هؤلاء هم الرابحون من انسحاب ترامب من سوريا

وكالات

نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يناقش فيه تداعيات القرار الأمريكي بالانسحاب من شمال سوريا.
ويرى غاردنر أن هذا القرار يخدم أعداء الغرب، مشيرا إلى أن روسيا وإيران ووكيلهما بشار الأسد هم الرابحون من انسحاب ترامب من شمال سوريا.
ويجد الكاتب أن شكل الحرب الأهلية تغير في غضون أسبوع، من سحب الرئيس دونالد ترامب القوات الأمريكية من الحدود مع تركيا، ومن ثم من شمال شرق سوريا، مقدما «هدية» غير متوقعة لأعداء أمريكا.
ويقول غاردنر إنه «يمكن لطاغية سوريا وداعميه الروس الاحتفال بالنصر، أما إيران، التي تقدم الدعم لعدد من الجماعات الشيعية، التي وفرت الحماية للأسد من المعارضة السنية، التي بدأت ثورة ضده عام 2011، فيمكنها الاحتفال بإزاحة عقبة كأداء من أمام ممرها البري الذي رسمته من بحر قزوين إلى البحر المتوسط، وربما عاد الجهاديون من أصحاب القمصان السوداء الذين هزمت خلافتهم من جديد، وهذا ليس عملا سيئا حتى لبيت ترامب الأبيض، وفي غضون أسبوع».
ويشير الكاتب إلى أن المخضرمين العارفين بالشرق يقارنون قرار ترامب بجلاء رونالد ريغان للقوات الأمريكية من بيروت، في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، بعدما فجر حزب الله، اللاعب الرئيسي في الحرب السورية، ثكنة عسكرية للمارينز، قتل فيها 241 بحارا و55 من المظليين الفرنسيين.
ويرى غاردنر أن «هذه المقارنة غير عادلة، فعملية بيروت كانت الأسوأ منذ حملة (تيت) التي قادها ألفيت كونغ في فيتنام عام 1968، ولم تتم الهزيمة الأخيرة بأي شيء سوى مكالمة هاتفية بين ترامب والرئيس رجب طيب أردوغان، التي قام بها الرئيس الحالي القادر بشكل خارق على جعل مشكلات السياسة الخارجية أسوأ، ومنح الضوء الأخضر للعملية التركية في شمال سوريا».
ويلفت الكاتب إلى أن «هذا كان يعني التخلي عن الحلفاء الأكراد الذين قادوا الحرب ضد تنظيم الدولة، وهي حملة دموية استمرت خمسة أعوام، وقتل فيها 11 ألف مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية، وربما كان ترامب، الذي يواجه حملة إعادة انتخاب العام المقبل، محقا عندما قال لقاعدته المعادية للأجانب إن الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط هي مضيعة للدم، إلا إذا كانت دماء الآخرين».
ويجد غاردنر أن «الولايات المتحدة فقدت السيطرة على تشكيل الشرق الأوسط منذ غزو العراق، الذي منحت إيران السيادة عليه، لكن هزيمة تنظيم الدولة كانت نصرا نادرا أدت فيه الولايات المتحدة دور المساعد من الجو، والأكراد من على الأرض».
ويفيد الكاتب بأنه «كما خشي الأكراد من قبل فإنهم تعرضوا للخيانة، وأنهى الغزو التركي الدويلة التي كان الأكراد يبنونها بقلق من تركيا، وأقام أكراد سوريا علاقة تكافلية مع حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الذي يخوض حربا من جنوب شرق تركيا وشمال العراق منذ عام 1984».
وينوه غاردنر إلى أنه بعد انسحاب القوات الأمريكية دفع ترامب قوات سوريا الديمقراطية، وعدد قواتها 50 ألف، إلى أحضان نظام الأسد، الذي طالما حرم الأكراد من الحقوق الأساسية، بما فيها المواطنة، مشيرا إلى أن «فلاديمير بوتين حمل مسدسا لدعم هذا الزواج».
وتنقل الصحيفة عن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، قوله: «نعرف أنه تنازل مؤلم لروسيا وبشار الأسد، لكن لو اخترنا بين التنازل والإبادة لشعبنا، فإننا سنختار نجاةشعبنا».
ويفيد الكاتب بأن هذه ليست نهاية روجافا، كما أطلق الأكراد على إقليمهم، فقد تم الترحيب بقوات الأسد للسيطرة على شمال شرق سوريا، الذي يزخر بالمصادر الطبيعية، مثل ثلاثة أرباع نفطها وغازها.
ويقول غاردنر: «يجب أن يشكر الأسد أردوغان، الذي يقاتل من أجل الإطاحة به منذ عام 2011، بالإضافة إلى أن روسيا وإيران، اللتين تعاونت تركيا معهما، منتصرتان، وتحتاج تركيا لدعم روسيا، التي تم الاعتماد عليها في الحملتين السابقتين في شمال سوريا».
ويجد الكاتب أنه «مع وصول القوات التابعة للأسد إلى شمال شرق سوريا، فإن أردوغان أصبح بحاجة لبوتين، الذي حصل مع حلفائه في سوريا على انتصار».
ويختم غاردنر مقاله بالقول إنه «في الوقت الذي يتخبط فيه ترامب فإن مشروع أردوغان لبناء منطقة آمنة في شمال سوريا يبدو طموحا وخطرا، في الوقت الذي باتت فيه القوات التابعة لإيران وروسيا بالتدفق على الشمال».

غضب بيلوسي من ترامب

إلى ذلك، انسحب مسؤولون ديمقراطيون، الأربعاءالماضي، من اجتماع في البيت الأبيض عُقد لمناقشة السياسة الأميركية في سوريا، وذلك بعد أن توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكلام قاس تضمن إهانات، إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
ووصف ترامب بيلوسي، بأنها «سياسية من الدرجة الثالثة»، وزاد في تغريدة له، أنها مريضة وتحتاج إلى مساعدة طبية، لوجود مشاكل في عقلها، «أو أنها لا تحب الولايات المتحدة».
وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي كان يحضر الاجتماع إن ترامب بدأ بتوجيه «نقد لاذع ومبتذل»، في حين قالت بيلوسي إن الرئيس عانى من حالة «انهيار».
وهذا السجال الحاد هو أحدث إشارة على التدهور الكبير في العلاقة بين ترامب وبيلوسي منذ أن بدأت الأخيرة تحقيقا الشهر الماضي بهدف عزل الرئيس.
وأضاف شومر بعد مغادرة الاجتماع المخصص لمناقشة قرار ترامب المثير للجدل بالانسحاب من شمال سوريا: «لقد كان يوزع الإهانات، وخاصة لرئيسة مجلس النواب (….) لقد وصفها بأنها سياسية من الدرجة الثالثة».
وأشار إلى أن مشرّعين آخرين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري استمروا في حضور الاجتماع.
وقالت بيلوسي إن ترامب بدا «مهزوزا للغاية» بعد التصويت الساحق من الحزبين في مجلس النواب في وقت سابق الأربعاء لإدانة قراره سحب الجنود الأميركيين من سوريا.
وأضافت بيلوسي: «ما شهدناه من جانب الرئيس كان حالة انهيار، وهذا أمر محزن».
وقال الديمقراطي المخضرم في مجلس النواب ستيني هوير إنه وآخرين «شعروا بالإهانة الشديدة» بسبب معاملة ترامب لبيلوسي.
وكان ترامب قد قلل من شأن بيلوسي مرات عدة على تويتر في الأسابيع التي تلت بدء التحقيق لعزل الرئيس.
وبدا هوير منزعجا من شدة السجال في البيت الأبيض، وقال: «لقد حضرت الكثير والكثير من هذه الاجتماعات»، لكن «لم يسبق لي أن رأيت رئيسا يعامل جزءا موازيا من حكومة الولايات المتحدة بهذا القدر من قلة الاحترام».
ورفضت المتحدثة باسم ترامب ستيفاني غريشام الرواية الديمقراطية لما حدث، وقالت إن كلام الرئيس كان «مدروسا وحاسما»، وإن خروج بيلوسي كان «غير مفهوم ولكنه لم يكن مفاجئا».
وكتبت غريشان على تويتر: «القيادة الديمقراطية اختارت الخروج العاصف من الاجتماع والانتحاب أمام الكاميرات»، وأضافت: «في حين بقي الآخرون للعمل من أجل وطننا».
والاجتماع هو الأول بين ترامب وبيلوسي منذ بيانها في 24 أيلول/سبتمبر الماضي الذي أعلن فيه البدء بإجراء تحقيق في استخدام ترامب سلطاته ضد منافس له في الانتخابات.
وقالت بيلوسي إنه لم يتم التطرق إلى التحقيق خلال الاجتماع.

العقوبات أفضل من القتال

وسبق للرئيس ترامب أن قال إن فرض العقوبات الأمريكية على تركيا، سيكون أفضل من القتال بالمنطقة، في إشارة إلى العملية العسكرية التركية التي أطلقتها أنقرة الأربعاء الماضي في منطقة شرق نهر الفرات بالشمال السوري.
وأضاف ترامب في تصريحات صحفية بالبيت الأبيض، أنه «لا بأس إذا حصلت سوريا على دعم من روسيا»، مؤكدا أن بلاده ستساعد في التفاوض على الوضع السوري.
وفي موضوع آخر، أعرب ترامب عن ثقته من «سلامة الأسلحة النووية الأمريكية في تركيا»، دون توضيح تفاصيل إضافية.
يشار إلى أن واشنطن فرضت عقوبات جديدة على تركيا، بسبب عملية «نبع السلام» التي بدأها الجيش التركي بمشاركة فصائل من المعارضة السورية الأسبوع الماضي، لإخراج الوحدات الكردية من منطقة شرق نهر الفرات بالشمال السوري، والتي ترى تركيا أن تسليحها قرب حدودها يهدد الأمن القومي التركي.
خيار حماية الأكراد

قال دونالد ترامب في تغريدات عبر حسابه بموقع تويتر: إنه قام بنقل قواته من سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة، بنسبة 100 بالمئة.
وأضاف ترامب في تغريداته: «لندع سوريا والأسد يحميان الأكراد ويحاربان تركيا من أجل أرضهم،.. قلت للجنرالات لماذا يجب أن نقاتل من أجل سوريا».
وتابع: «كل من يريد مساعدة سوريا في حماية الأكراد، هو جيد بالنسبة لي، سواء كانت روسيا أو الصين أو نابليون بونابرت.. آمل أن يفعلوا كل شيء رائع، فنحن على بعد 7 آلاف ميل».
ولفت إلى أن «بعض الناس يريدون من الولايات المتحدة أن تحمي الحدود السورية من على بعد 7 آلاف ميل، برئاسة بشار الأسد عدونا في نفس الوقت، وأيا كان من اختاروا المساعدة يريدون حماية الأكراد».
وأشار إلى أنه إنه يفضّل «التركيز» على حماية حدود بلاده وخاصة الجنوبية منها مع المكسيك»، عن حماية الأكراد في سوريا.
وقال إن الدول الأوروبية لم تعقد اتفاقا بخصوص تنظيم «داعش»، «والآن ظهرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وتريد من تركيا التراجع.. ألا يتحمل الأوروبيون الكثير من المسؤولية!؟».
وأضاف «اقترحت على الدول الأوروبية استعادة مواطنيها من منتسبي داعش الذين ألقي القبض عليهم، إلا أنها رفضت في مناسبات عديدة، ربما لأنهم كانوا يظنوا بأن الولايات المتحدة ستتحمل التكلفة الهائلة».
يأتي هذا في الوقت الذي قالت زعيمة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي الاثنين: إنها اتفقت مع جمهوريين، على ضرورة اصدار قرار يلغي قرار الرئيس دونالد ترامب «الخطير»، بسحب القوات من شمال سوريا حيث تشن القوات التركية هجوما ضد المقاتلين الأكراد.
وقالت بيلوسي ان «الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، يمضون قدما في مشروع قرار فرض عقوبات واسعة على تركيا بسبب عمليتها العسكرية، مؤكدة أن الإجراءات التي يخطط لها البيت الأبيض ليست كافية».
وواجه قرار ترامب سحب القوات الأمريكية، من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد ممهدا الطريق للهجوم التركي، انتقادات واسعة داخل بلاده، واعتبر خيانة للأكراد الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم الدولة.
واشارت بيلوسي إلى أنها أجرت محادثات مع السناتور البارز ليندسي غراهام، الجمهوري، والذي اختلف معه بشدة بشأن قراره الانسحاب من سوريا.
وكتبت في تغريدة على تويتر «كان على رأس اولوياتنا الاتفاق على أنه يجب أن نصدر قرارا من الحزبين ومن مجلس الكونغرس لإلغاء قرار الرئيس الخطير في سوريا فورا».
وقالت إن مجموعة العقوبات التي يعتزم البيت الأبيض فرضها لن ترضي على الأرجح أعضاء الكونغرس الغاضبين ومن بينهم الجمهوريون.
وأوضحت «نظرا لأن الرئيس أعطى الضوء الأخضر للأتراك للقصف، وبالتالي إطلاق عنان داعش فعليا، علينا أن نضع مجموعة عقوبات أقسى من تلك التي يقترحها البيت الأبيض».
وفي وقت سابق قال السناتور غراهام إن الكونغرس سيقوم سريعا بتحرّك يلقى دعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي.

