مواقع التواصل الاجتماعي والاحتفال مغربيا برأس السنة الميلادية

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، عادة، فضاء مميزا في نهاية رأس السنة لتبادل التهاني بين المواطنين المغاربة داخل الوطن و خارجه و بينهم وبين الأصدقاء و المعارف في مختلف مناطق المعمورة، إذ تكون المناسبة فرصة لتبادل ملصقات التهاني و رسائل المحبة و الود الكتابية و الصوتية – البصرية والمتمنيات الجميلة التي تعبر عن المشاعر الإنسانية النبيلة فوق أي اعتبار ديني، اجتماعي أو ثقافي..
الفضاء الأزرق، الذي فتح هاته الإمكانيات التعبيرية الإنسانية في هاته المناسبة السنوية لكل الفاعلين و المتفاعلين مع عالم شبكات التواصل الاجتماعي، لم يخل من رافضين، محرمين.. لهذا الأسلوب الإنساني الراقي، الذي يجمع بدل ما يفرق، ويدعو للحب عوض الكره، والسلام والتسامح مقابل البغض و العدواة ..، إذ شنت – ولا تزال – طوال السنوات المنصرمة، توازيا مع انطلاق هاته “السيرة” التواصلية الإنسانية الحميدة، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى عدم الاحتفال برأس السنة الميلادية و تحرم تبادل الهدايا وشراء الحلويات.. من منطلق فتاوى تدعي بأن ذلك “حرام ” شرعا و ” تبديع” و “تشبه” بالنصارى..
ويبدو أن هاته الفتاوى ” الرافضة ” و” المحرمة ” لا تستقر على حال ممن ينتمون للتيار نفسه، بدليل أن هناك فتاوى تجيز الاحتفال بهاته المناسبات، مثلما أكد الباحث في الدراسات الإسلامية محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بـ “أبو حفص”، الذي سبق له أن نشر في مثل هذه مناسبة صورة مع شجرة ” الكريسمس ” احتفالاً بأعياد الميلاد مصحوبة بتدوينة قال فيها : ” الاحتفال بهذه المناسبات هو اليوم ثقافة و عادات و فرص للفرح و الابتهاج “، و هو ما سار ت عليه الكثير من التدوينات و التغريدات، التي تؤمن بفكر الوسطية و الاعتدال و التعامل و التفاعل الإنساني النبيل، و المؤمنة بمقولة : “.. إنما الدين معاملات أيضا .. ”
في هذا السياق، فأجواء الاحتفال بعيد المسيح و نهاية السنة تختلف بالفضاء الأزرق من شخص لأخر و من فنان لناشط فيسبوكي أو مواطن عادي..، لكنها مواضيع مختلفة جمعت بينهم بالرغم من اختلاف الأعمار و الاجناس و المرجعيات الثقافية و التجارب الحياتية و الشرائح الاجتماعية..
منهم من طرح موضوع الاحتفال في حد ذاته و شرعيته من عدمها، و منه من تذكر قضايا عامة وطنية كانت أو عربية أو عالمية إنسانية .. كل بلغته و شخصيته.
ما يقوله الفيسبوكيون بمناسبة السنة الجديدة

محمد العروسي الإشهاري و الإعلامي، الناشط على صفحات ” الفايسبوك ” احتفل بطريقته الخاصة المتسمة بالسخرية السوداء، و نشر لوحة بها رسم لشخص يقدم طلباته لل” بابا نويل” كتب عليها : ” لقد قررت بمناسبة ولوج السنة الجديدة أن أطرد من حياتي المغفلين و المنافقين و الأصدقاء غير الصادقين و كل من يغيضني..” و قد أجابه ” البابا نويل قائلا: ” إذن لن يتبقى لك الكثير من الأصدقاء ” في إشارة إلى أن الأغلبية مخادعون .
الفنان محمد الشوبي أقحم رواد صفحته في مكان احتفاله بهاته المناسبة، حيث طرح سؤالا للجميع قائلا : ” فين بغيتوني ندوز رأس العام “.
الكاتب حسن  بيرما نشر تدوينة تقول: ” في السبعينيات و الثمانينيات كانت محلات الحلاقة و الباتسري و المكتبات تتزين احتفالا برأس السنة، والآن تقرأ على الواجهات عذاب القبر”..
نجيب بن شريف، مغربي – يعيش في الإمارات – نشر على حائطه يقول: ” ما هي الرسالة التي يحاول توجيهها أصحاب المخبزات الذين امتنعوا عن بيع حلويات رأس السنة بحجة عدم الاحتفال بأعياد النصارى؟ كيف وصلنا لهذا المستوى من التشدد الديني؟ أليس هذا تحريض على الكراهية ؟ تصوروا ردة فعل الرأي العام لو حدث ذلك في أوروبا بمناسبة عيد إسلامي “.
من جهته الزجال و الإعلامي محمد الصقلي هنأ أصدقاءه بالسنة الجديدة و نشر قصيدته التي تقول:

” أعــيــاد كــل الـنـاس عْــيــادي
بــ الــهــجــري وب الـمــيــــلادي
نــهــنــي ونــبــارك لــيــهــم
هــذا قــصــدي واجــتــهــادي
الفـرح
حـقـنـا ف الحـيـاة
ولاد الـغـيـر
ف حب الـخـيـر  كـيـف ولادي
يـاك الإنـسـان هـو الإنســـان
و ربي اللـي خــلق الأديــان ….إلخ

ادريس علوش نشر قولة للفيلسوف المغربي محمد عزيز لحبابي: ” إن كل ثقافة، إنما تنمو وسط ثقافات مختلفة، و مجموع الثقافات العالمية هي بمثابة التربة الضرورية لنمو كل واحدة منها، و هذه التربة هي الحضارة الإنسانية” .
و في 24 ديسمبر بمناسبة عيد المسيح، نشر صورة تجسد خارطة فلسطين و في وسطها صورة المسيح مصلب، ثم رافقها بجملة: ” كل عام وكل فلسطين بألف خير و أنتم و كل فلسطين “.

و جملة أخرى تقول: ” المجد لله في الأعالي و على الأرض السلام و في الناس المسرة . عيد ميلاد سعيد لأهالينا المسيحيين في أرجاء المعمور.”
الفنانة التشكيلية شمس الصهباني كتبت تقول في تدوينة باللغة الفرنسية تجاوب معها العديد من الناس، ما معناه : ” بدل أن تحتفلوا خلال ليلة السنة بمبالغ مالية هائلة لن تزيد إلا في إغناء بعض المحلات، فكروا في اقتناء بعض المشتريات لميتم. فكلفة تلك السهرة قد توازي 10 أيام من وجبات الأكل ل10 أو 12 طفلا . و أظن أن ذلك أفضل “.
ثم أجابت على تعليق لأحد يقول بأنه لا يفهم أن المغاربة يشترون شجرة و يزينونها، بأنهم فقط يحتفلون بعيد المسيح، و هذا ليس عيبا فكل الأسباب هي مناسبة لكي يحتفل الناس و أضافت: ” يمكن للإنسان أن يحتفل و يساعد الآخر فليس هناك أية مفارقة..”
الفنانة لطيفة أحرار اكتفت في ليلة ميلاد المسيح بنشر صورة لها التقطت لها، و هي على البساط الأحمر خلال المهرجان الدولي للسينما  بمراكش الأخير، و كتبت : ” عيد ميلاد مسيح سعيد “.
الممثل المغربي يوسف الجندي قضى أجواء الاحتفال بأواخر سنة 2018 وهو غاضب على القطاع الصحي بالمغرب بعد أن أخطأ أحد أطباء مصلحة خاصة على حد قوله في تشخيص الكسر الذي أصاب ابنه ذا الأربع سنوات . ابنه الذي سقط بالمدرسة، و قد اضطر الجندي أن يأخذه إلى مصحة أخرى و القيام بعملية جراحية. و قد كتب تدوينات على حائطه للإخبار و التنديد بالمصحات، التي على حد قوله، تسعى فقط للربح. و في الأخير للشكر بعد أن تمت العناية بنجله الصغير. و للإشارة فهذا الحادث التقطته العديد من المنابر الصحفية وكتبت عنه ..
و نختتم بالفنانة المغربية، المقيمة بالقاهرة، سميرة سعيد، التي كشفت عن هديتها لجمهورها بمناسبة رأس السنة، و قالت في رسالة لهم عبر موقع التواصل الاجتماعي ” انستغرام ” إنها تريد أن تبدأ العام الجديد بعمل مبهج و أضافت: ” أحببت ان أبتدي سنة جديدة معكم بأغنية فيها كم من البهجة، الفرحة، الابتسامة، التصالح والحب .. سنة حلوة علينا جميعاً “.
و تابعت سميرة سعيد في رسالتها للجمهور : ” شكر خاص لكل فريق العمل اللي شارك في المعايدة دي، استنوا الاغنية النهار دة على الساعة 11 بالليل “، و فاجأت جمهورها بتصويرها أغنية ” اللي بينا ” و التي طرحتها منذ 4 سنوات وظهرت بها بإطلالات جديدة ومبهجة.
واحتفلت سميرة سعيد مع جمهورها بنهاية 2018 وبرأس السنة بالأغنية التي رأتها أفضل هدية لهم في هذه المناسبة بسبب كلماتها المبهجة.


الكاتب : جمال الملحاني – سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 31/12/2018