مخطط إسرائيلي لتهجير 36 ألف فلسطيني من النقب

أنهى وزير الزراعة الإسرائيلي، أوري أرئيل، خطة ضخمة لتهجير قرابة 36 ألف عربي بدوي من قراهم في النقب المحتل.

وأوضحت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أن الخطة ستنفذ، إذا ما صودق عليها، العام الجاري على أن ينتهي تنفيذها خلال أربع سنوات.
ووفقا للخطّة، فإن التهجير سيبدأ العام الجاري، من شمال شارع 31، على أن يستمر لمدة أربع سنوات، في حين سيبدأ التهجير الكلي عام 2021 بميزانية تتم زيادتها سنويًا، عبر تكثيف عمليّات سلطات إنفاذ القانون، في إشارة إلى شرطة الاحتلال ووزارة «الأمن الداخلي».
وقالت «يسرائيل هيوم»: «على أنقاض القرى بعد تهجيرها، ستعمل السلطة الإسرائيلية على توسعة إضافية لشارع عابر إسرائيل (شارع 6)، جنوب البلاد حتى بلدة نباطيم في النقب، وهي المنطقة التي تقدر مساحتها بـ12 ألف دونم، وتسكن فيها ألف أسرة عربية (5000 نسمة)، تعتزم السلطات الإسرائيلية نقلهم إلى تل السبع وأبو تلول وأم بطين».
وستعمل «إسرائيل»، كذلك، على نقل 5 آلاف عربي لمناطق أبو تلول وأبو قرينات ووادي النعم، من المنطقة المسماة إسرائيليًا «رمات بقاع»، بهدف نقل مصنع للصناعات العسكرية من مركز البلاد إلى النقب، إضافة إلى مدّ خط ضغط عالٍ لشركة الكهرباء يشكل تهديدًا لأرواح 15 ألفًا، يقيمون على 50 ألف دونم، تخطط لتهجيرهم والاستيلاء عليها.
يذكر أن القرى المسلوبة الاعتراف لا تظهر على الخرائط الرسمية الإسرائيلية، ولا تقدّم لها السلطات الإسرائيليّة الخدمات الأساسيّة مثل المياه والكهرباء، ولا يوجد لساكنيها عناوين ولا تعترف السلطات بحقوقهم على الأرض، وتعتبرهم «مخالفين» يستولون على «أراضي دولة».
من جهة أخرى، دعا «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» المجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية تجاه القدس والسكان الفلسطينيين فيها وحمايتهم باعتبارهـم سكان منطقـة محتلة وتحمل المسؤولية تجاههم بموجـب وقـوع القـدس تحـت المسـؤولية الدولية وفق قـرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181.
ولفت المرصد في تقرير له اليوم حمل عنوان «أخرِجوا الفلسطينيين من القدس»، في إشارة لطبيعة السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وأرسل نسخة منه لـ «عربي21»، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي صعّد من انتهاكاته بحق الفلسطينيين في مدينة القدس منذ قرار الرئيس الأمريكي ترامب نقل سفارة بلاده إليها في ديسمبر 2017، وشملت الانتهاكات عمليات الاعتقال بصورة تعسفية، بما في ذلك الاعتقال الإداري، وإعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين مرة أخرى فور خروجهم من بوابة السجن، إضافة إلى عمليات هدم المنازل وتهجير أهلها، والاعتداء على سكان القدس، فضلاً عن استمرار سياسات اقتحام المسجد الأقصى، والقيام بأعمال تستفز مشاعر المصلين هناك.
وبين المرصد الحقوقي الدولي أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس الاعتقال بحق الفلسطينيين كأداة للعقاب والترهيب دون أي ذريعة أو سبب قانوني، أو كنوع من العقاب المفتوح.
وقالت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي: «إن النيابة العامة الإسرائيلية تمتنع بشكل مقصود عن اعتقال والتحقيق مع المواطنين الإسرائيليين الذين يعتدون على الفلسطينيين بآلات حادة أو يقومون بنشر منشورات تحريضية على قتل الفلسطينيين مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تجرم كل جملة مشابهة ينشرها أي فلسطيني في الجانب الآخر، وتعتقل المئات من الشبان والأطفال».
وأورد التقرير تفصيلاً لعشرات حالات الاعتقال التي تمت في كانون الأول (ديسمبر) الفائت. ومنها اعتقال الشاب «رامي الفاخوري» بعد أقل من 20 يوماً على حفل زفافه، إضافة إلى أكثر من (30) شاباً آخر شاركوا في العرس، بدعوى تضمن العرس أغانٍ وأناشيد فلسطينية وتمجيد حركة «حماس».
وذكر تقرير الأورومتوسطي عدة حالات جرى فيها إعادة اعتقال الفلسطينيين من القدس لحظة الإفراج عنهم. كما حصل مع الشبان محمود عبد اللطيف، وعدنان الرجبي، ومحمود جابر، وصبيح أبو صبيح، وعز الدين أبو صبيح، ويعقوب أبو عصب.
وأشار إلى أن الاحتلال يهدف من خلال إعادة اعتقال هؤلاء الأسرى إلى منع إقامة أي مظهر احتفالي جماهيري لحظة الإفراج عنهم، حيث تتم إعادة اعتقالهم من أجل مطالبة المحكمة بفرض شروط إفراج عنهم مثل، الحبس المنزلي، والإبعاد عن مدينة القدس أو منعهم من إقامة مظاهر احتفالية تُحمل فيها الأعلام الفلسطينية، على الرغم من أنّ هذه الاحتفالات هي قانونية وشرعية بحد ذاتها ولا تشكل أي جريمة مطلقاً.
وفي سياق متصل، أورد المرصد في تقريره عشرات الشهادات والحوادث التي تبين ممارسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة تعسفية تجاه الفلسطينيين في مدينة القدس فيما يتعلق ببيوتهم ومساكنهم، حيث تسعى بحسب التقرير إلى تهجيرهم من خلال منع إعطائهم رخص للبناء وهدم منازلهم ومحالهم التجارية.
وقال الأورومتوسطي: «إن تقارير محلية ومنظمات حقوقية تشير إلى أن سلطات الاحتلال نفذت في العام 2018 (68) عملية هدم لمنزل سكني، و(178) مُنشأة تجارية، كما أخطرت أكثر من (125) بيتا ومُنشأة تجارية بالهدم، وهناك (10) منازل تمّ هدمها هدماً ذاتياً بواسطة أصحابها بأوامر من الاحتلال، وهجّر أكثر من (144) شخص من منازلهم بسبب الهدم، منهم حوالي (58) قاصراً».
وقالت إيناس زايد، المستشارة القانونية في المرصد الأورومتوسطي: «إن عمليات الهدم التي تقوم بها قوات الاحتلال في القدس غير قانونية، وتمثل جريمة حرب».
وأضافت: «من ناحية، تخضع القدس وفق قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة (رقم 181) للمسؤولية الدولية، وليس للاحتلال الإسرائيلي سلطة عليها لكي يمنع الفلسطينيين من البناء فيها أو أن يقوم بهدم بيوتهم بحجة عدم الترخيص، والذي لا يمنحه لهم أصلا وبشكل تعسفي. ووفق القرارات الأممية تعد القدس الشرقية أرضاً محتلة، ويعد وجود السلطات الإسرائيلية فيها عملاً احتلالياً، ومن واجباتها بالتالي إدارتها بما تمليه مصالح السكان الذين يقعون تحت الاحتلال، فيما إسرائيل تمنع الفلسطينيين من بناء بيوت جديدة لهم ولأولادهم على مدار عشرات السنوات الماضية، وتسمح للإسرائيليين بالبناء بل وتقدم لهم كافة سبل الدعم والتشجيع، وهو ما يمثل فعلاً تمييزياً تعسفياً، وصورة من صور الاستيطان المحظور وفق القانون الدولي الإنساني».
ولفت تقرير الأورومتوسطي إلى حالات الاعتداء على الفلسطينيين في القدس وتقاعس الشرطة الإسرائيلية عن ملاحقة تلك الحالات، حيث تسجل اعتداءات المستوطنين تجاه الفلسطينيين في القدس أكثر من 3 حالات أسبوعياً.
ودعا المرصد الأورومتوسطي دول العالم إلى أن تحمي القدس وسكانها من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي واستمرار اعتداءاته التعسفية والمتصاعدة بصور قاسية وممنهجة تجاه الفلسطينيين بصورة تهدف إلى تهجير ما تبقى منهم من القدس، والعمل على إلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي في المدينة المقدسة، كقوة احتلال، وعدم التنصل منها.
وطالب المرصد الأمم المتحدة بهيئاتها المعنية، والاتحاد الأوروبي، بإدانة الأفعال القاسية والانتهاكات الإسرائيلية في القدس ومراقبة الوضع في المدينة المحتلة عن كثب. داعياً الدول التي تحترم ميثاق الأمم المتحدة وتعمل من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين إلى العمل على ثني الإدارة الأمريكية عن قرارها التعسفي بنقل سفارتها إلى القدس، والذي أدى إلى إعطاء الاحتلال ضوءاً أخضر لزيادة الانتهاكات في المدينة المقدسة.

