ما مدى دقة التقارير القائلة بانتهاء تنظيم الدولة؟

وكالات

نشرت صحيفة «التايمز» تقريرا أعده مراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن هزيمة قوات «خالد بن الوليد» التابعة لتنظيم الدولة في جنوب غرب سوريا كانت نادرة من ناحية تفاصيلها.
ويشير التقرير إلى أنه تم تلقين مقاتلي تنظيم الدولة على القتال حتى الموت، والهرب أو التفاوض على الخروج، أما الاستسلام فلا، مستدركا بأن ما حدث لـ80 مقاتلا، وهم بقايا الكتيبة، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في جيب قرب الحدود السورية مع إسرائيل، كان حدثا نادرا، حيث استسلم قائدهم طوعا، ولم يتم القبض عليهم وهم يهربون، وتم نقلهم في حافلات، ولم يعرف عنهم شيء.
ويقول سبنسر إن «الهزيمة وطبيعتها تعد نقطة تحول في الحرب ضد تنظيم الدولة، الذي كان يسيطر على مناطق بحجم بريطانيا، وتم تحجيمه لمجموعة من الجيوب، وربما كان هذا هو الحال، إلا أن الحقائق والأرقام لا تدعم هذا الأمر، فالتقديرات، التي نشرت في الأيام الماضية، لا تشير فقط إلى أن تنظيم الدولة يعد تهديدا لكل من سوريا والعراق، بل إن أعداد مقاتليه أكبر مما قيل في السابق».
وتلفت الصحيفة إلى أن تقريرا أعدته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وقدمته للكونغرس يوم الجمعةـ ذكرت فيه أن العدد هو 15500– 17100 مقاتل لا يزالون في العراق، بالإضافة إلى أن هناك حوالي 14 ألف مقاتل في سوريا، بينهم 4 آلاف إلى 6 آلاف في المناطق التي تخوض فيها قوات التحالف الدولي معارك ضدهم.
ويجد التقرير أن هذا الرقم يتباين مع الأرقام التي قدمها المتحدث باسم قوات التحالف، مستدركا بأن العدد الجديد دعمته أرقام نشرها فريق الخبراء في الأمم المتحدة، وقدر بأن حوالي 20 ألف مقاتل إلى 30 ألفا لا يزالون في كلا البلدين.
ويعلق الكاتب قائلا إن هذا الرقم قبل التوسع في الحديث عن عمليات التنظيم حول العالم، حيث أعلن مقاتلون في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأفغانستان وجنوب شرق آسيا عن ولائهم للتنظيم، بالإضافة إلى أنه تم تجنيد الشباب الأوروبي، ودفعهم للتشدد عبر الإنترنت، من خلال رسالة «قاتل الآن، وقاتل بشدة، وقاتل بأي طريقة»، التي كان من السهل فهمها أفضل من خطط تنظيم القاعدة طويلة الأمد.
وتقول الصحيفة: «ربما خسر التنظيم الخلافة، لكنها ستظل تعويذة تقول إن تنظيم الدولة فعلها، وحلم تنظيم القاعدة بإنشاء الخلافة، لكن تصميمه على نشر الرسالة جعل من تحقيقها أمرا بعيدا».
وينقل التقرير عن المحلل في مجال الأمن أوليفيه غويتا، قوله: «تنظيم الدولة هو ماكدونالدز الإرهاب»، وأضاف: «بدلا من أن يكون حركة نخبوية فإنه جذب الجميع، وسيظل قائما».
ويورد سبنسر نقلا عن تقرير البنتاغون، قوله إن الهزيمة قرب الحدود السورية تركت فقط ثلاث مناطق تحت سيطرة التنظيم، أي نسبة 5% من الأراضي السورية؛ واحدة في الصحراء شرق سوريا، حيث احتوت المنطقة القوات الموالية للنظام، وثانية صغيرة في جبل الدروز قرب مدينة السويداء، التي تعرضت لهجوم مفاجئ الشهر الماضي، وقتل فيه 250 شخصا، وأخذ 30 رهينة، أما الثالثة فهي منطقة صغيرة قرب نهر الفرات قرب الحدود العراقية، التي يجتازها المقاتلون على ما يبدو لتعزيزها، وفي هذه المنطقة تقوم بمقاتلة قوات النظام في غرب الفرات والقوات الكردية التي تدعمهما قوات التحالف في الشرق.
