يمارسه مهاجرون أفارقة بالدارالبيضاء : تسول جماعي ب «حمولات» اجتماعية مقلقة

 

يستغلون الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه المدارات الطرقية، يحاولون التلفظ ببعض الكلمات بالدارجة المحلية ، حسب منطوق كل مدينة أو جهة ، يقتربون من المارة بهذا الفضاء أو ذاك، بشكل فردي أو جماعي … إنهم مجموعة من المهاجرين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء أضحوا يؤثثون مختلف شوارع العاصمة الاقتصادية ، شباب في مقتبل العمر، نساء و أطفال ..حلمهم الكبير الهجرة إلى ما يسمونه الفردوس الأوروبي، وجدوا أنفسهم أمام واقع آخر فتبخر الحلم، و تحول إلى هاجس اقتصادي ربحي لكسب المال من خلال أنشطة متعددة كظاهرة التسول التي أصبحت منتشرة بشكل لافت بجل ملتقيات الطرق بمدينة الدار البيضاء، خاصة من خلال طابعها الجماعي.
«الوليدة درهم» «صدقة في سبيل الله»..عبارات متعددة يستعملها المهاجرون الأفارقة لكسب ود و تعاطف البيضاويين، وغيرهم من زوار المدينة ، لم يعد هم هؤلاء الأفارقة العبور إلى الضفة الأخرى ، ولكن تحول إلى هاجس ربحي، فالبعض منهم مثلا يبعث بالمبالغ التي يوفرها لأفراد عائلاته بمسقط الرأس ، و البعض الآخر يحاول تدبير مقامه بالمغرب بشكل جماعي ، في ظل العديد من الاكراهات المادية والمعنوية .
إبراهيم طفل لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة، ينحدر من السنغال، وصل إلى المغرب منذ خمسة أشهر، تم توقيفه مرتين بمعبر مليلية المحتلة ، تكرار المحاولات الفاشلة و اليأس الذي طاله جعله يستقر بمدينة الدارالبيضاء بعدما أمضى شهرا واحدا بمدينة آسفي .
امتهن إبراهيم التسول راجيا أن يوفر له مبالغ مالية يلبي بها مصاريف معيشه اليومي حيث قال «تركت بلدي و أبي من أجل حياة أفضل و من أجل كسب المال.. لو أنني حصلت على وظيفة ببلدي لما تركت البيت».
سألناه عن سبب إصابته في الرأس فقال «أصبت أثناء محاولتنا عبور سياج مليلية». في المقابل أكد أن مدخوله المادي من التسول يتراوح ما بين ستين و ثمانين درهما في أحسن الأحوال.خمسة دراهم يساهم بها رفقة المجموعة التي يعيش معها لغرض طهي الطعام ، لأنهم يأكلون بشكل جماعي و ما تبقى له من مدخول يخبئه في المكان الذي ينام به رفقة أصدقائه المهاجرين .
إلى جانب إبراهيم،عثمان مهاجر آخر من الكوت ديفوار، يبلغ من العمر ستا وعشرين سنة، لا يحبذ فكرة الاشتغال بعمل معين همه الوحيد تحصيل خمسمائة درهم للسفر إلى طنجة لتكرار محاولة العبور، و أمله الكبير يبقى هو الانتقال إلى أوربا . يقول عثمان»نحن لا نضرب أحدا، لا نريد سرقة أي شيء، هدفنا العبور.. مجرد عشر دقائق كافية». و أضاف «نحن نعرف دور الشرطة المغربية في حماية حدودها و تخوفها من دخول الإرهابيين، لكن همنا الأول هو الوصول إلى إسبانيا».
يجني عثمان لقاء قيامه بمسح زجاجات السيارات إضافة إلى التسول أمام المساجد وفي ملتقيات الطرق، ما بين سبعين إلى مئة وخمسين درهما يقتطع منها ما يكفيه للطعام والباقي يوفره عند صديقه الذي يكتري منزلا لتوفره على الوثائق الثبوتية .
حالات كثيرة لمهاجرين من مختلف الأعمار، من الجنسين ، يتوافدون باستمرار على العاصمة الاقتصادية ، تحمل في طياتها العديد من عناوين الفقر والحاجة ، أضحت تطرح العديد من الإكراهات على الجهات المسؤولة ، في أفق تفادي كل ما من شأنه التشويش على ظروف استقبال هؤلاء «الضيوف «، سواء العابرين منهم أو الراغبين في «مقام أطول» .


الكاتب : ياسين النيل

  

بتاريخ : 17/07/2017