أهمية العلاقات الاجتماعية في المدرسة

يتكون مجتمع المدرسة أساسا من المدرسين والاداريين والتلاميذ وأولياء الامور،تجمعهم علاقات اجتماعية .وهذا المجتمع المدرسي منفتح على محيطه الخارجي.
إن علاقة التلاميذ بعضهم ببعض تنعكس في تفاعلهم في الانشطة التعليمية المختلفة الصفية واللاصفية.فقد يكون تفاعلا ايجابيا يأخذ مظاهر التعاون والمشاركة والمنافسة الشريفة والعمل المنتج.وقد يكون تفاعلا سلبيا يأخذ مظاهر التشاجر والحقد والكراهية.كذلك تتحدد علاقة التلاميذ بعضهم ببعض على أساس اعمارهم ومراحل نموهم وحاجاتهم الاجتماعية والنفسية ..ومن تم نجدهم في تفاعلهم مع بعضهم يحاولون اشباع هذه الحاجات بشتى الطرق والاساليب .
فالتلاميذ في حاجة الى اكتساب المعرفة عن طريق كثرة الاسئلة والمشاركة في انجاز فقرات الدرس. وهم في حاجة الى الشعور بتقديرهم وتقديم اعمالهم. لذلك كان واجب المدرسة كبيئة اجتماعية تربوية ،بذل الجهود لإشباع هذه الحاجات لدى التلاميذ من خلال تهيئة تربوية سليمة  تتمثل فيها برامجها التعليمية والترفيهية  كأنشطة تربوية وزيارات ميدانية  ولقاءات وندوات..وبإمكان المدرسة تحقيق ذلك عن طريق الاداء الصحيح لدورها التربوي  والتعليمي داخل الفصول الدراسية.ويكون ذلك باتاحة الفرصة للتلاميذ للمشاركة الفعالة في عملية التعليم والتي تقوم على الأخذ والعطاء والمنافسة المنظمة بين التلاميذ والمدرسين،كذلك بإتاحة الفرصة لمعرفة قدراتهم واستعداداتهم الدراسية .وهكذا يتعامل المدرس معهم على اساس معرفته للفروق الفردية  بينهم  ويعمل على توحيد طريقة تعامله معهم بعيدا عن استعمال العنف اللفظي والجسدي والنفسي.فالمدرس هو الوحيد الذي يملك القدرة على تكييف موقفه التربوي  وتجديد اسلوبه التعليمي.كما على المدرسة ان تعمل على زيادة مجالات الانشطة الرياضية والفنية والاجتماعية،لأن الفصول الدراسية لاتسمح لهم بذلك.
هذه الانشطة تسمح للطاقات والكفاءات والمواهب ان تعبر عن نفسها  كما تتيح الفرصة للنمو التربوي السليم عن طريق تأكيد علاقات التعاون والإخاء والمنافسة الشريفة والعمل الجماعي،وهي في جملتها علاقات سليمة تحدث نموا فرديا واجتماعيا .وتزداد هذه الجماعات حين تقوم على اساس ديمقراطي يتيح الفرصة لمشاركة التلاميذ ادارة المدرسة ومدرسيها في تحديد مجالات النشاط داخل المدرسة وخارجها  وكذلك في حضور مجالس المؤسسة: المجلس التربوي والتعليمي ومجلس التدبير، لكن من الاسف الشديد لاوجود لممثلي التلاميذ بمختلف هذه المجالس بالرغم من أن القانون المنظم لهذه المجالس يشير الى تمثيلية التلاميذ.
وبخصوص العلاقة بين المدرسين  فينبغي ان تكون قائمة على أساس الاحترام وتبادل التجارب والرؤى والعمل المثمر الجاد والمتمثل في التخطيط المشترك والعطاء الكافي لإيجاد النمو التعليمي لدى التلاميذ.فالمدرسون مطالبون بالتحلي بالاخلاق الطيبة وباقامة علاقات اساسها الود والصراحة بعيدا عن النفاق والتنافر والتباهي امام التلاميذ.بل يجب على رجال ونساء التعليم تهيئ الفرص للالتقاء والحوار والتزاور خارج محيط المدرسة  تنظيم زيارات جماعية واقامة علاقات اساسها المحبة والتقدير المتبادل.
ان ديمقراطية الأخذ والعطاء بين التلاميذ والمدرسين تساعد المدرس على معرفة مسيرته التربوية والتعليمية ،فيشرك التلاميذ في تخطيط مراحل العمل وتوزيع المسؤوليات.فالعلاقات السليمة بين المدرس والتلاميذ تتحقق عبر اساليب عديدة  نذكر منها زيادة اندماج المدرس بالتلاميذ في الفصل الدراسي  وخارجه  وزيادة فرص الحوار والتحدث وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يواجهها بعض التلاميذ.
وبخصوص علاقة مدير المدرسة بالمدرسين ، فيجب ان تكون علاقة الاخوة قائمة على أساس ديمقراطي سليم .فالمدير هو القائد البيداغوجي للفريق التربوي  والقادر على تنسيق الجهود بين المدرسين بعيدا عن استعمال اسلوب التسلط والاستعلاء والتكبر.
ان المدرسة ليست نظاما اجتماعيا معزولا، بل هي جزء من نظام اكبر هو المجتمع .وبذلك تحمل علاقة متبادلة مع هذا النظام الكبير .فالمدرسة هي المرآة التي تعكس حياة المجتمع وتؤثر فيه  عن طريق تزويده بالأفراد الذين تشكلهم  وتدربهم للعمل فيه.
إن وجود علاقة متبادلة بين المدرسة والمجتمع على هذا النحو ؛يعني ان التغيير الثقافي  في المجتمع سواء اكان اجتماعيا او سياسيا او اقتصاديا  سيؤثر في أهداف المدرسة .ويعني كذلك ان مظاهر الصراع والتطاحن بين افراد المجتمع ستنعكس آثاره السلبية على نظام المدرسة.
وانطلاقا من هذه الحقيقة،يمتد اطار العلاقات  الاجتماعية من داخل المدرسة ليمتد ويشمل العلاقات بينها وبين المجتمع الخارجي.ففيه يوجد اولياء الامور ومؤسسات المجتمع المدني التي تربطها بالمدرسة علاقات تؤثر في حيوية المدرسة وقيامها بدورها.
لذلك على المدرسة أن تنشئ علاقات طيبة مع المجتمع من خلال تدعيم مجالس الآباء وتنشيط دورها  واستقبال الآباء والتعريف بحقوقهم  ودعوتهم الى المشاركة مع المدرسة في تنفيذ برامجها وانشطتها عوض اقتصارها على الزيارات المناسباتها والظرفية.
وصفوة القول،فالعلاقات الاجتماعية بين مكونات المدرسة ومحيطها الخارجي ينبغي ان تطبعها الاستمرارية وان تتأسس على الاحترام والصدق حفاظا على بريق وسمعة المؤسسة التعليمية  واستقرارها.

*باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري

  

بتاريخ : 16/01/2020