وتنقل الصحيفة عن التقرير، قوله إن زعيم التنظيم أبا بكر البغدادي جريح، لكنه لا يزال يقود التنظيم، ويتحرك على الجانب الشرقي من الحدود، التي يشرف منها على عمليات المقاتلين داخل العراق، وهي المنطقة التي تعد محلا لقلق الاستراتيجيين في البنتاغون.
ويجد التقرير أنه كما هو الحال في عامي 2014 و2004، فإن تنظيم الدولة يستفيد من الأزمة السياسية في العراق؛ للتأثير على السكان السنة، فأنتجت الانتخابات البرلمانية نتائج غير حاسمة بين القوى الموالية لإيران وتلك التي تدعمها الولايات المتحدة، ما حرف نظر الحكومة عن دعم المناطق القريبة من الحدود السورية، أو الواقعة قرب مناطق الأكراد في شمال البلاد.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم الإعلان عن نهاية العمليات العسكرية في العراق، إلا أن تقرير البنتاغون يشير إلى ثلاث مناطق في العراق شهدت زيادة في نشاطات الجهاديين.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في مجال الأمن هشام الهاشمي، قوله إن تنظيم الدولة استخدم ضعف القوات الأمنية، وقام «بعودة غير مسبوقة وسريعة»، مضيفا أن الحكومة لا تزال دون برنامج إعادة استقرار يفعل دور المجتمع المدني، ويتجاوز الخلافات المذهبية والدينية والعرقية.
وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي يقوم فيه حلفاء الحكومة في المناطق السنية بمواجهة المتطرفين، إلا أن المناطق الفقيرة تسمح للتنظيم بتجنيد جيل جديد من الجهاديين، ويقول الهاشمي: «في صلاح الدين تم اعتقال الكثير من الرجال والشباب ممن لا صلة لهم بتنظيم الدولة، واتهموا بنقل الطعام والمواد الطبية والوقود والدراجات النارية إلى تنظيم الدولة من أجل المال».
ويذكر سبنسر أن وزارة الدفاع الأمريكية والأمم المتحدة تعترفان بأن عدد مقاتلي التنظيم يتباين في كلا الدولتين، لكن الهاشمي يقول إن العدد هو 3 آلاف في كلا البلدين، لافتا إلى أن العددد يضم المقاتلين الكبار ممن لم يعودوا ناشطين أو شبه ناشطين، ويمكن استخدامهم في حرب العصابات لا القتال على الخطوط الأمامية.
وتورد الصحيفة نقلا عن غويتا، قوله إن طبيعة المتطوعين في صلاح الدين تكشف عن الطبيعة التي يمكن للتنظيم فيها كسب مساعدين له، وهو عنصر مهم فيه، مشيرا إلى أنه على خلاف قاعدة أسامة بن لادن، التي اتحدت مع جماعات مماثلة لها في الأيديولوجيا وعداء السعودية، فإن تنظيم الدولة هو ماركة تقدم نفسها لأي تمرد أو مقاتل يريد أن يعبر عن غضبه، وأضاف: «أنا وانت يمكننا الإعلان عن الولاء اليوم، دون أي صلات أو حتى التحدث مع أي شخص»، فهذا كان منفعة للبغدادي عندما أعلن عن الخلافة حتى وإن خسرت، فإن الفكرة منحت المحرومين شيئا ليتمسكوا به.
ويذهب التقرير إلى أن هذا يمثل خطرا على بريطانيا وأوروبا، حيث يتم الكشف عن مؤامرات إرهابية على قاعدة شهرية، مشيرا إلى أن هذه أساليب تستخدمها جماعة أبي سياف في الفلبين، وحتى في أفغانستان، حيث يعد تنظيم الدولة أكثر تطرفا من حركة طالبان، ومن هنا فإن الجماعات المحلية منحت نفسها ماركة تعمل تحت علم دولي.