المحو والإنشاء

في دراسة بعنوان «المحو والإنشاء في المشروع الصهيوني»، نشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية خريف 2013، واستعرضها الكاتب رشيد حسن، أكدت هنيدة غانم (صاحبة الدراسة) تفاصيل الجريمة البشعة التي ارتكبها ويرتكبها العدو الصهيوني لتدمير الذاكرة الفلسطينية، واغتيال الزمن الفلسطيني:
«فالقوات الصهيونية كانت تقوم عادة في حرب 1948، وبعد طرد السكان العرب من قراهم وبيوتهم، بهدم البيوت وتسويتها بالأرض، ثم محو أسماء القرى من على الخرائط ومن السجلات، وهكذا عمليا تم تدمير مئات القرى الفلسطينية تدميرا كاملا، وجرى تفريغ خمس مدن هي: صفد وبيسان وطبرية وبئر السبع والمجدل من سكانها العرب بشكل تام، وهو المصير الذي واجهته الأحياء الغنية في القدس مثل القطمون والبقعة والطالبية، حيث طرد سكانها، وحل محلهم مهاجرون يهود، كما أجلي السواد الأعظم من السكان الفلسطينيين من خمس مدن أخرى هي: يافا وحيفا وعكا والرملة واللد، ولم ينج من الدمار والترحيل إلا مدينة الناصرة، وذاك بأوامر من ابن غوريون، تهدف إلى تجنب إغضاب الفاتيكان والعالم المسيحي» ص110.
ولم يكتف العدو الصهيوني بطرد السكان، وهدم القرى، بل قام أيضا بمحو أسمائها من السجلات الرسمية، واستبدالها في حال إقامة مستعمرات على أنقاضها، بأسماء عبرية وتوراتية، بينما كانت عملية الهدم تستهدف قطع الطريق أمام عودة اللاجئين، فإن عملية محو الأسماء من السجلات الرسمية والخرائط، ووضع أسماء عبرية ويهودية للمكان، كانت أداة لاستعمار الزمن بحيث يتم إبادة الزمن الفلسطيني من سيرة المكان بعد تدميره.
وفي هذا يقول ابن غوريون مفسرا أو بالأحرى مبررا عملية شطب الأسماء العربية:
«إننا مضطرون إلى إزالة الأسماء العربية، لأسباب تتعلق بالدولة، وتماما مثلما لا نعترف بحق الملكية السياسية للعرب في الأرض، لا نعترف أيضا بحقهم في الملكية الروحية وبأسمائهم» ص120.
وتشير الباحثة إلى دراسة قام بها الجغرافي الفلسطيني، غازي فلاح لمواقع «418» قرية فلسطينية، تم تهجير سكانها خلال النكبة، حيث وجد أن أكثر من ثلثي هذه القرى قد تم محو أي أثر لها بالكامل، وكان من جملتها «80» قرية، قلبت أرضها وحرثت، بعد أن جرى تدميرها، ثم زرعت أشجارا، أو تم حفر برك لتربية ألأسماك فيها، وفي مقابل القرى التي دمرت، ويزيد عددها عن «400» قرية، فقد أقيم أكثر من ألف مستعمرة صهيونية حتى عام 2013، داخل الخط الإخضر. ص120
وفي هذا يقول موشيه دايان وزير حرب العدو وأشهر جنرالاته :
«لقد حلت القرى اليهودية مكان القرى العربية، وليس في استطاعتكم اليوم أن تعرفوا حتى أسماء تلك القرى العربية، وأنا لا ألومكم، قكتب الجغرافيا لم يعد لها وجود، بل القرى العربية ذاتها لم يعد لها وجود، لقد حلت «نهلال» محل «معلول» وحلت «جبعات» محل «جبع» وحلت «سريد» محل «خنفيس» وكفار يهوشواع» مكان «تل الشام» ص121
لقد وقف الشعب الفلسطيني على أبعاد وأهداف الجريمة الصهيونية مبكرا، فحرص على الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية، وغرسها في الأجيال جيلا بعد جيل، باعتبارها مكونا رئيسيا من مكونات معركتة المصيريه مع العدو الصهيوني.
ومن هنا، يقول رشيد حسن، فأي طفل فلسطيني تلقاه، وفي أي مخيم من مخيمات الشتات الستين، وتسأله عن اسم قريته، فيجيب على الفور ودون تلكؤ: أنا من الطيرة، أو من المجدل، أو من شحمة، أو من المسمية، إلخ.
كما حرص الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين في المخيمات وفي المنافي، على وضع خارطة لفلسطين في البيوت والمكاتب والمدارس، إلخ. تشمل أسماء المدن والقرى كافة، لتستقر في وعي أبنائه وأحفاده جيلا بعد جيل.
فالكبار لم ينسوا، وها هم الصغار يحفظون الأمانة ويعدون العدة ليوم الثأر والعودة. وهو آتٍ لا محالة طال الزمن أم قصر.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 30/01/2019

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *