وزارة الصحة تشلّ المستشفيات

تعيش المستشفيات العمومية على الصعيد الوطني أزمة مالية خانقة ترخي بظلالها على التسيير اليومي لمرافقها، إذ و إلى غاية نهاية الأسبوع المنصرم، لم تتوصل بالميزانية السنوية التي من المفترض أن يتم الإفراج عنها في شهر فبراير، مع ما يعني هذا التأخر من عدم تسديد للمستحقات المادية التي يجب على المستشفيات أن تؤديها لشركات الحراسة الخاصة، والنظافة والبستنة، والمطعمة لإطعام المرضى والمهنيين، وللشركات المعنية بتقديم خدمات نقل المرضى في مختلف مصالح وأقسام المستشفيات، وكذا تأمين الأوكسجين وغيره.
وضعية تطرح أكثر من علامة استفهام، ومعطيات تأتي لتؤكد أن ما يتم إطلاقه من شعارات وما يتم إعلانه من برامج ومخططات، يختلف اختلافا كبيرا عن الواقع الفعلي للمؤسسات الصحية، وبأن هناك بونا شاسعا بين الافتراض والإجرائي، بالنظر إلى أنه إذا استطاعت شركاتٌ الصبر وتدبر الأزمة لمدة شهر أو شهرين أو أكثر، إلى غاية تحويل الميزانية للمستشفيات المعنية، كما هو الحال بالنسبة لخدمات الإطعام، فإن شركات أخرى قد لا تستطيع القيام بذلك نتيجة للعدد الكبير لمستخدميها وللميزانية التي يجب أن توفرها على رأس كل شهر، كما هو الحال بالنسبة للحراسة الخاصة، الأمر الذي قد تترتب عنه عدد من المسلكيات الشائنة وغير المقبولة، كأن يسعى حراس للأمن الخاص، من أجل تأمين «قوت يومهم» إلى الوساطة لفائدة المرضى والقيام بعدد من الممارسات حتى يتسنى لهم الحصول على «رشاوى» لتدبّر أحوالهم لأنهم لم يتوصلوا بمستحقاتهم!
تداعيات لا تقف عند حدود شركات الحراسة وإنما تمتد كذلك لتشمل نظافة المرافق الصحية التي قد تنعدم، وقد يتم الاعتماد على مواد تنظيف غير ذات جودة، بما أن المستشفيات لم تسدد ما بذمتها للشركات المعنية، ونفس الأمر بالنسبة لنقل المرضى الذي قد يصبح بالمقابل هو الآخر، فيجد المريض نفسه حين ولوجه المستشفى مجبرا على دفع «إتاوات» هنا وهناك، لمستخدمين إذا ما تمت مواجهتهم بأفعالهم سيشهرون ورقة الأجر غير المؤدى كمبرر لما يقومون به، مما يعتبر تطبيعا مع حالة فوضى، ما كانت لتكون لولا تأخر المصالح المركزية عن القيام بمهامها كما ينبغي، علما أن تبعات عدم تحويل الميزانيات للمستشفيات قد تترتب عنه عواقب أكثر وخامة إذا تعذر تأمينها بالأوكسجين وغيره، الأمر الذي يهدد بتفاقم الأزمة وبتداعيات مفتوحة على كل الاحتمالات والتي هي ليست بالهيّنة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 15/04/2019

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *