إصابات بالمئات ووفيات بالعشرات والقلق يتسلل إلى النفوس

وزارة الصحة تكتفي بوصف الوضعية دون الإعلان عن إجراءات تصحيحية

تأمين الموارد البشرية الصحية الرهان الكبير للمرحلة المقبلة

 

أصبحت إطلالة ممثل وزارة الصحة مساء كل يوم، مبعثا على القلق، أكثر منها حافزا للتفاؤل، بسبب الأرقام التصاعدية للحالات الجديدة المؤكدة إصابتها بالفيروس، التي يتم الإعلان عنها يوميا خلال الآونة الأخيرة، والتي أضحت تتجاوز المائة، ونفس الأمر بالنسبة للوفيات التي أصبحت حصيلتها اليومية يُعلن عنها بالعشرات. وبلغ عدد الإصابات الجديدة المسجلة إلى غاية التاسعة من مساء الأحد 138 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، إلى جانب 12 حالة وفاة، بمجموع إصابات مرضية وصلت إلى 1021، و 70 حالة وفاة، إلى غاية تلك اللحظة.

وزارة الصحة، التي لم تقدم أية قراءة للمرحلة السابقة، وما الذي تمت مراكمته من معطيات وبائية، والخلاصات المرحلية التي خلصت إليها، خاصة بالنسبة للوفيات، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاجات بعد تفعيل البروتوكول الدوائي بالكلوروكين والازيتروميسين، واصلت إحصاء الحالات المرضية الجديدة والوفيات، وتقديم الأرقام المتعلقة بحالات الشفاء، مع تكرار نفس الملاحظات التي بات الجميع على علم بها، والمتعلقة بالبؤر المحلية، على مستوى أفراد الأسر الواحدة، بعدد من المدن، نتيجة لعدم التقيد بإجراءات الحجر الصحي وإعمال الطوارئ الصحية بالكيفية المطلوبة، مما يؤشر على أن المدة ستكون أطول وسيكون لها ما بعدها، على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يجب الانتباه إليه بحذر كبير والتعامل بكامل الجدية، إلى جانب الإصابات المؤكدة في صفوف المخالطين التي وصلت إلى 192 حالة، تم اكتشافها من بين 7 آلاف مخالط، في غياب أية أعراض، وهو معطى آخر يؤكد على أننا أمام أزمة صحية ليست بالسهلة، وبأن العدوى ماضية في الانتشار.
استمرار إعلان عثرات الحجر الصحي، والأعطاب التي تحول دون تحقيق النتيجة المتوخاة، المتمثلة في حصر أعداد الإصابات المحلية، يقتضي من وزارة الصحة الإعلان عن التدابير العملية والقرارات الجريئة التي يجب عليها اتخاذها من أجل حماية صحة المواطنين والحفاظ على الأمن الصحي للمجتمع، لأن أية معلومة وخلاصة في علم الوبائيات، تتطلب بالمقابل تدابير تصحيحية، الأمر الذي لا تفصح عنه الوزارة الوصية على قطاع الصحة، وكأنها ستواصل نفس النهج، مهما كانت النتائج، أو أنها تفتقد لتصور وسيناريو عملي يمكنها اللجوء إليه، أو أنها تحتفظ لنفسها بما تريد القيام به، فاسحة المجال لمزيد من اللبس، الذي تتعاظم مستوياته، خاصة وأن عددا من المسؤولين، سواء تعلق الأمر بالنسبة لمدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض، أو المديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة الدارالبيضاء- سطات، لا يهمّهما الرد على الأسئلة التي يتوصلان بها، ويكتفيان بالإجابة عن الأسئلة التي يعتبران أنها لا تشكل « إزعاجا»؟
الوضع الوبائي الحالي، وبحسب عدد من المختصين والخبراء، يعتبر مقلقا، إذا ما قورن بعدد التحاليل التي يتم القيام بها، وحالات الإصابة المؤكدة التي يتم الكشف عنها، وكذا الوفيات، وهو ما يتطلب إعادة تعبئة وتنظيم وتوزيع الموارد الصحية، من أطباء وممرضين، لمواجهة المرحلة المقبلة، ليس بالضرورة بإحداث مستشفيات ميدانية بميزانيات ضخمة، من الممكن أن تخصص للإجابة عن احتياجات المواطنين اليومية الموضوعين رهن الحجر الصحي، حتى لا تصبح الحاجة إلى التغذية وإلى غيرها دافعا لكسر هذا الحجر بشكل أكبر في الأيام المقبلة، والعمل على متابعة المخالطين من خلال وضعهم بفنادق داخل غرف معزولة وبمآوي الشباب وكل الفضاءات التي تتوفر على طاقة سريرية مساعدة، وجلب الموارد البشرية المختصة من القطاع الخاص، خاصة في مجال الإنعاش، وتخصيص كل المستشفيات العمومية للمرضى المصابين بفيروس «كوفيد 19 «، مع توجيه باقي الحالات المستعجلة، على مستوى الجراحة وغيرها، صوب مصحات القطاع الخاص، إلى جانب الاستعانة بالموارد الصحية التابعة للقوات المسلحة الملكية التي تجنّدت قبل مدة للقيام بواجبها، وذلك ربحا للوقت واستثمارا للموارد الموجودة، بعيدا عن هدر الزمن والميزانيات، التي يمكن تخصيصها لغايات أخرى، خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
خطوات، يرى عدد من المختصين، أنها ستكون ذات آثار إيجابية في المرحلة المقبلة، بالنظر إلى الخصاص في أعداد الموارد البشرية في الطب العمومي، لأن أية تجهيزات وبنيات سيتم إحداثها ستكون في حاجة إلى موارد صحية للإشراف عليها، خاصة مع انخراط أطباء القطاع الخاص بالعيادات للقيام بالفحوصات عن بعد وباعتماد التكنولوجيات الحديثة، وهو ما سيمكّن من توزيع الجهود، واستثمار الإمكانيات، حتى لا يرتفع أمد الحجر الصحي زمنيا، مع ضرورة تطبيق حالة الطوارئ الصحية بكل حزم وصرامة، على مدار الساعة، وليس فقط انطلاقا من الساعة السادسة مساء، وإعادة النظر في التراخيص المسلمة لجملة من الأفراد داخل الأسرة الواحدة، الأمر الذي يرفع من معدلات انتشار العدوى عوض الحدّ منها، خاصة وأن هذا التطويق الزمني للمرض، الذي تم الإعلان عنه، يجب أن تترتب عنه أهداف ملموسة، في  ظل غياب لقاح إلى غاية اليوم يمكن استخدامه ضد الفيروس، ويسمح برفع الطوارئ في أقرب وقت؟
وفي سياق ذي صلة، كشفت عدد من المعطيات أن مجهودات كبيرة تبذل في مصالح الإنعاش من أجل إنقاذ الأشخاص المصابين بالفيروس، الذين يوجدون في وضعية صحية حرجة، بالرغم من الوفيات التي تسجل بين الفينة والأخرى، نتيجة لتعقد الوضع الصحي لأصحابها، ولوصولهم إلى المستشفى في وضعية متقدمة. وأوضحت مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، أن 5 في المئة من مجموع الحالات المؤكدة إصابتها على مستوى جهة الدارالبيضاء -سطات، تكون في حاجة إلى التنفس الاصطناعي والإنعاش، مشيرة إلى أن 75 في المئة من الحالات بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد تتعافي، بفضل المجهودات المقدمة من طرف الأطر الصحية، سواء تعلّق الأمر بالأطباء أو الممرضين، وكل المشرفين على المؤسسة، وبفضل التقنيات والتجهيزات الطبية المتوفرة. الأرقام تبين بالمقابل أن نسبة 25 في المئة من المرضى في الإنعاش يفارقون الحياة، بالرغم من كل ما يبذل من مجهودات لإنقاذهم، حيث بلغ عدد الوفيات المسجلة إلى غاية يوم الأحد 9 حالات، من بين 40 حالة خطيرة تتواجد بمصالح الإنعاش بابن رشد، الذي يحرص القائمون عليهم، كل من موقعه، على مواجهة الفيروس ومحاولة القضاء عليه وإنقاذ المصابين. وبدوره مستشفى الشيخ خليفة بالدارالبيضاء، ووفقا لمصادر « الاتحاد الاشتراكي»، يحتضن حوالي 70 حالة مرضية، ضمنها 11 مريضا في الإنعاش، فارق الحياة من بينهم مريضان اثنان، و9 يخضعون للعلاج والمتابعة الطبية أملا في إنقاذهم.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 07/04/2020