ما هي خيارات بريطانيا للبريكسيت؟

نشرت صحيفة «إندبندنت» مقالا للمحرر السياسي جو واتس، حول السيناريوهات المتوقعة بالنسبة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكسيت».
ويقول واتس، في مقاله، إن بريطانيا تمر في أكثر فتراتها الغامضة في التاريخ المعاصر، لدرجة أن أكثر السياسيين والمعلقين خبرة غير متأكدين حول ما يحمله المستقبل القريب لهذا البلد.
ويشير الكاتب إلى أن هذا المقال سيساعد القارئ في فهم النتائج المختلفة للبريكسيت، التي تواجهها المملكة المتحدة، وكيف يمكن أن نصل إليها.

ما هي أهم التواريخ؟

15 يناير: تيريزا ماي تمنى بهزيمة في مجلس العموم، بعد أن صوت أعضاء البرلمان ضد صفقة البريكسيت التي توصلت إليها بفارق 230 صوتا.
قبل 29 مارس: هناك عدة سيناريوهات قد تحصل، فقد تحاول ماي العودة إلى الاتحاد الأوروبي لمحاولة الحصول على المزيد من التنازلات من بروكسل، ما دامت الهزيمة التي منيت بها لا تشل حركتها سياسيا.
وقد يسعى البرلمان لاستخدام سلطته للسيطرة على البريكسيت، ويحدد المسار المستقبلي، وقد يكون هناك تحرك لتمديد العملية المتعلقة بالمادة 50 للسماح بالمزيد من الوقت اللازم لتمرير التشريعات اللازمة، أو حتى إجراء استفتاء آخر.
29 مارس: التاريخ المحدد للخروج، حيث تنص المادة 50 من اتفاقية لشبونة على منح أي بلد يطلب مغادرة الاتحاد بموجب هذه المادة سنتين للتفاوض على كيفية الخروج قبل أن يسقط عضويته بشكل أوتوماتيكي، بغض النظر عن ما إذا كانت تلك المفاوضات ناجحة أم فاشلة.

ماذا سيحصل بعد هزيمة صفقة تيريزا ماي؟

لا أحد يستطيع إعطاء جواب أكيد عن هذا السؤال، لكن على ماي أن تعود للبرلمان خلال ثلاثة أيام، وتعرض خطتها، وهذه هي الطرق التي يمكن سلوكها أو رفضها في وقت مبكر.
إعادة المفاوضات: بالرغم من المؤشرات الرسمية من بروكسل، إلا أن هناك إشارات واضحة من الاتحاد الأوروبي بأنه في الغالب ستكون هناك فرصة لإعادة التفاوض بعد هزيمة صفقة البريكسيت.
ويلفت واتس إلى أن هناك تقريرا بأنه يمكن حتى وجود فرصة لإعادة فتح اتفاقية الانسحاب وإجراء تعديلات على «الموقف الخلفي الإيرلندي»، مشيرا إلى أنه ليس من الواضح ما الذي على المملكة المتحدة أن تعطيه مقابل تغيير في «الموقف الخلفي»، فلن يعطى شيء بشكل مجاني.
عرض الصفقة على مجلس العموم للتصويت ثانية: قد تحصل رئيسة الوزراء على بعض التعديلات لصفقة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أنها يجب أن تعود لمجلس العموم للتصويت عليها ثانية، أو أنّ تراجع الجنيه الإسترليني، واضطراب السوق المالية قد يعطيان ماي سببا لعرض الاتفاق ثانية على أعضاء البرلمان وطلب التصويت عليه لأجل المصلحة القومية.
الانتخابات العامة: «لم تنجح محاولة المعارضة حجب الثقة عن حكومة ماي يوم الأربعاء 16 كانون الثاني/ يناير، وهو ما يعني أن الانتخابات العامة المبكرة لم تعد حاليا أحد الاحتمالات».
ويبين الكاتب أنه لنجاح حجب الثقة فإنه كان لا بد لعدد كبير من النواب المحافظين أن يصوتوا مع حجب الثقة، لكن احتمال خسارتهم لمقاعدهم لحزب العمال إن أجريت انتخابات عامة منعتهم من التصويت مع حجب الثقة.
ويستدرك واتس بأنه إن حاولت ماي الدفع نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق، فإن بعض المحافظين هددوا بأن يفعلوا ما بوسعهم لمنع حصول ذلك.

ما هي البدائل لصفقة ماي؟

استفتاء ثان: سيكون هناك ضغط باتجاه استفتاء جديد، وقد وقع أكثر من مليون شخص على عريضة طرحتها «إندبندنت» لإعطاء الناس فرصة أخرى للتصويت على الخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وينوه الكاتب إلى أن «استفتاء جديدا يجب أن يوافق عليه البرلمان، ولا يبدو أن في البرلمان أغلبية تؤيد هذا التوجه، فمعظم المحافظين معارضون للفكرة، وففي الوقت الذي قد يتجه فيه العمال نحو تأييد الفكرة، إلا أنهم منقسمون، ويقال إن كوربين ضد الفكرة، وحتى لو دعم حزب العمال الفكرة، فإن هناك 20 عضوا منه سيصوتون ضدها؛ لأن تأييد الخروج من أوروبا كان ساحقا في دوائرهم الانتخابية، ويخشون أن التصويت مع استفتاء آخر سيعرضهم لخسارة مقاعدهم في الانتخابات العامة القادمة».
ويقول واتس: «قد يتغير الحال مع الوقت، فمع فشل النتائج الأخرى، ومع زيادة احتمال خروج دون اتفاق يؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة، سيشعر المزيد من أعضاء البرلمان بالحاجة لدعم استفاء ثان، لكن التوقيت حساس، ويشعر البعض أنه يجب الاستعجال به؛ خشية تجذر النتائج البديلة، في الوقت الذي يشعر فيه آخرون أنه إن تم الاستعجال بالتصويت على الموضوع في مجلس العموم فإنه لن يحصل على تأييد كاف، وإن فشل فسيكون مؤيدو هذا الخيار قد خسروا آخر فرصة لهم لحدوثه».
ويفيد الكاتب بأنه «ليس هناك توافق على ماذا يتم الاستفتاء، صفقة ماي أم ضدها، أم البقاء في الاتحاد، فالبعض يقترح استفتاء يطرح ثلاثة خيارات، مع الصفقة أو ضدها أو مع البقاء في الاتحاد، ويتم استثناء الخيار على الخيار الأقل أصواتا، ثم المفاضلة بين الخيارين الآخرين، بحسب عدد الأصوات التي حصل عليها».
ويجد واتس أنه حتى لو نجح مقترح إجراء استفتاء آخر فإن هناك فرصة طبعا أن يكسب خيار مغادرة الاتحاد.
الخطة ب (النرويج): هناك البعض -منهم موجودون في الحكومة- يعتقدون بأنه إن تم التخلي عن الخطة فإنه من الأفضل للمملكة المتحدة أن تدخل في ترتيب مع الاتحاد الأوروبي، وقد يكون هذا حلا مؤقتا حتى يتم التوصل إلى اتفاقية تجارية موسعة مع الاتحاد الأوروبي أو حل دائم، وهو ما سيعني مغادرة الاتحاد الأوروبي والبقاء في السوق المشتركة، كما يمكن الإضافة إليه بالبقاء في الاتحاد الجمركي.
ويقول واتس إن هذا الحل سيغضب ربما نصف حزب المحافظين، والمؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي كلهم؛ لأنه لا ينهي «حرية الحركة»، خاصة أن من صوتوا مع المغادرة فعلوا ذلك بسبب كون الهجرة قضية أساسية بالنسبة لهم.
تمديد فترة المادة 50: كانت هناك إشارات من الاتحاد الأوروبي بأنه يمكن تمديد الفترة، لكن فقط إن كانت هناك خارطة للطريق للتأجيل بعد 29 مارس، أي أنه بالإمكان التأجيل لإجراء استفتاء آخر، أو إجراء انتخابات عامة، فيما ليس من الواضح ما إن كان الاتحاد مستعدا أن يؤجل الخروج للتفاوض ثانية على شروط الخروج.
لا صفقة: هذا هو الخيار الافتراضي في غياب اتفاق، وبعد هزيمة صفقة ماي، وإن لم يقم أعضاء البرلمان بفعل شيء آخر ستسقط عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في 29 مارس القادم دون اتفاق، وكثير من أعضاء البرلمان يبحثون عن طريقة لعدم السماح لذلك بأن يحصل.
السير نحو الكارثة

