مشاتل ومخابز: هنا يتضاعف الزنبق الهولندي، وتتضاعف غذائية الأرز… -9-

 عند زيارتنا لمعمل الحلويات والخبز، تذكرت حكاية سابقة تعود إلى قرابة عقد من الزمن. وقتها، كنا في زيارة مع وفد سياسي تنظيمي لأحزاب الكتلة، وترسخت عندنا، ونحن بين أسوار الصين العظيمة، القناعة القديمة التي تجعل من الخبز مادة منعدمة في أرض كونفوشيوس..

 

 

عند زيارتنا لمعمل الحلويات والخبز، تذكرت حكاية سابقة تعود إلى قرابة عقد من الزمن. وقتها، كنا في زيارة مع وفد سياسي تنظيمي لأحزاب الكتلة، وترسخت عندنا، ونحن بين أسوار الصين العظيمة، القناعة القديمة التي تجعل من الخبز مادة منعدمة في أرض كونفوشيوس..
صبيحة الأربعاء، اليوم الرابع من زيارتنا، أي 17 من أكتوبر الماضي، كان لنا موعد مع شركة «كيغي»keegee في ضاحية المدينة تقريبا.. الشركة/ المعمل تشغل 6 آلاف شخص، يديرها مهندس تقدم إلينا بلباسه البسيط، سروال جينز أزرق وقميص أبيض وعليه سترة سوداء، المخبزة تطحن يوميا طنا ونصف طن من الدقيق من أجل الخبز بكل أنواعه، الألماني والفرنسي والآسيوي..واضح من الترسانة الصناعية أن الصين تتعامل مع الأقوى منها، وهي الترسانة الألمانية، حيث إن آلة الخلط والعجن ألمانية.
أوضح لنا المهندس أن حاجتهم إلى الفواكه والمواد النباتية الأخرى الطازجة، فرضت عليهم أن يقتنوا 53 هكتارا بهدف زرع الفراولة والفواكه المماثلة…
ويتم إنتاج حلويات من إعداد صيني بمذاقات العالم، يسهرون على توزيعها عبر الصين، تحت درجات حرارة تتراوح بين درجة حرارة المناخ وأخرى تصل أحيانا إلى ما تحت الأربعين، وهم يتولون استيراد الحبوب والمواد الضرورية للحلويات من أوروبا ومن إفريقيا.
هنا طرحنا المغرب، وكان لنا اتفاق معهم على زيارة البلاد، لغاية استطلاع الإمكانيات للاستفادة من محاصيلنا…
نحلم …
‏Mèng
.. غير بعيد عن المعمل الخاص بالحلويات والخبز هناك مختبر الأبحاث النباتية، وجدنا الطاقم الإداري أمام الباب، بابتسامات عهدناها وألفناها كل يوم…لاصفرة فيها !
مشاتل الورود كلها عبارة عن معرض لما تحققه الابتكارات في مجال النباتات المحدثة، خذ مثلا الزنبقة القادمة من هولندا…
يقول المهندس البيولوجي: لقد أخذناها وطورنا جينومها الأصلي..
تزداد طولا
وتزداد ألقا..
سيكون لنا في زنبقة واحدة ثلاثة ألوان: أزرق، أحمر وأقحواني.
خذ الأرز.. لقد ضاعفنا كروموزوماته ووراثته بما يفوق 36٪، صحيح أننا لم نسوقه بعد، لكنه موجود أمامك.
وكذلك كان: رأيناه في أغصانه أو تعريشاته اليابسة،
ورأيناه معبأ في أكياس البلاستيك…
كانت زيارتان أخريان للدوخة والإعجاب..
نعود ومعنا ذلك الحنين إلى مستقبل نراه هنا يفلت منا مع توالي الساعات..
هنا أسرت بنا الجهوية المتقدمة إلى مستقبلنا القادم ربما…
من يصدق أننا رأينا الأرز وقد تضاعفت قدراته الغذائية وأن الزنابق هنا لما تزل، تحاول أن تعيش فوق طبيعتها !!؟
ستنتظرنا مفاجأة أخرى ونحن نطأ الفندق:
صفوف شباب يبدو عليهم أنهم طلبة، في عمر الزهور التي تركناها تجرب روعة بيو- طبيعية صناعية تخرج من عقل الإنسان ومن مختبره بدون أن تتنكر لجزئها الأرضي، الترابي..
طلبة من كل المدن جاؤوا متطوعين للمشاركة في تنظيم المنتدى الدولي الشامل حول دعم التنمية والمقاولات، الذي تحتضنه عاصمة جهتهم؟
– ألم تقدموا لهم مقابلا؟!
– أبدا، كل ما يحصلون عليه هو شهادة تقديرية بأنهم شاركوا في نشاط لفائدة جهتهم.
أخبرونا يومها بأن الطالبة التي ستتولى مرافقتنا اسمها أوغيستين، وأنها في الصف الثاني آداب فرنسية هناك، طالبة خجولة وتتلعثم من شدة الأدب وثقل المهمة…
كانت تنتظرنا، زوال ذلك اليوم، زيارة مستشفى العلاج التقليدي…


الكاتب : n عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 02/11/2018