روسيا وأخطاء أمريكا في سوريا

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا لمراسلها في موسكو أنتون ترويانوفسكي، يقول فيه إن مقدم الأخبار على محطة تلفزة روسية قال في نشرة أخبار الأحد الماضي، إن الأسابيع الأخيرة كانت كارثية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية.
وينقل التقرير، عن مقدم البرامج التلفزيونية ديميتري كيسليوف، قوله في برنامجه الأسبوعي: «لقد قامت أمريكا بإدارة ظهرها لأوكرانيا، وسط تحقيق بهدف توجيه تهمة للرئيس، ثم تخلت عن الأكراد السوريين»، وأضاف كيسليوف: «لقد اختار الأكراد أنفسهم مرة أخرى الراعي الخطأ.. فأمريكا بالطبع شريك لا يعتمد عليه».
ويقول ترويانوفسكي إنه في الوقت الذي يترنح فيه الشرق الأوسط من سياسة ترامب المتقلبة، فإن روسيا تستغل فرصة جديدة لبناء مكانتها على أنها قوة عالمية ناهضة، وتصور نفسها على أنها قوة لتحقيق الاستقرار، مشيرا إلى أن انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، مصحوبا بالاجتياح التركي، سمح لروسيا بأداء دور صانع السلام المسؤول، ولتظهر تميزا على ما يراه الكثير أنه قيادة غير ثابتة من واشنطن.
وتجد الصحيفة أنه من السابق لأوانه معرفة إن كانت روسيا ستكون قادرة على إدارة التقلبات الجديدة في سوريا، بالإضافة إلى أنه ليس من الواضح بعد إن كانت جهود توجيه تهمة للرئيس الأمريكي ستساعد مصالح الكرملين في أوروبا الشرقية.
ويستدرك التقرير بأنه في الوقت الذي هبط فيه فلاديمير بوتين في السعودية، يوم الاثنين، في زيارة رسمية لأحد أهم حلفاء أمريكا، فإنه أصبح واضحا أن تحركات ترامب في الأشهر الأخيرة ساعدته على إثبات أن موسكو، وليست واشنطن، هي اللاعب الذي يمكن الاعتماد عليه أكثر في العالم.
ويشير الكاتب إلى أن الكشف عن ضغوطات البيت الأبيض على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، لإجراء تحقيقات يمكنها أن تساعد ترامب في حملته للانتخابات الرئاسية الجديدة، وفر المزيد من الذخيرة للجدل الدائر لمدة طويلة في الكرملين حول مخاطر التعامل مع أمريكا.
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس الوزراء الروسي، ديميتري مدفيدف، قوله الشهر الماضي: «أصبح المسؤولون الأوكرانيون، الذين كانوا يعولون على أمريكا لمساعدتهم، عبارة عن بيادق في يد الجمهوريين الذين يريدون تخريب فرص نائب الرئيس السابق جوزيف بايدين والديمقراطيين الذين يسعون لتوجيه تهم لترامب».
وأضاف مدفيدف في مقابلة تلفزيونية: «بالتأكيد لا أحسد السيد زيلينسكي.. لقد وجد نفسه بين سندان الحزب الديمقراطي ومطرقة الحزب الجمهوري».
ويفيد التقرير بأن روسيا وقفت في سوريا مع حليفها، الرئيس بشار الأسد، حتى عندما تغيرت الاستراتيجية الأمريكية، فالغارات الجوية الوحشية التي قامت بها روسيا ضد أعداء النظام السوري ساعدت على تغيير المسار في الحرب السورية، وأسست لموسكو لتكون لاعبا أساسيا في الشرق الأوسط.
ويقول ترويانوفسكي: «كأنه لتأكيد هذا، هبط بوتين يوم الاثنين في الرياض، في زيارة رسمية فريدة للسعودية، التي تعد أقرب حلفاء أمريكا في المنطقة، ووصل بسيارته المصفحة، التي أحيطت بحرس الشرف السعودي على الخيول، لإجراء المباحثات مع الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، مركزا على أمن المنطقة وأسعار النفط والصفقات التجارية».
وتنقل الصحيفة عن السفير السعودي في بريطانيا، الأمير خالد بن بدر بن سلطان، قوله خلال حوار لمركز فكري يوم الاثنين: «لقد أصبحت روسيا لاعبا مهما في المنطقة، وسواء أحب الشخص ذلك أم لا فإن هذا حقيقة.. فالروس إلى درجة ما يفهمون الشرق بصورة أفضل مما يفعل الغرب».
ويلفت التقرير إلى أن الأكراد السوريين المتحالفين سابقا مع أمريكا في الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا، أعلنوا يوم الأحد عن اتفاقية جديدة مع حكومة الأسد في دمشق، التي تدعمها روسيا، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية جاءت بعد قيام ترامب فجأة بسحب القوات الأمريكية من المنطقة، وقيام تركيا باجتياح المناطق الكردية في سوريا.
ويقول الكاتب: «يبدو أن تركيا قد نسقت أفعالها إلى حد ما مع الروس، الذين تركوا الآن لإدارة أي اشتباك بين تركيا، التي تعد المقاتلين الأكراد السوريين إرهابيين، وبين قوات الأسد التي تتقدم الآن في المناطق الكردية.
وتذكر الصحيفة أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحدث مع بوتين الأسبوع الماضي، قبل القيام بالاجتياح، مشيرة إلى قول المتحدث باسم الكرملين دمتري بيسكوف، يوم الاثنين، بأن خطوط الاتصال مفتوحة بين القوات التركية والروسية.
ويذهب التقرير إلى أن انسحاب ترامب يعد على المدى القصير مكسبا لروسيا؛ لأنه يوسع من نطاق الأراضي الواقعة تحت سيطرة الأسد، مستدركا بأن الوضع مستقبلا ستكون فيه اختبارات جديدة ومكافآت لأجهزة السياسة الخارجية والجيش، التي يقول المنتقدون بأنها تعمل فوق طاقتها أصلا.
ويرى ترويانوفسكي أن «يجب على روسيا أن تواجه الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة ومؤيديه، الذين كان يحتجزهم الأكراد، فيما هناك خطر الآن من كونهم سيفرون، وقد فر بعض أقرباء مقاتلي تنظيم الدولة من الاحتجاز».
وتورد الصحيفة نقلا عن بوتين، قوله الأسبوع الماضي بأن الآلاف من هؤلاء المقاتلين ينحدرون من أصول روسية، أو من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا، وهو ما يشكل خطرا لأنهم قد يسعون للعودة إلى بلدانهم.
وينقل التقرير عن رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مركز بحث يقوم بتقديم الاستشارة للكرملين، أندريه كورتانوف، قوله: «إن على روسيا أيضا أن تتوسط في اتفاق طويل الأمد بين دمشق والأكراد، في الوقت الذي تعمل فيه على منع وقوع قتال بين قوات أردوغان وقوات الأسد».
وأضاف كورتانوف: «هناك الكثير من المآزق هنا، وليس من الواضح تماما كيف يمكن تحقيق هذا، لكنه سيكون إنجازا.. إن ذلك سيثبت نوعا من تفوق التكتيكات الروسية على الأمريكية، وهذا ما ستتم ملاحظته في المنطقة، وليس في المنطقة فحسب».
ويؤكد الكاتب أنه حتى لو منحت التطورات في سوريا وأوكرانيا بوتين الانتصارات التكتيكية والدعائية، إلا أن سياسته الخارجية العدوانية في السنوات الأخيرة تعني أن صورة روسيا ستظل غالبا مشوهة في كثير من أنحاء العالم لفترة طويلة.
وتبين الصحيفة أنه في أوكرانيا بالرغم من عدم ارتياحها بسبب أفعال ترامب، إلا أن النظرة إلى روسيا لا تزال بأنها عدوانية ودولة احتلال، لافتة إلى أنه في غرب أوروبا وأمريكا صدم التدخل الروسي في الانتخابات وحملات الاغتيالات الكثير من الناخبين، فيما نظر العديد حول العالم برعب إلى الحملة الروسية الجوية في سوريا، التي تضمنت القصف المتعمد للمستشفيات
ويستدرك التقرير بأن بوتين يبدو يراهن على تقوية الموقف الروسي عالميا، بالتناغم مع مصالح الدول الأخرى الخاصة في عالم تركت فيه تحركات إدارة ترامب كثير من حلفاء أمريكا التقليديين في حالة فزع.
وتختم «نيويورك تايمز» تقريرها بالإشارة إلى قول بوتين في مقابلة مع شبكتين عربيتين وقناة «آر تي» العربية التي يديرها الكرملين، قوله: «لن تكون روسيا أبدا صديقة لبلد ضد آخر.. نحن نبني علاقات ثنائية تعتمد على الاتجاهات الإيجابية الناتجة عن اتصالاتنا، فنحن لا نبني تحالفات ضد أحد».


بتاريخ : 19/10/2019