وتختم «التايمز» تقريرها بالإشارة إلى أن تقرير الأمم المتحدة أشار إلى رأي محلل قال فيه إن تنظيم الدولة في أفغانستان جذب مقاتلين من الجزائز وفرنسا وروسيا وتونس ودول وسط آسيا.

تقرير أممي يكشف عدد عناصر داعش بسوريا والعراق

كشف تقرير أصدرته الأمم المتحدة، الاثنين، تقديرا مثيرا حول عدد مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» الذين لا يزالون في العراق وسوريا رغم هزيمة التنظيم وتوقف تدفق الأجانب للانضمام إلى صفوفه.
وأفاد مراقبو العقوبات في الأمم المتحدة أن عدد أعضاء التنظيم في العراق وسوريا هو «ما بين 20 و30 ألف فرد موزعين بالتساوي تقريبا بين البلدين»، فيما قال إن ما بين ثلاثة وأربعة آلاف من جهاديي التنظيم هم في ليبيا بينما يتم نقل عدد من العناصر الفاعلين في التنظيم إلى أفغانستان.
وأضاف التقرير أن «من بين الموجودين في العراق وسوريا عدة آلاف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب».
ويقدم فريق مراقبة العقوبات تقارير مستقلة كل ستة أشهر إلى مجلس الأمن الدولي حول تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة المدرجين على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية.
وسبق أن سيطر تنظيم الدولة على مناطق شاسعة من العراق وسوريا، إلا أنه تم إخراجه العام الماضي من الموصل والرقة اللتين كانتا قاعدتين للتنظيم ومناطق أخرى.
وبحلول يناير 2018 أصبح التنظيم محصورا في جيوب صغيرة في سوريا رغم أن التقرير قال إن التنظيم «أظهر صمودا أكبر» في شرق سوريا.
وجاء في التقرير أيضا أن تنظيم الدولة «لا يزال قادرا على شن هجمات داخل الأراضي السورية. ولا يسيطر بشكل كامل على أي أراض في العراق، ولكنه لا يزال ناشطا من خلال خلايا نائمة»، من العملاء المختبئين في الصحراء وغيرها من المناطق.
وأبدت دول أعضاء في مجلس الأمن مخاوف من ظهور خلايا جديدة للتنظيم في مخيم الركبان المكتظ بالنازحين في جنوب سوريا على الحدود مع الأردن حيث تعيش عائلات مقاتلي التنظيم حاليا.
وأشار التقرير إلى أن مغادرة المقاتلين الأجانب للتنظيم «لا يزال أقل من المتوقع» ولم تظهر أي ساحة أخرى كمقصد مفضل للمقاتلين الأجانب «رغم أن أعدادا كبيرة توجهت إلى أفغانستان».
وما يقدر بنحو 3500-4500 من مقاتلي التنظيم موجودون في أفغانستان، بحسب التقرير الذي قال إن هذه الأعداد تتزايد.
وأضاف التقرير أن تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى التنظيم المتطرف «توقف».
كما أن تمويل التنظيم بدأ يجف، إذ قدرت إحدى الدول الأعضاء أن إجمالي احتياطه المالي «انخفض إلى مئات ملايين الدولارات». ولا تزال بعض عائدات النفط في شمال شرق سوريا تتدفق على التنظيم. ويبلغ عدد عناصر التنظيم في اليمن ما بين 250 و500 عنصر مقارنة مع 6 إلى 7 آلاف عنصر في تنظيم القاعدة.
وفي منطقة الساحل ينشط «تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى» على الحدود بين مالي والنيجر، إلا أن وجوده يبقى أقل من وجود جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة هي المهيمنة في الصومال، إلا أن التقرير قال إن تنظيم الدولة «لديه نوايا استراتيجية بالتوسع في وسط وجنوب الصومال». وقد يختار عدد من مقاتلي التنظيم التوجه إلى بونتلاند، بحسب التقرير.

قوة التنظيم أكبر من تقديرات البنتاغون

ذكر موقع «المونيتور» أن تقريرا أعده المفتش العام للكونغرس أشار إلى أن الولايات المتحدة تواجه أعدادا كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة في سوريا لهزيمتهم، أكثر مما اعترفت في الماضي.
ويشير التقريرإلى أن قوات مدعومة من الجيش الأمريكي تقوم بملاحقة بقايا تنظيم الدولة، الذي يقدر عدد مقاتليه بما بين 4 آلاف إلى 6 آلاف مقاتل، لا ينشطون في الوقت الحالي في مناطق شمال شرق سوريا.
ويلفت الموقع إلى أن تقرير المفتش العام نسب الرقم إلى وكالة الاستخبارات الدفاعية، ما يمنح تنظيم الدولة قوة أكثر من تلك التي تتحدث عنها وزارة الدفاع «البنتاغون»، حيث يقدر المسؤولون العسكريون قوة تنظيم الدولة بحوالي ألفي مقاتلا.
ويفيد التقرير بأن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة توقفت عن تقديم تقديرات عن مقاتلي التنظيم، ولم تقدم سببا لهذا التوقف، مع أن الحرب ضده تدخل مراحلها الأخيرة.
ويورد الموقع نقلا عن المتحدث باسم وزارة الدفاع شين روبرتسون، قوله معلقا على تقدير وكالة الاستخبارات الدفاعية، إن الرقم «يتحدث عن نفسه»، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع لم تقدم سببا لتوقفها عن تقديم أرقام لعدد المقاتلين الجهاديين المتبقين في سوريا.
وينوه التقرير إلى أن المتحدث باسم قوات التحالف العقيد توماس فيل أخبر الصحافيين في حزيران/ يونيو، بأن لا جديد يمكن إضافته على العدد المتوفر عن مقاتلي تنظيم الدولة، الذي يتراوح ما بين ألف إلى ألفي مقاتل، مستدركا بأن تقديرات وكالة الاستخبارات الدفاعية تؤشر إلى إمكانية انتقال المقاتلين لمناطق أخرى من سوريا عندما واجهوا الغارات الأمريكية.
وبحسب الموقع، فإن وزارة الدفاع أخبرت المفتش العام في الكونغرس بأن هناك ما بين 13100 إلى 14500 مقاتل لا يزالون في بقية البلاد التي للولايات المتحدة وجود محدود فيها، لافتا إلى أن قوات نظام الأسد بدأت بالتقدم تجاه منطقة السويداء، التي يسيطر مقاتلو التنظيم فيها على المنطقة، ونفذوا فيها سلسلة من العمليات الانتحارية ضد الدروز.
وينقل التقرير عن خبراء، قولهم إنهم راقبوا عن كثب حركة مقاتلي التنظيم من مخيم اليرموك والرقة، حيث ساعدهم ذلك على تقدير عدد مقاتلي «الدولة»، مشيرا إلى أن وكالة الاستخبارات الدفاعية أخبرت المفتش العام أن عدد المقاتلين متقلب بسبب العمليات العسكرية المستمرة.
ويستدرك الموقع بأن العدد الكبير للمقاتلين يكشف عن تردد البنتاغون في الإعلان عن النصر النهائي في سوريا، رغم وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الجنود الأمريكيين البالغ عددهم 2200 جنديا «قريبا جدا».
ويختم «المونيتور» تقريره بالإشارة إلى قول وزير الدفاع جيمس ماتيس: «لن أعلن النصر حتى يكون واضحا جدا».

مهمات البغدادي

كشف مصدر أمني عراقيعن مصير زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، متحدثا عن شخصية رشحها التنظيم لتولي القيادة خلفا للبغدادي، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية.
ونقل موقع «السومرية نيوز» عن المصدر قوله إن «طيران القوة الجوية العراقية، استهدف في شهر يونيو الماضي اجتماعا لقيادات تنظيم داعش في الأراضي السورية، استنادا لمعلومات استخبارية دقيقة، ما أسفر عن مقتل عدد منهم وإصابة آخرين».
وأوضح المصدر الأمني العراقي أن «من بين المصابين زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ما جعله بحكم الميت سريريا فلا يستطيع ممارسة مهامه».
وأشار إلى أن ذلك «دفع بعض قيادات داعش غـير العراقيين إلى ترشيح المدعو أبا عثمان التونسي لتولي القيادة خلفا للبغدادي، الأمر الذي تسبب بخلافات حادة وانقسامات غير مسبوقة في صفوف التنظيم، نتيجة لموقف قادته من العراقيين الرافضين لتشريح التونسي».
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تقريرا في أيار/ مايو الماضي، تكشف فيه عن معلومات جديدة عن زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، نقلا عن مصادر في الاستخبارات الأمريكية.
ويؤكد التقرير أن البغدادي على قيد الحياة، وأنه يعمل على استراتيجية جديدة طويلة الأمد للتنظيم.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين أمريكيين، قولهم إن البغدادي يسعى، على ما يبدو، إلى طرح استراتيجية طويلة الأمد سوف تتيح لتنظيمه البقاء، على الرغم من الانتصار عليه عسكريا في سوريا والعراق.
وبحسب التقرير، فإن البغدادي منشغل بالتحضير لمهمة كبيرة، مشيرا إلى اجتماع دعا إليه البغدادي في العام الماضي قرب دير الزور، وشارك فيه أبرز قادة تنظيمه، في وقت انهارت فيه مناطق «الخلافة» في العراق، أما في سوريا فإن عاصمتها كانت تحت الحصار.
وتشير الصحيفة إلى أن زعيم تنظيم الدولة انشغل في ذلك الوقت، ليس بتراجع حظوظ تنظيمه، بل بما يدرسه الأطفال، وقال مسؤول في التنظيم، اعتقل في عملية تركية عراقية مشتركة في بداية هذا العام، إن البغدادي كان يريد تغيير المقرر التعليمي.
واستدركت «واشنطن بوست» بأنه رغم ما كان يعيشه التنظيم من مخاطر، فإن البغدادي أراد بحث موضوع لا علاقة له بإنقاذ جماعته، بقدر ما يمت بصلة للأيديولوجيا.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قد نشرت تقريرا، تكشف فيه عن معلومات جديدة عن زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، نقلا عن مصادر في الاستخبارات الأمريكية.
ويؤكد التقريرأن البغدادي على قيد الحياة، وبأنه يعمل على استراتيجية جديدة طويلة الأمد للتنظيم.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين أمريكيين، قولهم إن البغدادي يسعى، على ما يبدو، إلى طرح استراتيجية طويلة الأمد سوف تتيح لتنظيمه البقاء، على الرغم من الانتصار عليه عسكريا في سوريا والعراق.
وبحسب التقرير، فالبغدادي منشغل بالتحضير لمهمة كبيرة، مشيرا إلى اجتماع دعا إليه البغدادي في العام الماضي قرب دير الزور، وشارك فيه أبرز قادة تنظيمه، في وقت انهارت فيه مناطق «الخلافة» في العراق، أما في سوريا فإن عاصمتها كانت تحت الحصار.
وتشير الصحيفة إلى أن زعيم تنظيم الدولة انشغل في ذلك الوقت ليس بتراجع حظوظ تنظيمه، بل بما يدرسه الأطفال، حيث قال مسؤول في التنظيم، اعتقل في عملية تركية عراقية مشتركة في بداية هذا العام، إن البغدادي كان يريد تغيير المقرر التعليمي، مستدركة بأنه رغم ما كان يعيشه التنظيم من مخاطر، فإن البغدادي أراد بحث موضوع لا علاقة له بإنقاذ جماعته، بقدر ما يمت بصلة للأيديولوجيا.
ويورد التقرير اعتراف أبي زيد العراقي، الذي بث على التلفزيون العراقي، حيث حضر الاجتماع بصفته رئيسا للجنة المقررات المدرسية، ويعتقد أن اللقاء تم في منتصف عام 2017، وهو الاجتماع الثالث للجنة التي أنشأها البغدادي، وكانت من أهم المشاريع المحبذة إليه.
وتعلق الصحيفة قائلة إن هذا الأمر يقدم رؤية عن حياة رجل ظهر مرة واحدة علنا، والتقطت له صورة في حزيران/ يونيو 2014، ولم يتحدث إلا مرات قليلة منذ ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى انتشار عدد من التقارير التي تحدثت عن وفاته، أو إصابته بجراح خطيرة، وحتى شلله.
ويستدرك التقرير بأن مسؤولي مكافحة الإرهاب الأمريكيين يعتقدون أن البغدادي لا يزال على قيد الحياة، ويدير العمليات والخطط الاستراتيجية طويلة الأمد للتنظيم.
وتكشف الصحيفة عن أن رأي المسؤولين تدعمه الرسائل التي تنصتت عليها الاستخبارات الأمريكية، بالإضافة إلى التحقيقات التي جرت مع معتقلي تنظيمه، وكذلك البيانات والكتابات التي قدمها ناشطو التنظيم.
ويجد التقرير أن «الأدلة تظل غير مكتملة، ومن الصعب التأكد منها، إلا أنها تصور زعيما اختار أن يظل غير مرئي حتى داخل منظمته، وهو قرار أدى إلى ظهور شكاوى بين أتباعه، وأثر في قدرته على تعبئة قواته المحاصرة».
وتقول الصحيفة إن الرسائل التي تم التنصت عليها تشير إلى أن البغدادي حوّل انتباهه في الأشهر الأخيرة لرسم إطار أيديولوجي يبقى بعد نهاية الوجود الحقيقي للخلافة، فبالإضافة إلى جهوده تعديل المقرر التعليمي، فإن البغدادي كان مسؤولا عن سلسلة من الخطابات التي حاول فيها وضع حد للخلافات الأيديولوجية داخل فصائل التنظيم.
ويذهب التقرير إلى أن هذا كله يعني انسحابا منضبطا، وتهيئة الظروف للتحول من «الخلافة» إلى حركة تمرد سرية وإرهابية دولية، بحسب ما يقوله المسؤولون الأمريكيون السابقون والحاليون.
وتنقل الصحيفة عن نيكولاس راسموسين، الذي عمل مديرا للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب حتى كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، قوله: «حتى عندما كانوا يخسرون الموصل والرقة، فإن هناك إشارات إلى خططهم للعمل من جديد بصفتهم حركة سرية.. ومع طردهم من هذه الأماكن فإنهم قد خلفوا وراءهم نوعا من الخلايا».
ويؤكد التقرير هذه الاستراتيجية الجديدة من خلال الاتصال مع ناشط قدم نفسه على أنه من التنظيم، وذلك عبر الرسائل المشفرة، وقال إن البغدادي قرر، مع عدد آخر من قادة التنظيم البارزين، التركيز على تثقيف الأطفال وتجنيدهم داخل العراق وسوريا وخارجهما من خلال الإنترنت، لافتا إلى أن الجهود اتخذت طابعا مهما بعدما اكتشفوا أن الجيوب التي سيطر عليها التنظيم لن تبقى.
وقال الناشط للصحيفة: «اقتنعت القيادة أنه لو اختفت الدولة فإن فكرة الخلافة ستبقى على قيد الحياة طالما استمروا في التأثير على الجيل القادم»، وأضاف: «بناء على تعليمات البغدادي، فإنه سيتم زرع فكرة الخلافة في الأمة ولن تختفي».
وتفيد الصحيفة بأن لقاء دير الزور كان واحدا من سلسلة من اللقاءات التي ظهر فيها البغدادي، الذي نجح في الابتعاد عن الأضواء، مشيرة إلى أنه منذ إعلانه عن الخلافة في مسجد الموصل في نهاية حزيران/ يونيو 2014، فإن عدة تقارير انتشرت تتحدث عن مقتله، منها ثلاثة أكدت وفاته عندما قام الطيران الروسي باستهدافه، فيما قالت أخرى إن القوات السورية اعتقلته وجرح نتيجة القصف المدفعي، وزعمت أخرى أنه مات متأثرا بالسم أو اغتيل.
