مولتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : مشاريع «تنموية» بسيدي مومن ترافقها استفهامات عديدة ؟

 

تعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشروعا تنمويا من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة؛ وقد انطلق المشروع  رسمياً بعد الخطاب الملكي في 18 ماي سنة 2005، وترتكز على ثلاثة محاور أساسية: التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل، العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة.
الآن وبعد مرور 15 سنة على أحداث 16 ماي الأليمة ، بالنسبة للشعب المغربي عامة والساكنة البيضاوية خاصة، والتي كشفت أن جل منفذي العملية ينحدرون من حي سيدي مومن المتواجد بتراب عمالة مقاطعات البرنوصي بالدارالبيضاء، و13سنة على انطلاق مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب الذي كلف الدولة ميزانية ضخمة، والذي كان فيه اختيار سيدي مومن الذي شد الانتباه عالميا خلال العمليات الإرهابية ، رمزيا وليس اعتباطيا عند بدء تنفيذ برنامج التنمية البشرية، كإشارة إلى التطرف الذي يتخذ من المناطق الاجتماعية الهشة مرتعا له، وبعد إشراف جلالة الملك محمد السادس، على انطلاق تشييد وتدشين العديد من المشاريع التنموية الكبرى بالحي، الذي يعتبر من بين أكبر الأحياء كثافة ومساحة، يصل عدد سكانه لأزيد من 454779 نسمة، ومساحته التقريبية 26.9 كلم مربع، وكثافته السكانية تقارب 17289/ كلم مربع، كما يعد من بين أكثر أحياء الدارالبيضاء هشاشة ..، بالمقارنة مع مقاطعة سيدي البرنوصي بنفس العمالة، والذي مازالت تتنامى فيه الاحتجاجات ضد الغلاء وضد الإقصاء، وضد المحسوبية والزبونية في بعض المجالات، وضد العشوائية..، ما الذي تغير في سيدي مومن من اجل تحقيق أهدافه الإنمائية التي سطرت له؟، وماهي القيمة المضافة لهذه المشاريع بالمنطقة ليلتحق الحي بركب ايقاعات التغييرات الكبيرة بالدار البيضاء التي تعرف اوراشا تنموية كبرى؟، ومن تكون الجمعيات المستفيدة من مشاريع التنمية البشرية منذ 2006 إلى 2017، بأكثر من 3 أو 4 مشاريع في سنة واحدة؟، في وقت يتم الحديث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة والحكامة في التدبير..، وفي وقت يلاحظ المتتبع تحول مراكز في نفس الإطار ، الى مقاولات خاصة لجمعيات أو أفراد، مع الإشارة الى أن العديد من هذه المراكز أصبحت تدر مداخيل مهمة عن طريق تشييد قاعات للأفراح والأعراس وكرائها للعموم، وتنظيم دورات تكوينية في مختلف المجالات بالمقابل، ضدا على مجانية الاستفادة من المرافق العمومية؛ شأن ذلك شأن أسواق نموذجية وأسواق قرب مازالت الى حدود الآن تعرف العديد من المشاكل خصوصا في نوعية المستفيدين منها ومدى أحقية بعضهم بها..، دون الحديث عن شروط وكيفية تدبيرها من طرف بعض الجمعيات الحاضنة للمشاريع وعن مدة تسييرها، وضبط المحاسبة المالية وغيرها..، وفي وقت يتكاثر الحديث كذلك عن إفراغ المبادرة من فلسفتها ومضمونها الأصلي الذي أنشئت من أجله، ناهيك عن المطالبة بفتح تحقيق جدي ونزيه مع بعض الجمعيات المشرفة و السلطات المعنية بسبب حجم الاختلالات التي تعرفها..، والتي لعبت أدوارا سلبية ، سواء محليا او جهويا او وطنيا، في المساهمة في جعل تقرير التنمية البشرية لعام 2016، الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يحتل فيه المغرب المركز 123 عالميا من أصل 188 دولة قدم البرنامج مؤشراتها، حيث جاء المغرب في صنف الدول التي تشهد تنمية بشرية متوسطة، وهو ثالث تصنيف في السلم، بعد «تنمية بشرية مرتفعة جدا»، و»مرتفعة».
ويبقى خطاب جلالة الملك بشأن الواقع الاجتماعي في البلاد، واضحا ، حيث قال إن المغرب يشهد «مفارقات صارخة من الصعب فهمها»، وإن «برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا، وتبقى دون طموحنا»، رغم التأكيد على أن البلاد تشهد تطورا مستمرا.


الكاتب : التهامي غباري

  

بتاريخ : 16/05/2018