أجمعت عليها تقارير وطنية ودولية:غياب التمكين الاقتصادي للمرأة يحرم المغرب من 1.5 % من معدل النمو

معدل مناصب المسؤولية المتوفرة للمغربيات لا يتعدى 12.8 %

 

بعد 64 عاما من حصول المغرب على الاستقلال، لا تزال المرأة موردا غير مستغل على الصعيد الاقتصادي. فبينما تمثل الإناث 50.4 في المائة من المجتمع (أزيد من 18 مليون نسمة إناث مقابل 17 مليون نسمة ذكور) إلا أن مشاركتها في قوة العمل منخفضة للغاية. حيث إن معدل النساء المشتغلات لا يتجاوز 18.6 في المائة مقابل 65.5 في المائة كمعدل شغل لدى الرجال.
وتفيد أخر إحصائيات سوق الشغل (المندوبية السامية للتخطيط) بأن معدل النشاط لدى النساء لا يتعدى 21.5 في المائة مقابل 71 في المائة لدى الرجال، كما أن معدل البطالة الوطني الذي يناهز حاليا 9.2 في المائة يخفي حقيقة مفادها أنه لا يحتسب ألاف النساء اللواتي يشتغلن بدون أجر في العالم القروي، كما أن المعدل الوطني للبطالة في صفوف النساء خلال 2019 بلغ 13.5 في المائة مقابل 7.8 لدى الرجال.
وقد أكد تقرير ميزانية النوع المصاحب لقانون المالية 2020 بأن ضريبة التفاوت بين الجنسين في الفرص الاقتصادية يحرم المغرب من 1.5 في المائة على مستوى نمو الناتج الداخلي الخام للفرد.
ويشكل انخفاض مشاركة النساء في سوق الشغل المصدر الرئيسي للفوارق القائمة على النوع في المغرب، وقد أظهرت دراسة حديثة أنجزتها وزارة الاقتصاد والمالية بتعاون مع مركز السياسات للجنوب “بوليسي سانتر” أن البنية الحالية للاقتصاد الوطني لا تمنح فرصا كافية من الشغل ملائمة للنساء، خصوصا مع وجود قطاعات تشغل يدا هاملة غير مؤهلة و بأعداد كبيرة مثل الفلاحة و النسيج، مما يحد من إدماج النساء حاملات الشهادات في سوق الشغل.
وحتى عندما توفر سوق الشغل في المغرب فرصا للنساء فإنها تكون عادة غير متكافئة مع الفرص الممنوحة للرجال، وهو ما يؤكده تقرير أنجزته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول التمكين الاقتصادي للمرأة في بعض الدول العربية، والذي خلص إلى أن هناك تفاوتات صارخة بين فرص الشغل الممنوحة للجنسين، رغم حدوث مؤشرات تحسن كبير في التعليم، إلا أن هذه التطورات لم تؤد بعد إلى سد الفجوة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية. كما أن نسبة النساء العاملات في المغرب ودول شمال افريقيا عموما تعد من بين أدنى المعدلات في العالم. ولا تزال هناك فجوات في الأجور بين الرجل والمرأة في القطاعين الخاص والعام، كما أن الوظائف غير المستقرة أو غير الرسمية مرتفعة بوجه خاص بين النساء. بالإضافة إلى أن معدلات إنشاء المشاريع وتطويرها من جانب المرأة منخفضة للغاية مقارنة بدول في مناطق أخرى من العالم.
ففي القطاع العام، تميل المرأة إلى العمل في المجالات المتعارف على أنها مجالات نسائية، ولا سيما في قطاعي التعليم والخدمات والصحة، بينما تعد نسبة مشاركة المرأة في القطاع الخاص محدودة في كثير من المهن مقارنة بالرجل. وعلى الأرجح تظل المرأة في وظائف منخفضة الأجر ذات مسؤوليات قليلة، كما يقل تمثيلها في المناصب الإدارية رفيعة المستوى أو في مجالس الإدارات بغض النظر عن تحصيلها العلمي. وكثيرًا ما توظَّف في القطاع غير الرسمي.
ويؤكد نفس التقرير أن ديناميات سوق العمل في المغرب على مدى العقود الماضية لم تشجع على مشاركة المرأة في قوة العمل. فمن ناحية، انخفض عدد الوظائف المتاحة في القطاع العام في المملكة مع ظهور سياسات الإصلاح الهيكلي، ومن ناحية أخرى، لم يتم تعويض هذا الانخفاض من خلال زيادة كافية في فرص العمل في القطاع الخاص، حيث إن مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار بالمغرب وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموما هي الأدنى على مستوى العالم.
وتوجَّه غالبية الاستثمارات إلى القطاعات ذات المهارات المتدنية، التي تحتاج إلى رأس مال كبير، وهي قطاعات تقل فيها مشاركة المرأة كما أن الفجوة في الأجور ترجع في المقام الأول إلى قلة خبرة المرأة في التفاوض وميل المرأة لقبول ما يقدم لها. وقد يزيد أيضًا ارتفاع مستوى البطالة واستمرارها من استعداد المرأة لقبول أجور تقل عن أجور زملائها الذكور.
وتنخفض نسبة النساء في المناصب ذات المسؤوليات رفيعة المستوى في القطاعين العام والخاص على حدٍ سواء. وقد بلغ متوسط حصة المناصب التنفيذية التي تشغلها المرأة المغربية في القطاعين العام والخاص 12.8 % مقابل 42.7 % في الولايات المتحدة الأمريكية و25.8 % في إيطاليا.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 07/03/2020