ويلفت التقرير إلى أنه عندما أكد المسؤولون الروس أنهم متأكدون «100%» من مقتل البغدادي، فإن المسؤولين في البنتاغون اعترضوا على ذلك، مشيرين إلى غياب الدليل القوي، وعبر المسؤولون الأمريكيون في الفترة الأخيرة عن ثقتهم بنجاة البغدادي بعد سقوط الموصل والرقة، وبأنه لا يزال ناشطا في تنظيمه، مع أن مكان وجوده غير معلوم.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول في مكافحة الإرهاب، قوله: «الإشارات كلها تؤكد أنه لا يزال على قيد الحياة»، وأضاف: «لا نزال نعتقد أنه يقوم بالتنسيق، ويساعد على إدارة التنظيم.. نعتقد أنه لا يزال في سوريا، وفي واحد من الأجزاء التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة».
وينوه التقرير إلى أن موقع البغدادي كان في الأسابيع القليلة الماضية أقل خطورة؛ بسبب انشغال المقاتلين الأكراد الذين تركوا أماكنهم في شرق سوريا لمواجهة الحملة التركية في بلدة عفرين، حيث سمح هدوء الجبهة الشرقية لمقاتلي التنظيم بتعزيز مواقعهم، وزيادة الإمدادات، واستطاع عدد من المقاتلين الخروج من حي اليرموك قرب العاصمة دمشق، وانطلقوا في رحلة طويلة عبر الصحراء، دون خوف من الغارات الجوية.
وتذكر الصحيفة أن مسؤول مكافحة الإرهاب أكد أن تنظيم الدولة أعاد تنظيم نفسه من جديد، حيث يقول: «سمحت فترة التوقف القليلة لهم بعمل هذا».
ويستدرك التقرير بأن هذا الهدوء القصير الأجل هو ما يراه المراقبون هزيمة محتومة للتنظيم، فمنذ عام 2015 عانى التنظيم من سلسلة متواصلة من الهزائم، وظل البغدادي طوال هذه الفترة صامتا، ولم يظهر لتعبئة مقاتليه باستثناء خطابات صوتية، كان آخرها في 28 سبتمبر 2017، أي قبل يومين من سقوط الرقة.
وتفيد الصحيفة بأن بعض المراقبين يرون أن غياب البغدادي هو جزء من استراتيجية مقصودة داخل تنظيم اختار عدم التركيز على القيادات بقدر ما تهمه الفكرة، حيث يقول كول بونزل، من جامعة برنستون، ومحرر مدونة «جهاديكا»، إن «عددا كبيرا من داعمي تنظيم الدولة قالوا إن البغدادي لم يرد ربط التنظيم بشخصيته»، ويضيف: «كانت هناك جهود بعدم الاهتمام بالشخصية على حساب التنظيم».
ويشير التقرير إلى أن غياب البغدادي لم يمنع من ظهور بعض الأصوات داخل التنظيم التي اشتكت من عدم ظهوره في الأزمات المهمة، لافتا إلى أن بعض الناشطين في دير الزور وضعوا رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي، قالوا فيها إن البغدادي أبعد نفسه عن ساحة المعركة.
وتنقل الصحيفة عن مدير معهد أبحاث الشرق الأوسط في واشنطن ستيفن ستالينسكي، قوله إن غيابه يؤثر بالتأكيد على معنويات التنظيم وأنصاره، فيما رد بعض الأتباع بتأكيد بيعتهم للبغدادي، الأمر الذي يراه ستالينسكي مشكلة سلطة تواجه البغدادي من فصائل أخرى في داخل المنظمة.
وبحسب التقرير، فإن البغدادي (46 عاما) ظل قادرا على التواصل مع قادته ومساعديه المنتشرين في أي وقت يريده، مشيرا إلى أن مسؤولا في اللجنة التعليمية، الذي كان واحدا من خمسة قادة تم القبض عليهم في منتصف شباط/ فبراير، ذكر كيف تلقى دعوات متكررة من البغدادي لمناقشة قضايا التعليم والدعاية.
وتختم «واشنطن بوست» تقريرها بالإشارة إلى قول المدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب راسموسين، إن الحملة العسكرية البطيئة والمستمرة منحت البغدادي الفرصة لتطوير طرق التواصل الخاصة به، والتحضير للمستقبل، بما في ذلك التحضير لعمليات إرهابية، والحفاظ على ما تبقى من التنظيم.


بتاريخ : 18/08/2018