بمختلف تمظهراته – لتوظيف قاصرين وقاصرات في أنشطتهم المحظورة ، وإيهامهم بأن « أعمارهم « الصغيرة تشكل عاملا حاسما في تخفيف الأحكام المحتمل صدورها في حقهم إذا ما تم القبض عليهم في حالة تلبس ؟


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 18/02/2020