علقت صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحيتها على هزيمة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمام البرلمان ليلة الثلاثاء الماضي، بالقول إن بريطانيا أصبحت دون خطة خروج «وهي تسير نحو الكارثة».
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها «عربي21»، إلى أن «التصويت الساحق في البرلمان البريطاني يوم الثلاثاء ضد خطة تم العمل عليها تتعلق بخروج البلد من الاتحاد الأوروبي، كان مدمرا لأن أحدا، ولا حتى رئيسة الوزراء، وبالتأكيد حزبها أو الحزب المعارض، لديه في الوقت الحالي خطة أو حل جوهري، أو تعديل للخطة التي تم رفضها».
وتقول الصحيفة إن «البريكسيت أدى إلى اكتظاظ النظام السياسي البريطاني، وهو ما يعني أسوأ الخيارات للبلد، وهو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون آلية جاهزة للإشراف عليه قبل 29 مارس، ويجب على ماي ومعارضيها في البرلمان عمل ما لديهم لتجنب هذه النتيجة الكارثية».
وتلفت الافتتاحية إلى أن «ماي عملت بجهد على مدى عامين ونصف لتحقيق رؤية وافق عليها الناخب البريطاني بهامش ضيق في يونيو 2016، بأن يمنح بالضرورة سيادة كاملة على أراضيه، إلا أن الحقيقة التي لم يعترف بها داعمو الخروج، هي أن أي طلاق سيكلف ثمنا سياسيا واقتصاديا، ولو استطاعت ماي تمرير الخطة لأدت إلى مرحلة انتقالية تقوم من خلالها بريطانيا والاتحاد الأوروبيبالتفاوض حول مستقبل العلاقة بينهما، تجارية أم أمنية وغير ذلك، مقابل حصول لندن على السيطرة على حركة الناس عبر حدودها».
وتنوه الصحيفة إلى أن «الاقتصاد البريطاني سيتعرض لضربة من خطة ماي، إلا أن النقطة الخلافية الكبرى هي كيفية إدارة الحدود بين شمال إيرلندا وجمهورية إيرلندا العضو في البرلمان، بشكل لا يؤثر على العملية السلمية التي أنهت عقودا من العنف في إيرلندا الشمالية، وبدلا من فرض تقسيم واضح للحدود، فإن الاتحاد الأوروبي اقترح ما أسماه الترتيبات المؤقتة لشمال إيرلندا، وهو ما يعني استمرارها في مراقبة التنظيمات الأوروبية دون أن يكون لها أي دور في إقرارها، وستجد من الصعوبة عقد اتفاقيات تجارية مع الدول الأخرى».
وتقول الافتتاحية إن «المعارضين للخطة من اليمين واليسار لم يقدموا بديلا عنها، بل حاولوا الاستفادة من النقاش حول البريكسيت للإطاحة بماي من الحكومةـ وحاول منافسوها في حزب المحافظين عمل هذا الشهر الماضي وفشلواـ وبناء على طلب من زعيم حزب العمال جيرمي كوربن، سيناقش البرلمان مسألة سحب الثقة منها اليوم، ووعدت ماي بأنها ستقوم بالتشاور مع قادة البرلمان والتوصل معهم لخطة بديلة في حالة نجاتها من التصويت على الثقة، وفي حال حصلت على دعم واسع فإنها ستقوم بنقلها إلى بروكسل».
وترى الصحيفة أن «الخطر هو عدم وجود غالبية في البرلمان، بالإضافة إلى عدم استعداد الاتحاد الأوروبي للمرونة أو تقديم تنازلات، وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، في بيان له، إن الخطة المرفوضة تظل الخيار الوحيد لخروج منظم، وفي حال فشلت هذه الخيارات كلها فإنه ليس أمام بريطانيا إلا تعليق إجراءات الخروج، وعقد استفتاء جديد، يصوت فيه الناخبون بناء على حقائق واضحة، بدلا من الوعود الكاذبة في عام 2016».
وتورد الافتتاحية نقلا عن ماي، التي تعارض هذا الخيار، قولها إن «كل يوم يمر دون حل الموضوع يعني مرارة جديدة، وغياب الأفق، وأحقادا جديدة».
وتختم «واشنطن بوست» افتتاحيتها بالقول إن «هذا الكلام صحيح، إلا أن فوضى جديدة لحليفة مهمة للولايات المتحدة لا مفر منها».


بتاريخ : 21/01/2019

أخبار مرتبطة

  ليست الدار البيضاء مجرد مدينة أو حاضرة من الحواضر العادية، بل هي حكاية من حكايات هذا الزمن..مستمرة في المكان

راي تماما كما هي الحال، بالنسبة إلى «جيمس فالهوس» أو «أوجينيا كويدا»، تعرض « كورزويل « لصدمة إثر وفاة أعز

وزير العدل البلجيكي يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون القضائي مع المغرب   بمناسبة انعقاد الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *