آلية الإنعاش الاقتصادي تكلف ميزانية الدولة سنويا وبشكل مباشر ما يناهز 3,1 مليار درهم

أفاد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016-2017، أن آلية الإنعاش الاقتصادي تكلف ميزانية الدولة سنويا وبشكل مباشر ما يناهز 3,1 مليار درهم، وتتطلب تسخير موارد بشرية تقدر بحوالي 1600 إطارا وعونا.
وأوضح التقرير، أن السياحة والصناعة التقليدية استفادتا من معظم الموارد المالية الموجهة للترويج (66 في المائة)، تليها التجارة الخارجية ( 16 في المائة)، والاستثمار والمقاولات الصغرى والمتوسطة (13 في المائة)، ثم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني (5 في المائة).
واعتبر التقرير أنه بإمكان الغلاف المالي المخصص للترويج الاقتصادي أن يفوق المبلغ المشار إليه آنفا إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الجهد المبذول للولوج إلى تكنولوجيا المعلومات وحماية الملكية الصناعية والتجارية.
أما على مستوى الموارد البشرية، فقد تبين – حسب المصدر- أن الأجهزة المعنية بالترويج «غالبا ما تفتقر إلى أطر متخصصة في بعض المهن الدقيقة الجديدة في سلسلة القيم المرتبطة بمنظومة الإنعاش الاقتصادي». وفي ما يخص الإطار التشريعي، لاحظ المجلس أن مجموعة من مقتضيات ميثاق الاستثمار، لاسيما القانون الإطار رقم 18.95 الذي يحدد الحوافز المتعلقة بتشجيع الاستثمار، «أصبحت متجاوزة ولا تشجع على جذب الاستثمار»، وذلك مقارنة بالحوافز التي تقترحها بعض البلدان المنافسة، مشيرا إلى أنه يجري حاليا تنفيذ مشروع لإصلاح الإطار التنظيمي للاستثمار.
وبخصوص تقييم الأنشطة المتعلقة بالإنعاش الاقتصادي بالمغرب في مجال الاستثمار،لاحظ التقرير أن الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات لم تتمكن من المساهمة بشكل فعال في عملية اتخاذ القرارات التي من شأنها تسهيل إنجاز المشاريع الاستثمارية، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضعف تأثير الاستثمارات على خلق مناصب الشغل، بالرغم من ارتفاع حجمها. كما لاحظ بطء في الإجراءات المتعلقة بتقديم الدعم والمنح في إطار البرامج المخصصة للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث لا يزال معدل إنجاز الأنشطة التي تم الشروع فيها دون مستوى التوقعات، يقول المصدر. وعلى مستوى الأجهزة المعنية بتشجيع السياحة والاستثمار السياحي والنهوض به، أوضح المجلس أنه تبين على بعد سنوات قليلة من نهاية الأفق الزمني المحدد لرؤية عام 2020، عدم تمحور استراتيجية الترويج بشكل أساسي حول المنتوج السياحي المغربي، حيث لم يتمكن المكتب الوطني المغربي للسياحة من إيجاد سبل جديدة لتشجيع المنتوجات المتخصصة التي تمكن مناطق أخرى من الاستفادة من التدفقات السياحية على غرار مراكش وأكادير.
وبخصوص المخطط الأزرق، الذي يعتبر دعامة أساسية لمواكبة رؤية عام 2020، لاحظ المجلس غياب منهجية تمكن من تحديد الأهداف القابلة للتحقيق وتخصيص الموارد المالية والبشرية، وكذا تحديد اختصاصات كل متدخل سواء داخل المكتب الوطني المغربي للسياحة أو على مستوى مندوبيات الوزارة.
ولفت الانتباه أيضا إلى غياب تكريس مفهوم المجال الترابي السياحي على أرض الواقع، وعدم التمكن من إنجاز معظم المنتجعات السياحية المبرمجة نتيجة المبالغة في تحديد الأهداف الأولية المرجوة مقارنة بالموارد المالية المتوفرة والوعاء العقاري الذي تمت تعبئته.
أما في ما يتعلق بالسعة السريرية لهذه المنتجعات، فأوضح التقرير أنه من أصل 57 ألف و956 سرير سياحي يتوقع إنجازها في المحطات الست للمخطط الأزرق في أفق2020 ، تم إنجاز 1576 سرير فقط عام 2015 ، وهو ما يمثل نسبة إنجاز بلغت 2,7 في المائة، مشيرا إلى أن هذا المعدل لم يتجاوز 6,5 في المائة بالنسبة للعنصر المتعلق بالإقامة.
وبخصوص الشركة المغربية للهندسة السياحية، لاحظ التقرير حفاظ الشركة على النموذج الاقتصادي المعمول به حتى الآن بفضل إعانات الميزانية العامة للدولة وعائدات بيع الأراضي الموروثة من الشركة الوطنية لتهيئة خليج أكادير والشركة الوطنية لتهيئة خليج طنجة، في حين – يستدرك التقرير – يتمثل الدور المنوط بهذه الشركة في تطوير الهندسة السياحية وإعداد منتوجات خدماتية هندسية قابلة للتسويق في المجال السياحي.
وفي ما يخص الترويج للصناعة التقليدية، سجل التقرير، استنادا إلى إحصاءات الوزارة الوصية، تطورات إيجابية في الحجم الإجمالي للمبيعات وعدد العاملين في القطاع، مشيرا إلى أن باقي المؤشرات لم ترق إلى أهداف رؤية 2015.
وعلى صعيد استراتيجيات تنمية الاقتصاد التضامني، أبرز التقرير أن نجاح دور وكالة التنمية الفلاحية رهين بتنفيذ المقتضيات القانونية المتعلقة بالتجميع الفلاحي.
أما مكتب تنمية التعاون، وعلى ضوء أوجه القصور التي تمت ملاحظتها من قبل المجلس الأعلى والتي تعكس، وفق الأخير عدم ضبط هذه المؤسسة للقطاع التعاوني، وبالنظر إلى التغييرات الأخيرة التي همت اختصاصاته بخصوص تسليم التراخيص بمناسبة إنشاء التعاونيات، أوضح التقرير أنه سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى السلطات الوصية بالتفكير في مآل هذا المكتب.
ومن جهة أخرى، أوضح المجلس أن مكتب التسويق والتصدير، تعذر عليه تجميع الفلاحين قصد تثمين منتجاتهم، وذلك بالنظر لعدم تلاؤم بنيته التحتية المخصصة لجمع المنتجات الفلاحية وتثمينها، مشيرا إلى أن المكتب لم يعد فاعلا مهما في قطاع تصدير المنتجات الفلاحية والغذائية، ولا يقوم بالتصدير إلا بصفة ثانوية، وبالتالي تستلزم وضعيته تدخلا فوريا للسلطات المختصة. وبخصوص دور المركز المغربي لإنعاش الصادرات في النهوض بالتجارة الخارجية، أظهر تقييم المجلس عدم التوفر على رؤية استراتيجية في مجال التجارة الخارجية، كما وقف على بعض أوجه القصور في التدابير المتخذة لتحفيز الصادرات ونقائص في المقاربة المعتمدة من طرف المركز في مجال الترويج وإنعاش الصادرات.
وفي إطار تقييم الإجراءات الرامية إلى دعم النهوض الاقتصادي، فقد لاحظ المجلس أن آلية الإنعاش الاقتصادي تعززت باعتماد استراتيجيات موازية في المجالات الرقمية وحماية الملكية الصناعية والتجارية التي أوكلت للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية. غير أن النتائج التي تم تحقيقها من حيث استغلال براءات الاختراع المغربية تظل ضعيفة.
وأبرز التقرير أنه، بالإضافة إلى أوجه القصور الواردة في تقارير المنظمات الدولية المتخصصة، فإن بيئة الأعمال التجارية والقدرة التنافسية للمغرب تعيقهما مجموعة من الإكراهات تتعلق أساسا بالتكلفة العالية، وبندرة عوامل الإنتاج، مشيرا إلى أن العبء الضريبي يشكل أهم المعيقات التي تعرقل مناخ الاستثمار في المغرب.
وأضاف أن القطاع غير المهيكل في المغرب، يؤثر بشكل سلبي، على بيئة الأعمال وعلى القدرة التنافسية للمقاولات الوطنية والأجنبية.
وفي ما يرتبط بمقاربة «العلامة التجارية الوطنية» في علاقتها بخدمة الترويج، أوضح المجلس أن المقارنة مع ما هو معمول به على الصعيد الدولي، أبرزت التأثير الإيجابي للمجهودات التي يتم بذلها بشكل مشترك حول العلامة التجارية بالنسبة لكل وكالة ترويجية.


بتاريخ : 29/08/2018